البسطات تعيل عشرات الأسر في رأس العين وتل أبيض

  • 2025/05/17
  • 11:28 ص
يبيع عشرات الأشخاص من سكان مدينتي رأس العين وتل أبيض الخضراوات والفواكه على الأرصفة - 7 أيار 2025 (عنب بلدي)

يبيع عشرات الأشخاص من سكان مدينتي رأس العين وتل أبيض الخضراوات والفواكه على الأرصفة - 7 أيار 2025 (عنب بلدي)

اتجه العشرات من سكان مدينتي رأس العين وتل أبيض إلى بيع الخضراوات والفواكه على الأرصفة، بعدما صارت “البسطات” مصدر الدخل الوحيد لكثير من العائلات التي تواجه ظروفًا معيشية صعبة وغيابًا شبه تام لفرص العمل.

ويعتمد أصحاب هذه “البسطات” على كميات صغيرة من الخضراوات يشترونها من السوق بالجملة ثم يبيعونها بالتجزئة، ويجلسون خلف صناديقهم من ساعات الصباح الأولى حتى المساء لتوفير احتياجات عائلاتهم.

وتعد المنطقتان في  شمال الرقة وشرقي الحسكة بحكم المحاصرتين تقريبًا، إذ يسطير عليهما “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا، وتحيطهما “قوات سوريا الديمقراطية”، وسط صدامات متكررة بين التشكيلين العسكريين.

تعد “البسطات” مصدر الدخل الوحيد لكثير من العائلات – 7 أيار 2025 (عنب بلدي)

عمل أساسي أو إضافي

يعتمد معظم العاملين على “البسطات” على هذا العمل كمصدر دخل رئيسي، في حين يلجأ آخرون إليه كعمل إضافي إلى جانب وظائفهم اليومية في مجالات مختلفة.

يعمل وليد السريان (45 عامًا) في “بسطة” لبيع الخضراوات بمدينة تل أبيض، منذ ساعات الصباح وحتى السادسة مساء، لتأمين احتياجات عائلته.

كانت “البسطة” خيار وليد الوحيد بعدما حاول إيجاد فرصة عمل في بلدية تل أبيض أو كمستخدم في إحدى المدارس، لكن جميع الشواغر كانت ممتلئة، ولم يحظَ بأي فرصة للتوظيف، منذ أربع سنوات.

قال وليد لعنب بلدي إن عمله على “البسطة” مرهق جدًا، إذ يتطلب الوقوف لساعات طويلة، ويجني منها يوميًا نحو 140 ألف ليرة سورية، بدخل مرتفع عن أجور العمال اليومية التي تتراوح بين 80 و100 ألف ليرة.

أما المعلم عزيز محمد (52 عامًا)، فيقضي ساعات الصباح في تدريس الطلاب في مدينة رأس العين، وبعد انتهاء دوامه يتوجه إلى السوق للعمل على بسطة “خضراوات” كون راتبه الشهري البالغ 1.5 مليون ليرة سورية لا يكفي لتلبية احتياجات أسرته.

وقال لعنب بلدي إن دخله من التعليم لا يغطي أكثر من 30% من احتياجات عائلته، ما اضطره للبحث عن مصدر دخل إضافي، فلم يجد أمامه سوى العمل على “بسطة” خضراوات.

وذكر أن الجمع بين الوظيفة والعمل على “البسطة” صار واقعًا يعيشه العديد من الموظفين في المنطقة، نتيجة لتدني الأجور وارتفاع الأسعار.

يعتمد أصحاب “البسطات” على كميات صغيرة من الخضراوات يشتروها من السوق بالجملة ثم يبيعونها بالتجزئة – 7 أيار 2025 (عنب بلدي)

نحو 160 “بسطة”

تنتشر “بسطات” الخضروات في مدينتي تل أبيض ورأس العين بشكل واسع بين الأحياء والشوارع الرئيسية، حيث يمكن رؤية العديد من الأشخاص يعرضون منتجاتهم من الخضراوات والفواكه على الأرصفة.

ويقدر عدد “بسطات” الخضراوات في تل أبيض ورأس العين بحوالي 160 “بسطة”، إذ يعتمد الكثير من هؤلاء الأشخاص على بيع الخضراوات كوسيلة رئيسية لتأمين احتياجاتهم اليومية.

مورد الخضراوات لمدينة تل أبيض، عزام الأحمد، قال لعنب بلدي إن اعتماد الموردين بات بشكل أساسي على أصحاب “البسطات”، كونهم يشترون الخضراوات بشكل يومي وبكميات تفوق ما يشتريه المستهلك العادي.

وأوضح أن حركة البيع اليومية لـ”البسطات” نشطة لدرجة أن كثيرًا من الموردين يفضلون التعامل معهم مباشرة، نظرًا لاستمرارية الطلب وسرعة التصريف، وهو ما يجعلهم طرفًا أساسيًا في دورة البيع داخل سوق الخضراوات.

وأضاف الأحمد إلى أن “البسطات” باتت تستهلك وتوزع كميات أكبر من الخضراوات مقارنة ببعض المحال التجارية داخل سوق الخضراوات بتل أبيض، ما يدل على التحول الواضح في نمط البيع بالتجزئة داخل المدينة.

ويرى أن التوسع المستمر في عدد “البسطات” وازدياد الإقبال عليها من قبل الأهالي جعلها عنصرًا رئيسيًا في حركة السوق، إذ لم تكن هذه الظاهرة بهذا الحجم قبل سنوات، لكنها أصبحت اليوم وجهة رئيسية للموردين والزبائن على حد سواء.

أصحاب محال الخضراوات يشتكون

في المقابل، يشتكي أصحاب محال الخضروات من أن العاملين على “البسطات” يعتدون على مهنتهم ويعملون بعشوائية ودون تنظيم، ويعتبرونهم سببًا رئيسيًا في تراجع الإقبال على محالهم، نظرًا لبيعهم الخضراوات بأسعار أقل من الأسعار المطروحة في المحلات.

صاحب محل الخضروات في رأس العين، كريم فيصل، قال لعنب بلدي إن محال الخضروات لم يعد لها عمل، حيث انخفضت مبيعاتهم بنسبة 60% مقارنة بالفترة السابقة.

وأوضح أن العاملين على “البسطات” يتعدون على مهنتهم التي عملوا فيها لعشرات السنين، مما أدى إلى تراجع حركة البيع في محالهم ودخولها في حالة من الركود.

وأضاف أن أصحاب المحال التجارية أنهم يتحملون تكاليف مثل إيجار المحل، والكهرباء، والبرادات، وأجور العمال، مما يضطرهم لبيع الخضروات بأسعار أعلى قليلًا من “البسطات” التي لا تتحمل مصاريف إضافية، ما تسبب في تراجع كبير في مبيعاتهم.

وأشار إلى أن هذه الظاهرة تتطلب التنظيم في رأس العين، لتجنب المزيد من التأثيرات السلبية على محال الخضروات، وتحقيق توازن يضمن استمرارية العمل بشكل عادل للجميع.

من جهته، قال المتحدث باسم المجلس المحلي في رأس العين، زياد ملكي، إن المجلس عقد عدة اجتماعات مع أصحاب محال الخضروات للاستماع إلى شكواهم بخصوص تأثير انتشار “البسطات” على مبيعاتهم.

وأوضح ملكي، لعنب بلدي، أن أصحاب المحال عبّروا عن استيائهم من المنافسة غير المتكافئة، نتيجة غياب التكاليف التشغيلية لدى أصحاب البسطات، ما ينعكس على فروقات الأسعار.

وأضاف أن المجلس المحلي لم يكتفِ بالاستماع لطرف واحد، بل عقد لقاءات مع عدد من أصحاب “البسطات” لفهم واقعهم وظروفهم المعيشية الصعبة التي دفعتهم للعمل في هذا المجال.

وأشار إلى أن المجلس يسعى لتنظيم عمل السوق بشكل يوازن بين مصلحة أصحاب المحال و”البسطات”، دون الإضرار بأي طرف، بما يضمن استقرار السوق وحقوق العاملين فيه.

وتعد الزراعة إلى جانب تربية المواشي من المهن الأساسية التي يعمل بها أغلبية سكان منطقتي رأس العين وتل أبيض، وتشكل مصدرًا رئيسًا للدخل للسكان.

مقالات متعلقة

  1. "بسطات" بيع الخبز تنتشر في رأس العين وتل أبيض
  2. ارتفاع مضاعف بأسعار الخضراوات يرهق محدودي الدخل في رأس العين
  3. تجارة السجائر تنشط في رأس العين وتل أبيض
  4. تل أبيض ورأس العين.. أسعار الخضراوات تتضاعف في رمضان

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية