عنب بلدي – مارينا مرهج
تعاني معظم الوحدات الإدارية من تراجع حاد في البنى التحتية والخدمات الأساسية، بحسب ما كشفته التقارير الأولية لجولات لجان “تطوير البلديات” في المناطق التابعة لمحافظة ريف دمشق، كما كشفت اللجان عن اختلالات في الإدارة وتوسع في حالات الفساد.
تواصلت عنب بلدي مع المكلف بتسيير أعمال الوحدات الإدارية في ريف دمشق، مصطفى السعيد، لتسليط الضوء على أبرز المشكلات التي رصدتها اللجان، والإجراءات التي تم اتخاذها للحل.
بنى تحتية متهالكة
أوضح المكلف بتسيير أعمال الوحدات الإدارية في ريف دمشق، مصطفى السعيد، أنه تم إعداد ملف شامل لكل وحدة إدارية، تضمن ما نوقش خلال الجولات، وتقييم الوضع الحالي، والمشاريع المقترحة، والاحتياجات الطارئة، إذ تم تصنيف المشاريع إلى قسمين:
- مشاريع عاجلة مثل الصرف الصحي والنظافة تم التعامل معها بشكل مباشر، ورفعها إلى محافظ ريف دمشق.
- مشاريع يمكن تأجيلها سيتم جمعها، ورفعها لاحقًا إلى المعنيين في المحافظة أو الوزارة.
وبيّن السعيد أن أغلبية الوحدات الإدارية التي تمت زيارتها، تعاني من بنى تحتية مدمرة بشكل كامل، أو شبه مدمرة، وحتى الموجود منها في المناطق التي لم تشهد معارك، فهي قديمة ولم يطرأ عليها أي تعديل منذ ما يتراوح بين 20 و30 سنة، وتحتاج إلى صيانة بشكل دائم.
كما تعاني من وجود مخططات تنظيمية قديمة وغير فعّالة، بحاجة إلى تحديث من ناحية مساحة المخطط التنظيمي أو تطوير في الأنظمة العمرانية، ونظام البناء بشكل عام، بالإضافة إلى سوء توزيع المشاريع، والنقص الحاد في الآليات الخدمية، خصوصًا آليات النظافة والصرف الصحي، مع تهالك معظم الموجود منها.
وحول الهيكلية الإدارية ضمن الوحدات الإدارية، قال السعيد، إن هناك ترهلًا “كبيرًا” في الهيكل التنظيمي للموارد البشرية الموجودة، وغيابًا لهيكلية واضحة، ونقصًا لبعض الاختصاصات ضمن الكوادر الإدارية في الوحدة، خاصة الاختصاصات القانونية والرقابية، وفي حال وجودها فهي غير مؤهلة بشكل كافٍ.
وأضاف أنه لا يوجد ضمن الوحدات الإدارية التي تمت زيارتها فريق تقني مختص، أو بنية تحتية مناسبة للتعاون مع الأتمتة، وعلى الرغم من وجود مراكز خدمة مواطن في بعض المدن يتقاطع عملها مع مديرية الشؤون المدنية وبعض المديريات الأخرى، فإن معظمها غير مفعّل حاليًا، مبينًا أن العاملين في هذه المراكز يخضعون لنظام العقود، ويجري العمل حاليًا على إعادة تفعيلها، وتحسين بنيتها، لأنها المؤهلة للتعاون مع ملف الأتمتة الذي تتبناه رؤية الدولة.
فساد في الوحدات الإدارية
كشفت لجان تطوير البلديات خلال جولاتها الميدانية والفنية على الوحدات الإدارية في محافظة ريف دمشق، عن انتشار واسع لحالات الفساد، شملت مستويات مختلفة من السلم الوظيفي، بعضها لرؤساء بلديات بالإضافة إلى موظفين من درجات مختلفة.
وبحسب مصطفى السعيد، تم التعامل مع هذا الملف منذ فترة حكومة تصريف الأعمال، إذ بدأ المعنيون بجمع المعلومات الأولية، واتخاذ إجراءات سريعة لتغيير بعض المفاصل الإدارية الأساسية في عدد من البلديات.
وشملت هذه الإجراءات استبدال ما بين 75 و80% من رؤساء البلديات في المحافظة، وتواصل اللجان المختصة حاليًا جمع وتحليل بيانات باقي الموظفين، بهدف التحقق من التجاوزات ومحاسبة المتورطين.
وبيّن السعيد أن المرحلة الأخيرة من عمل اللجان، تركز على جمع المعلومات ومقاطعتها، حيث يجري التعامل مع الملفات ذات المؤشرات الواضحة بشكل مباشر من قبل محافظ ريف دمشق، أو مسؤولي المناطق ضمن المناطق العشوائية.
وتجري هذه العملية بالتوازي مع خطة لإعادة هيكلة وزارة الإدارة المحلية، بهدف إعادة تنظيم عمل الهيئات من الوزارة المركزية وصولًا إلى أصغر وحدة إدارية في الدولة، وذلك في إطار إصلاح شامل لمنظومة الإدارة المحلية.
لجنة مستقلة
تتألف لجنة تطوير البلديات في محافظة ريف دمشق من كوادر محلية تمتلك خبرة طويلة ومعرفة عميقة بمنظومة العمل السابقة، وقد جرى اختيارهم بعناية فائقة بالتنسيق مع محافظ ريف دمشق، ودعم من وزارة الإدارة المحلية، لضمان أعلى درجات الكفاءة والمهنية.
وأوضح المكلف بتسيير أعمال الوحدات الإدارية في ريف دمشق، مصطفى السعيد، أن وزارة الإدارة المحلية تمارس دورًا إشرافيًا وتوجيهيًا دون التدخل المباشر في تفاصيل العمل،
ونفي السعيد وجود أي تدخلات سياسية أو أمنية في عمل اللجنة أو في تعيينات البلديات، كما كان متبعًا سابقًا، إذ كانت تجري التعيينات بشكل مباشر من قبل قيادات حزب “البعث العربي الاشتراكي” أو عن طريق انتخابات شكلية.
وأشار إلى أن اللجنة تعمل بحرية كاملة، وتحرص على الاستماع إلى الآراء وتسجيل جميع الملاحظات خلال جولاتها، موضحًا أن التنسيق مع محافظ ريف دمشق ومسؤولي المناطق، يهدف فقط إلى تسهيل آلية العمل، سواء من حيث اختيار المحاور أو تحديد المهام، وذلك ضمن إطار مهني وبمشاركة أعضاء اللجان، الذين أسهموا بشكل كبير في بناء قاعدة بيانات دقيقة حول واقع البلديات، شكلت أساسًا لعمل اللجان الميدانية.
ومن المتوقع استمر ار عمل لجان تطوير البلديات وجولاتها على الوحدات الإدارية في محافظة ريف دمشق، حتى نهاية شهر تموز 2025.