يواجه مرضى الفشل الكلوي في مدينتي رأس العين وتل أبيض خطرًا صحيًا بعد توقف الدعم عن مركزين لغسل الكلى في المدينتين، ما يهدد حياة العشرات منهم.
ويعتمد المركزان في تل أبيض ورأس العين على دعم منظمات دولية لتأمين المستلزمات الطبية وتشغيل الأجهزة، إلا أن هذا الدعم توقّف مؤخرًا، ما تسبّب بنقص حاد في المواد الضرورية كـ”فلاتر” الغسل والمحاليل، وعاق دفع رواتب الكادر الطبي والتمريضي.
تدهور الحالة الصحية للمرضى
يعاني مرضى الكلى من نقص حاد في المستلزمات الطبية والأدوية، ما أدى إلى تراجع عدد جلسات الغسل في المركزين، وسط اعتماد المرضى على ما تبقى من الأدوية القديمة وعلى دعم المستشفيات العامة.
يضطر قصي الحاتم (45 عامًا) من مدينة تل أبيض إلى الاكتفاء بجلسة غسل كلوي واحدة أسبوعيًا، بعد أن كان يتلقى ثلاث جلسات منتظمة في السابق.
تدهورت الحالة الصحية لقصي بشكل ملحوظ، إذ بات يشعر بإرهاق دائم ودوار مستمر، في ظل غياب الأدوية البديلة المتوفرة في المنطقة، ما يزيد من خطورة وضعه الصحي.
وقال لعنب بلدي، إنه لم يعد قادرًا على شراء الأدوية من السوق المحلية بسبب ارتفاع أسعارها، ما اضطره، شأنه شأن كثير من المرضى، إلى الاعتماد على ما تقدمه المستشفيات العامة من دعم محدود، رغم ما تعانيه هي الأخرى من نقص في الموارد والتجهيزات.
ويأتي هذا التراجع في الخدمة بسبب توقف الدعم المقدم من منظمة اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية (UOSSM) عن مركز غسل الكلى في تل أبيض، ما أدى إلى نقص حاد في المستلزمات الطبية وتأثير مباشر على صحة المرضى.
غسل منتظم للبقاء على قيد الحياة
أما مجد الكروم (32 عامًا)، من سكان مدينة رأس العين، فبدأت معاناته مع الفشل الكلوي قبل أكثر من عامين، نتيجة غياب الرعاية الطبية المناسبة وعدم تلقيه العلاج اللازم في الوقت المناسب عقب إصابته بالتهاب حاد في الكلى.
اضطر مجد إثر ذلك إلى بدء جلسات غسل الكلى في مركز غسل الكلى التابع لمنظمة “الرابطة الطبية للمغتربين السوريين” (سيما)، وأصبح يعتمد بشكل أساسي على الغسل المنتظم للبقاء على قيد الحياة.
ومنذ ثلاثة أشهر، أبلغ المركز المرضى بتوقف الدعم المقدم من الجهة الداعمة، ما أدى إلى نقص في المستلزمات الطبية الخاصة بعمليات الغسل.
وذكر مجد أن جلساته لا تزال مستمرة حتى الآن عبر نفس المركز، الذي بات يعتمد حاليًا على الإمدادات المقدمة من “المستشفى الوطني” التابع للهلال الأحمر التركي، إلا أن الخدمات لم تعد كما كانت سابقًا، من حيث الجودة وعدد الجلسات الأسبوعية المتوفرة.
ويغيب الأطباء الاختصاصيون في رأس العين وتل أبيض، لا سيما اختصاصيي الأمراض المزمنة والباطنية، ما تسبب بزيادة معاناة المرضى وتأخر اكتشاف الحالات الحرجة.
وأدى في كثير من الحالات إلى ارتفاع عدد الوفيات، خاصة بين مرضى القصور الكلوي والقلب والسكري، نتيجة عدم توفر المتابعة الطبية اللازمة وانعدام الإمكانيات التشخيصية المناسبة.
مركزان دون داعم
المسؤول الإداري لمركز غسل الكلى في تل أبيض، معتز الجوري، قال لعنب بلدي، إن منظمة “أوسوم” أوقفت دعمها منذ نهاية أيار الماضي، ما تسبب في نقص حاد في المستلزمات الطبية وتأثير مباشر على جودة الخدمات المقدمة.
وأوضح الجوري أنهم يعتمدون حاليًا على ما تبقى من مواد الدعم المتوفرة من المنظمة في تل أبيض، بالإضافة إلى مساهمات بعض المتبرعين المحليين، لكن هذه الموارد لا تكفي لتغطية كامل احتياجات المركز.
وأضاف أن توقف الدعم الكامل سيؤدي إلى تضرر أكثر من 31 مريضًا يتلقون جلسات غسل كلى شهرية في المركز، حيث يعتمدون على هذه الخدمة للبقاء على قيد الحياة.
وأشار إلى أن المركز كان يقدم أكثر من 240 جلسة غسل كلى شهريًا، لكن مع توقف الدعم من المنظمة، سينخفض عدد الجلسات إلى أقل من 50 في كثير من الأحيان، مما يزيد من خطر تدهور صحة المرضى بشكل كبير.
الطاقة الاستيعابية تنخفض
المدير الإداري لمركز غسل الكلى في رأس العين، جميل العساف، قال لعنب بلدي، إن المركز كان يتلقى الدعم من منظمة “سيما” للأطباء السوريين المغتربين، إلا أن هذا الدعم توقف منذ بداية آذار الماضي.
وأوضح أن المركز اعتمد على ما تبقى من دعم المنظمة لمدة 20 يومًا لاستكمال جلسات الغسل للمرضى.
وأضاف أن الطاقة الاستيعابية للمركز قبل توقف الدعم كانت 35 مريضًا يوميًا، لكنها انخفضت إلى 15 مريضًا بسبب توقف الدعم واعتمادهم على الموارد المتاحة.
وأشار إلى أنهم يعملون حاليًا كمتطوعين مع صرف منح متواضعة من “المستشفى الوطني” لهم، بالإضافة إلى تقديم المستشفى لهم مستلزمات إجراء الغسل الكلوي.
وذكر أنهم تواصلوا مع عدة منظمات من أجل تبني المركز، لكن جميعها لم تستجب حتى الآن.
وتعد مراكز غسل الكلى من الضروريات الطبية الحيوية في المناطق المتأثرة بالأزمات، إذ تتطلب بشكل مستمر توفير الأدوية والمستلزمات الطبية والدعم اللوجستي.
وفي ظل ضعف الخدمات الصحية والاقتصادية في منطقتي تل أبيض ورأس العين ، يعتمد مرضى الفشل الكلوي على هذه المراكز للبقاء على قيد الحياة، مما يجعل استمرار عملها أمرًا حيويًا لتفادي أزمات إنسانية خطيرة.
ويلجأ معظم السكان في رأس العين وتل أبيض إلى الصيدلية مباشرة لتشخيص بعض الأمراض، والحصول على أدوية تقلل من حجم الألم وتساعد في العلاج، رغم مخاطرها المتمثلة بعدم التشخيص الصحيح، وعدم منح الدواء المناسب.
اقرأ أيضًا: صيادلة يأخذون دور الأطباء في التشخيص والعلاج برأس العين