مع بداية موسم الحصاد، يواجه المزارعون في مدينتي رأس العين وتل أبيض نقص الحصادات الآلية وصلاحية المتوفر منها للعمل.
ورغم أن المساحات المزروعة هذا العام محدودة، فإن معظم الحصادات المتوفرة معطلة أو غير مؤهلة للعمل، في حين يمتنع بعض أصحاب الحصادات عن تشغيلها بسبب قلة الأراضي المزروعة، ما يعتبرونه خسارة للوقت والجهد.
وبقيت أجور الحصاد على حالها هذا العام، إذ تتراوح بين 6 و8 دولارات أمريكية للدونم الواحد، لكنها لا تزال تشكل عبئًا على المزارعين في ظل غياب الدعم والتنظيم من الجهات المعنية.
تحت رحمة أصحاب الحصادات
في كل موسم حصاد، يطالب المزارعون في المدينتين بتوفير عدد كافٍ من الحصادات، لضمان جمع محاصيلهم من القمح والشعير في الوقت المناسب والحفاظ على جودتها.
التأخير في الحصاد قد يؤدي إلى تلف السنابل نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، ما يُتلف الحبوب ويؤدي إلى خسائر في المحصول.
وأعرب مزارعون لعنب بلدي عن خشيتهم من اندلاع الحرائق المتكررة في الأراضي الزراعية، والتي قد تقضي على المحاصيل قبل حصادها، ما يدفعهم إلى الرضوخ لأجور مرتفعة مقابل استئجار الحصادات.
وفي ظل محدودية عددها، يجد كثير منهم أنفسهم مجبرين على التعامل وفق الشروط التي يفرضها أصحاب الحصادات، لعدم توفر بدائل أخرى.
يتخوف المزارع قصي العمران (54 عامًا) من قرية السكرية في تل أبيض، من تكرار ما حدث خلال الموسم السابق، حيث تأخرت الحصادة عليه لأكثر من 14 يومًا من بدء موسم الحصاد.
وتسبب هذا التأخير حينها بخسارة نحو 20% من محصوله، نتيجة الحرارة الشديدة وهبوب الرياح التي أدت إلى تطاير السنابل.
وأوضح أنه تواصل مع أكثر من صاحب حصادة، إلا أن معظمهم رفضوا القدوم والحصاد، بحجة قلة المساحات المزروعة في قريته، ما يجعل العملية غير مجدية اقتصاديًا ولا تغطي التكاليف التشغيلية.
وطالب الجهات المعنية بضرورة تأمين الحصادات بأقرب وقت هذا العام، خصوصًا مع بدء الموسم وارتفاع درجات الحرارة.
وكذلك حاول المزارع فراس العلي (45 عامًا) من قرية الجهفة شرقي مدينة رأس العين، تأمين حصادة لحصاد أرضه البالغة 70 دونمًا من القمح المروي، لكن جميع محاولاته باءت بالفشل،
ولم يجد فراس سوى حصادة واحدة طلب صاحبها أجرة 9 دولارات للدونم، وهو مبلغ يفوق السعر المتعارف عليه في المنطقة.
وقال المزارع لعنب بلدي، إنه وبعد بحث استمر أكثر من أسبوع دون جدوى، اضطر إلى استئجار الحصادة بالسعر المرتفع، خوفًا على محصوله من التلف، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة وتزايد خطر اندلاع الحرائق.
وأشار إلى ضرورة تدخل الجهات المعنية لتوفير حصادات كافية بأسعار مقبولة، بما يسهم في تخفيف العبء عن المزارعين ويحدّ من خسائرهم خلال الموسم.
وتعد الزراعة إلى جانب تربية المواشي من المهن الأساسية التي يعمل بها غالبية سكان مدينتي رأس العين وتل أبيض، وتشكّل مصدر دخل رئيسًا لهم.
لا تغطي التكاليف التشغيلية
يواجه أصحاب الحصادات تحديات لا تختلف كثيرًا عن تحديات المزارعين، إذ تتحمل الحصادات تكاليف تشغيل مرتفعة تشمل المحروقات وقطع الغيار، ما يجعل تشغيلها غير مجدٍ لمساحات صغيرة لا تتجاوز مئة أو مئتي دونم.
عمران العديل، صاحب عدة حصادات في تل أبيض، قال لعنب بلدي، إن المساحات الزراعية هذا العام محدودة مقارنة بالموسم السابق الذي شهد زراعة واسعة سواء بالري أو البعل.
وأضاف أن تكاليف تشغيل الحصادة مرتفعة بسبب المحروقات والعمال والصيانة، ولا يمكن تشغيل الحصادة لحصاد مساحات صغيرة بين 100 و200 دونم بأسعار الموسم السابق.
وأوضح أن الحصادة تخرج للعمل فقط عندما تكون المساحات المزروعة بين 700 و1000 دونم، لتغطية التكاليف التشغيلية وتحقيق ربح بسيط.
وأشار عمران إلى أن المشكلة ليست في التسعيرة المعتمدة، بل في انخفاض المساحات المزروعة، لا سيما غياب المساحات البعلية التي كانت تعوض التكاليف بشكل كامل في الأعوام السابقة.
يمتنع بعض أصحاب الحصادات عن تشغيلها بسبب قلة الأراضي المزروعة ما يعتبرونه خسارة للوقت والجهد – 19 حزيران 2025 (عنب بلدي)
مساحات منخفضة
رئيس مكتب الزراعة والثروة الحيوانية في المجلس المحلي، عمر حمود، قال لعنب بلدي، إن المساحات المزروعة بالقمح هذا العام تراجعت إلى نحو 70 ألف دونم، مقارنة بـ110 آلاف دونم في عام 2024، نتيجة الجفاف الذي ضرب المنطقة.
وأضاف أن المنطقة لا تعاني من نقص في عدد الحصادات، لكن أصحابها يرفضون حصاد المساحات الصغيرة بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل، مثل الوقود وأجور العمال.
وذكر أن تسعيرة الحصاد بقيت كما كانت في الموسم السابق، وتتراوح بين 6 و8 دولارات للدونم الواحد، لكن عزوف أصحاب الحصادات عن العمل في الأراضي الصغيرة تسبب بحدوث نقص حاد في الخدمة.
وأشار حمود إلى أن المجلس المحلي يعتزم عقد اجتماعات بين المزارعين وأصحاب الحصادات، بهدف التوصل إلى حلول تُنهي هذه المشكلة.
الحكومة السورية تتسلّم القمح
أعلن مركزا الحبوب في رأس العين وتل أبيض عن بدء تسلم محصول القمح بنوعيه القاسي والطري من المزارعين، للموسم الحالي، وذلك بعد تحديد وزارة الاقتصاد والصناعة في الحكومة السورية الانتقالية سعر شراء طن القمح القاسي من الدرجة الأولى (دوكما) بـ320 دولارًا.
ويأتي هذا الإعلان عقب صدور مرسوم رئاسي يمنح المزارعين الذين يسلّمون محاصيلهم للمؤسسة السورية للحبوب مكافأة مالية قدرها 130 دولارًا عن كل طن، تضاف إلى السعر الأساسي المعتمد.
اقرأ أيضًا: التصحّر يضرب مئات آلاف الدونمات في رأس العين وتل أبيض