الدراجات النارية.. من وسيلة نقل إلى أداة قتل

  • 2025/06/22
  • 11:21 ص
مقاتلون معارضون يركبون دراجاتهم النارية باتجاه مطار كويرس العسكري شرقي محافظة حلب - 3 كانون الأول 2024 (AFP/ رامي السيد)

مقاتلون معارضون يركبون دراجاتهم النارية باتجاه مطار كويرس العسكري شرقي محافظة حلب - 3 كانون الأول 2024 (AFP/ رامي السيد)

enab_get_authors_shortcode

عنب بلدي – موفق الخوجة

تكررت حوادث الاغتيال في سوريا عقب سقوط النظام السوري السابق، لأسباب عديدة ومن جهات مختلفة، بعضها معروف، يتعلق بمواقف سياسية أو أخرى اجتماعية، والآخر ما زال مجهول السبب والتبعية.

اللافت هو استخدام الدراجات النارية في حوادث الاغتيال، ما أثار تساؤلات حول مزاياها وأسباب استخدامها، والخطط الحكومية للحد منها.

ولم تقتصر الاغتيالات على بقعة جغرافية دون غيرها في سوريا، إلا أنها نشطت في مدينة درعا جنوبي البلاد للأسباب المذكورة، وسط إشارات لأصابع إيرانية أو للنظام السابق.

20 حادثة بدرعا في حزيران

بحسب مراسل عنب بلدي في درعا، شهدت المدينة قبل سقوط النظام السابق حوادث اغتيال متكررة، يصل معدلها في بعض الأحيان إلى 50 حادثة خلال شهر واحد.

وفي الأشهر الأولى التي أعقبت سقوط النظام، خفّت وتيرة الاغتيال، لكنها تصاعدت مؤخرًا، إذ رصد المراسل نحو 20 حادثة، ما بين محاولة أو تنفيذ، منذ مطلع حزيران الحالي، طال معظمها قياديين وناشطين.

شبكة “تجمع أحرار حوران” المحلية، وثّقت في تقرير لها، صدر بداية نيسان الماضي، 32 عملية ما بين تنفيذ ومحاولة للاغتيال، خلال الفترة ما بين كانون الثاني وآذار الماضيين، نتج عنها 25 قتيلًا، إضافة إلى إصابة 11 شخصًا آخرين، مشيرة إلى نجاة سبعة أشخاص من محاولات الاغتيال.

مراسل عنب بلدي أشار إلى أن عمليات الاغتيال استهدفت شخصيات متنوعة، منهم عناصر في جهاز الأمن العام، وأعضاء سابقون في “اللجنة المركزية” وناشطون.

كما أن بعضها حدث جراء صراع فصائلي، أحدثها حتى لحظة تحرير التقرير، في 20 من حزيران الحالي، بمدينة طفس غربي درعا، ونتج عنها مقتل القياديَين السابقَين، ثائر الطيباوي وشقيقه خالد الطيباوي، إضافة إلى شخص آخر.

 شبكة “تجمع أحرار حوران” قالت إن قتلى الاغتيالات الذين وثقتهم في تقريرها خلال الربع الأول من العام الحالي، شمل 12 مدنيًا، بينهم دبلوماسي منشق، في إشارة إلى نور الدين اللباد، ومختار قرية، وأمين فرقة حزبية.

كما وثّق التجمع مقتل 13 شخصًا غير مدني، خلال فترة توثيقه، منهم أربعة عناصر يتبعون للقيادي محسن الهيمد، وثلاثة عناصر يتبعون لـ”اللواء الثامن” سابقًا، وعنصران يتبعان لمجموعات محلية مستقلة، وعنصر سابق في “الجيش الوطني السوري”، ومسؤول مخفر مدينة الشيخ مسكين عقب سقوط النظام.

إضافة إلى هؤلاء، اغتال مجهولون عنصرًا سابقًا تعاون مع جهاز أمن الدولة التابع للنظام السابق، وعنصرًا تعاون مع “حزب الله” اللبناني سابقًا، وفق توثيق “تجمع أحرار حوران”.

وتشير إحصائيات أخرى إلى حدوث أكثر من 500 حالة اغتيال في عموم سوريا، منذ سقوط النظام السابق.

لماذا الدراجات النارية

أشار مراسل عنب بلدي، إلى أن معظم حالات الاغتيال تنفذ على دراجة نارية، وفق ما رصده خلال السنوات الماضية.

وبحسب المراسل، فإن معظم العمليات التي نفذت بواسطة الدراجات النارية، يكون على متنها شخصان، السائق والمنفذ، وسرعان ما ينسحبان، وفي معظم الأحيان، يكون المنفذون ملثمين كي لا تُعرف هويتهم.

ويستخدم الكثير من أهالي درعا والأرياف السورية الدراجة النارية، بسبب طبيعة هذه المناطق الزراعية، فهي أسهل للحركة، وتفيد في سرعة التواري عن الأنظار، ويصعب على الأجهزة الأمنية تمييزها، بسبب التشابه بين الدراجات، خاصة غير المرخصة (المنمرة) منها، على خلاف بقية الآليات، مثل السيارة.

كما استخدمت جماعات الدراجات النارية لتفخيخها وتفجيرها، نظرًا إلى رخص ثمنها مقارنة بالسيارات، وعدم لفتها للأنظار، إذ يمكن ركنها بأي مكان، دون أن تأخذ حيزًا كبيرًا.

الباحث في مركز “جسور للدراسات” رشيد حوراني، قال إن الجماعات التي تنفذ الاغتيالات في المنطقة، استخدمت الدراجات النارية لما تؤمّنه من سهولة في الحركة والقدرة على الهرب في منطقة يعرفون محاور التحرك فيها بشكل جيد.

من ينفذ في درعا

الباحث في مركز “جسور” رشيد حوراني، قال إن الميليشيات الإيرانية تمكنت من تجنيد العديد من المتعاملين معها ومع “الفرقة الرابعة” في جنوبي سوريا، والتي كانت تتبع لماهر الأسد شقيق الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وأضاف لعنب بلدي، أنها قدمت لهم الدعم المفتوح، خاصة بعد اتفاق التسوية عام 2018 لعدم القدرة على إطفاء نار الثورة رغم التسوية.

وبعد سقوط النظام السابق، تضرر هؤلاء ومروا بمرحلة كُمون لا يعملون بها، لكن مع مرور الأيام ووقوفهم على ضعف الأجهزة الأمنية المختصة نظرًا إلى حداثة تشكيلها بدؤوا بأعمالهم التي تتناسب مع الجو العام السائد، في ظل عدم قدرتهم على الإعلان عن أنفسهم.

جهات وأسباب متعددة

استخدام الدراجات النارية في تنفيذ الهجمات والاغتيالات لا يقتصر على جهة بعينها، ولا ينحصر بمنطقة دون أخرى، كما تتعدد الأسباب بين السياسية والاجتماعية لأخذ الثأر.

وتشير عمليات الاغتيال متعددة الأسباب والأهداف، إلى استخدام جماعات أخرى، منها مناهضة للنظام السابق، إلى جانب الجهات التي تنفذ أجندات إيرانية في سوريا.

في قرية معرية غربي درعا، هاجم مسلحان ملثمان مجهولان نقطة يوجد فيها الجيش الإسرائيلي بمنطقة الجزيرة، باستخدام الدراجة النارية، في 8 من حزيران الحالي، وفق ما أفاد به المراسل حينها.

وتتبنى جماعات ذات نفس إيراني، أبرزها “جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا” (أولي البأس)، تنفيذ عمليات ضد الوجود الإسرائيلي في سوريا.

على الجانب الآخر، في حلب شمالي سوريا، قتل مسلحان ملثمان على دراجة نارية ستة أشخاص من عائلة ميدو في تجمع لهم بحي الشيخ سعيد.

محمد السعيد، مدير المكتب الإعلامي في جهاز الأمن العام بحلب، رجح في حديث سابق إلى عنب بلدي، أن تعود الحادثة لأسباب سياسية، تتعلق بموقف القتلى المؤيد للنظام السابق، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن الأمن العام لم يتوصل إلى معلومات ثابتة لدوافع القتل.

وفي اعزاز شمالي حلب، قتل ثلاثة أشخاص وأصيب آخر بإطلاق رصاص على مكتب لبيع السيارات، من قبل شخصَين مجهولَين على دراجة نارية.

عضو العلاقات الإعلامية بمحافظة حلب، عبد القادر حج عثمان، قال لعنب بلدي حينها، إن مصادر من أقارب الضحايا رجّحت أن الحادثة تعود لأسباب اجتماعية، لم يوضحها، نافيًا أن تعود الحادثة إلى أسباب سياسية.

ماذا يجب أن تفعل الحكومة

الباحث حوراني، قال إن من المفترض أن تعمل أجهزة الأمن على تتبع جميع الانتهاكات التي كان يقوم بها النظام السابق عبر أجهزته، والوصول إلى المتعاملين معه ومراقبتهم وتتبع حركاتهم.

وأشار إلى وجود ثارات، نتيجة مشكلات ومعاملات مالية بين أفراد المجتمع، وهنا يجب على الأجهزة المختصة النظر في جميع المشكلات الاجتماعية خلال السنوات الماضية والعمل على حلها.

وأضاف أنه يمكن للأجهزة الأمنية القيام بعدة إجراءات، مثل تكثيف الدوريات، و”تنمير” الدراجات الآلية، وعدم السماح بركوبها إلا برخصة قيادة خاصة بها، فضلًا عن الدراسات الأمنية عن الأشخاص المشتبه بهم.

وأرسلت عنب بلدي أسئلة لوزارة الداخلية، حول خططها للحد من عمليات الاغتيال التي تنفذ عن طريق الدراجات النارية، ولم تتلقّ ردًا حتى لحظة تحرير التقرير.

مقالات متعلقة

  1. آخرهم عبد السلام الهيمد.. سبعة اغتيالات لرؤساء بلديات في درعا خلال عامين
  2. محاولة اغتيال خامسة تستهدف "الكسم" في مدينة درعا
  3. تزايد عمليات اغتيال قيادات المعارضة في درعا
  4. نجاة القيادي عماد أبو زريق من الاغتيال في درعا للمرة الثالثة

سوريا

المزيد من سوريا