أثار فيديو إعلاني قصير تداولته صفحات محلية في حلب، في 20 من حزيران، جدلًا بين سكان مدينة حلب، بعد ظهور شخصين يسكبان زيتًا عند مدخل حجري (سرداب) على سفح قلعة حلب.
الفيديو من إنتاج شركة خاصة تعمل في مجال زيوت السيارات ولوازمها، وتتخذ من أوتوستراد إدلب- سرمدا مقرًا لها شمال غربي سوريا.
واعتمدت الشركة في حملتها الدعائية على توظيف رموز بصرية مألوفة لسكان المدينة، في محاولة لتعزيز الارتباط المحلي بالمنتج، ما فتح نقاشًا واسعًا حول حدود استخدام المعالم الأثرية في الإعلانات التجارية.
وأثار استخدام الرموز المعمارية والتاريخية في الإعلان، النقاش حول التوظيف التجاري للتراث، خاصة في مدينة مثل حلب، التي ترتبط مع تفاصيل معمارية وذاكرة جمعية تاريخية.
وبعد الجدل الذي أثير حول الفيديو الإعلاني، نشرت الجهة المنتجة إعلانًا جديدًا لتوضيح المقصود من المشهد، أوضحت فيه أن الحملة تركزت على دلق الزيت على إناء موضوع فوق الحجارة، وليس على الحجر نفسه.
وأكدت الجهة المنتجة أن ما ظهر في الفيديو الأول كان قد فُهم بشكل خاطئ من قبل سكان حلب، كما قدمت اعتذارها لأهل المدينة عن أي سوء فهم أو انزعاج تسبب به الإعلان، وعليه، حذفت الفيديو الأول بشكل كامل من جميع الصفحات الرسمية المرتبطة بالحملة.
غياب المرجعيات الثقافية أو الأطر القانونية الناظمة لاستخدام المعالم البصرية في الإعلانات، يفتح المجال أمام توظيف الرموز التاريخية في سياقات تجارية، دون مراعاة لقيمتها التوثيقية أو دلالاتها المرتبطة بالهوية المحلية، وتخضع بذلك لاعتبارات السوق أكثر من ارتباطها بتاريخ المكان.
حوادث سابقة
وشهدت سوريا، بعد سقوط حكم بشار الأسد، استخدامًا متزايدًا للمعالم الأثرية والتاريخية ضمن الحملات التسويقية والإعلانية، حيث توظف رموز التراث في سياقات تجارية متعددة.
وتتكرر حالات توظيف هذه المواقع في العروض الدعائية، ما يضع ملف العلاقة بين التراث وهويته أمام تحديات في كيفية استثمار هذه الرموز، خاصة في ظل غياب ضوابط تنظيمية واضحة تحكم هذا الاستخدام.
في نيسان الماضي، أثار شاب يعمل في بيع زيوت المحركات جدلًا واسعًا، بعد نشره تسجيلًا مصورًا يظهر سكب الزيت على إحدى نواعير مدينة حماة، في محاولة لتسويق منتجه من خلال الإيحاء بأن الزيت أسهم في إيقاف صوت الناعورة.
الفيديو الذي خصص للترويج لجودة المنتج، قوبل بانتقادات واسعة من سوريين اعتبروا أن الخطوة تمثل اعتداءً بصريًا ورمزيًا على أحد أبرز معالم المدينة التاريخية.
وفي شباط الماضي، تداول مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع تظهر نشاطات تجارية وإعلانات دعائية لمنتجات غذائية ضمن باحة سجن صيدنايا، الذي يعرف كأحد أكثر السجون ارتباطًا بمرحلة القمع والاعتقال السياسي خلال حكم بشار الأسد.
ورغم أن السجن لا يصنف كموقع أثري، إلا أن حضوره في الذاكرة السورية يحمله رمزية خاصة، جعلت من ظهوره في سياق ترويجي محل استغراب لدى العديد من السوريين، بالنظر إلى تاريخه المرتبط بفصول من التعذيب والانتهاكات.