أحداث السويداء وضحايا الإعلام المضلل

  • 2025/07/20
  • 6:02 م
الصحفي علي عيد
enab_get_authors_shortcode

علي عيد

تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا قاتلًا في تأجيج المواجهات المستعرة في الجنوب السوري، وتسهم في هذا الدور جهات مختلفة، أخطرها إما منفعلون ينتمون لطرف دون غيره يعتقدون أن التحريض يخدم قضيتهم، وإما طرف ثالث تشغّله نوازع سياسية وأيديولوجية.

يقوم هؤلاء بالتحريض على العنف، وتقديم معلومات مستفزة، أو الدفع بالجمهور للانخراط فيما يجري بشكل غريزي، وتضخيم الخلافات، وشق صف المجتمع وضرب المشتركات التي يمكن البناء عليها.

ما يجري في محافظة السويداء، جنوبي سوريا، يمكن التعاطي معه كمثال لأثر الإعلام ووسائل التواصل في تغذية النزاع المسلح، فبعيدًا عن الخطاب الرسمي الذي يحاول موازنة المسألة وفق رؤية “الدولة”، تذهب وسائل التواصل إلى أمكنة بعيدة، في دلالة على ضعف ثقة غذته سنوات الحرب، ونشوء قوى محلية أو شعور جماعات بأن توازن الدولة غير موجود، وإن وجد فهو لا يخدم مصالحها، وربما هذا ما كنت أتحدث عن ضرورة معالجته في سلسلة مقالات سابقة.

يشير مقال بحثي مستند إلى مصادر مفتوحة من أمثلة حيّة، حول أثر المعلومات الضارة في وسائل التواصل الاجتماعي على الأشخاص المتضررين من النزاعات المسلحة، نشرته مجلة “International Review of the Red Cross” التابعة للصليب الأحمر الدولي، إلى أن انتشار المعلومات الضارة يفاقم على وسائل التواصل الاجتماعي المخاطر على المدنيين والأسرى والمجتمع بشكل عام.

ويصنف كاتب المقال، بيلي أولبريشت، المدير التنفيذي لبرنامج ستانفورد الإنساني، الأضرار الناتجة عن إعلام وسائل التواصل بخمسة أقسام: الأضرار التي تُلحق بالحياة والرفاهية الجسدية، والأضرار التي تُلحق بالرفاهية الاقتصادية أو المالية، والأضرار التي تُلحق بالرفاهية النفسية، والأضرار التي تُلحق بالإدماج الاجتماعي أو الرفاهية الثقافية، والأضرار التي تُصيب المجتمع بأكمله.

يمكن للإعلام أن يلعب دورًا إيجابيًا بمواجهة موجات الكراهية ودعم العنف من خلال نشر المعلومات الدقيقة، وتعزيز الحوار والتفاهم، ودعم جهود السلام والمصالحة.

لتحقيق هدف إيجابي يطلب من الصحفيين ووسائل الإعلام التركيز في عدد من الجوانب:

تعزيز الحوار والتفاهم: على الإعلام فتح قنوات للحوار والتفاهم بين الأطراف المختلفة، والتشجيع على تبادل الآراء ووجهات النظر المختلفة.

دعم جهود السلام والمصالحة: يلعب الإعلام دورًا مهمًا ومحوريًا في دعم جهود السلام والمصالحة، من خلال تسليط الضوء على أهمية التعايش السلمي والتعاون، والتركيز على المبادرات الإيجابية والمشتركات.

تحفيز التفكير النقدي: يمكن للإعلام أن يشجع الجمهور على التفكير النقدي والتحليل العميق للأحداث، بدلًا من الانجرار وراء العاطفة والغريزة، واستهلاك المعلومات بشكل سلبي.

نشر المعلومات الدقيقة: يلعب الإعلام دورًا حيويًا في توفير معلومات دقيقة وموثوقة حول الأزمات والنزاعات، ما يساعد على فهم الحقائق واتخاذ قرارات مستنيرة، بدلًا من تبني مواقف حادة قائمة على تقييم غير صحيح.

أهم الجوانب التي يسهم الإعلام فيها سلبًا والتي تؤدي إلى نتائج ضارة هي:

نشر الأكاذيب والتحريض على العنف: تثير وسائل الإعلام التي تنشر معلومات غير دقيقة أو مضللة الخوف والذعر بين الناس، ما يؤدي إلى تفاقم التوترات والصراعات.

تضخيم الخلافات وتقسيم المجتمع: التركيز على الخلافات والانقسامات داخل المجتمع، من قبل الإعلام، يؤدي إلى تعميق الانقسامات وتأجيج العنف، وخلق فجوة تحتاج إلى فترات طويلة لردمها.

التأثير على الرأي العام: تستطيع وسائل الإعلام التأثير على الرأي العام والتلاعب به وتشكيله بطرق سلبية، ما يجعل الناس أكثر استعدادًا للعنف والعدوان.

تغطية غير متوازنة للأحداث: تتسبب التغطية غير المتوازنة والتركيز على جانب واحد من الأحداث أو تجاهل جانب آخر بتشويه الحقائق وتضليل الجمهور، ما يثير المشاعر السلبية ويزيد من حدة التوترات، كما تتسبب بانصراف الجمهور إلى لون واحد يشعر أنه يمثله، ما يسهل انقياده لرواية يريد تمريرها الطرف المتحكم بهذا الإعلام.

هل انتهت الأحداث في السويداء إلى انقسام كبير تصعب معالجته بسبب الإعلام المضلل، وهل هناك فرصة للاستدراك، هذه المرة أفضّل طرح الأسئلة لعلها تكون محرضًا لنقاش وبحث أعمق من قبل المؤسسات والصحفيين المهتمين.. وللحديث بقية.

مقالات متعلقة

  1. وسائل التواصل تقسم السوريين بـ"خطاب الكراهية"
  2. الهجري: متمسكون بحمل السلاح حتى تستقر الدولة
  3. روسيا تنفي صلة النظام بهجوم السويداء.. وترد على الأمم المتحدة
  4. ناشطون من السويداء ودرعا يطلقون بيانًا لدعم السلم الأهلي

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي