دعا المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس براك، الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إلى إعادة تقييم سياساته، وتبني نهج أكثر شمولًا، بعد الأحداث التي شهدتها السويداء جنوبي سوريا.
وحذر براك من فقدان الدعم الدولي وتفتيت سوريا، بعد جولة جديدة من “إراقة الدماء الطائفية الأسبوع الماضي” (في إشارة إلى أحداث السويداء)، بحسب تعبيره.
وبحسب ما نقلت عنه وكالة “رويترز“، الثلاثاء 22 من تموز، نصح براك الشرع في مناقشات خاصة بإعادة النظر في هيكلة الجيش، والسعي إلى الحصول على مساعدة أمنية إقليمية.
“في غياب التغيير السريع، فإن الشرع يخاطر بفقدان الزخم الذي دفعه ذات يوم إلى السلطة”، قال براك.
وينبغي للشرع أن يتكيف بسرعة، لأنه إن لم يحصل ذلك، فسيفقد الدعم المحيط به، وبإمكانه أن ينضج كرئيس، ويقول: ‘الصواب أن أتخلى عن نهجي الذي لا يُجدي نفعًا”.
وعلى الحكومة السورية الجديدة أن تفكر في أن تكون “أكثر شمولًا وأسرع”، عندما يتعلق الأمر بدمج الأقليات في “هيكل الحكم”، حسب براك.
لا علاقة للحكومة بانتهاكات السويداء
نفى براك التقارير التي تفيد بمسؤولية قوات الأمن السورية عن انتهاكات بحق “المدنيين الدروز” في السويداء، مشيرًا إلى أن مسلحي تنظيم “الدولة الإسلامية” ربما كانوا متنكرين بزي حكومي، وأن مقاطع الفيديو المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي يسهل تزييفها، وبالتالي فهي غير موثوقة.
وأكد أن القوات السورية لم تدخل مدينة السويداء، موضحًا أن هذه “الفظائع” التي تحدث، ليست من صنع قوات سلطة دمشق، لأنها اتفقت مع إسرائيل على عدم دخولها.
وبيّن أن المخاطر في سوريا “مرتفعة بشكل خطير”، وذلك في ظل عدم وجود خطة حكم قابلة للتطبيق للحكومة “الإسلامية” الجديدة في سوريا، بحسب وصفه.
ولفت إلى أنه يمكن أن تشهد سوريا سيناريوهات كارثية مثل ليبيا وأفغانستان، أو حتى أسوأ.
وقال براك، إن الضربات الإسرائيلية زادت من “الارتباك” في سوريا، ورسالته إلى إسرائيل هي إجراء حوار لتخفيف المخاوف بشأن “الزعماء السنة الجدد” في سوريا، وإن الولايات المتحدة يمكن أن تلعب دور “الوسيط” للمساعدة في حل أي مخاوف.
وذكر أن الشرع أشار منذ بداية حكمه إلى أن إسرائيل ليست عدوًا لسوريا، وأنه قادر على تطبيع العلاقات في الوقت المناسب.
“الولايات المتحدة لا تملي الشكل السياسي لسوريا، باستثناء الاستقرار والوحدة والعدالة والشمول”، أضاف براك، مؤكدًا أنه إذا انتهى الأمر بحكومة فيدرالية، فهذا قرار السوريين، والجواب عن هذا السؤال هو “أن الجميع قد يحتاجون الآن إلى التكيف”.
تصريحات متناقضة
وكان براك جدد دعمه للحكومة السورية، الاثنين 21 من تموز، عقب تصريحات سابقة، دعا فيها إلى محاسبة الأخيرة، تعليقًا على أحداث السويداء، منتقدًا التدخل الإسرائيلي.
وقال براك، إن الحكومة السورية لم يكن لديها حل بديل لتوحيد البلاد، منددًا في الوقت ذاته بعمليات “القتل والانتقام والمجازر من الجانبين” الذي وصفه بأنه “أمر لا يطاق”.
وأضاف في مقابلة له مع وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، أن الحكومة الحالية في سوريا، وفق ما يرى، تصرفت “بأفضل ما في وسعها” كحكومة ناشئة ذات موارد قليلة، لمعالجة القضايا المتعددة التي تنشأ في محاولة جمع مجتمع متنوع معًا.
بالمقابل، اعتبر أن السلطات السورية “بحاجة إلى أن تتحمل المسؤولية” عن الانتهاكات، واصفًا التدخل الإسرائيلي بأنه جاء في وقت سيئ، أدى إلى تعقيد الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة.
تصريحات براك جاءت مخالفة لتصريحات أخرى أطلقها خلال مؤتمر صحفي، إذ قال إن “هناك حكومة سورية موجودة يجب أن تحاسب، وأن تتحمل مسؤولياتها”.
ولا تزال الأزمة الأمنية والإنسانية قائمة في محافظة السويداء جنوبي سوريا، عقب أحداث عنف وانتهاكات مارستها كل من الحكومة ومسلحين يتبعون للعشائر وفصائل محلية موالية للرئيس الروحي للطائفة الدرزية، حكمت الهجري.
بدأت الأحداث عقب حالات خطف متبادل بين عشائر البدو في السويداء وفصائل محلية ذات طابع درزي، أعقبها دخول الحكومة السورية والتي لاقت مقاومة وقصفًا من إسرائيل مازاد في تعقيد المشهد.