موجات الحر الشديد.. كيف تهدد أجسامنا وصحتنا العقلية

  • 2025/08/04
  • 2:33 م
موجات الحر الشديد.. كيف تهدد أجسامنا وصحتنا العقلية
enab_get_authors_shortcode

د. أكرم خولاني

تمر على بلادنا في هذه الأيام موجة حر شديد، وقد نجمت عنها عدة حرائق في الغابات والأحراج وبعض الأراضي الزراعية، مما أدى إلى تضرر الغطاء النباتي، ولكن إضافة إلى هذه الأضرار البيئية فإن للحر الشديد تأثيرات سلبية على صحة الإنسان قد تكون خطيرة.

ما آثار الحر الشديد على صحة أجسامنا

يؤثر الطقس الحار بشكل سلبي على صحة الإنسان، وخاصة عند ترافقه بارتفاع نسبة الرطوبة الجوية، وأهم الآثار السلبية:

حروق الشمس: تحدث حروق الشمس نتيجة التعرض المفرط لأشعة الشمس فوق البنفسجية، وكلما تعرض الجسم لحروق الشمس زادت احتمالية إصابة الشخص بسرطان الجلد.

التأثير على الأداء الذهني: قد يكون من الصعب التفكير بوضوح عندما يكون الجو حارًا جدًا، فالحرارة الشديدة يمكن أن تؤثر على الأداء العقلي وتتسبب بانخفاض الوظائف الإدراكية وارتفاع خطر الإصابة المهنية.

التعرق: عند ارتفاع درجة حرارة الطقس يقوم الجسم بضخ كميات أكبر من الدم إلى سطح الجلد، وذلك حتى يتم طرد حرارة الجسم الداخلية إلى السطح، وهو ما يؤدي إلى حدوث التعرق، ومع تبخر ذلك العرق تبدأ حرارة الجسم بالانخفاض مرة أخرى، ولرطوبة الجو دور مهم في تحديد كمية التعرق التي يفرزها الجسم، فإذا ما كانت معدلات الرطوبة مرتفعة في الجو، تكون قدرة الجسم على التعرق ضعيفة، وهو ما يجعل الشخص يشعر بالضجر والضيق، أما إذا ما كان الجو حارًا وجافًا فيمكن للتعرق أن يكون عاملًا مساعدًا على تخفيض حرارة الجسم.

الجفاف: يمكن للشخص النشط أن يتعرق ما يصل إلى 10 ليترات من الماء يوميًا، وإذا لم يتم تعويض هذا الحجم فقد يؤدي ذلك إلى الجفاف، وقد يؤدي ذلك إلى توقف تدفق الدم إلى الجلد وتوقف التعرق، وفي هذه الحالة ترتفع درجة حرارة الجسم وقد تتعرض خلايا المخ لأضرار لا يمكن إصلاحها.

ضعف الشهية: يتفاعل الجسم مع ارتفاع حرارة الجو بفقدان الشهية للطعام، لأنه لم يعد بحاجة إلى سعرات حرارية كثيرة.

أمراض الرئة: يمكن أن يؤثر الطقس الحار على جودة الهواء مما يجعل التنفس أكثر صعوبة، وعادة ما تكون درجات الحرارة المرتفعة مصحوبة بهواء ساكن يسمح للملوثات بالركود فيتكون الأوزون الأرضي، وهو غاز ضار يتكون عندما تتفاعل الملوثات المنبعثة من السيارات ومحطات الطاقة والمصادر الصناعية كيماويًا مع ضوء الشمس، والأوزون الأرضي، وهو أحد المكونات الرئيسة للضباب الدخاني، يمكن أن يقلل من وظائف الرئة، وهو عامل رئيس في الإصابة بالربو والوفيات.

الإجهاد الحراري وضربة الشمس: إن التعرض المباشر لحرارة الشمس المرتفعة لفترة طويلة، أو البقاء في جو مرتفع الحرارة لأكثر من 40 درجة مئوية مع رطوبة عالية، قد يؤدي إلى فشل آلية تنظيم الحرارة في الجسم، فيتوقف تدفق الدم إلى الجلد، وهذا يؤدي للشعور بالبرودة، كما يؤدي لعدم إفراز العرق الذي يبرد الجسم، وبالتالي ارتفاع درجة حرارة الجسم بسرعة، فإذا ما ارتفعت درجة حرارة الجسم ووصلت إلى 39-40 درجة مئوية فإن الدماغ يقوم بإرسال إشارات إلى العضلات حتى تبطئ من حركتها، وهو ما يجعل المرء يبدأ بالشعور بالإعياء، وإذا وصلت درجة حرارة الجسم ما بين 40-41 درجة مئوية فإنه يصاب بالإعياء الحراري، وتشمل أعراض الإجهاد الحراري الدوخة واضطرابات الرؤية والعطش الشديد والغثيان والخفقان والخدر، وإذا ما تجاوزت درجة حرارة الجسم الـ41 درجة يبدأ تأثر العمليات الكيماوية داخل الجسم، وتحدث ضربة الشمس، إذ يحدث فشل في عمل الأجهزة الحيوية كالقلب والرئتين والكبد والكليتين والعضلات والدماغ، وقد تحدث الوفاة في حال عدم العلاج.

كيف يمكن الوقاية من تأثير الحر الشديد

بشكل عام ينصح بالبقاء في المنزل عندما تكون درجة الحرارة مرتفعة في الخارج، وعدم الخروج إلا للضرورة، وتجنب القيام بالأنشطة اليومية في أجواء شديدة الحرارة ونقلها إلى أماكن مكيفة أو يمكن التحكم بدرجة حرارتها، أو على الأقل تجنب ساعة الذروة وممارسة الأنشطة في الصباح الباكر أو في المساء، كما ينصح بما يلي:

  • تجنب التعرض، وخاصة من قبل الأطفال، لأشعة الشمس لفترات طويلة ومتواصلة، والبقاء قدر الإمكان في الأماكن المظللة وجيدة التهوية.
  • الحرص والاهتمام بشرب السوائل بمختلف أنواعها، ويفضل المياه والعصائر الطازجة والفواكه والخضار والمثلجات بأنواعها لتبريد الجسم، وينصح بشرب السوائل كل 15-20 دقيقة، حتى دون الشعور بالعطش.
  • ارتداء ملابس خفيفة فضفاضة فاتحة اللون، ولا يتعلق الأمر فقط بكمية الملابس، بل يتعلق أيضا بنوعيتها، فالأقمشة الخفيفة والفضفاضة التي تمتص الحرارة مثل القطن، وذات الألوان الفاتحة التي تعكس أشعة الشمس، هي الأفضل.
  • ارتداء القبعات عريضة الحواف التي تقلل من تأثير أشعة الشمس على الرأس.
  • استخدام واقٍ شمسي إن أمكن، وينصح بوضعه قبل نحو 30 دقيقة من الخروج من المنزل.
  • تخفيف الملابس للأطفال عند الخروج للأماكن غير المكيفة، وتغطية الجسد في الأماكن الباردة حتى لا يتعرضوا لانخفاض مفاجئ لحرارة الجسم.
  • الحرص على عدم ترك الطفل داخل السيارة لوحده حتى لا يتعرض للضرر الذي قد يؤدي للوفاة نتيجة احتباس الهواء الساخن داخلها.
  • تجنب ممارسة الأنشطة الرياضية في الطقس الحار، وإنما ممارسة التمارين في الصباح الباكر أو في المساء، مع الحفاظ على شرب كمية كافية من السوائل، فيجب شرب كمية من السوائل (مياه أو أي مشروب آخر) قبل التمرين بساعتين وشرب كمية قبل التمارين مباشرة، وكذلك في أثناء التمرين يجب شرب كميات من المياه كل 20 دقيقة تقريبًا.
  • الإقلال من شرب الكافيين، فقد يرفع درجة حرارة الجسم وقد لا يكون هذا جيدًا عند الشعور بالحر، ولا يقتصر وجود الكافيين على القهوة فقط، بل إنه موجود أيضًا في الشوكولا والشاي والمشروبات الغازية والمشروبات الرياضية.
  • الحذر عند تناول أي من الأدوية التي تؤثر على قدرة الجسم في الحفاظ على رطوبته والتخلص من الحرارة، ومن هذه الأدوية بعض المضادات الحيوية، مضادات الهيستامين، بعض أدوية ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول، أدوية القلب مثل حاصرات بيتا وقابضات الأوعية الدموية، مضادات الاكتئاب، مضادات الذهان، الأدوية المضادة للصرع، مدرات البول، والملينات، بالإضافة إلى بعض حبوب إنقاص الوزن، وأدوية علاج حب الشباب التي تصرف بوصفة طبية، والأدوية غير المشروعة مثل الكوكايين.
  • الحرص ما أمكن على الاستحمام بماء بارد للمساعدة على تبريد الجسم.
  • تقليل تشغيل المواقد والسخانات ما أمكن داخل المنزل.
  • اختيار أغطية السرير المناسبة، فالقطن والكتان هما المفضلان للسماح بدخول كمية كافية من الهواء إلى الجسم في أثناء النوم والحفاظ على البرودة وامتصاص العرق، بينما لن تحافظ الأقمشة المخلوطة بالبوليستر مع القطن على البرودة.

وفي حال إحساس الشخص بأعراض تشير إلى احتمال الإصابة بـ”ضربة شمس” يجب اتخاذ تدابير فورية، كالذهاب إلى مكان مكيف أو مظلل، ورش الجسم بالماء البارد، وشرب السوائل غير السكرية أو الحاوية على الكحول أو الكافيين، مع الانتباه لتجنب السوائل شديدة البرودة، وبهذا يمكن منع تطور الحالة.

مقالات متعلقة

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية