حذر تقرير صادر عن منصة “Health Policy Watch” من أزمة بالقطاع الصحي في سوريا، في ظل ضعف الحوكمة، وهجرة الكوادر، وتردي البنية التحتية، وسط تحديات مالية وأمنية متزايدة.
وأشار التقرير، الذي نُشر الثلاثاء 5 من آب، إلى أن نظام الرعاية الصحية في سوريا يعاني من أزمات متعددة، أبرزها نقص التمويل، وغياب الكوادر المدربة، بالإضافة إلى التحديات الأمنية التي تعوق أي تقدم في تطوير هذا القطاع الحيوي.
وبحسب ما ذكره التقرير، فإنه وفقًا لتقديرات الحكومة السورية، تعرّض نحو 40% من البنية التحتية للرعاية الصحية في سوريا للدمار خلال سنوات الحرب، وفي الوقت الذي تحاول فيه الحكومة تأمين تمويل لإعادة الإعمار، تواجه تحديات كبيرة بسبب تعدد الأزمات الإنسانية وانخفاض استجابة المانحين.
فجوة في الحوكمة
قال وزير الصحة السوري، مصعب العلي، في تصريحات نقلها التقرير، إن النظام الصحي يعاني من “فجوة هائلة في الحوكمة”، موضحًا أن هناك أكثر من نظام صحي واحد داخل البلاد، ما أدى إلى تفاوت واضح في الخدمات الصحية بين المناطق.
وفي مداخلة عبر الإنترنت نظمها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، أكد العلي أن الموارد المالية المحدودة للغاية تمثل عائقًا أساسيًا أمام تطوير النظام الصحي.
وأضاف أن نقص التمويل وقلة الموارد يشكّلان حجر عثرة أمام عمليات التحسين الشامل.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن سوريا بحاجة إلى 3.2 مليار دولار كمساعدات إنسانية لعام 2025، لكنها لم تتلقَّ سوى 12% من هذا التمويل حتى الآن.
نزيف الكوادر الطبية
كشف التقرير أن ما بين 50% إلى 70% من العاملين في القطاع الطبي قد غادروا البلاد، نتيجة الاضطهاد السياسي قبل سقوط النظام، لا سيما في السنوات الأولى من الثورة، ما أدى إلى نزوح جماعي للكفاءات الصحية.
أما على صعيد التجهيزات، فأوضح وزير الصحة أن أحدث المعدات الطبية في القطاع العام تعود لعام 2011، ما يعكس حجم التأخر التقني. وتواجه سوريا حاليًا نقصًا في أجهزة غسل الكلى والتصوير بالرنين المغناطيسي، إضافة إلى أساسيات كسيارات الإسعاف.
وكانت وزارة الصحة أعلنت، في نيسان الماضي، عن خطة شاملة لإعادة بناء النظام الصحي، حيث قال الوزير مصعب العلي، خلال افتتاح عيادة مركز تعافي حمص، إن الوزارة تهدف إلى بناء نظام صحي متطور يواكب العصر، عبر تأهيل الكوادر الطبية وتحديث الأجهزة، والعمل على ترميم البنية التحتية الصحية المتضررة.
وأشار إلى أن الخطة الحكومية تقوم على مسارين متوازيين:
- الأول إسعافي عبر افتتاح مراكز صحية جديدة بشكل مدروس.
- توفير تغطية صحية شاملة ضمن خطة مستدامة.
تفاقم الوضع في الجنوب
لفت التقرير إلى أن الوضع في الجنوب السوري، لا سيما في محافظتي السويداء ودرعا، يشهد انهيارًا وصفه بالحاد في عمل المستشفيات نتيجة التوترات الأخيرة.
من جانبها، الزميلة في المجلس الأطلسي والرئيسة السابقة لشبكة الصحة العامة في سوريا، ديانا رايس، أكدت في تصريحها للمنظمة، أن البلاد تمر بمرحلة انتقال من نظام طوارئ إلى نظام أكثر استدامة، وهو ما يتطلب تخطيطًا شاملًا وتنسيقًا من وزارة الصحة، مشيرة إلى أن تحقيق هذا التحول ليس بالأمر السهل.
“Health Policy Watch” هي منصة إعلامية مستقلة غير ربحية متخصصة في التغطية الصحفية المتخصصة لسياسات الصحة العالمية، وتُدار بواسطة شبكة من الصحفيين المعتمدين من الشمال والجنوب العالمي، وتتمتع باستقلالية تحريرية.
تقدم المنصة تقاريرها باللغة الإنجليزية عبر الوصول المفتوح (open access) إلى الجمهور، بمن في ذلك صانعو السياسات، ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الأكاديمي، ومؤسسات الصحة العالمية.