“سوريا وفخ الحياد” يرصد كواليس إيصال المساعدات في سوريا

  • 2025/08/15
  • 4:31 م
"سوريا وفخ الحياد" يرصد كواليس إيصال المساعدات في سوريا
enab_get_authors_shortcode

يقدم الباحث والدبلوماسي الأممي كارستن فيلاند في كتابه “سوريا وفخ الحياد”، الصادر عام2021 عن دار “موزاييك للدراسات والنشر”، سردًا تحليليًا لتجربة الأمم المتحدة في التعامل مع الملف السوري.

الكاتب ليس مجرد مراقب خارجي، بل كان جزءًا من العملية الدولية ذاتها، فقد شغل كارستن فيلاند مناصب متعددة في بعثات الأمم المتحدة، وهو كبير مستشاري الشرق الأوسط لـ”المجموعة البرلمانية لحزب الخضر الألماني”.

يتطرق الكتاب في فصوله إلى عدة أحداث امتدت بين عام 2011 وحتى 2020، تناولها بين التوثيق الميداني والتحليل السياسي، من بينها فصول تسلط الضوء على كواليس عمل الأمم المتحدة، والإشكاليات البيروقراطية، والتحديات التي واجهتها فرق الإغاثة الدولية في مناطق النفوذ المختلفة داخل سوريا.

يتتبع فيلاند من موقعه داخل غرف التفاوض وخارجها كيف تحول مبدأ الحياد، وهو من المبادئ الأساسية للعمل الإنساني، من أداة لحماية المدنيين إلى غطاء لتقويض حقوقهم.

كما يكشف كيف استُخدمت المساعدات الإنسانية، التي يُفترض أن تكون موجهة للمتضررين وفقًا للاحتياج، كأداة ضغط سياسي بيد النظام السوري السابق، الذي ربط توزيعها بـ”الولاء السياسي”، ما حولها إلى وسيلة لمعاقبة المناطق المعارضة ومكافأة الخاضعة لسيطرته.

يشير الكاتب إلى أن النوع الأساسي من المساعدات تمثل في المواد الغذائية، والأدوية، والإمدادات الطبية، إضافة إلى مستلزمات المأوى، التي كانت تصل أساسًا عبر قوافل الإغاثة الدولية، ولكن تحت سيطرة صارمة من أجهزة الدولة السورية، التي عاقت وصولها إلى مناطق محاصرة مثل الغوطة وحمص وداريا وغيرها.

في ذلك الوقت، كانت سوريا تعيش واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في القرن الـ21، أكثر من نصف السكان كانوا نازحين أو لاجئين، والمدن مدمرة، والخدمات الأساسية منهارة، ومع ذلك، فقد أخفقت الأمم المتحدة، كما يوضح الكتاب، في أداء دور فعال يضمن عدالة توزيع المساعدات أو حتى حمايتها من التسييس.

هذا الخلل، كما يرصده فيلاند، لم يكن مجرد خطأ في التنسيق، بل نتيجة مباشرة لتصميم دولي فاشل حاول التوفيق بين احترام “سيادة الدول” من جهة، والاستجابة “الإنسانية” من جهة أخرى، دون الاعتراف بتضارب هذين الهدفين في حالة كحالة سوريا، حين تلاشت الحدود بين السلطة والمنتهك.

يمضي الكاتب في توثيق المشهد من الداخل، مستعرضًا كواليس الاجتماعات الدولية، وتفاصيل المشاورات التي سبقت أو رافقت إطلاق قوافل الإغاثة، وكيف أدت البيروقراطية الأممية، إلى جانب الحذر المفرط من “الانحياز”، إلى تحويل الأمم المتحدة إلى فاعل عاجز عن فرض أي معايير حقيقية للعدالة أو حتى الحياد.

ويعتقد فيلاند أن الحياد بغياب المحاسبة قد يتحول إلى تواطؤ غير مقصود، بل إن الالتزام الأعمى به قد يؤدي إلى نتائج أكثر خطورة من الانحياز المعلن. فحين تُختزل المعايير الأخلاقية في إجراءات إدارية، تفرغ من معناها، وتتحول إلى عبء بدل أن تكون أداة إنقاذ.

يعتمد فيلاند على سرد دقيق مدعوم بالملاحظة والتجربة الشخصية، ليقدم صورة قاتمة عن حدود العمل الإنساني الأممي في بيئة يسودها القمع ويتحكم فيها النظام السابق بقواعد اللعبة، بينما تكتفي الأطراف الدولية بمراقبة الانهيار من خلف واجهة القانون الدولي.

مقالات متعلقة

  1. شركة سيارات ألمانية تعتذر للاجئ سوري
  2. ألمانيا تتجه نحو انتخابات مبكرة
  3. تحذير نرويجي من تراجع سوريا في قائمة أولويات التمويل الدولي
  4. قريباً... شرطيات محجبات في شوارع برلين؟

كتب

المزيد من كتب