تقدم مقاتلون أجانب التحقوا بالقتال في سوريا خلال سنوات الحرب بطلب إلى الحكومة السورية للحصول على الجنسية، وفق ما ذكرته وكالة “رويترز” اليوم، الجمعة 15 من آب.
الطلب، الذي قالت وكالة “رويترز” إنها اطلعت عليه، قدّمه بلال عبد الكريم إلى وزارة الداخلية السورية، وجاء فيه أن منح الجنسية سيتيح لهؤلاء الأجانب الاستقرار، وتملّك الأراضي، والحصول على جواز سفر سوري.
بلال عبد الكريم (داريل فيلبس) ممثل كوميدي أمريكي تحول إلى مراسل عسكري ويقيم في سوريا منذ عام 2012، بحسب “رويترز”.
وجاء في نص الرسالة، بحسب “رويترز”، “تقاسمنا الخبز والأحزان والأمل في مستقبل حر وعادل لسوريا (…) ومع ذلك بالنسبة لنا نحن المهاجرين، لا يزال وضعنا غامضًا”.
عمل الصحفي الأمريكي، داريل فيلبس والملقب ببلال عبد الكريم، مراسلًا للعديد من الوسائل الإعلامية والشبكات العالمية في الشرق الأوسط، وتنقل بين دول السودان ومصر خلال عمله الصحفي بحسب صحيفة “Dailymail” البريطانية.
كما أسس شبكته التلفزيونية الخاصة “On the Ground News” لاحقًا، بسبب عدم ارتياحه تجاه مهامه التي اعتبرها “سلبية تجاه العالم الإسلامي”.
واشتهر بتقاريره الإعلامية عن آخر فترة لسيطرة المعارضة على أحياء من محافظة حلب، في كانون الأول 2016، حسب “MEE“، التي كان من مراسليها في ذلك الوقت.
المراسل العسكري الأمريكي بلال عبد الكريم، قال إن العريضة يمكن أن يستفيد منها آلاف المقاتلين والعاملين في الإغاثة والصحفيين من أكثر من عشر دول، بينهم مصريون، وسعوديون، ولبنانيون، وباكستانيون، وإندونيسيون، ومالديفيون، إضافة إلى بريطانيين، وألمان، وفرنسيين، وأمريكيين، وكنديين، وأشخاص من أصول شيشانية وإيغورية.
ولم يعلن عن العدد الدقيق للموقعين على الرسالة، لكن ثلاثة مقاتلين أجانب (بريطاني وفرنسي وإيغوري) أكدوا دعمهم لها.
متحدث باسم وزارة الداخلية السورية قال لوكالة “رويترز”، إن قرار منح الجنسية للأجانب من اختصاص الرئاسة فقط.
وكان الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، صرح سابقًا بأن المقاتلين الأجانب وعائلاتهم “قد يحصلون” على الجنسية السورية، لكن لم يتم الإعلان عن تنفيذ ذلك حتى الآن.
من القتال إلى الحياة المدنية
كثير من المقاتلين تزوجوا وأصبح لديهم أطفال. أحد المقاتلين الإيغور قال لوكالة “رويترز”، إنه يسعى إلى تأسيس حياة جديدة في سوريا بعيدًا عن القتال، موضحًا، “لدي طفل في الرابعة من عمره يجب أن يبدأ المدرسة قريبًا، وعلي التفكير في مستقبله”.
توقير شريف، عامل إغاثة بريطاني سابق جُرد من جنسيته عام 2017، اعتبر أن الأجانب الذين قدموا مساهمات للمجتمع “يستحقون” الجنسية، مضيفًا، “المهاجرون الذين جاؤوا ليسوا قتلة، بل منقذون للأرواح جاؤوا إلى هنا لوقف القمع”.
قلق دولي
منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد، ظل ملف المقاتلين الأجانب من أكثر القضايا حساسية، وسط رفض بعض الدول استعادة مواطنيها الذين تعتبرهم متطرفين.
الكثير من هؤلاء المقاتلين لا يملكون وثائق رسمية سارية، وبعضهم جُرد من جنسيته الأصلية، ويخشى العودة إلى بلده بسبب احتمال تعرضه للمحاكمة.
وكان تحدث الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، عن المقاتلين الأجانب في سوريا في مقابلة له مع صحيفة “نيويورك تايمز“، في 23 من نيسان الماضي، وقال إنه يسعى إلى تهدئة المخاوف المتعلقة بتحول سوريا إلى “ملاذ للمتطرفين” بوجود مقاتلين أجانب بين صفوف الجيش، متعهدًا بمنع استخدام الأراضي السورية لتهديد أي دولة أجنبية.
وأضاف الشرع أن الحكومة السورية ستنظر في منح الجنسية السورية للمقاتلين الأجانب المقيمين في البلاد منذ سنوات.
ويشكل المقاتلون الأجانب عقدة بالنسبة للغرب، إذ أوضح ثلاثة مبعوثين أوروبيين خلال اجتماع مع وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في دمشق، أن أولويتهم القصوى هي القضاء على “المقاتلين الجهاديين” وأن الدعم الدولي للحكومة السورية “قد يتبخر” ما لم تتخذ إجراءات حاسمة في هذا الملف.
وحذر مبعوثون أمريكيون وفرنسيون وألمان الإدارة الجديدة في سوريا من أن تعيينها لـ”جهاديين أجانب” في مناصب عسكرية عليا يمثل “مصدر قلق أمنيًا وسيئًا” لصورتها في الوقت الذي تحاول فيه إقامة علاقات مع دول أجنبية.
ونقلت وكالة “رويترز“، في 10 من كانون الثاني الماضي، عن مسؤول أمريكي قوله، إن التحذير الذي وجهته الولايات المتحدة، يأتي في إطار الجهود الغربية لدفع الزعماء السوريين الجدد إلى إعادة النظر في هذه الخطوة.
وأضاف المصدر أن هذه التعيينات “لن تساعدهم في تعزيز سمعتهم في الولايات المتحدة”.
كما سبق أن طالب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، السلطات السورية بمعالجة المخاوف بشأن الإرهاب.
وقال بيدرسون، إنه يتعين على السلطة السورية المؤقتة لتحسين الوضع، اتخاذ المزيد من الإجراءات لتحقيق مشاركة سياسية حقيقية في المراحل المقبلة من العملية السياسية، ومعالجة مخاوف دول الأعضاء بشأن الإرهاب، بما في ذلك المقاتلون الأجانب.
وأضاف بيدرسون أن العديد من السوريين أعربوا عن مخاوف جدية بشأن إدراج مقاتلين أجانب في الرتب العليا للقوات المسلحة الجديدة، فضلًا عن الأفراد المرتبطين بالانتهاكات.