السويداء.. ماذا بعد مظاهرة “الاستقلال”

  • 2025/08/24
  • 10:47 م
تشهد السويداء جنوبي سوريا منذ منتصف آب 2025 مظاهرات تطالب بالاستقلال عن سوريا بدعم من الشيخ حكمت الهجري (تعديل عنب بلدي)

تشهد السويداء جنوبي سوريا منذ منتصف آب 2025 مظاهرات تطالب بالاستقلال عن سوريا بدعم من الشيخ حكمت الهجري (تعديل عنب بلدي)

enab_get_authors_shortcode

عنب بلدي – موفق الخوجة | وسيم العدوي | أمير حقوق

أطلت الناشطة الأردنية نيفين الخطيب، من ساحة “الكرامة” وسط مدينة السويداء، في 16 من آب الحالي، على جمع من المتظاهرين، يحملون علم الطائفة الدرزية، إلى جانب علم إسرائيل، بمظاهرة “حق تقرير المصير” المطالبة بـ”الاستقلال” مهددة بـ”طلاق الدروز”.

“طلاق الدروز” الذي يعني طلاقًا بائنًا لا رجعة فيه، ألمحت فيه الخطيب إلى الانفصال عن البلد الأم، سوريا، والاستقلال بالمحافظة لتشكيل دولة جديدة.

دعوات الانفصال، التي أطلقها المتظاهرون، شكلت صدمة لدى بعض السوريين، وبالرغم من أن المطالب لم تكن جديدة على الساحة، فإن مظاهرة “حق تقرير المصير” كانت منعطفًا وصف بـ”الخطير” للأزمة في السويداء، وأدت إلى شرخ جديد أمام أي حل سياسي أو مجتمعي.

بالمقابل، يرى ناشطون وباحثون من السويداء، أن مظاهرة “الاستقلال” كانت “صرخة غضب” أمام الانتهاكات التي مارستها القوات الحكومية و”فزعات” العشائر، التي هبّت من مختلف المحافظات السورية، ما تسبب بمخاوف من ارتكاب إبادة وتطهير عرقي بحق الطائفة الدرزية، التي تشكل أغلبية المحافظة، ولا تعبر عن رأيها.

تبحث عنب بلدي في هذا الملف، أسباب مظاهرة “الاستقلال” وتداعياتها على المشهد السوري السياسي، مع باحثين وخبراء، وتناقش “حق تقرير المصير” على مستوى القانون الدستوري السوري والدولي، واحتمالية التدخل الإسرائيلي، والحلول الممكنة للخروج من الأزمة.

التقسيم أو الحل السياسي

كسائر الدول التي خضعت للاستعمارين، الفرنسي والبريطاني، ظلّت وحدة الجغرافيا في الدولة السورية من الهواجس الكبرى التي تؤثر في السياسة الداخلية والخارجية لها، حتى أصبح المسّ بهذه الوحدة نيلًا من هيبة الدولة وجرمًا، وأحيانًا مجرد ذريعة لتخوين أي معارضة، وأحيانًا أخرى خطرًا حقيقيًا يتهدد الدولة كلها.

وخلال 14 عامًا من الحرب، عاشت سوريا منعطفات عدة، اتسمت بالميل إلى المطالبة بالحماية الدولية والحظر الجوي، ثم صارت مشاريع مناطق آمنة لا سيما في الشمال والجنوب، حيث تركيا وإسرائيل.

وظلت السياسة السورية متأثرة بهاجس التقسيم أو بإعادة رسم خطوط الخرائط، ولكنها المرة الأولى التي يصل فيها التصعيد حد مطالبة محافظة ما بالاستقلال.

بين اللامركزية والفيدرالية

تعيش محافظة السويداء واقعًا خاصًا، أمنيًا وسياسيًا، منذ أعوام، بدأ على زمن النظام السوري السابق، وتعزز مع الحراك الذي انطلق ضده في عام 2023، والذي ترافق مع أصوات تنادي حينها بكم ذاتي ولامركزي، الأمر الذي لاقى حينها معارضة من الحراك نفسه.

بقيت الأصوات التي تنادي باللامركزية بعد سقوط النظام، وكان أبرز الداعين لها، الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، حكمت الهجري، الذي يعتبر تياره اليوم بمثابة الإدارة السياسية والاجتماعية والعسكرية في المحافظة.

على الأرض، تتجه خطوات الهجري نحو طريق حكم لامركزي، في ظل غياب للمؤسسات الحكومية مثل “اللجنة القانونية العليا” لإدارة شؤون المحافظة خدميًا وأمنيًا، و”الجيش الموحد” الذي ضم أبرز الفصائل (لواء الجبل) في سبيل توحيدها ضمن هيكل عسكري واحد.

مقاتلون من الفصائل المحلية في السويداء – 17 تموز 2025 (AFP/ شادي الدبيسي)

حدث غير مسبوق أعقبه “تدويل”

هذه المرة الأولى، منذ عام 1936 أي قبل الاستقلال بعشر سنوات (تاريخ المعاهدة مع فرنسا)، التي نسمع فيها مواطنين في محافظة سورية يطالبون علنًا بالاستقلال الكامل عن الدولة السورية، بحسب الكاتب المختص بالشأن السوري في صحيفة “النهار” اللبنانية عبد الله علي.

وهذه المطالبة بقدر ما تشير إلى أن هاجس التقسيم يكاد يصبح “خطرًا ناجزًا” للمرة الأولى وليس مجرد مخاوف وتهديدات، تدل على عمق الأزمة التي خلّفها اقتحام السويداء منذ منتصف تموز الماضي.

ويعتبر علي أن المشكلة بين السويداء ودمشق كانت، منذ سقوط النظام، قضية سياسية يمكن حلها بالمفاوضات، لكن الفرص العديدة لم تُغتنم، و”عندما اتخذ قرار اقتحام السويداء ووقعت المجازر والانتهاكات والممارسات المهينة، أصبحت السويداء قضية كرامة وانعدام الثقة”، وتقدم هذا البعد على الجانب السياسي الذي كانت تتسم به في البداية.

والمشكلة أن هذه الجراح المعنوية “العميقة” التي أصيبت بها السويداء إذا لم تتم معالجتها بإجراءات قائمة على أساس وطني من شأنها إعادة الثقة وتضميد جرح الكرامة ستظل تشكل ثغرة لعبور الأجندات السياسية، وفقًا للكاتب السوري.
وأشار علي إلى أنه كلما تمكنت الأجندات السياسية المنفردة من تكريس نفسها من خلال الجراح المفتوحة في السويداء، ستصبح معالجة هذه الجراح أكثر صعوبة.

ما ينبغي عدم تجاهله، يتمثل بأن أحداث تموز لم تتوقف إلا بعد تدويل قضية السويداء عبر اتفاق اعترف بالدور الإسرائيلي فيه وجاء الاتفاق بضمانة كل من الولايات المتحدة وتركيا والأردن، والتدويل في أحد معانيه هو خروج القضية من تحت سقف الحلول الوطنية والاعتراف بأدوار جهات خارجية. وهو كذلك يحمل وجهًا من أوجه تهميش العلاقة بين السويداء ودمشق وجعل الطريق للوصول إلى أي حل أطول وأشد صعوبة، بمعنى أنه مهّد لما نعيشه اليوم، أضاف الكاتب.

التقسيم والانفصال ثم الاستقلال

بعد عام 2020 كان هناك حزب واحد صغير في السويداء يدعى حزب “اللواء” برئاسة مالك أبو الخير، ويحمل أجندة انفصالية واضحة، أما اليوم بعد ثمانية أشهر من سقوط النظام وبعد مجازر تموز في السويداء، انقلبت الآية وأصبحت الأغلبية في المدينة تؤيد التقسيم والاستقلال بحسب ما شاهدنا في المظاهرة الأخيرة، وتحول الصوت “الوحدوي” إلى أقلية غير مسموعة، بحسب ما قاله الكاتب عبد الله علي.

ويلاحظ علي وجود تدرج في مسير السويداء نحو المطالبة بالتقسيم بالتوازي مع تدهور علاقتها مع دمشق، وبلغ الأمر ذروته بعد المجازر الأخيرة، مضيفًا، “رأينا للمرة الأولى اجتماع شيوخ العقل الثلاثة على موقف واحد من السلطة الانتقالية، بينما قبل ذلك كان الشيخ حكمت الهجري هو وحده من يطالب باللامركزية وإعادة إجراءات المرحلة الانتقالية كمؤتمر الحوار والإعلان الدستوري لتكون أكثر تشاركية وتمثيلًا”.

وكان هناك تيار واسع لا يتبنى مطالب الشيخ الهجري يضم فصائل عسكرية كانت انخرطت في مفاوضات للانضمام إلى وزارة الدفاع، غير أن أحداث تموز غيرت المعادلة وقلبتها رأسًا على عقب.

ما مواجهات السويداء؟

أحداث السويداء، بدأت في 12 من تموز الماضي، بعد عمليات خطف متبادل بين سكان حي المقوس في السويداء، ذي الأغلبية البدوية وعدد من أبناء الطائفة الدرزية، تطورت في اليوم التالي إلى اشتباكات متبادلة.

تدخلت الحكومة السورية في 14 من تموز، تحت عنوان فض النزاع، إلا أن تدخلها ترافق مع انتهاكات بحق مدنيين من الطائفة الدرزية، وتصرفات مهينة، ما دفع فصائل محلية للمقاومة، بما فيها التي كانت تتعاون مع وزارتي الدفاع والداخلية.

في 16 من تموز، خرجت القوات الحكومية من السويداء، ما أعقبه انتهاكات وأعمال انتقامية بحق سكان البدو في المحافظة، بحسب شهادات حصلت عليها عنب بلدي، الأمر الذي أدى إلى أرتال عسكرية على شكل “فزعات عشائرية” نصرة لهم.

مقاتلون من العشائر والبدو في الحي الغربي من مدينة السويداء – 19 تموز 2025 (AFP/ عبد العزيز كيتاز)

القانون يجرم الانفصال..

شروط أممية لتقرير المصير

تجرم القوانين السورية والإعلان الدستوري المؤقت دعوات الانفصال والتقسيم، وتفرض عقوبات على المطالبين بها.

المحامي والناشط الحقوقي عبد الناصر حوشان، قال لعنب بلدي، إن الإعلان الدستوري في سوريا لا يحمل أي إشارة إلى الحكم الذاتي أو الفيدرالية، وليس في أي من نصوص المواد ما يُشعر بالسماح بهذه الدعوات الانفصالية عن الدولة السورية، لأن ذلك يعني تقسيم البلاد.

والقانون الوطني السوري يعد التقسيم والفيدرالية والحكم الذاتي أو السعي إليه من الجرائم الجنائية التي تعاقب عليها أحكام قانون العقوبات العام في فصل الجرائم الواقعة على أمن الدولة، وتصل العقوبة فيه إلى الإعدام.
ولا يمكن، وفقًا لحوشان، تعديل الإعلان الدستوري، وتضمينه أيًا من المضامين المتعلقة بأشكال الحكم المتناقضة مع الدولة السورية الواحدة ذات السيادة الكاملة على جميع أراضيها، لأن ذلك يحتاج إلى دستور دائم.

كما أن حالة الاستقرار هي البيئة الآمنة التي تبدأ بعد انتهاء المرحلة الانتقالية في سوريا.

 

المادة “304” من قانون العقوبات السوري:

“يعاقب كل من ارتكب أفعالًا تسعى إلى الاستيلاء على أراضٍ من الجمهورية العربية السورية، أو فصل جزء من أراضيها عن جسد الدولة، أو العمل على إضعاف وحدة أراضيها، بالسجن من سبع سنوات إلى 15 سنة”.

المادة “305” من قانون العقوبات السوري:

“تُشدد العقوبة إلى السجن المؤبد أو الإعدام، إذا كان ارتكاب هذه الجرائم يهدف إلى فصل جزء من الأراضي السورية”.

الاستفتاء على التقسيم باطل

أكد المحامي السوري أن “حق تقرير المصير” يكون للشعوب الواقعة تحت الاحتلال أو الاستعمار، وليس لكل مكوّن في سوريا الحق بذلك على حدة أو انفراد، بعيدًا عن بقية مكوّنات الشعب السوري، لأن هذا يؤدي إلى تشكيل دويلات داخل الدولة، وغالبًا ما تنتهي إلى صراعات داخلية أو تتطور إلى حرب أهلية.

ويعد أي استفتاء على التقسيم أو الانفصال في سوريا باطلًا، وفقًا للمحامي حوشان، لأنه يشكل جريمة من الجرائم الواقعة على أمن الدول، وكذلك أي دعم لأي مشروع انفصالي يعتبر تدخلًا سافرًا في الشؤون الداخلية للبلاد ويتعارض مع المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة، ويعتبر من أعمال العدوان المجرّم بموجب القانون الدولي.

وترى الأمم المتحدة، التي قبلت بحق تقرير المصير كجزء من ميثاق الأمم المتحدة في “تعديل عام 1951”، إضافة إلى الدول الأعضاء فيها، أن تطبيق حق تقرير المصير هو داخل الحدود القائمة، مما أدى إلى إقامة دول متعددة القوميات تواجه صعوبة في تطبيق حكم مشترك، ولذلك عدلت الأمم المتحدة عن ذلك بالنسبة للأقاليم داخل الدولة الواحدة المستقلة.

وتؤكد الأمم المتحدة مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مما يعني أن حق تقرير المصير لا يمنح حقًا تلقائيًا في الانفصال عن دولة قائمة، لا سيما إذا كان الانفصال يهدد استقرارها ووحدتها الإقليمية.

ويعتبر حق تقرير المصير، بحسب ما جاء في نص ميثاق الأمم المتحدة المعدل لعام 1951، “حقًا جماعيًا وليس فرديًا”، بمعنى أن هذا الحق لا يمكن أن يمارس فقط من خلال فرد واحد أو مجموعة أفراد، بل هو خاص بعدد كبير من الناس توجد بينهم روابط مشتركة، مثل اللغة والتاريخ والثقافة.

وقيّد القانون الدولي هذا الحق بعدة قيود، حتى لا يؤدي إلى تفتيت الدول وزعزعة سيادتها، فلو أن كل الأقليات في الدول ستقول إن لها لغة وتاريخًا مشتركًا كأقلية، وبالتالي تطالب بالانفصال عن الدولة الأم، فإن هذا يعني تفتيت الدول.

لا يذكر ميثاق الأمم المتحدة حقًا في الانفصال، بل ينص على مبدأ سلامة أراضي الدولة واستقلالها السياسي، ويحظر التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضدها وفق المادة “2/4” من الميثاق.

بينما يقر القانون الدولي الحديث بمبدأ حق الشعوب في تقرير المصير، إلا أن هذا الحق لا ينطبق دائمًا على الانفصال عن الدولة القائمة، بل يرتبط عادة بالحالات الاستعمارية أو الإقليمية الخاضعة للاستعمار.

تنص المادة “2/4” من الميثاق على أنه “يمتنع أعضاء الهيئة جميعًا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة”.

لافتة وضعها معتصمون سوريون على مبنى مجلس الشعب في دمشق – 17 تموز 2025 (زينة شهلا/ فيسبوك)

من ممر إنساني إلى “ممر داوود”..

إسرائيل تلعب بالأوراق

أثار مطلب فتح ممر إنساني بين السويداء وإسرائيل جدلًا في الأوساط السياسية حول أهداف الطرح ومنطقيته.

واعتبر محللون أنه طرح “غير قابل للتطبيق” تدعمه إسرائيل لأهداف سياسية وعسكرية داخل سوريا، مستغلة التوترات التي شهدتها مدينة السويداء، لتغطي تلك الأهداف بذريعة إنسانية.

الطرح الذي طالبت به أوساط محلية في السويداء، ترافق مع معلومات غير مؤكد، نقلتها “أكسيوس”، تشير إلى مساعٍ لإدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للتوسط بهدف الوصول لاتفاق يتضمن إنشاء ممر إنساني بين مدينة السويداء والجانب الإسرائيلي، بهدف إيصال مساعدات إنسانية مباشرة إلى المدنيين في الجنوب السوري.

لقاء باريس الذي رعته الولايات المتحدة واحتضنته باريس، بين وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، في 19 من آب، لم يعلن عقبه عن فتح ممر بين إسرائيل والسويداء، وكل ما رشح عنه أشار إلى ترتيبات أعمق على مستوى التهدئة والإجراءات الأمنية بين دمشق وتل أبيب.

فخ سياسي غير قابل للتطبيق

الممر الإنساني بين السويداء وإسرائيل هو طرح إسرائيلي، يهدف لتعميق الاختراق الإسرائيلي للحالة الدرزية في سوريا، ولتعزيز الاستراتيجية الإسرائيلية في الجنوب السوري، وبالتالي هذا الطرح مصمم لأهداف سياسية إسرائيلية بدرجة أساسية، وفق ما قاله الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش، لعنب بلدي.

ويعتقد علوش أن “طرح الممر غير قابل للتطبيق”، ولكن الأمر يتوقف بدرجة أساسية على الحدود التي يمكن أن تصل إليها حكومة الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، في التعامل مع هذا الملف.

بدوره، يرى الكاتب السياسي درويش خليفة، أنه رغم عدم واقعية الطرح المتداول حول فتح ما يسمى بـ”ممر إنساني” بين الجليل في إسرائيل ومحافظة السويداء في سوريا، لغياب حدود مباشرة بين الجانبين، فإن خطورة الطرح تكمن في كونه فخًا سياسيًا، تحاول تل أبيب من خلاله إيقاع السلطة السورية، عبر الترويج لرواية الشيخ حكمت الهجري وأتباعه بأن السويداء “محاصرة”.

التغلغل وتسليح فصائل

لا يوجد ما يبرر إنشاء “ممر إنساني” بين إسرائيل والسويداء لمجموعة من الأسباب، يلخصها الباحث محمود علوش، بأن إسرائيل تعتدي على سوريا، وتحاول أن تتدخل في شؤونها، وهي التي تطرح هذا الممر، وبالتالي لا يوجد ما يدعو إلى أخذ هذا المطلب على محمل الجد، كما أن “الأزمة الإنسانية في السويداء جانب منها مفتعل”، من أجل المزيد من التدخل الإسرائيلي في ملف السويداء.

وتوقع أن الهدف من الطرح هو استغلال سياسي و”تعميق ارتباط إسرائيل بالحالة الدرزية”، ومن جانب آخر، “استغلال هذا الممر من أجل تسليح الفصائل التي تدعمها إسرائيل، وبالتالي تشكيل حالة عسكرية تعقّد من قدرة سوريا على فرض سيطرتها في السويداء”.

تناقض إسرائيلي

التجربة مع الجانب الإسرائيلي لا تمنح أي مساحة للثقة، بحسب الكاتب درويش خليفة، ففي الوقت الذي تفرض فيه إسرائيل حصارًا خانقًا على قطاع غزة وتمنع عنه الغذاء والدواء، تضغط لفتح ممر إنساني مع السويداء.

وقال خليفة، إن ما يجري “يثير تساؤلات جدية حول الدوافع الحقيقية وراء هذه الطروحات”، خاصة في المرحلة الحساسة التي تمر بها سوريا بعد سقوط النظام السابق، و”دخول أطراف محلية على خطوط النزاعات المذهبية والقومية”.

يرى خليفة أن المسؤولية تقع اليوم على عاتق المكوّنات الوطنية السورية للعمل معًا على ترميم الثقة الداخلية، بما يقطع الطريق أمام التدخلات الخارجية، وفي مقدمتها إسرائيل، التي تحركها أهداف توسعية واضحة، عبّر عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مؤخرًا بالحديث عن “إسرائيل الكبرى”.

ماذا يعني قبول الممر

الحكومة السورية رفضت فكرة إنشاء ممر يصل السويداء بإسرائيل، وأكدت أنه لن يكون هناك ممر إنساني عبر الحدود، وتقديم المساعدات الإنسانية يتم حصرًا بالتنسيق المباشر مع مؤسسات الدولة في العاصمة دمشق.

الباحث محمود علوش، قال إنه لا يوجد ما يشير إلى أن دمشق مستعدة للقبول بهذا الطرح، ومن الطبيعي أن ترفض الممر، لأنه من جهة يعمق الجانب الإسرائيلي بالحالة الدرزية في السويداء.

ومن جهة أخرى، سيعني إقرارها بدور إسرائيل في الجنوب السوري، وهذا الأمر يجلب مخاطر كبيرة بالنسبة لها، ليس فقط في الحالة الدرزية، وإنما على مستوى سيادة سوريا في الجنوب السوري.

واعتبر أن الدولة السورية ستكون عرضة لضغط كبير من جانب إسرائيل في الفترة المقبلة من أجل الموافقة على هذا الطرح، لكن سوريا تدرك مخاطر مشروع الممر الإنساني من إسرائيل للسويداء.

اتهامات بارتكاب “جريمة حرب”

الكاتب السياسي درويش خليفة، يرى أن مثل هذا الطرح يضع الدولة السورية في مواجهة اتهامات بارتكاب “جريمة حرب”، لأن القانون الدولي يميز بين حصار يستهدف مقاتلين مسلحين، ويعد جائزًا عسكريًا، بشرط السماح بإدخال المساعدات الإنسانية للمدنيين، وبين حصار يؤدي إلى تجويع المدنيين، أو حرمانهم من الغذاء والدواء والماء، وهو ما يصنف كجريمة حرب.

من هنا جاء رفض الحكومة السورية لهذه الفكرة، مع التشديد على أن أي تنسيق يجب أن يتم عبر مؤسساتها الرسمية، الأمر الذي يضعها خارج دائرة الاتهامات التي تحاول بعض الأطراف المحلية والإقليمية إلصاقها بها.

كما أن دمشق تقلق من احتمال “استغلال الممر المزعوم من قبل كتائب الهجري لتهريب السلاح”، أو تحويله إلى منفذ جديد لشبكات تهريب المخدرات نحو دول الجوار، بحسب خليفة.

وتتهم أوساط في محافظة السويداء الحكومة بفرض حصار إنساني وعسكري، إلا أن المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، نفى حصار السويداء، وأكد أن الحكومة فتحت ممرات إنسانية لإدخال المساعدات إلى المدنيين بالتعاون مع منظمات محلية ودولية.

 

الحكومة السورية رفضت فكرة إنشاء الممر الإنساني، لأنه يضعها في مواجهة اتهامات بارتكاب جريمة حرب، وفق القانون الدولي.

درويش خليفة

كاتب سياسي

 

“ممر داوود”.. حلم إسرائيل الكبرى يمر من السويداء

مطلب الممر الإنساني إلى السويداء ترافق بتسريبات حول “ممر داوود” الإسرائيلي الذي يصل جنوبي سوريا بشمالها الشرقي، وهو يرتبط بحلم قديم لإسرائيل.

قال الكاتب المختص بالشأن السوري في صحيفة “النهار” اللبنانية عبد الله علي، إن كل ذلك يأتي ضمن إعادة هندسة الشرق الأوسط التي لم يعد رئيس الوزراء الإسرائيلي يخفي حديثه عنها، بل أصبح أكثر اندفاعًا وصار يتكلم بـ”إسرائيل الكبرى”.
وأضاف علي، “نحن أمام خطر التقسيم وجهًا لوجه وما سيناريو السويداء إلا البداية”، وتابع أن المخطط الأرجح الذي يجري الحديث عنه هو إنشاء “ممر داوود” بين السويداء ومناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) حتى سرير نهر الفرات، لأن إسرائيل تريد السيطرة على المياه في المنطقة.

بالمقابل، هناك من يتحدث عن مسارات أخرى لهذا المخطط كإنشاء ممر يصل إلى عفرين شمالًا أيضًا، وفق الكاتب، ولكن هذا متوقف على طبيعة التطورات ومعادلات القوة وموازينها خلال الفترة المقبلة لا سيما بين إسرائيل وتركيا.

ولفت علي إلى أن ذلك متوقف بطبيعة الحال على مآلات الأمور في شمال شرقي سوريا والعلاقة بين “قسد” ودمشق، وهل الأمور ذاهبة إلى تطبيق اتفاق 10 من آذار الماضي، الذي “انخفضت أسهمه كثيرًا” أم ستتجه نحو الانفجار وكيف سترسو خرائط السيطرة بعد ذلك.

احتمالات التدخل الإسرائيلي العسكري

لعب التدخل الإسرائيلي دورًا حاسمًا في المعركة بين القوات الحكومية، ومسلحي العشائر من جهة، والفصائل المحلية من جهة أخرى، إذ أدى تدخلها، عسكريًا، إلى انسحاب وزارتي الدفاع والداخلية إلى خارج حدود المدينة.

سياسيًا، بات التفاوض على شؤون السويداء، بين الحكومة من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، برعاية دولية وإقليمية، ما يثير التساؤلات حول إمكانية دعم تل أبيب لمشروع انفصال المحافظة عسكريًا.

من جهته، يستبعد الباحث الأمني والعسكري في مركز “حرمون للدراسات المعاصرة” نوار شعبان، تدخل إسرائيل عسكريًا لدعم انفصال السويداء لعاملين، الأول بسبب الحالة الإشكالية داخل المحافظة، جراء وقوعها تحت سيطرة ميليشيات، ويتمثل العامل الثاني باستنزاف إسرائيل لقوتها من حربها مع “حزب الله” اللبناني و”حماس” في قطاع غزة، ثم حربها مع إيران.

ضغط على الحكومة

الباحث نوار شعبان، قال لعنب بلدي، إن إسرائيل تتدخل في ملف السويداء لتستفيد من هذا الملف للضغط على الحكومة السورية وإضافته إلى طاولة المفاوضات، وليس لحماية أبناء الطائفة الدرزية.

وأضاف أن إسرائيل شرعنت تدخلها بحجة حماية الأقليات، مشيرًا إلى أن هذا التدخل غاب بعد انسحاب القوات الحكومية ودخول مسلحي العشائر.

وتلوح إسرائيل بورقة حماية الطائفة الدرزية، منذ الأشهر الأولى التي تلت سقوط النظام السوري السابق، ظهر ذلك جليًا خلال توترات عديدة، أولها في مدينتي جرمانا وصحنايا، خلال شهري تموز ونيسان الماضيين.

حافلات تقل رجالًا من الدروز زائرين من سوريا تصل إلى قرية مجدل شمس في مرتفعات الجولان المحتل – 14 آذار 2025 (AP)

متظاهرون يرفعون علم إسرائيل في ساحة الكرامة في السويداء – 1 آب 2025 (السويداء أرض الكرامة/ فيسبوك)

عتب من السويداء.. أين التعاطف؟

لبنى عبد الباسط، إحدى ناشطات حراك السويداء، الذي بدأ في آب 2023 ضد النظام السوري السابق، قالت إن مظاهرة “الاستقلال” كانت بدافع البحث عن غريزة البقاء بعد التعرض لما وصفته بـ”الإبادة” بمقتل أكثر من 1500 شخص خلال 48 ساعة على أساس طائفي.

ونفت الحكومة السورية أي “خطة أو نية لإبادة الدروز”، بحسب تعبير وزير الخارجية، أسعد الشيباني، مؤكدًا أن حماية من ينتمون لهذه الطائفة “مسؤولية الدولة السورية”.

وقال الشيباني في مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، خلال زيارة إلى موسكو نهاية تموز الماضي، “هناك استغلال لمسمى هذه الطائفة للتدخل في الشؤون الداخلية وخاصة من قبل إسرائيل، وهناك مجموعات مسلحة تنتمي للسويداء تريد أن تثبت هذا الواقع أن الحكومة لا تستطيع أن تضبط الأمن وتبث الفوضى”.

الناشطة عبد الباسط ترى أن اتهامات الانفصال تصبح محقة عندما يكون أمن الوطن وجيشه مبنيًا على المهنية والإخلاص وتقديس فكرة المواطنة.

من جانبها، وثّقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل 814 شخصًا وإصابة 903 آخرين، خلال الفترة ما بين 13 و24 من تموز الماضي.

شملت الإحصائية ضحايا من المدنيين ومقاتلين من مجموعات عشائرية، وأخرى محلية خارجة عن سيطرة الدولة من أبناء المحافظة، إلى جانب عناصر من قوى الأمن الداخلي ووزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية.

مخاوف أهل السويداء اليوم هي من أفكار عقائدية وأيديولوجية قتلوا بسببها، بحسب الناشطة لبنى، معتبرة أن الشرخ المجتمعي كوّن حالة نفسية نتجت عنها، لدى بعض أهالي المحافظة، رغبة في الانفصال أو المطالبة بحقهم في تقرير مصيرهم.

واعتبرت أن الثورة التي امتدت لـ14 عامًا هدفت للوصول إلى وطن يحرم القتل ويقدس كرامة الشعب، إلا أن ذلك لم يحصل في سوريا الآن.

الناشطة وصفت هجوم القوات الحكومية والعشائر بـ”الهمجي والإرهابي” بسبب ما لمسته من مجازر قتل على أساس طائفي، وإهانة طالت كبارًا في السن عبر حلق شواربهم، التي تعتبر رمزًا تقدسه الطائفة الدرزية.

وأشارت الناشطة إلى أعمال سرقة وحرق طالت أكثر من 30 قرية في السويداء، لأسباب انتقامية، وتهجير نحو 150,000 شخص من أبناء الريف الغربي والشمالي للمحافظة.

بدورها، تكرر الحكومة أن تدخل قوات الأمن والجيش جاء لفك الاشتباك بين فصائل محلية وأبناء العشائر في السويداء، ولا تنفي حصول انتهاكات من قبل قواتها، مع تعهد بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات عبر لجنة تحقيق جرى تشكيلها لهذا الغرض.

 

أهل السويداء توارثوا الإخلاص والتضحية فداء للوطن من أجدادهم، من سلطان الأطرش ورفاقه الذين كانوا أول من رفع علم سوريا الأخضر، علم الثورة، في ساحة المرجة عام 1946.

كل أهل السويداء وطنيون يقدسون سوريا ولكن اليوم السوريون هم من تخلوا عن السويداء.

لبنى عبد الباسط

ناشطة سياسية

 

الباحث والأكاديمي من محافظة السويداء، الدكتور فايز القنطار، قال إن ما جرى في السويداء، والهجوم الذي وصفه بـ”البربري” و”غير المسبوق”، خلق شعورًا بوجود تهديد حقيقي، دفعهم للمطالبة بالانفصال ورفع العلم الإسرائيلي.

وأضاف، لعنب بلدي، أن هذه الشعارات لا تعبر عن موقف السويداء، بل هي “صرخة غضب”، وفق تعبيره.

ويعتقد أن الانتهاكات التي مارستها القوات الحكومية، كان لها وقع شديد الوطأة، مما جعل الجميع يلتفون حول قطع أي صلة مع السلطة الحالية في دمشق.

واتهم القنطار الحكومة بتنفيذ أجندات إسرائيلية، وتسهيل فتح ممرات من تل أبيب إلى السويداء، وإخراج الأخيرة من الوطنية السورية.

ويرى أن السلطة الحالية في دمشق، جاءت لتفكيك الوطن السوري والإجهاز على ما تبقى منه بعد رحيل النظام السابق.

“خيبة أمل”

الباحث القنطار أشار إلى خيبة أمل لدى أهالي السويداء، جراء تعاطي باقي المكونات السورية مع أحداث السويداء، بسبب عدم التعاطف معهم، باستثناء الأصوات القليلة.

وبحسب الناشطة لبنى عبد الباسط، انتظر أهالي السويداء صوت السوريين في الشوارع للتنديد بـ”حرمة دم السوري على السوري” والوقفات التضامنية وصرخات غضب ترفض تكرار الأفعال التي مارسها جيش النظام السوري السابق من قتل للمدنيين وأعمال سرقة.

 

يشعر الناس (في السويداء) بخيبة أمل كبرى من أبناء وطنهم، هم غاضبون لهذه الهجمة “البربرية” وغاضبون أيضًا لأنه لم يتم التعاطف معهم من قبل بقية السوريين.

فهناك إما الشامت أو المتفرج، باستثناء أصوات قليلة وقفت إلى جانب أهل السويداء في محنتهم. وهذا أيضًا كان له وقع شديد الوطأة.

د. فايز القنطار

باحث وأكاديمي سوري

 

لبنى عبد الباسط، قالت إن أهالي السويداء تشكل لديهم شعور بنوع من “الخذلان” تجاه ما رأوه من “تجييش” الإعلام الرسمي، وانتشار ثقافة إعلامية “ممنهجة” تحاول تبرير المجازر في السويداء تحت مسميات سياسية، وفق تعبيرها.

وبلغ “الخذلان” ذروته، وفق الناشطة، عند مقتل منير رجمة، بعد سؤال مسلح، يرجح تبعيته لوزارة الدفاع السورية، عن انتماء رجمة المذهبي، قبل أن يطلق الرصاص نحوه.

قالت لبنى، إن مقتل رجمة أوصل رسائل لأهالي السويداء، أن الجيش السوري في تكوينه العقائدي لا يعترف بالمواطنة ولا يهتم لسوريا كوطن.

وترجح وسائل إعلام وأوساط داخل السويداء، تبعية قاتل رجمة إلى المؤسسة العسكرية الحكومية، بينما تدور شكوك حول انتمائه إلى “فزعات” العشائر التي قدمت إلى السويداء.

ووثقت شبكات محلية في السويداء، ضلوع عناصر ينتمون إلى القوات الحكومية بانتهاكات وأعمال قتل تجاه مدنيين، أبرزها مقتل مدني يرتدي زي الفرق الطبية داخل مستشفى “السويداء الوطني” على يد مسلح يشتبه بانتمائه للأمن الداخلي.

من جانبها، وعدت وزارتا الدفاع والداخلية بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات، من كل الأطراف، إلا أن هذا الإعلان لاقى رفضًا من ناشطين داخل السويداء.

متظاهرون في ساحة الكرامة في السويداء يطالبون بحق تقرير المصير – 16 آب 2025 (الوكالة الفرنسية)

خطوات لحل أزمة السويداء

يرى ناشطون وباحثون من السويداء أن أفق الحل مسدود، بسبب مقاطعة جهات داخل المدينة التعامل مع الحكومة بشكل نهائي، بعد أحداث منتصف تموز الماضي، معتقدين أن مفاتيح الحل بيد الحكومة، والأخيرة تمنعه.

الناشطة السياسية لبنى عبد الباسط، ترى أن الحكومة السورية تمنع الحل السياسي بسبب سماحها للقوى الخارجية بأن تفرض نفسها في الداخل السوري، ولجوئها إلى العسكرة وفرض طوق عسكري على المدينة.

وفي حين يعتقد الباحث والأكاديمي فايز القنطار، أن المصالحة بين السويداء والسلطة مستحيلة، يرى أن تدخلًا عربيًا من السعودية، أو إعادة طرح مؤتمر وطني أو تحقيق انتقال سياسي، وفق القرار الأممي “2254” يمكن أن يفتح أفقًا للحل.

الباحث السياسي الدكتور نادر الخليل، يرى أن الخطوات السياسية المطلوبة للخروج من الأزمة في السويداء، تتمثل بخمس نقاط هي:

  • فتح المعابر الإنسانية بشكل فوري، وضمان وصول المساعدات دون عوائق، وإعادة الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وصحة
  • إصلاح سياسي ومؤسسي عبر ضمان تمثيل حقيقي لأبناء السويداء في مؤسسات الدولة، بما يعكس تنوع المجتمع السوري، وتبني نموذج لامركزي إداري يمنح صلاحيات موسعة للإدارة المحلية، دون المساس بوحدة الدولة.
  • فتح تحقيق مستقل وشفاف في أحداث تموز الماضي، مع إمكانية الإشراف الأممي، ومحاسبة جميع المسؤولين عن الانتهاكات، وتعويض المتضررين، وإطلاق مشاريع لإعادة إعمار المناطق المنكوبة.
  • إطلاق حوار مجتمعي يضم الفعاليات المدنية والسياسية، وليس فقط الزعامات الدينية، والعمل على نزع سلاح الميليشيات، ودمج العناصر الراغبين في مؤسسات الدولة الأمنية.
  • مواجهة التدخل الخارجي والانفصالية، وكشف الحملات الدعائية التي تروّج للتقسيم، ومواجهتها بخطاب وطني جامع، وتعزيز الهوية الوطنية السورية عبر الإعلام والتعليم والمبادرات المجتمعية.

الإرادة السياسية للحل

يرى الكاتب السياسي عبد الله علي أن السلطة في دمشق لم تعد قادرة على الحل، في ظل تدويل الملف، وكذلك لم تعد قادرة على اللجوء إلى خيارات التفافية مثل “فزعة العشائر” لأن ذلك سيعتبر بمثابة “انتحار”، على حد قوله.
ويخشى علي أن تؤدي بعض الأخطاء الإعلامية أو السياسية سواء من جانب دمشق أو السويداء إلى جعل أقصى أماني السوريين أن يعيشوا ضمن فيدرالية وألا تتقسم سوريا بالفعل.

مبادرات أهلية

خرجت دعوات من ناشطين وسياسيين لحل الأزمة في السويداء، عبر مبادرات أهلية، أبرزها “لجنة المبادرة الأهلية لحل أزمة السويداء”، التي أسسها الشيخ مطيع البطين، المتحدث السابق باسم “المجلس الإسلامي السوري” (المنحل حاليًا).

رئيس اللجنة، البطين، قال لعنب بلدي، إن الأزمة في السويداء تحتاج إلى جهود جميع أبناء البلد، بما فيهم الدولة والجهات القائمة في السويداء والمؤثرون والفاعلون وممثلو العشائر والنخب الوطنية والمرجعيات الدينية والمجتمعية.

وأضاف أن الحل يكمن برفض التدخل الخارجي وجلوس الجميع على طاولة واحدة تحت سقف الوطن، إضافة إلى رسائل ومبادرات بين كل الأطراف الموجودة تمهد الجو للوصول لإنهاء هذه الأزمة.

ويرى البطين أن المبادرات الأهلية مسألة “مهمة جدًا”، لأن الأهالي هم الذين يتعايشون وهم المتضررون من أي أزمة، وهم المادة الأساسية والمعول عليها والمتأثرة بالحالة سلبًا أو إيجابًا.

مقالات متعلقة

  1. موفق طريف يطالب بضمانات أمريكية لاتفاق السويداء
  2. "اللجنة القانونية العليا" بالسويداء تستبدل قائد الأمن
  3. ما دوافع "الرئاسة الروحية" لتشكيل "إدارة السويداء"
  4. ما خصوصية علم "الدروز" في مظاهرات السويداء

تحقيقات

المزيد من تحقيقات