التسرب المدرسي.. نتائج كارثية تهدد الأطفال والمجتمع

  • 2025/09/07
  • 1:35 م
التسرب المدرسي.. نتائج كارثية تهدد الأطفال والمجتمع
enab_get_authors_shortcode

د. أكرم خولاني

تعد ظاهرة التسرب المدرسي من أخطر المشكلات التي يمكن أن يتعرض لها مجتمع ما باعتبارها دليلًا حاسمًا على سوء الأحوال المعيشية، إضافة إلى نتائجها السلبية على الطفل أولًا وعلى المجتمع ثانيًا، مثل ارتفاع معدل الجريمة، وانتشار الأمية والجهل، وما إلى ذلك من نتائج كارثية تظهر في المستقبل القريب والبعيد تعوق نمو المجتمع وتطوره في مختلف مجالات الحياة.

ما أخطار التسرب المدرسي؟

تُعرف ظاهرة التسرب المدرسي على أنها انقطاع الطالب عن الدراسة في مرحلة معينة وعدم إتمامه لهذه المرحلة، ويترتب على ذلك العديد من المخاطر، منها:

  • غرق المجتمع في الجهل وتراجعه اجتماعيًا: فالدراسة ليست مجرد معلومات وإنما ثقافة يجب اكتسابها للتخلص من الجهل الاجتماعي، فابتعاد الأطفال عن الجو المدرسي الذي يجب أن يكون مثالًا للتنوع الاجتماعي والثقافي يجعلهم محصورين ببيئة منغلقة، مما يؤدي إلى نشوء أفراد متعصبين غير متقبلين للآخرين.
  • ارتفاع معدل الجريمة: بسبب إهمال الأطفال وتركهم عرضة لمواقف قد تجعل منهم ضحايا سهلة المنال للمجرمين، وفي الوقت نفسه تُزرع في أنفسهم مبادئ خاطئة تعدّهم ليصبحوا مجرمين بدورهم مستقبلًا.

ما أسباب التسرب المدرسي؟

قد يحدث التسرب من المدرسة نتيجة أسباب تتعلق بالطفل ذاته أو مشكلات تتعلق بأسرته أو بالبيئة المدرسية أو مشكلات عامة في المجتمع، وقد تتضافر هذه الأسباب مع بعضها أحيانًا مما يزيد من انتشار ظاهرة التسرب بشكل كبير.

مشكلات لدى الطفل:

  • تدني مستوى التحصيل الدراسي، ووجود صعوبات في التعلم.
  • ضعف القابلية تجاه التعلم من قبل الطالب.
  • أصدقاء السوء.

مشكلات لدى الأسرة:

  • حالات الطلاق والانفصال، حيث تقل درجة الاهتمام والإشراف على الأبناء من قبل الأهل.
  • وفاة أحد الوالدين خاصة الأم، مما يدفع بعض الفتيات لترك المدرسة حتى تكون بمثابة الأم للإخوة الصغار.
  • عدم تشجيع الأهل للطالب على الدراسة ومساعدته على تخطي مشكلات التعليم.
  • عدم اهتمام الأسرة بظاهرة التعليم، ويعود ذلك إلى عادات وتقاليد العديد من البلدان.
  • لجوء الطالب إلى العمل في أثناء هذه المرحلة بسبب فقر الأسرة أو تدني دخلها.

مشكلات في البيئة المدرسية:

  • نفور الطالب من المدرسة وعدم الشعور بانتمائه لها.
  • تعرض الطالب للعقاب المعنوي والبدني من قبل المعلمين.
  • شعور الطالب بالتمييز من قبل المعلمين وتركيز اهتمامهم على الطلاب المتفوقين فقط.
  • عدم توفر مدارس مهنية في مختلف المناطق، بالرغم من أنها ذات تأثير واضح في الحد من تسرب الطلبة.
  • عدم توفر أشخاص مقربين من الطالب في المدرسة، فلا يجد من يساعده على تخطي المشكلات التي يواجهها.
  • الأساليب التقليدية المملة المتبعة من قبل بعض المعلمين في عملية التدريس.
  • وجود مشكلات في البيئة التربوية بما يتعلق بطبيعة المناهج التربوية، وتركيزها على الجانب النظري، وإهمال الجانب التطبيقي في بعض الأحيان.
  • ضعف ارتباط المناهج بالبيئة المحيطة بالطالب.
  • أسلوب المعلم وطريقة تدريسه قد لا تجذب الطالب إلى الانتباه للمادة الدراسية.

مشكلات مجتمعية:

  • تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار، وهذا يؤدي إلى عدم القدرة على تحمل التكاليف الباهظة للتعليم، سواء من ناحية الأقساط المدرسية عند عدم توفر مدارس مجانية، أو تكاليف المستلزمات المدرسية، أو الحاجة إلى دروس خصوصية في بعض الأحيان.
  • انتشار ظاهرة عمالة الأطفال، فسوء الأحوال الاقتصادية يدفع الكثير من الأهالي إلى استغلال أبنائهم بالعمل بدلًا من إعطائهم حقهم في التعليم.
  • إهمال المدارس لموضوع التسرب المدرسي، ويلاحظ ذلك في بعض المدارس الحكومية نتيجة عدم اكتراث كثير من المعلمين والمديرين والموجهين في المدارس حيال تسرب الطلاب لأنه أصبح باعتقادهم أمرًا طبيعيًا ومألوفًا في مجتمعاتنا، أو يعتبرونه أمرًا لا يخصهم مباشرة.
  • النتائج التي يحققها أصحاب الشهادات العلمية على مستوى العمل والدخل، فكثرة الحديث عن تردي الأوضاع الاقتصادية للخريجين والمصاعب التي تواجههم في الحصول على عمل براتب لائق، تغير نظرة كثير من الأهالي وحتى الطلاب للدراسة عامة، وتجعلهم يرونها استثمارًا فاشلًا للوقت والموارد المالية، لذا يفضلون اختصار الطريق، على حسب قولهم، واتباع طرق أخرى قد تضمن لهم مستقبلًا أكثر استقرارًا بنظرهم مقارنة مع ما قد تضمنه الدراسة، وهذا الأمر يُشجع على التسرب المدرسي.
  • زواج القاصرات، ويعد من المشكلات المنتشرة في المجتمع العربي عامة والمجتمع السوري خاصة، فتلجأ أسر كثيرة إلى هذا الأمر بسبب موروثات ثقافية لديها.

ما الإجراءات العلاجية للحد من ظاهرة التسرب المدرسي؟

يجب أن تكون الإجراءات العلاجية على محورين، الأول هو سن قوانين واضحة وعقوبات شديدة بما يخص عمالة الأطفال أو منع أي طفل من إكمال تعليمه، والثاني هو إيجاد حلول للمشكلات التي تؤدي للتسرب من التعليم، وذلك عن طريق ما يلي:

  • العمل على تحسين الوضع الاقتصادي العام وتوفير الدعم للأسر الفقيرة.
  • توفير بيئة تعليمية صحية وممتعة عن طريق تطوير المناهج المدرسية ورفع كفاءة المعلمين تربويًا وعلميًا.
  • توفير الأدوات الضرورية للتعليم مجانًا ضمن المدارس من أجل جعل التعليم متاحًا للجميع.
  • توفير رواتب تتناسب مع جهود المدرسين المبذولة، حرصًا على جودة عملهم، والحد من الدروس الخصوصية عامة.
  • توفير فرص عمل للخريجين الجدد، مما يعطي دافعًا للأطفال وذويهم للاهتمام بالعلم والدراسة.
  • نشر مراكز لمحو الأمية للمتسربين وتوفير تعليم مهني يتناسب مع قدراتهم.
  • تنظيم حملات توعوية مجتمعية بما يخص أهمية التعليم ومخاطر التسرب من المدارس وعمالة الأطفال وزواج القاصرات.

 

مقالات متعلقة

  1. حملة في الشمال السوري لتحليل واقع التعليم واقتراح الحلول
  2. نشاطات لإنقاذ أطفال حلب.. التسرب من التعليم طال نصفهم
  3. تلاميذ وطلاب إدلب يتسربون عن الدراسة مع بداية العام
  4. الجهل يهدد أطفال نازحي ريفي إدلب وحماة

أسرة وتربية

المزيد من أسرة وتربية