فضل شاكر “يعيد التوازن” إلى الأغنية العربية

  • 2025/09/14
  • 3:09 م
تجاوزت أغنية "كيفك ع فراقي" لفضل شاكر 90 مليون مشاهدة بعد مرور شهرين على إطلاقها - 7 تموز 2025 (ألبوم كيفك ع فراقي/ لقطة شاشة)

تجاوزت أغنية "كيفك ع فراقي" لفضل شاكر 90 مليون مشاهدة بعد مرور شهرين على إطلاقها - 7 تموز 2025 (ألبوم كيفك ع فراقي/ لقطة شاشة)

enab_get_authors_shortcode

عنب بلدي ـ عمر علاء الدين

“إلا وأنا معاك”، “كيفك ع فراقي “، “صحّاك الشوق”… كلمات لا تكاد تمر في شارع من شوارع دمشق، إلا وتسمعها في مقهى، أو في سيارة تعبر الطريق، ويرددها الكبير والصغير.

تلك الكلمات هي مقدمة أغانٍ أطلقها الفنان اللبناني فضل شاكر في الأشهر الستة الماضية، وحققت نجاحات مليونية على “يوتيوب”.

لا تكاد تمر ساعات على إطلاق إحدى أغانيه حتى تحقق ملايين المشاهدات وتتفوق أرقامها على أغانٍ مضى على إطلاقها أشهر وسنوات، وفق ما تظهر الأرقام على “يوتيوب” ومنصات الأغاني.

وبمراجعة سريعة، تكشف الأرقام أن أغنيته الأخيرة “صحاك الشوق”، على سبيل المثال، التي أطلقها قبل أسبوعين فقط، حققت على “يوتيوب” أكثر من 40 مليون مشاهدة، في حين تخطت أغنية “كيفك ع فراقي” التي أُطلقت قبل شهر واحد 88 مليون مشاهدة، بينما تجاوزت أغنية “أحلى رسمة” 151 مليون مشاهدة بعد مرور أربعة أشهر على إطلاقها.

يرى دكتور العلوم الموسيقية والباحث الأردني أيمن تيسير، أن أعمال شاكر تحمل رسالة للوسط الفني بأن القيمة الفنية الصادقة كافية لبلوغ النجاح، بينما الأرقام تبقى “وهمًا قصير العمر”.

ثناء وجدل واتهام

عودة شاكر إلى الساحة أثارت جدلًا سواء بين الفنانين، أو بين الجمهور الذي انقسم بين محب له مرحب بعودته، وبين ناقد له ولتاريخه المثقل بالملفات القضائية، إضافة إلى أن موقفه من الثورة السورية، كان سببًا في الهجوم عليه من بعض الأطراف في لبنان، أبرزها تيار “حزب الله”.

الفنان التونسي صابر الرباعي، أثنى على الفنان اللبناني فضل شاكر في الفترة الأخيرة، معتبرًا أن الأغاني التي طرحها أسهمت في إعادة التوازن للأغنية العربية، ومنحتها روحًا صادقة تفتقدها الساحة منذ سنوات.

وشكر الرباعي في تغريدة على حسابه بمنصة “إكس”، في 30 من آب الماضي، فضل شاكر وكامل فريق العمل من شعراء وملحنين وموزعين، قائلًا، “أعدتم التوازن للأغنية العربية من خلال إبداعاتكم الأخيرة”.

وأضاف الرباعي، “مقولة الجمهور عايز كده غير صحيحة”، معتبرًا أن الجمهور يريد أغنية صادقة وعميقة وإحساسها عالٍ يخاطب وجدانهم لا أكثر.

المطرب اللبناني راغب علامة، أثار جدلًا واسعًا بعد حديثه عن حملات الهجوم التي تعرض لها مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وأنه لا يلجأ للقتل للدفاع عن نفسه وإنما للقانون، بالإشارة إلى التهم الموجهة لفضل شاكر، وهي التورط في حادثة “عبرا” إلى جانب أحمد الأسير، حيث أدت الحادثة إلى مقتل 18 جنديًا لبنانيًا.

راغب علامة، وفي حديث إلى موقع “ET بالعربي“، شدد على أنه لا يلجأ إلى الأساليب غير القانونية لمواجهة هذه الهجمات، موضحًا، “أنا لا أحمل سلاحًا ولا أقتل من تكلم عليّ. لدي القضاء والقانون، وأؤمن بالدولة وبالقانون، وطريقتي هي القانون”.

ولفت علامة إلى أن بعض الأشخاص يلجؤون إلى أساليب مختلفة تمامًا للدفاع عن أنفسهم، مضيفًا، “طريقة غيري قد تكون على طريقة (الزعران)، لكن بالنسبة لي القانون هو من يأخذ حقي، حتى لو لم يستطع أن يأخذ حقي بالكامل”.

هذا التصريح أثار حفيظة نجل فضل شاكر، محمد، الذي أبدى استغرابه من تصريح علامة الأخير، مؤكدًا أن والده لم يتورط في أي عمليات قتل كما يُشاع.

وقال محمد شاكر مخاطبًا علامة، “اليوم نراك تعود وتتحدث أنك لا تحمل سلاحًا ولا تقتل، أبي (فضل شاكر) متى قتل؟ أنت تعلم جيدًا أن المحكمة العسكرية برّأت والدي، وتعلم أن أبي ليست له علاقة بهذا الموضوع”.

واعتبر محمد شاكر أن ما جرى لوالده كان “رد فعل على ما فُعل بنا، حُرق منزلنا وبقي على مدار ثلاثة أيام يتعرض للسرقة. إن أبي حمل السلاح لأنه لم يقدر أحد على حمايتنا، لكنه لم يقتل ولم يحرق ولم يسرق”.

البساطة الجذابة

يواصل الفنان اللبناني فضل شاكر تأكيد حضوره كأحد أبرز الأصوات العربية التي ما زالت تراهن على البساطة والصدق الفني بعيدًا عن البهرجة والضجيج، بحسب الدكتور في العلوم الموسيقية بالجامعة الأردنية والباحث أيمن تيسير.

واعتبر تيسير، خلال حديثه إلى عنب بلدي، أن فضل شاكر في أغانيه الخمس الأخيرة، نجح في إثبات أن “الموسيقا الحقيقية تصل إلى القلوب عندما تنطلق من إحساس صادق ومقام عربي أصيل”.

واعتمدت هذه الأعمال، بحسب الباحث الأردني، على مقام “البياتي” وإيقاع “المقسوم المعتدل”، ما منحها سلاسة وقربًا من الأذن العربية، وأعاد المستمع إلى أجواء الطرب الأصيل.

وعلى الرغم من “كثافة” النصوص الغنائية، فقد قدم شاكر، بحسب الدكتور في العلوم الموسيقية، “أداء مليئًا بالعاطفة والإحساس، متجنبًا المبالغة في الاستعراض الصوتي”، الأمر الذي عزز من صدق التجربة الفنية”.

ويرى تيسير أن الأرقام التي حققتها هذه الأغاني على منصات الاستماع والمشاهدة جاءت لـ”تؤكد أن الجمهور العربي لا يزال متمسكًا بجذوره الموسيقية، وأن الفن الأصيل هو ما يفرض نفسه على الذائقة العامة”.

أما الفنان المصري هاني شاكر فقال، “أنا أحب صوت فضل شاكر، وهو فنان صاحب إحساس مميز، وأستمتع بالاستماع إليه دائمًا. مشكلاته السياسية لا تعنيني، وأتمنى من الله أن يخرج من أزماته بخير”.

واعتبر المطرب المصري أن “الفن رسالة إنسانية راقية، ويجب أن نحكم على الفنان من خلال إبداعه، لا مواقفه السياسية أو الشخصية”.

وفي تجربة فضل شاكر، بحسب الدكتور في العلوم الموسيقية أيمن تيسير، فإن الشعار الشائع “الجمهور عايز كده” فشل.

وأثبت فضل شاكر أن الفنان الحقيقي هو من يقود جمهوره، لا العكس، على حد تعبير الباحث الأردني.

وبرهنت تجربة المطرب اللبناني أن “المقام والإيقاع العربي الأصيل” كفيلان بإنجاح أي عمل غنائي، وأن البساطة قد تكون أكثر جاذبية من التوزيعات الضخمة والآلات المتعددة، بحسب الباحث الذي اعتبر أن ما قام به فضل شاكر، هو “رسالة ضمنية إلى الوسط الفني بأن القيمة الفنية الصادقة وحدها كافية لبلوغ النجاح، فيما تبقى الأرقام المزيفة التي ترافق بعض الأعمال التجارية مجرد وهم قصير العمر”.

ما الذي جرى مع فضل شاكر؟

مع انطلاق الثورة السورية، عام 2011، كان فضل شاكر من أوائل الفنانين الذين تضامنوا مع الشعب السوري في ثورته، وأصدر عدة أغانٍ عن الثورة مثل: “لا تضعفي يا سوريا”، “سنظل فيها صامدين”، “سوف نبقى هنا”.

وكان شاكر صرح أكثر من مرة أنه لن يعتزل الغناء إلا بعد موت بشار، في إشارة إلى رئيس النظام السوري، وقال “سأهدي اعتزالي للثورة السورية”.

وبرر حماسته للثورة السورية بأنه يكره الظلم، وأن ما يتعرض له السوريون هو ظلم يشبه ما يتعرض له أهالي غزة من الاحتلال الإسرائيلي.

وبدأ بعدها بالظهور إلى جانب الشيخ أحمد الأسير، في أوائل عام 2012، ويعتبر الأسير من أبرز رموز التيار السلفي في لبنان ولا سيما مدينته صيدا، ونفذ اعتصامًا استمر لأسابيع في ذات العام احتجاجًا على سلاح “حزب الله” للمطالبة بانتزاعه، قبل فض الاعتصام بالقوة من قبل الأمن وقوى الجيش، واختفى منذ ذلك الحين.

واتهم القضاء اللبناني شاكر بأنه تورط، إلى جانب الأسير، في أحداث “عبرا” عام 2013 التي وقعت عقب تصادم عسكري حصل بين جماعة الأسير والجيش اللبناني، في حزيران 2013، ما أدى إلى مقتل 18 شخصًا من المؤسسة العسكرية اللبنانية، لكن شاكر نفى مشاركته في تلك الواقعة، مشيرًا إلى أنه ابتعد عن الأسير إثر خلاف معه قبل شهرين من الأحداث.

وفي حديث مع صحيفة “الحياة” اللندنية عام 2017، قال شاكر، “استُدرجت إلى مواجهة مع (حزب الله)، وليس مع الجيش اللبناني، وأنا ومجموعتي لم نطلق رصاصة على الجيش ولا على الحزب”.

وأضاف، “كل ما أقدمت عليه هو مشاركتي في تظاهرات احتجاج على نفوذ (حزب الله) في صيدا، وتنديد بجرائم النظام في سوريا، وهذا ما لا يستحق ما طلبه لي القاضي في القرار الظنّي، وهو السجن لخمس سنوات”.

وشارك فضل في مظاهرات عدة داخل الأراضي اللبنانية نددت بما وصفتها بـ”الجرائم” التي قام بها النظام السوري بحق المدنيين في سوريا، وبمشاركة ميليشيا “حزب الله” إلى جانبه في القتال.

كما دعا إلى “نصرة الشعب السوري”، وأعلن في مطلع الثورة السورية عن تشكيل كتائب “مقاومة حرة”، داعيًا إلى النفير العام في سوريا ضد النظام والحزب اللبناني.

في عام 2020، أصدرت المحكمة العسكرية في لبنان حكما غيابيًا على فضل شاكر بالسجن لمدة 22 عامًا مع الأشغال الشاقة.

وكان قبلها قد صدر حكم بحقه، في أيلول 2017، حيث قضت المحكمة العسكرية ذاتها بسجن الفنان 15 عامًا مع الأشغال الشاقة، تزامنًا مع إقرارها إعدام أحمد الأسير، إلا أن هذا الحكم أسقطه القضاء اللبناني عن شاكر، في تموز 2018، وحكم ببراءته من تهمة “تشكيل عصابة مسلحة”.

وما زالت بعض التهم بحق شاكر موجودة حتى اليوم، منها تعكير صلات لبنان بدولة عربية، وإثارة النعرات الطائفية، والمس بسمعة مؤسسة الجيش اللبناني، وتمويل مجموعة أحمد الأسير، وتقديم خدمات لوجستية لأشخاص قاموا بعمليات إرهاب، وتبييض أموال.

مقالات متعلقة

  1. فضل شاكر من أغاني الثورة إلى "ليه الجرح" (فيديو)
  2. "العدل جروب" تتراجع عن سحب أغنية فضل شاكر
  3. فضل شاكر يتنصل من "جماعة الأسير": أنا "فنان سابق" وأدرّب ابني
  4. محكمة لبنانية تقضي بسجن الفنان فضل شاكر 22 عامًا

فن وثقافة

المزيد من فن وثقافة