حين تصبح المدرسة عبئًا.. لماذا يهرب الطلاب؟

  • 2025/09/14
  • 6:54 م
حين تصبح المدرسة عبئًا.. لماذا يهرب الطلاب؟
enab_get_authors_shortcode

د. أكرم خولاني

ظاهرة هروب الطلاب من المدارس هي أحد التحديات التي تواجه العملية التعليمية في مختلف المجتمعات، فهي ليست مجرد غياب عن الحصص المدرسية، بل مؤشر على مشكلات أعمق على مستوى الطالب والأسرة والمدرسة والمجتمع، وتؤثر سلبًا على التحصيل العلمي للطالب وعلى مستقبله، ويمكن أن تؤدي للتسرب من المدرسة، وما ينتج عنه من مشكلات مجتمعية كانتشار الأمية والجهل وغيرهما مما يعوق نمو المجتمع وتطوره في مختلف مجالات الحياة، لذا فهي تتطلب معالجة شاملة ودراسة دقيقة لأسبابها للتوصل إلى الحلول المناسبة.

ما المقصود بالهروب من المدرسة؟

هروب الطالب من المدرسة يعني قضاءه الوقت خارج قاعة الصف خلال الحصص الدراسية في مكان يجهله الأهل ودون علمهم، وهذا هو الفرق بين الهروب من المدرسة ورهاب المدرسة، ففي حالة الرهاب يحاول الطالب أخذ الإذن من الوالدين للسماح بعدم الذهاب إلى المدرسة بحجة المرض أو غياب المعلم أو غيرهما من الحجج، ويقضي وقته في المنزل.

وقد يكون الهروب كليًا، ويعني أن الطالب ومنذ الصباح لا يدخل إلى المدرسة نهائيًا ثم يعود إلى المنزل بعد انتهاء وقت المدرسة.

وقد يكون الهروب جزئيًا، حيث يغادر الطالب المدرسة في وقت من أوقات الدوام ثم يعود إليها، أو يمكن ألا يعود إلى المدرسة وإنما يعود مباشرة إلى المنزل بعد انتهاء الدوام، أو قد يهرب الطالب من حصة دراسية معينة فيتحجج بأي حجة للخروج من الصف ويقضي وقته متجولًا بين الصفوف أو في دورات المياه حتى انتهاء الحصة المذكورة ثم يعود ليكمل الدوام المدرسي.

ما الأسباب؟

أسباب هروب الطلاب من المدارس متعددة، ما بين التربوية والنفسية والأسرية والاجتماعية، ومن أبرزها:

  • كثرة الواجبات المدرسية، فكثير من المعلمين يستخدمون الواجبات المدرسية وسيلة للعقاب والتهديد، ويثقلون كاهل الطلاب بأعباء كبيرة تجعلهم عاجزين عن أدائها، إذ يتعرضون إثر ذلك للعقاب، مما يجعل الجو الذي تتم فيه العملية التعليمية لا يبعث على الشعور بالاطمئنان والرضا، فلا يجدون مناصًا من ذلك سوى الهروب.
  • الخوف من العقاب، فتهديد المعلم المستمر لطلابه بالعقاب القاسي يؤثر على عدم انتظامهم بالمدرسة، وأحيانًا يسود الجو الاستبدادي النظام المدرسي ككل، فيؤدي ذلك إلى كراهية المدرسة بالكامل، فالطالب الذي يتأخر عن مواعيد المدرسة لأسباب قهرية ويتعرض للعقاب الشديد، قد يفضّل بعد ذلك عدم الذهاب إلى المدرسة بقية اليوم وقد يعتاد الطالب ذلك فيما بعد.
  • عدم وجود بيئة تعليمية محفزة داخل المدرسة، كالافتقار إلى المناهج الدراسية التي تتوافق مع الإمكانات العقلية للطلاب، وضعف العلاقة بين الطالب والمعلمين، أو التعرض للتنمر أو المضايقات من الزملاء أو المعلمين.
  • ضعف الدعم النفسي والاجتماعي في المدرسة، حيث يحتاج الطلاب إلى بيئة داعمة تساعدهم على التعامل مع التحديات الشخصية والعاطفية التي قد يواجهونها.
  • التأثير السلبي للأصدقاء الذين يمارسون سلوكيات غير ملتزمة تجاه المدرسة.
  • المشكلات العاطفية عند الطلاب بسن المراهقة.
  • تساهل الأهل مع غياب الطالب عن المدرسة وعدم التعامل مع المشكلة بجدية.
  • المستوى التعليمي والثقافي للأسرة الذي قد لا يشجع على التفوق الدراسي.
  • انشغال الأهل عن متابعة شؤون أبنائهم المدرسية.
  • المشكلات والخلافات الأسرية التي قد تؤثر سلبًا على استقرار الحالة النفسية للطالب.

ما الآثار السلبية للهروب من المدرسة؟

  • تراكم الفجوات المعرفية: تؤدي الانقطاعات عن الدروس وعدم تلقي المعلومات بشكل متسلسل إلى ثغرات معرفية تؤثر على الأداء التعليمي وصعوبة فهم المواد الدراسية.
  • انخفاض الدافعية والحماسة للتعلم: تؤدي صعوبة فهم الطالب للمناهج بسبب غيابه إلى شعوره بالإحباط والفشل وفقدان الحماسة لمتابعة التعليم.
  • التأخر الدراسي: يعتمد التحصيل الدراسي على بناء قاعدة من المهارات في القراءة والكتابة والحساب، ويؤدي التغيب المتكرر عن الدروس إلى ضعف اكتساب هذه المهارات وتأخر التحصيل العلمي.
  • التسرب النهائي: يعتبر الهروب المتكرر مؤشرًا قويًا على احتمالية التسرب النهائي من المدرسة وحرمان الطالب من إتمام تعليمه والحصول على شهادة علمية.
  • الانخراط في سلوكيات سلبية: ينتج عن الانقطاع عن المدرسة الشعور بالفراغ وفقدان الثقة بالنفس وعدم وجود أهداف واضحة، وقد يدفع تراكم الضغوط النفسية والاجتماعية على الفرد إلى سلوكيات سلبية كالتدخين وتعاطي المخدرات والجريمة أحيانًا.
  • ضعف الاندماج الاجتماعي والمشاركة المدنية: يقلل عدم الحصول على تعليم جيد من قدرة الفرد على فهم حقوقه وواجباته والمشاركة بفعالية في المجتمع.

ما الحلول؟

يجب تكاتف الجهود بين المدرسة والأسرة والمجتمع لمكافحة هذه الظاهرة، ويأتي في البداية دور الاختصاصي الاجتماعي المدرسي في بناء علاقة مهنية مع الطالب، والاستماع الفعال إليه وفهم وجهة نظره، لمعرفة الأسباب التي أدت إلى هروبه من المدرسة.

ثم تأتي الخطوة التالية، وهي وضع الخطة الإرشادية لحل المشكلات التي تسببت بهروب الطالب من المدرسة سواء في البيئة المدرسية أو في المنزل، وتقديم الدعم المناسب للطالب عن طريق تشجيعه على الحضور للمدرسة، وذلك باستخدام المعززات المختلفة كالتعزيز الاجتماعي الذي يتضمن عددًا من الإجراءات، كالمديح، والتلاحم الجسدي كالربت على الكتف، والتعبيرات الإيجابية للوجه كالابتسامة، والتلاحم البصري، وكذلك تعزيز سلوك الانتظام في المدرسة.

وبشكل عام يجب توجيه الطالب للمشاركة في الأنشطة المدرسية التي تستهوي اهتماماته وتساعده على التعبير عن نفسه بشكل إيجابي.

وتعد التوعية المستمرة داخل المدارس خطوة أساسية للحد من ظاهرة الهروب، حيث يجب تعليم الطلاب أهمية التعليم والالتزام بالحضور المدرسي.

ونؤكد أهمية التدخل المبكر لحل أي مشكلة يواجهها الطالب في مراحلها الأولية، الأمر الذي يسهم في تجنب تفاقم المشكلة والوصول إلى نتائج إيجابية في نهاية المطاف.

مقالات متعلقة

  1. التسرب المدرسي.. نتائج كارثية تهدد الأطفال والمجتمع
  2. رهاب المدرسة.. من الحالات المستعصية مع بدء الدوام المدرسي
  3. بريطانيا تطلق موقعًا إلكترونيًا لمنع الأطفال من الانضمام لتنظيم "الدولة"
  4. المدارس السورية تحت سطوة البندقية

أسرة وتربية

المزيد من أسرة وتربية