نقابة المحامين تفتح “الدفاتر القديمة”.. قرارات بالشطب قريبًا

  • 2025/09/21
  • 4:21 م
مجلس نقابة المحامين في سوريا باجتماعه الدوري في مقر النقابة بدمشق - 11 أيلول 2025 (نقابة المحامين/فيسبوك)

مجلس نقابة المحامين في سوريا باجتماعه الدوري في مقر النقابة بدمشق - 11 أيلول 2025 (نقابة المحامين/فيسبوك)

enab_get_authors_shortcode

عنب بلدي – وسيم العدوي

عُرفت أغلبية فروع نقابات المحامين بالمحافظات السورية بأنها امتداد للأجهزة الأمنية في عهد النظام السابق، تُستخدم لتكميم الأفواه وتسيطر على المنتسبين لها وتراقبهم أمنيًا، بدل الدفاع عن حقوقهم.

وهو ما تؤكده وثائق حصلت عنب بلدي على نسخ منها، قاطعتها مع معلومات من مجلس النقابة الحالي، الذي تعهد بإجراءات قريبة بعد الانتهاء من التحقيقات.

فكيف وصل الحال إلى هذا التماهي بين مؤسسة مثل نقابة المحامين يفترض أن تحمي القانون، وجهاز أمني يُتهم بانتهاكه.

وثائق دامغة.. تقارير نقابية للأمن وقيادة “البعث”

حصلت عنب بلدي على مجموعة من التقارير والمراسلات (جميعها تحت اسم سري جدًا) بين قيادة حزب “البعث” والأجهزة الأمنية للنظام السابق ونقابة المحامين السابقة في سوريا وفرعين لنقابة المحامين، تتضمن اتهامات لمحامين بالمشاركة في الثورة ضد النظام السابق وتوجيهات بفصلهم سواء من الحزب أو شطبهم من القيود النقابية.

ويتضمن كتاب (تقرير) موجه من نقابة المحامين في سوريا في نيسان عام 2016 إلى “ع. م.” عضو القيادة القطرية في حزب “البعث” “معلومات”، وصفها نقيب المحامين آنذاك بـ”المؤكدة”، جاء فيها: “ينشط عدد من الأشخاص في بلدة كفر بطنا بمحافظة ريف دمشق لصالح المجموعات الإرهابية المسلحة، وعرف منهم المحامي (ط. ش.) (مفصل هويته الشخصية) (صفته الوظيفية في بلدية كفر بطنا)”، وأضاف الكتاب أنه يعمل “رئيس ما يسمى تنسيقيات الغوطة”.

وحسب الكتاب، يعلم نقيب المحامين، عضو القيادة المذكور بـ”قرار نقابة المحامين بدمشق المتضمن شطب اسم المحامي المذكور، عملًا بأحكام المادة (23) من قانون تنظيم مهنة المحاماة”.

قيادة حزب “البعث” ردت على كتاب نقابة المحامين بكتاب آخر طلبت فيه “شطب اسم المحامي (ط. ش.) من قيود النقابة وحرمانه من جميع التعويضات والاستحقاقات المالية”.

وقبل ذلك التاريخ، أرسلت نقابة المحامين المركزية تقريرًا آخر، في تشرين الثاني 2014، إلى رئيس مكتب الأمن الوطني، يعلمه فيه بمضمون كتاب (تقرير) موجه من رئيس فرع نقابة المحامين في ريف دمشق، يتضمن الإعلام بتوقيف المحامي “ن. ب.” في الشهر ذاته، للاطلاع عليه، وإجراء “اللازم” بمقتضاه.

حزب “البعث” أصدر أيضًا قرارًا عام 2013 بعد اطلاعه على اقتراح من قيادة فرعه في ريف دمشق بفصل “بعض الرفاق” من الحزب، أيد ما جاء في الاقتراح، ومن ضمن المفصولين عدد من المحامين، والسبب “خروجهم على أهداف الحزب الأساسية ومشاركتهم بالتظاهرات المعادية”، وفقًا للقرار.

وكذلك أرسلت نقابة المحامين في سوريا، في شباط 2015، كتابًا (يتضمن إقرارًا بمراسلات مع جهاز أمني) إلى رئيس فرع نقابة المحامين بريف دمشق جاء فيه: “بعد مخاطبتنا للجهات المختصة لمعرفة مصير المحامي (ن. ب.) (مفصل هويته)، تبين أنه أوقف من قبل الأجهزة الأمنية في 4 من تشرين الأول 2014، لعلاقته مع المجموعات الإرهابية المسلحة، وفي 3 كانون الأول 2014 أحيل إلى القضاء المختص”.

وطلبت النقابة المركزية من نقابة محامي ريف دمشق “اتخاذ ما تراه مناسبًا بحق المحامي المذكور وتطبيق أحكام المادة (23) من قانون تنظيم ممارسة مهنة المحاماة” (أي شطبه ضمنًا)، لتبادر بعدها نقابة ريف دمشق في قرار آخر إلى شطب المحامي، وإرسال تقرير آخر تطلب فيه من النقابة المركزية اتخاذ ما تراه مناسبًا بحقه، حيث أصدرت قرارًا “نهائيًا” بشطب هذا المحامي إلى جانب كل من المحامين “(م. هـ.، محامٍ عام حاليًا) و(م. ا.) و(و. ع.) و(ا. ص.) و(ه. م.) و(خ. ش.) و(م. ك.)”.

نقيب المحامين في سوريا: التحقيقات شارفت على الانتهاء

استنادًا إلى هذه الوثائق، توجهت عنب بلدي بمجموعة من الأسئلة والاستفسارات لنقيب المحامين في سوريا، محمد علي الطويل، الذي أكد أن النقابة المركزية وأغلبية فروعها بالمحافظات، التي يفترض بها الاستقلالية والنزاهة، كانت أيام النظام السابق رديفًا للأجهزة الأمنية، وتُستخدم لتكميم الأفواه بدلًا من الدفاع عنها.

وأشار إلى أن ما تقدم تم التثبت منه عبر الوثائق التي وضعت النقابة يدها عليها بعد سقوط النظام السابق، وشكاوى المحامين المتضررين وذويهم.

وستواصل النقابة المركزية جهودها لـ”ضمان نزاهة عمل المحامين وتطبيق إجراءات صارمة ضد الابتزاز والتشبيح، والتصدي للمشكلات داخل النقابة الناجمة عن ممارسات النظام السابق، والتعامل مع قضايا العدالة الانتقالية، وبناء دولة القانون في سوريا”، وفقًا لما أفاد به نقيب المحامين.

نقابة المحامين وفروعها كانت سابقًا ترفع “تقارير” بحق المحامين الذين يُشتبه في معارضتهم للنظام، بحسب النقيب، وأدت هذه “التقارير” إلى شطب أسماء المحامين من الجداول النقابية، وحرمانهم من ممارسة المهنة، بل وتسببت في اعتقال بعضهم ومقتل آخرين تحت التعذيب في معتقلات النظام.

إعادة قيد أكثر من ثلاثة آلاف محامٍ

قال نقيب المحامين، إن النقابة المركزية أصدرت منذ جلستها الأولى بعد سقوط النظام السابق قرارًا بإعادة قيد المحامين المشطوبين أمنيًا جميعًا، دون قيد أو شرط باستثناء شرط واحد، وهو دفع حصة خزانة التقاعد، حيث دفع كل المشطوبين هذه الحصة، وهي تعادل 50 دولارًا.

ويبلغ عدد المحامين المعاد قيدهم، بعد شطبهم بتوجيهات من الأجهزة الأمنية للنظام السابق، ما يزيد على ثلاثة آلاف محامٍ، أضاف نقيب المحامين.

وما زال هناك “التباس” حول سبب شطب بعض المحامين (عدد قليل جدًا)، وهل هو أمني أم غير ذلك، فهناك محامون هربوا خارج البلاد وكانوا مطلوبين لأسباب أخرى، وما زالت عمليات التدقيق جارية بأضابيرهم.

قريبًا.. قرارات بشطب محامين آخرين

أكد نقيب المحامين، محمد علي الطويل، أن التحقيقات بقرارات وإجراءات مجالس الفروع المذكورة “ما زالت جارية”، وقال، “تقريبًا كل رؤساء فروع نقابة المحامين بالمحافظات أصدروا قرارات شطب للمحامين بناء على أوامر من الأجهزة الأمنية للنظام السابق”.

الأمر متفاوت، وليس جميع رؤساء الفروع ارتكبوا أخطاء بحق المحامين من خلال قرارات الشطب “بنفس السوية”، بحسب الطويل، كاشفًا أن التحقيقات بجميع قرارات رؤساء الفروع أيام النظام السابق شارفت على الانتهاء، وهناك قرارات حسب نتائج التحقيقات ستصدر قريبًا جدًا.

وأكد أن مجلس نقابة المحامين المركزية وجد من خلال جداول المحامين والأوراق الموجودة في النقابة، أن هناك وثائق تثبت تورط مجالس فروع نقابة المحامين بالمحافظات في “شطب المحامين الأحرار بسبب التحاقهم بالثورة ضد النظام السابق”، على حد قوله.

نقيب المحامين في سوريا محمد علي الطويل – 18 أيلول 2025 (عنب بلدي/وسيم العدوي)

الشكاوى والتعويضات

أكد نقيب المحامين أنه جرى إفساح المجال أمام المحامين المتضررين وذويهم، للتقدم بشكاوى ضد المحامي الذي تسبب بالضرر لهم، حيث يقوم مجلس النقابة فورًا بفتح تحقيق بمضمون الشكوى، مبينًا أن هناك ملفات وأضابير جاهزة للبت فيما توصلت إليه التحقيقات بالشكاوى المقدمة سابقًا.

وبالنسبة لتعويض المحامين نتيجة الشطب والملاحقة الأمنية، قال المحامي الطويل، إن النقابة المركزية ليست لديها الإمكانيات لتعويض المحامين المتضررين وذويهم من ممارسات وجرائم النظام، ولكن “من حقهم رفع دعاوى شخصية أمام القضاء على من تسبب بالضرر لهم ولذويهم للحصول على التعويض المناسب”.

وبعد سقوط النظام، أصدرت نقابة المحامين في سوريا قرارات شطب بحق من ثبت تورطهم في التعاون مع الأجهزة الأمنية، بنتيجة تحقيقات أجرتها النقابة، وفقًا للطويل.

ومن بين المشطوبين نقباء سابقون وأعضاء مجالس فروع، حيث تم توثيق حالات وشاية من محامين بحق زملائهم، أدت إلى اعتقالهم أو تصفيتهم بتهم ملفقة مثل “الإرهاب”.

وشملت قرارات الشطب مسؤولين في النظام السابق، سواء نتيجة أعمالهم في نقابة المحامين أو مناصبهم الأخرى، ويتم التحقيق مع رؤساء وأعضاء مجالس آخرين.

مقالات متعلقة

  1. النقابات أمام فرصة تاريخية في سوريا
  2. بضغط أمني وحزبي.. فرداوي نقيبًا لمحامي سوريا
  3. سوريا.. حل نقابة المحامين في 13 محافظة
  4. النقابات تتحرر من قبضة "البعث"

مجتمع

المزيد من مجتمع