تعاني مدينتا رأس العين وتل أبيض شمالي سوريا والمناطق التابعة لها، نقصًا حادًا في قطع غيار السيارات، الأمر الذي يعيق صيانة المركبات، ويجبر السكان من أصحاب السيارات على الانتظار لفترات طويلة أو البحث عن بدائل مكلفة، ما يربك حياتهم اليومية ويزيد من صعوبة التنقل.
عدد من الأهالي، التقتهم عنب بلدي، ذكروا أن سياراتهم متوقفة دون صيانة، بسبب نقص حاد في القطع الأساسية، ما يجعل إصلاحها أمرًا شبه مستحيل في بعض الحالات، ويضطر الغالبية منهم إلى انتظار وصول القطع عبر طرق التهريب من مناطق “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) أو من تركيا، بأسعار مرتفعة تفوق قدرتهم المادية.
سيارات متوقفة
تعطلت سيارة معصوم السلامة من مدينة تل أبيض بسبب توقف محرك سيارته نوع “Great Wall”، تصنيع عام 2000.
اتجه معصوم إلى عدة محلات صيانة للبحث عن محرك جديد أو حتى مستعمل، لكنه لم يجد أي قطعة متوفرة، ما جعله يواجه صعوبة كبيرة في إصلاح سيارته.
وأوضح أنه لم يجد محركًا لسيارته سوى في مناطق سيطرة “قسد”، وبسعر يصل إلى 1000 دولار أمريكي، ولكن بعد احتساب رسوم التهريب والإتاوات، ارتفع سعره إلى 1800 دولار، ما جعل عملية شرائه شبه مستحيلة.
وأشار إلى أنه اضطر في النهاية إلى بيع سيارته وهي على عطلها، بسبب عدم قدرته على تأمين محرك مناسب.
أما كمال الهلباوي، من مدينة رأس العين، توقفت سيارته نوع “سانتفيه” بعد شرائها منذ أقل من عام، بسبب تعطل مضخة الديزل فيها.
وبعد بحث طويل في المدينة، لم يجد أي قطعة متوفرة لسيارته، خصوصًا أنها من النوع الحديث نسبيًا بالنسبة للمنطقة، إذ يعود تاريخ صنعها إلى عام 2010.
وقال إنه اضطر للطلب من تركيا لتوصيل مضخة المازوت، لتصل بعد 20 يومًا من تاريخ الطلب، مؤكدًا أن هذا التأخير أثر بشكل كبير على تنقلاته اليومية والتزاماته الشخصية.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار القطع وتأخر وصولها يجعل صيانة السيارات الحديثة أمراً صعبًا للغاية، مطالبًا الجهات المعنية بإيجاد حل عاجل لهذا الأمر.
أثر يطال محلات الصيانة
لم يقتصر الضرر على أصحاب السيارات فقط، بل شمل أيضًا محلات الصيانة، التي تعاني من ركود شديد وقلة في العمل بسبب نقص قطع الغيار وصعوبة تأمينها.
عدي رهيف، صاحب محل لصيانة السيارات، في رأس العين، قال لعنب بلدي، إن نقص قطع الغيار الأساسية أثر بشكل كبير على عمل الورش، وجعل إصلاح السيارات أمرًا صعبًا للغاية، مما أدى إلى توقف عدد كبير من السيارات في المحلات دون إصلاحها.
وأوضح عدي أنه حتى القطع البسيطة أصبحت نادرة، ويضطر بعض العملاء للانتظار أسابيع أو أشهر للحصول عليها، سواء عبر المعابر التركية أو من مناطق سيطرة “قسد”.
وأضاف أن وصول القطع من مناطق “قسد” غالبًا ما يكون صعبًا وبأسعار مرتفعة، كما أن القطع القادمة عبر المعابر التركية تصل بعد انتظار طويل، وهو ما يزيد من تكلفة الصيانة على الزبائن ويحد من قدرتهم على تصليح سياراتهم.
وأشار إلى أن الوضع الحالي تسبب في ركود العمل وقلة الطلبات في المحل، مطالبًا الجهات المعنية بالبحث عن حلول عاجلة لتأمين قطع الغيار وضمان استمرار عمل محلات الصيانة بشكل طبيعي.
الاستيراد من تركيا
المورد الرئيسي لقطع الصيانة لمدينتي رأس العين وتل أبيض، بشار مرعي، قال لعنب بلدي إن محلات الصيانة تعاني من نقص شديد في قطع الغيار، خصوصًا وأن غالبية القطع كانت تأتي من مناطق سيطرة “قسد” عبر طرق التهريب.
وأوضح أن هذا الوضع خلق صعوبات كبيرة بسبب الإتاوات المرتفعة والكلفة العالية، ما أجبره كمورد على اللجوء إلى تركيا لتأمين القطع المطلوبة.
وأضاف مرعي أنه تواصل مع غرفتي التجارة في المدينتين، حيث قدمتا التسهيلات اللازمة لعملهم كموردي قطع سيارات للمنطقة، وأن الإجراءات لن تتجاوز 35 يومًا لإنهاء توفير القطع.
وأشار إلى أنه من المتوقع أن يساعد هذا الإجراء على تخفيف الضغط عن محلات الصيانة.
وبالمقارنة مع مناطق شمالي حلب، تعاني المدينتان من نقص حاد في الدعم، وتعيشان حالة أشبه بـ”الحصار والعزلة”، ما يعرقل جهود تأمين الدعم اللازم لعدة قطاعات، منها قطع الغيار للسيارات، والأجهزة الطبية، والأدوية الأساسية.
وتقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، وتسيطر عليهما الحكومة السورية، بينما تحيط بهما جبهات القتال مع “قسد”، ويعتبر منفذها الوحيد نحو الخارج هو الحدود التركية.