حذرت “اللجنة الدولية للإنقاذ” من الظروف الصعبة داخل سوريا، والتي لا تناسب مع عودة كريمة وآمنة للاجئين السوريين من الدول المجاورة.
وأوضحت اللجنة في بيان لها نشرته على موقعها الرسمي، في 25 من أيلول، أنه مع تجاوز عدد اللاجئين السوريين العائدين من الدول المجاورة مليون لاجئ، لا تزال الظروف صعبة وبعيدة كل البعد أن تكون مواتية لعودة واسعة النطاق وآمنة وكريمة ومستدامة.
ولايزال هناك انعدام مستمر للأمن والاحتياجات الإنسانية وانهيار الخدمات الأساسية، ما سيشكل مخاطر على العائدين والمجتمعات المضيفة، بحسب اللجنة.
انعدام مقومات الحياة
وقال مدير اللجنة الدولية للإنقاذ في سوريا، خوان غابرييل ويلز، إن سقوط نظام بشار الأسد أعطى أملًا للعديد من اللاجئين بالعودة إلى ديارهم، وبعد مرور عام تقريبًا، تظهر التقارير بعودة أكثر من مليون لاجئ، لكن يجب أن نكون واضحين، العودة في ظل الظروف الحالية لا تعني العودة الآمنة والكريمة، أو أن هناك استقرار.
ويظهر تقييم مشترك حديث للجنة الإنقاذ الدولية أن العائلات تكافح من أجل الحصول على وظائف ودخل، وتأمين مأوى آمن، لتلبية أبسط احتياجاتها من الغذاء والماء والرعاية الصحية.
ولفت مدير اللجنة إلى أن “تدمير مايقارب ثلث المنازل في سوريا، يجبر الكثيرين على الإيجارات المرتفعة، ويتسبب في حالات نزوح متكررة”.
وتابع أنه لا يزال هناك انعدام للأمن وعنف طائفي وصراع محلي، وآخره كان في السويداء، ما يسفر عن سقوط قتلى مدنيين، إضافة لتدمير البنية التحتية الحيوية ما يؤدي إلى موجات نزوح جديدة، موضحًا أن “الغارات الجوية والتوغلات الإسرائيلية تفاقم من الانقسامات وتقيد الوصول إلى الأراضي، وتقوض آفاق الاستقرار والسلام”.
وأضاف ويلز أن مخلفات الحرب المتفجرة تشكل أحد أخطر العوائق أمام العودة، إذ أفاد 87% من المشاركين في رصد الحماية الذي أجرته لجنة الإنقاذ الدولية بوجود ذخائر غير منفجرة على بُعد 10 كيلومترات من منازلهم، وغالبًا ما يكون الأطفال والعائدون الجدد الأكثر عرضة للخطر. وهو ما أدى إلى مقتل 525 شخصًا منذ كانون الأول 2024.
وتعاني البنية التحتية الأساسية في سوريا من الدمار، فأكثر من أربع من كل خمس شبكات كهرباء متضررة أو مدمرة، ونحو نصف المستشفيات لم تعد تعمل بكامل طاقتها، وما يقرب من ثلثي شبكات المياه معطلة، وثلث المدارس لا يزال غير صالح للاستخدام، ما يجعل من شبه المستحيل على العائدين إعادة بناء حياتهم بأمان، بحسب ويلز.
وأشار إلى أنه بعد مرور ثلاثة أرباع العام الحالي، لم يموّل سوى 15% من خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025.
وينهار الدعم الدولي لسوريا مما يترك الخدمات الإنسانية تستنزف طاقتها الاستيعابية، أي أن هناك حوالي 16.5 مليون سوري بمن فيهم العائدون دون مساعدة كافية.
انخفاض عدد الراغبين بالعودة
وانخفضت نوايا اللاجئين الراغبين في العودة، إذ أعرب 18% فقط استعدادهم مقارنة بـ 25% في شهر شباط الماضي، وذلك نتيجة لهذه الظروف وانعدام الأمن المستمر.
ولفت ويلز إلى أن كل سوري يرغب في العودة لوطنه يستحق أن يعود بأمان وكرامة، وهذا يتطلب تحقيق حلول دائمة أكثر من مجرد إجراءات قصيرة الأجل، بل يتطلب التزامًا مستدامًا وطويل الأمد من المجتمع الدولي، ماليًا وسياسيًا، لتهيئة الظروف اللازمة لزيادة المساعدات الإنسانية، وتوفير سبل العيش، والتنمية، وإعادة الإعمار.
ويجب أن تكون العودة دائمًا خيارًا طوعيًا و آمنًا وكريمًا، وبالنسبة لمن لا يودون العودة أو يختارون عدم العودة فلا يمكن للعالم أن يدير لهم ظهره، فبقاؤهم واستقرار المجتمعات التي تستضيفهم، يعتمدان على استمرار الدعم، وفق ويلز.
وذكر ويلز أن اللجنة الدولية للإنقاذ تواصل التأكيد على أنه في حين يجب تمكين اللاجئين الراغبين في العودة، فإن العودة الآمنة والكريمة على نطاق واسع لن تتحقق إلا باستثمارات وحماية دولية كبيرة، كما يجب على المجتمع الدولي مواصلة تحمل مسؤولياته تجاه السوريين الذين ما زالوا نازحين، وضمان دعمهم واحترام حقوقهم الأساسية احترامًا كاملًا.
احتياجات العائدين
قالت نائبة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كيلي كليمنتس، إن عدد السوريين العائدين من الخارج بلغ نحو 850 ألف سوري، بالإضافة إلى 1.7 مليون آخرين عائدين من مناطق أخرى داخل سوريا، خلال الأشهر الـ10 الماضية.
وأكدت كليمنتس، في حوار مع وكالة الأنباء السورية “سانا“، نشرته في 1 من أيلول، أن أبرز الاحتياجات التي يواجهها العائدون هي توفير مأوى آمن، وخدمات صحية وتعليمية، بالإضافة إلى الحاجة إلى توثيق قانوني للعودة، حيث إن العديد من العائدين لا يملكون الوثائق اللازمة.
التمويل المتاح حاليًا لا يغطي سوى 22% من طلبات المفوضية للعام 2025، بحسب كليمنتس، موضحة أن المفوضية لا تستطيع بمفردها توفير الدعم النقدي والخدمات الأساسية التي تحتاجها الأسر الضعيفة، وأن هناك حاجة كبيرة إلى توفير الدعم المالي المستدام من المجتمع الدولي.
وكشفت أنه تم إطلاق استجابة عملياتية لدعم المجتمعات العائدة بالتعاون مع السلطات السورية، إذ عملت المفوضية على توفير المساعدات في إصلاح المنازل، وتقديم الدعم النقدي للأسر الأكثر ضعفًا في أكثر من 69 مركزًا مجتمعيًا في سوريا.
استدامة هذه الجهود تعتمد على الحصول على الدعم المالي اللازم من المجتمع الدولي، واستمرار التعاون المثمر مع الحكومة السورية، أضافت كليمنتس.