ما أسباب أزمة الطحين في السويداء

  • 2025/09/27
  • 11:49 ص
طوابير على أحد محال الحلويات للحصول على ما يمكن من خبز ومعجنات في السويداء 25 من أيلول 2025 (السويداء 24)

طوابير على أحد محال الحلويات للحصول على ما يمكن من خبز ومعجنات في السويداء 25 من أيلول 2025 (السويداء 24)

enab_get_authors_shortcode

خيمت أزمة طحين في الأيام الثلاثة الماضية على  محافظة السويداء، جعلت الحصول على ربطة خبز أمرًا بالغ الصعوبة.

وبينما تتهم اللجنة القانونية التي شكلها الشيخ حكمت الهجري الحكومة السورية بـ”حصار السويداء ومنع دخول المحروقات والطحين”، يوجه ناشطون اتهامات للجنة القانونية بافتعال الأزمة.

وقال مراسل عنب بلدي، اليوم السبت 27 من أيلول، إن 200 طن من الطحين تتجه إلى السويداء عبر طريق دمشق برفقة “الهلال الأحمر السوري” ضمن برنامج الأغذية العالمي.  

تحدثت عنب بلدي، إلى مواطنين من السويداء، عبروا عن استيائهم مما وصلت إليه الحالة المعيشية في المحافظة، مع اقتراب دخول الشتاء.

نوار الخطيب (اسم مستعار لأسباب أمنية) يقيم جنوبي السويداء، قال لعنب بلدي، إنه يضطر للوقوف من خمس إلى سبع ساعات متواصلة حتى الوصول إلى ربطة خبز واحدة، معتبرًا أن الوضع الإنساني “مزري”، وسط انتشار الاحتكار والجشع لدى مالكي الأفران.

واعتبر أنه من واجب الدولة السورية، أن تدخل الطحين إلى المحافظة، التي يقطن فيها قرابة مليون إنسان، داعيًا جميع الجهات المسؤولة للتحرك، قبل حلول فصل الشتاء.

وبالقرب من مدينة شهبا، تقطن أسماء نصر (اسم مستعار)، التي وصفت نقص الطحين بـ “الكارثة” داعية للتحرك بأسرع ما يمكن، لكنها لا تملك أي تصور عن سبب الأزمة.

وتكلمت عنب بلدي، مع ثلاثة أشخاص، تحفظوا على ذكر أسمائهم لأسباب شخصية وأمنية، في مناطق الرحى والمقوس وريمة حازم، قالوا إنهم يواجهون صعوبات في الحصول على الخبز، دون دخول في التفاصيل على أسباب الأزمة، خوفًا من المضايقات والتهديدات التي قد يتعرضون لها على حد قولهم.

أسباب الأزمة في السويداء

مدير الأمن الداخلي في السويداء، سليمان عبد الباقي، قال في تسجيل مصور على صفحته الشخصية بـ “فيسبوك”، في 26 من أيلول، أن سبب أزمة الطحين في السويداء، هي امتناع اللجنة القانونية عن سداد مستحقات الطحين، متهمًا إياها بادعاء وجود حصار.

وبالتواصل مع المؤسسة العامة للحبوب بدمشق، يتضح أن ما يقارب 2000 طن من الطحين، استلمتها اللجنة القانونية في السويداء منذ أيام وسلمتها للأفران، حيث بلغت قيمة شحنة الطحين 400 ألف دولار، بحسب عبد الباقي، وهذا ما دفع المؤسسة لعدم إرسال الطحين حتى سداد المستحقات.

واتهم عبد الباقي اللجنة القانونية في السويداء بـ”سرقة هذه الأموال وعدم تسديدها للمؤسسة العامة للحبوب”، داعيًا المجتمع المحلي في السويداء إلى التعاون مع الحكومة السورية لتأمين  الخدمات الأولية.

على الجانب الآخر، اتهم مدير المخابز في السويداء، الذي عينته “اللجنة القانونية العليا” التي تدير أوضاع المحافظة، معين شلهوب، “سلطات الأمر الواقع في دمشق” (الحكومة السورية) بالتسبب في أزمة الخبز في السويداء، عبر منع تزويد السويداء بالطحين والمحروقات اللازمة لصناعة الخبز، في تصريح مصور، في 26 من أيلول.

واعتبر شلهوب أن الطحين الذي كان يصل للمحافظة هو فقط من المؤسسات الإغاثية والدولية، ومساهمات المجتمع المحلي، متهمًا الحكومة السورية باستهداف مطحنة “أم الزيتون” في السويداء، حيث جرى افتعال الحرائق فيها مما أدى إلى احتراق القمح، واستهداف الصوامع بالقذائف، على حد قوله.

وشكلت الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية في محافظة السويداء جنوبي سوريا، في 6 من آب الماضي، لجانًا لإدارة الملفات الخدمية والقانونية والأمنية في المحافظة، بهدف تنظيم الشأن الذاتي للمحافظة.

وتتمثل مهام اللجنة بإدارة شؤون السويداء بجميع القطاعات، والحفاظ على المؤسسات الحكومية العامة والخاصة، و”رفع الظلم والضرر عن كاهل المواطنين بكافة مكوناتهم ومحاربة الفساد”، وفق ما أورده بيان صادر عن ‎المكتب الإعلامي للجنة القانونية العليا.

الحكومة: لسنا المتسبب

محافظ السويداء، مصطفى البكور، قال في تصريحات لقناة “الإخبارية” الحكومية، إن “أزمة مادة الطحين في السويداء مفتعلة لتغطية أمور أخرى ضمن المحافظة”.

وذكر، في 25 من أيلول، أن أموال الطحين التي كانت موجودة في مطاحن المحافظة تم صرفها بشكل غير معلوم، مشيرًا إلى أن الحكومة تسهّل أي عملية لإدخال المساعدات الإنسانية إلى السويداء بما فيها الطحين.

وقال المحافظ إن “المجال مفتوح للقوافل التجارية والتجار لإدخال الطحين إلى محافظة السويداء”، لافتًا إلى أن شرط الحكومة الوحيد لإدخال المواد الغذائية إلى السويداء هو عدم الاحتكار أو التلاعب بالأسعار.

وأضاف: “نقول لأهلنا في محافظة السويداء لنبدأ صفحة جديدة ونُرمّم ما حصل”.

وشدّد البكور على ضرورة فصل الأمور الخدمية في السويداء عن التوجهات السياسية، محذرًا من أن “الإشاعات المتداولة حول إسكان أبناء العشائر في مناطق الدروز هدفها إثارة الفتنة”.

كما أشار إلى أن العمل جارٍ لتأمين البنية التحتية في المناطق التي نزح منها المواطنون في محافظة السويداء بهدف تسهيل عودتهم.

ودعا محافظ السويداء المهجرين من أصحاب البيوت في الأرياف العودة إلى بيوتهم، مؤكدًا العمل على تأمين احتياجاتهم.

خارطة الطريق

في مؤتمر صحفي جمع كلًا من وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، والمبعوث الأمريكي إلى سوريا توم باراك، أعلن الشيباني التوصل إلى خارطة طريق “تكفل الحقوق وتدعم العدالة وتعزز الصلح المجتمعي وتفتح الطريق أمام تضميد الجراح”، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا).

وأكدت الدول الثلاث التزامها بالعمل المشترك من أجل استقرار سوريا ووحدتها وسيادتها، ودعم عملية سياسية “شاملة بقيادة سورية”، تضمن مشاركة كل المكونات وتعكس التعددية الاجتماعية، مع التركيز على مكافحة الإرهاب والتطرف، وإنهاء الانقسامات المجتمعية.

ونصّت خارطة الطريق على جملة من الإجراءات العاجلة، من أبرزها:

  • دعوة الحكومة السورية لجنة التحقيق الدولية المستقلة للتحقيق في الأحداث التي شهدتها السويداء ومحاسبة جميع مرتكبي الانتهاكات وفق القانون السوري.
  • استمرار إدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى المحافظة بالتعاون مع الأمم المتحدة، وضمان عودة الخدمات الأساسية بدعم من الأردن والولايات المتحدة.
  • نشر قوات شرطية مؤهلة على طريق السويداء- دمشق لتأمين حركة المواطنين والتجارة، وسحب المقاتلين المدنيين من حدود المحافظة واستبدالهم بقوات نظامية.
  • دعم جهود الصليب الأحمر للإفراج عن جميع المحتجزين والمخطوفين واستكمال عمليات التبادل.
  • يدعو الأردن بالتنسيق مع الحكومة السورية وفدًا من المجتمعات المحلية في السويداء (الدروز والمسيحيون والسنة)، ووفدًا آخر من ممثلي العشائر البدوية في محافظة السويداء لاجتماعات للمساعدة في تحقيق المصالحة.
  • إعلان خطط لإعادة إعمار القرى والممتلكات المتضررة، مع مساعدة أردنية وأمريكية لتأمين التمويل اللازم.

كما نصت الخارطة على تعزيز “سردية وطنية” تقوم على الوحدة والمساواة، وتجريم خطاب الكراهية والطائفية عبر تشريعات جديدة، بدعم قانوني من واشنطن وعمّان.

أحداث السويداء

بدأت أحداث السويداء في 12 من تموز الماضي، بعد عمليات خطف متبادلة بين سكان حي المقوس في السويداء، ذي الأغلبية البدوية وعدد من أبناء الطائفة الدرزية، تطورت في اليوم التالي إلى اشتباكات متبادلة.

تدخلت الحكومة السورية في 14 من تموز، لفض النزاع، إلا أن تدخلها ترافق مع انتهاكات بحق مدنيين من الطائفة الدرزية، ما دفع فصائل محلية للرد، بما فيها التي كانت تتعاون مع وزارتي الدفاع والداخلية.

في 16 من تموز، خرجت القوات الحكومية من السويداء، بعد تعرضها لضربات إسرائيلية، ما أعقبه انتهاكات وأعمال انتقامية بحق سكان البدو في المحافظة، الأمر الذي أدى إلى إرسال أرتال عسكرية على شكل “فزعات عشائرية” نصرة لهم.

وبعد ذلك، توصلت الحكومة السورية وإسرائيل إلى اتفاق بوساطة أمريكية، يقضي بوقف العمليات العسكرية.

مقالات متعلقة

  1. السويداء.. مظاهرات تطالب بـ"الاستقلال" وترفع أعلام إسرائيل
  2. "الداخلية" تنفي حصار السويداء: استغلال للأزمة الإنسانية
  3. السويداء.. إمداد بالمحروقات وإجلاء عقب مظاهرة "الاستقلال"
  4. الشرع يعتمد "التهدئة والصلح" نهجًا في السويداء

سوريا

المزيد من سوريا