عنب بلدي – كريستينا الشماس
استمر حضور الفنانين السوريين، على مدار السنوات الماضية، ضمن مهرجانات عربية ودولية، وحصدوا جوائز وتكريمات في عدد من الدول العربية كمصر ولبنان والسعودية.
أحدث هذه التكريمات حصولهم على جوائز ضمن الدورة الـ25 من مهرجان “الموريكس دور”، التي أقيمت بالعاصمة اللبنانية بيروت في 21 من أيلول الحالي.
أولى الجوائز كانت من نصيب الفنان السوري تيم حسن، عن فئة أفضل ممثل عربي عن دوره في مسلسل “تحت سابع أرض”، الذي عرض في رمضان 2025.
كما نال المسلسل جائزة أفضل مسلسل عربي.
الفنانة السورية كاريس بشار، نالت جائزة أفضل ممثلة عربية عن دورها في مسلسل “تحت سابع أرض”، ولكنها تغيبت عن حضور الحفل.
ونالت الممثلة شكران مرتجى “موركس تكريمي” عن مجمل مسيرتها الفنية، وعن دورها في المسلسل المعرّب “لعبة حب”، الذي عرض في 2024.
أما صانعة المحتوى السورية بيسان إسماعيل، فحازت جائزة “تريند العام النسائي”.
حضور الفنانين ونيلهم الجوائز لفت الأنظار إلى إبداع السوريين وقدرتهم على تمثيل ثقافتهم خارج حدود البلاد، لكن المفارقة أن هؤلاء الفنانين لا يجدون في بلدهم ما يوازي هذا الاهتمام، إذ تغيب التكريمات المحلية، وتكاد تنعدم المهرجانات الفنية أو الفعاليات الكبرى منذ عهد النظام السابق حتى الآن.
هذا التناقض يثير تساؤلات حول دور وزارة الثقافة السورية اليوم، وقدرتها على احتضان المشهد الفني، فبينما تواصل دول عربية تنظيم مهرجانات دورية تستقطب فنانين من مختلف أنحاء العالم، تبدو سوريا بعيدة عن هذا الحراك الثقافي، رغم تاريخها الطويل في احتضان المسرح والسينما والغناء والفنون التشكيلية.
تكريم خارجي.. غياب داخلي
تكريم الفنانين السوريين في الخارج يحمل أهمية بالغة للمشهد الثقافي، ليس فقط على مستوى الأفراد، بل على صورة سوريا الثقافية ككل، بحسب حديث الناقد والصحفي السوري جوان الملا، لعنب بلدي.
وقال الملا، إن حضور وتكريم الفنانين السوريين في مهرجانات عربية وعالمية، يعكس صورة إيجابية عن الفن والثقافة السورية، ويرفع من شأنها.
وأوضح أن تكريم الفنان السوري ليس أمرًا جديدًا، فمنذ سنوات طويلة، حتى قبل بدء الثورة السورية، كان الفنانون السوريون يحظون بتقدير واسع ومحبة في العالم.
واعتبر أن استمرار هذا الحضور ضروري، لبقاء الثقافة السورية على الساحة العربية والعالمية.
في المقابل، وجه الملا انتقادًا لوزارة الثقافة، معتبرًا أن هناك “تقصيرًا شديدًا في عملها”، “لا أرى أن الوزارة تقوم بأي شيء مهم للفن في سوريا حاليًا، فلا توجد خطة واضحة للمسارح أو المراكز الثقافية أو الدراما أو الغناء أو الفنون التشكيلية”، قال الملا.
وزارة غائبة.. ما المطلوب؟
منذ سقوط النظام السابق، لا توجد أي خطة استراتيجية واضحة لوزارة الثقافة، فلا عروض على المسارح، ودار “الأوبرا” شبه متوقفة إلا في بعض المناسبات، ما يعكس غياب دعم حقيقي لهذه القطاعات، بحسب الناقد والصحفي السوري جوان الملا.
ويرى الملا أن الوزارة، لو أرادت، كان بإمكانها أن تقيم مهرجانات وتكريمات “كما تفعل دول أخرى”.
مدير المؤسسة العامة للسينما، جهاد عبدو، قال لعنب بلدي، إن المؤسسة تنوي بعد الانتهاء من تظاهرة أفلام الثورة السورية في المحافظات السورية، إقامة أسابيع عروض سينمائية لإعادة إحياء السينما وبناء جسور الثقة مع الجمهور.
ولا ينكر الملا أن تنظيم مهرجانات فنية يتطلب بالدرجة الأولى توفر الأمن والاستقرار، لأنهما أساس جذب الجمهور واستقطاب الفنانين من الخارج.
وأضاف أنه قبل سقوط النظام السابق كانت هناك فعاليات فنية وعروض في دار “الأوبرا”، إلا أنها غابت الآن، فلم تشهد المحافظات السورية أي فعاليات أو مهرجانات خلال فصل الصيف، كما كان من قبل.
حاولت عنب بلدي التواصل مع وزارة الثقافة للحصول على توضيحات حول خططها لإعادة تفعيل الفعاليات الفنية وإقامة مهرجانات ثقافية، لكنها لم تتلقَ ردًا حتى لحظة تحرير المادة.
ويقترح الملا لإصلاح هذا الواقع البدء بخطوات عملية، محددًا أولويات يجب على الوزارة العمل عليها:
- إعادة الهيكلة الإدارية: إعادة النظر بالكوادر القائمة على المسارح والسينما والمراكز الثقافية، وتعيين أشخاص ذوي كفاءة في مواقعهم.
- تأهيل البنية التحتية: إعادة تأهيل المسارح ودور السينما القليلة التي تعاني من أوضاع متردية، من المقاعد إلى المعدات والأرضيات وحتى الحمامات، ما يتطلب إعادة تأهيل شاملة.
- إشراك القطاع الخاص: تشجيع الإنتاج السينمائي والمسرحي السوري، والعمل على خطة لافتتاح دور سينما ومسارح جديدة أو تأهيل القديمة منها، مثل سينما “السفراء” و”الفردوس”، ومسرح “الخيام” و”راميتا”.
- دعم الوسط المسرحي والسينمائي: توفير كوادر بشرية ومدرّسين مؤهلين للمعهد العالي للمسرح والسينما، وتأهيل الاستوديوهات والمسارح التابعة لهما من الناحية الاستراتيجية بشكل كامل.
- استقطاب الاستثمارات: جذب رؤوس أموال عربية وأجنبية للاستثمار في السينما والمسرح السوريين داخل سوريا لا خارجها.