ما أثر زيارة الشرع في رفع العقوبات عن سوريا

  • 2025/09/27
  • 6:18 م
الرئيس السوري أحمد الشرع، خلال إلقاء كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ـ 24 من أيلول 2025 (الرئاسة السورية)

الرئيس السوري أحمد الشرع، خلال إلقاء كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ـ 24 من أيلول 2025 (الرئاسة السورية)

enab_get_authors_shortcode

خلال زيارته، إلى نيويورك، ركز الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، على المطالبة برفع العقوبات المفروضة على سوريا، مرارًا سواء في إطلالاته الإعلامية، أو خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ80 التي بدأت أعمالها في 22 من أيلول.

الشرع قال، في كلمته في 24 من أيلول، إن سوريا استعادت علاقاتها الدولية وأنشأت شراكات إقليمية وعالمية، بنشاط دبلوماسي “مكثف”، حيث توج ذلك النشاط برفع معظم العقوبات تدريجيًا عن سوريا.

وطالب الرئيس السوري برفع العقوبات بشكل كامل حتى “لا تكون أداة لتكبيل الشعب السوري ومصادرة حريته من جديد”.

وتطرق الشرع وفريقه خلال اللقاءات الثنائية، أيضًا إلى قضية العقوبات، باعتبارها، بوصلة السياسة الخارجية السورية في الوقت الحالي.

تحاول عنب بلدي قراءة أثر زيارة الرئيس السوري إلى الولايات المتحدة، على وتيرة عملية رفع العقوبات عن سوريا.

لقاءات

التقى الشرع وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، حيث جرى بحث “الجهود المتواصلة” لتحقيق الأمن والازدهار لجميع السوريين.

وقال روبيو في تغريدة على منصة، “إكس”، في 22 من أيلول، إنه ناقش مع الرئيس السوري ”الأهداف المشتركة في سوريا مستقرة وذات سيادة”.

كما ناقش الشرع وروبيو، تنفيذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي وصفه روبيو بـ “التاريخي” بشأن “تخفيف العقوبات”، وكذلك “أهمية العلاقات الإسرائيلية السورية”، على حد تعبيره.

الشرع دعا لرفع العقوبات عن سوريا، خلال لقائه بقمة “كونكورديا” في نيويورك، في 22 من أيلول، معتبرًا أن بقاءها هو “محاولة جديدة لقتل الشعب السوري”، وفق تعبيره، قائلًا إن “سوريا تحتاج إلى فرصة جديدة للحياة”.

وأضاف، أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أزال العقوبات عنها، لكن على الكونجرس أن يعمل أكثر لرفعها بشكل نهائي.

في 23 من أيار الماضي، رفعت الولايات المتحدة رسميًا العقوبات الاقتصادية عن سوريا، في تحول للسياسة الأمريكية بعد الإطاحة برئيس النظام السابق بشار الأسد، يفسح المجال أمام استثمارات جديدة في البلد الذي دمرته الحرب.

وفي 13 من أيار، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن قراره رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، وقال خلال كلمة له في منتدى “الاستثمار السعودي الأمريكي”، “آن الأوان لمنح سوريا الفرصة، وأتمنى لها حظًا طيبًا”.

وبدأت العقوبات الأمريكية على سوريا في كانون الثاني عام 1979، عندما صفنت الولايات المتحدة الأمريكية سوريا كـ”دولة راعية للإرهاب” على خلفية دعمها لبعض الفصائل الفلسطينية، والتدخل السوري في لبنان.

خلال لقاءاته بنيويورك.. الشرع يركز على رفع العقوبات

واستهدفت العقوبات عام 1979 القطاع العسكري، كصادرات الأسلحة والمبيعات الدفاعية لسوريا، إضافة إلى قيود على تصدير المواد ذات الاستخدام العسكري.

وفي أيار 2004، أُضيفت إلى العقوبات قيود إضافية، مع إصدار الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش الابن، الأمر التنفيذي رقم “13338“، تنفيذًا لقانون “محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية” الذي صدر عام 2003، لإنهاء الوجود العسكري السوري في لبنان، ومعاقبة نظام الأسد على تسهيل عبور المقاتلين والأسلحة من سوريا إلى العراق إبان الحرب الأمريكية على العراق.

في 29 من نيسان عام 2011، عقب اندلاع الثورة السورية، أصدر الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، القرار التنفيذي رقم 13572،، على خلفية قمع نظام الأسد للثورة السورية، وتتالت العقوبات الأمريكية على سوريا، وبلغت ذروتها عند إقرار “الكونجرس” الأمريكي قانون “قيصر”.

وفرضت الولايات المتحدة قيودًا على قطاع النفط وحظر بيع المعدات اللازمة لاستخراج أو تكرير النفط.

وفي حزيران 2020، فرضت واشنطن قانون العقوبات المعروف باسم “قيصر”، وقررت بموجبه عقوبات مالية على مسؤولين سوريين ورجال أعمال وكل أجنبي يتعامل مع دمشق، ونص على تجميد مساعدات إعادة الإعمار.

وحظرت الولايات المتحدة السماح بتقديم أي دعم مالي أو تكنولوجي للنظام في سوريا، بموجب سلسلة العقوبات التي أقرتها على مدار السنوات الماضية، وهو ما ذكّر فيه السجل الفيدرالي الأمريكي بنسخته النهائية التي صدرت في 6 من حزيران عام 2024 (المجلد 89، العدد 110).

لا أثر مباشر.. ولكن

المستشار السابق في الخارجية الأمريكية، حازم الغبرا، يرى أنه من المبالغة القول إن زيارة الشرع إلى نيويورك كانت محركًا لقرار الخزانة الأمريكية بتعليق أو إلغاء العقوبات المبنية على قوانين أخرى.

وفي 24 من أيلول، أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، عن تعديل لوائح العقوبات الخاصة بسوريا، بما ينهي حالة الطوارئ القديمة.

ووفقًا للقرار النهائي، فإنه جرى تغيير عنوان اللوائح المتعلقة بسوريا إلى “لوائح عقوبات تعزيز المساءلة عن الأسد وتحقيق الاستقرار الإقليمي”، وتعديلها لتنفيذ أمرين تنفيذيين صدرا في 15 من كانون الثاني و30 من حزيران.

وذكر القرار أن إلغاء العقوبات العامة المفروضة على سوريا جاء بعد تحولات سياسية إيجابية في البلاد بقيادة الرئيس السوري أحمد الشرع، مع الإبقاء على العقوبات بحق مرتكبي جرائم الحرب، ومنتهكي حقوق الإنسان، ومهربي الكبتاجون، كما أشار إلى أن حالة الطوارئ المرتبطة بسياسات نظام بشار الأسد، والتي أُعلنت عام 2004، قد تم إنهاؤها وإزالة لوائح العقوبات القديمة من قانون اللوائح الفدرالي.

المستشار الغبرا، وفي حديثه إلى عنب بلدي، اعتبر أن القرار الذي خرج من الخزانة “محضر منذ أسابيع”، ورأى الرئيس الأمريكي أن يصدر هذا القرار مع وجود الرئيس الشرع، في الولايات المتحدة، لكنه نوّه إلى الاعتراف بأن “الدبلوماسية السورية” ممثلة بالرئيس الشرع ووزارة الخارجية لعبت دورًا “مهمًا جدًا”، على حد تعبيره.

وأشار المستشار السابق فيي الخارجية الأمريكية، إلى أن الأمور لا تجري عادة بسرعة في الولايات المتحدة، معتبرًا أن “السرعة التي نراها هي قياسية في التعامل مع الملف السوري والعمل على رفع العقوبات”.

ولا عودة إلى العقوبات وخصوصًا قانون “قيصر”، وفق المستشار، الذي قال لعنب بلدي إن هذا الأمر جرى طيِّه من قبل الكونجرس الأمريكي، وأصبح منوطًا بوزارة الخارجية.

وأضاف أن هناك اهتمامًا شخصيًا من الرئيس ترامب بهذا الملف كما هو “واضح”، لكن الموضوع، وفقًا لما يرى الغبرا، سيحتاج مزيدًا من الوقت.

ووفق ما قاله حازم الغبرا، فقد أسهم وجود الرئيس الشرع في الأمم المتحدة بعض الشيء بـ “كسر الصورة النمطية السلبية جدًا عن سوريا” (دمار، إرهاب، كبتاجون) الموجودة في في الولايات المتحدة وفي المخيلة الأمريكية، معتبرًا أنه “أمر صحي وإيجابي، ومن الواضح أنه يتم العمل عليه باستمرار، من قبل الحكومة السورية”.

المطلوب من سوريا

تكاد تكون مسألة رفع العقوبات عن سوريا الهاجس الأكثر أهمية لدى القيادة السورية، وذلك إدراكًا منها أن الاقتصاد هو الحامل الأساسي لمفهوم التعافي وإعادة الإعمار، وفق ما يراه المحلل السياسي حسن النيفي.

النيفي اعتبر، في حديث إلى عنب بلدي، أنه من “المبكر” الحديث عن الانعكاسات العملية لزيارة الشرع، ولكن يمكن التأكيد على أن مسار العلاقات بين الطرفين يمضي بـ “الاتجاه الصحيح”.

ويعود ذلك، بحسب المحلل السياسي، إلى أن لقاءات الشرع مع عدد من رجال الاعمال ورؤساء الشركات، وكذلك الندوات في قمة “كورنكورديا” ومعهد “الشرق الأوسط”، واللقاء القصير بالرئيس ترامب، يمكن أن تكون له تداعيات مباشرة على المستوى الفعلي في المنظور القريب، وخاصة أن هناك زيارة للشرع إلى واشنطن بناء على طلب من ترامب.

وأشار النيفي إلى أن ما تريده واشنطن من سوريا لقاء رفع العقوبات “أمور كثيرة” من أهمها، ألّا “تعود إيران وميليشياتها إلى سوريا”، وأن تكون سوريا شريكة للتحالف الدولي في محاربة “الإرهاب”، كما عليها أن تبدي تعاونًا فيما يخص القضاء على المخزون الكيمياوي السوري والإسهام في محاربة تصدير المخدرات إلى دول المنطقة، وفق قراءة المحلل السياسي، حسن النيفي,

ويمكن، وفق النيفي، إضافة مسألة في “غاية الأهمية” بالنسبة لترامب وهي أن تبدي الحكومة السورية تجاوبًا تجاه إبرام “تفاهمات مع إسرائيل”، سواء أكانت هذه التفاهمات أمنية أو ذات بعد مستقبلي له صلة بالتطبيع.

ويتفق المستشار السابق في الخارجية الأمريكية، حازم الغبرا، مع ما قاله النيفي، إلا أنه أضاف العمل على إنشاء بيئة ملائمة لمرحلة ما بعد العقوبات، ولا يجب الانتظار لرفع العقوبات حتى يبدأ العمل، فـ”على سبيل المثال يجب تحديث القوانين التي بعضها جرى إقراره أثناء الوجود الفرنسي في سوريا وربما قبله”.

ويرى الغبرا، أن الموضوع مرتبط بـ”طلبات واضحة جدًا وبسيطة عمليًا وليست معقدة”، يتشارك بها الطرفان السوري والأمريكي منها “حماية حقوق الأقليات وأمنهم، ومحاربة الإرهاب”، على حد تعبيره.

وأضاف، “هذه كلها ملفات يجري العمل عليها بنجاحات متفاوتة، لكن لن تكون بين ليلة وضحاها، كل شيء في أمريكا يأخذ وقته، وحتى موضوع تعامل الكونجرس مع العقوبات، فإننا سنسمع أشياء إيجابية في الأيام المقبلة لكن هذه الأمور تأخذ وقتًا بالتأكيد”.

الشرع في أمريكا

التقى الرئيس السوري، أحمد الشرع، خلال زيارته الولايات المتحدة الأمريكية، عددا من الرؤساء ووفود الدول المشاركة.

والتقى الشرع، الرئيس ترامب، والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إضافة إلى قادة عدد من الدول الأوربية.

ويعد الشرع أول رئيس سوري يشارك في هذا الحدث منذ 60 عامًا، حين شارك الرئيس السابق نور الدين الأتاسي عام 1967، وأول رئيس سوري على الإطلاق يشارك في أسبوع الجمعية العامة رفيع المستوى، الذي يعقد بين 22 و30 أيلول.

وتتمثل أعمال الجمعية العامة في مناقشة القضايا الدولية وتقديم التوصيات، واعتماد ميزانية الأمم المتحدة، وانتخاب أعضاء غير دائمين في مجلس الأمن، وتعيين الأمين العام بناء على توصية مجلس الأمن.

وتشمل اختصاصاتها تعزيز التعاون في مجالات السلم والأمن، وحقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتقديم التوصيات لتسوية النزاعات.

مقالات متعلقة

  1. بعد عودته من نيويورك.. الشرع: سوريا استعادت مكانتها التاريخية
  2. ماذا تضمن اللقاء "الودي" بين الشرع وترامب
  3. سوريا على طاولة ترامب وأردوغان.. الرئيس التركي: لقاء مثمر
  4. خلال لقاءاته بنيويورك.. الشرع يركز على رفع العقوبات

سوريا

المزيد من سوريا