انطلقت فعالية افتتاح القلعة الأثرية في مدينة حلب، شمالي سوريا، السبت 27 من أيلول، بحضور رسمي وشعبي، وبرعاية من وزارتي الثقافة والسياحة.
وتضمنت الفعالية عروضًا فنية، أبرزها للفنان عبد الكريم حمدان، الذي ينحدر من مدينة حلب، إضافة إلى كلمات من شخصيات حكومية.
وتزامنت الفعالية مع اليوم العالمي للسياحة، الذي يصادف 27 من أيلول، من كل عام.
مدير الثقافة في حلب، أحمد العبسي، قال لعنب بلدي، إن القلعة شهدت اليوم احتفاليتين، الأولى بمناسبة إعادة افتتاحها، بعد إغلاقها لعدة سنوات، بسبب الأعمال العسكرية، واستخدامها لثكنة عسكرية، من قبل النظام السوري السابق، بينما الاحتفالية الثانية جاءت بمناسبة اليوم العالمي للسياحة.
واعتبر أن اليوم تاريخي ويبشر بموسم سياحي جديد لحلب، وصفه بالحضاري والثقافي وممثل عريق للمدينة.
من جانبه، قال وزير الثقافة، محمد ياسين صالح، خلال حفل الافتتاح، إن “قلعة حلب صرح من صروح حضارتنا الشامخة”، وفق تعبيره، معتبرًا افتتاحها إشارة إلى التعافي والصمود.
وقال محافظ حلب، عزام الغريب، في كلمته في أثناء حفل الافتتاح “نعيد افتتاح أبواب القلعة، للتاريخ وللفخر وللأمل، نعيد فتحها لنقول للعالم، هنا حلب”.
سنوات من الإغلاق
تتربع القلعة وسط مدينة حلب، وهي الرمز التاريخي الأهم ويعد أيقونة المدينة وتحمل رمزية خاصة لدى الحلبيين.
تعد قلعة حلب أحد أقدم القلاع حول العالم، إذ يعود استخدام تل القلعة إلى منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد على الأقل، حين كان هناك معبد للإله القديم “هدد” إله الطقس، في الذي كان يقدم له القرابين في ذلك العهد، وفق عدة مواقع مهتمة بالآثار.
ويُرجّح أن أول استخدام للتل كتحصين، على شكل أكروبوليس مقدوني، كان خلال عهد سلوقس الأول نيكاتور في القرن الرابع إلى الثالث قبل الميلاد، بحسب موقع “castles.nl“.
وتعتبر القلعة شاهدة على القوة العربية منذ القرن الـ13 وحتى الـ14، بينما تشير أدلة إلى وجود احتلال سابق من قبل حضارات يعود تاريخها إلى القرن العاشر قبل الميلاد، وفق منظمة “يونسكو” التابعة للأمم المتحدة.
تحتوي القلعة على بقايا مساجد وقصور وحمامات، وتحمل المدينة المسورة التي نشأت حول القلعة أدلة على تخطيط الشوارع اليوناني الروماني المبكر وتحتوي على بقايا مبانٍ مسيحية من القرن الساد.
كما تحتوي على أسوار وبوابات من العصور الوسطى ومساجد ومدارس من العصور الأيوبية والمملوكية، ومساجد وقصور لاحقة من العصر العثماني.
وتعرضت القلعة لدمار محدود خلال العلميات العسكرية بين النظام السوري السابق، والمعارضة، بين منتصف عام 2012 وأواخر عام 2016.
وكان النظام يتمركز داخل المدينة، بينما كانت فصائل المعارضة في محيط القلعة من الجانب الشرقي والجنوبي.
وتعرضت أبنية أثرية بمحيط القلعة لدمار كامل أو شبه كامل، أبرزها المدرسة “الخسرفية” وجامع “السلطانية” خان “الشونة” وفندق “كارلتون القلعة” والقصر العدلي.
وفي آب 2021، تحدثت وسائل إعلام روسية عن بدء عملية ترميم قلعة “حلب”، بدعم روسي، إذ نقلت وكالة “تاس” عن كبيرة مهندسي المشروع، أمينة صابوني، قولها، “نقوم بترميم الجدران الشمالية والشرقية للقلعة التي تضررت أكثر من الجدران الأُخرى، كما دُمرت بعض الأبراج بالكامل”.
وبحسب تقديرات الخبراء، وصلت نسبة الدمار في القلعة إلى 20%.
وتأثرت القلعة في زلزال شباط 2023 المدمر، إلى جانب العديد من الأماكن الأثرية، وقدمت “يونسكو” حينها، مبالغ مالية لترميم بعض الآثار المتضررة بقيمة تصل إلى 75 ألف دولار أمريكي.
وزير الثقافة محمد ياسين الصالح وإلى جانبه وزير الطوارئ والكوارث رائد الصالح في حفل افتتاح قلعة حلب – 27 أيلول 2025 (عنب بلدي/ محمد مصطو)
تجميل الساحة
وشهد محيط قلعة حلب، والساحة المقابلة له، عمليات تجميل وترميم، نفذتها شركة “الحسن الدولية” ضمن حملة “شهباء من جديد”، بمشروع بلغت كلفته التقديرية نحو 330,000 دولار أمريكي.
وبحسب تصريح سابق للمسؤول الإعلامي للحملة، بدر طالب، لعنب بلدي، تركزت الأعمال على تشغيل القلعة وتجهيزها لاستقبال الزوار، وشملت تركيب إنارة خارجية لمحيط القلعة، إلى جانب إعادة تأهيل الإنارة الداخلية والخارجية بشكل كامل.
وتشمل الأعمال أيضًا تنظيف الساحة الخارجية للقلعة، وإعادة جلي الكراسي وإصلاحها، وصيانة السور، إضافة إلى تركيب أكشاك مسبقة الصنع بهدف تنظيم وضع الباعة بشكل أفضل.
كما أشار طالب إلى أن المشروع يتضمن تركيب كاميرات مراقبة في جميع أرجاء القلعة، إلى جانب إضافة “باركودات” تعريفية للأماكن الأثرية.
وأوضح أن معظم هذه التجهيزات كانت موجودة سابقًا، باستثناء الكاميرات التي تركب للمرة الأولى.
وأكد أن جميع الأعمال تتم تحت إشراف مديرية الآثار، وبتنسيق مع المحافظة، وبمساهمة هندسية من كادر مختص تم تعيينه من قبل الجهات الرسمية.
وتعرف شركة “الحسن الدولية” نفسها بأنها شركة استثمارية سورية تنشط في مجالات الصناعة والتجارة والخدمات، وتوسع نطاق عملها عبر شراكات ومشاريع في قطاعات مختلفة.