كشف المتحدث الرسمي للجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في أحداث الساحل، ياسر الفرحان، عن إحالة 298 متهمًا بالاعتداءات على المدنيين، و265 متهمًا بالاعتداءات على عناصر الأمن العام، إلى القضاء.
وعزا الفرحان أسباب عدم الكشف عن هوياتهم، إلى “حماية حقوقهم وحرصًا على عدم تواريهم عن العدالة وتجنبًا لأعمال انتقام قد تتطوّر إلى فتنة أهلية في مجتمعات متداخلة جغرافيًا”، على حد قوله.
وذكر الفرحان أنه جرى تسليم لوائح بأسماء المتهمين وخلفياتهم وكافة المعلومات المتعلّقة بهم إلى السلطات القضائية. غير أن اللجنة التزمت بمبدأ “عدم الإضرار”.
وأكّد الفرحان قناعته بأن النائب العام والدوائر القضائية في وزارة العدل تواصل مهامها في فحص الملفات المحالة وبأنها تباشر إجراءات التوقيف والتحقيق.
وفي آذار الماضي، أسفرت مواجهات عن مقتل مئات الضحايا في مدن وبلدات محافظتي اللاذقية وطرطوس، معظمهم من المدنيين وعناصر الأمن السوري.
وبدأت العمليات بهجمات من مقاتلين محسوبين على فلول نظام الأسد، وسط اعتراف من الحكومة بارتكاب عناصر في الجيش انتهاكات، مما دفعها لتشكيل لجنة للتحقيق.
وبحسب الفرحان، فإن الإشاعات التي سرت حول وجود ماهر الأسد في قاعدة “حميميم”، آنذاك، غذّت المخاوف الشعبية من عودة النظام السابق برموزه، الأمر الذي أثار ردود فعل واسعة بين ملايين السوريين الذين ذاقوا على يده جرائم ضد الإنسانية.
وأصدرت ثلاث من أبرز المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية “هيومن رايتس ووتش”، و”سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، و”الأرشيف السوري” تقريرًا مشتركًا حول أحداث الساحل، في 23 من أيلول الحالي.
وقالت المنظمات إنه رغم أن الحكومة السورية الانتقالية أعلنت “التزامها بالمحاسبة وتعهدت بالتحقيق”، تكشف المنظمات أن “الشفافية حول دور كبار القادة العسكريين والمدنيين كانت محدودة للغاية، وأن الإجراءات ركزت على أفراد منفذين دون التطرق إلى المسؤولية المؤسسية أو القيادية”.
وأشار الفرحان إلى توقيت التقرير وتزامنه مع اجتماعات الجمعية العمومية، منتقدًا “هيومن رايتس ووتش” مع احترامه لتاريخها، ومعبرًا عن أسفه على تأثر فريقها بالمنظمة الشريكة معها في التقرير، والتي يلاحظ المراقبون الحقوقيون “ضعفًا في المهنية والحياد لديها”، على حد قوله.
واعتبر الفرحان، أن تحميل القيادات العليا المسؤولية بشكلٍ اعتباطي ودون أدلة، أمر لا يستقيم قانونيًا.
وأضاف، أن تحميل القيادات أو إلصاق الاتهامات بها دون وجود دليل على إصدار أوامر بارتكاب الانتهاكات هو تجنّ على الحقيقة، خصوصًا أن الوقائع جرت في ظروف معقدة لم تكن للقيادة سيطرة كاملة عليها، وفي ظل تحركات عشوائية من أفراد مجموعات مسلحة مختلفة بدوافع متعددة.
ما أحداث الساحل؟
اندلعت أحداث الساحل، في 6 من آذار الماضي، عقب تحركات لبعض عناصر في جيش النظام السابق، استهدفت عناصر للأمن العام في ريف اللاذقية غربي سوريا.
وخلال ساعات، سيطر من تسميهم الأوساط الحكومية بـ”الفلول” على مناطق من مدينتي اللاذقية وطرطوس، مخلفين قتلى من الأمن العام.
دفعت هذه التحركات، وزارتي الدفاع والداخلية لاستقدام تعزيزات إلى المنطقة، تبعها مؤازرات من فصائل “منفلتة” موالية للحكومة إلى جانب مدنيين محليين مسلحين، ما خلّف انتهاكات كبيرة طالت مدنيين، أدت لمقتل المئات منهم، على خلفية انتماءات طائفية.
مع فجر يوم 7 من آذار، استعادت القوات التابعة للحكومة زمام الأمور، إلّا أن التوترات وعمليات القتل خارج نطاق القانون امتدت حتى 8 من ذات الشهر.
عقب أحداث الساحل، أصدر رئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، لجنة لتقصي الحقائق، لبحث الأسباب التي أدت لاندلاع الأحداث وما تبعها من انتهاكات وقتل للمدنيين وعناصر الأمن العام.