شهدت مدينة حلب خلال الأيام الماضية تحسنًا تدريجيًا في واقع الكهرباء، إذ وصلت ساعات التغذية إلى ثماني حتى عشر ساعات يوميًا.
تحسن الكهرباء في المدينة سبقه خلال الأسابيع الماضية تقنين قاسٍ، حيث لم تتجاوز التغذية الكهربائية أربع ساعات خلال اليوم.
ما أسباب التقنين؟
وفيما تزايدت التساؤلات حول أسباب الانقطاع المتكرر خلال الأسابيع الماضية، قدم محافظ حلب، عزام غريب، توضيحات حول خلفيات التراجع في التغذية.
وأكد في بيان نشره عبر حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، مساء 4 من تشرين الأول، أن التحسن الحالي ليس طارئًا بل جزء من خطة لإعادة الاستقرار تدريجيًا.
وأوضح غريب أن عددًا من محطات التوليد لم تستطع الاستفادة الكاملة من الغاز الأذربيجاني بسبب تضرر شبكة الأنابيب الداخلية.
كما أسهم بعدم الاستفادة فقدان كميات كبيرة منه نتيجة الاهتراء والتخريب، الذي طال البنية التحتية على مدار سنوات الحرب.
ونتيجة لذلك، تم تحويل الغاز إلى المحطات الأقرب للحدود ريثما تستكمل أعمال إصلاح الشبكة، والتي قطعت وزارة الطاقة فيها “شوطًا متقدمًا”، بحسب تعبيره.
وأضاف المحافظ أن التحسن الأخير في التيار الكهربائي ناتج عن زيادة كميات الغاز الموردة إلى محطات التوليد.
وتوقع أن يصل التشغيل قريبًا إلى ست ساعات تغذية مقابل 18 ساعة تقنين كمرحلة أولى.
ونوه إلى أن العمل على تثبيت هذه الساعات وضمان توزيع “عادل ومنتظم” بين مختلف الأحياء، إلى جانب إصدار جداول تقنين واضحة خلال المرحلة المقبلة.
وأشار غريب إلى استمرار أعمال تأهيل محطات التحويل وخطوط التوتر، ومنها محطة النيرب التي أصبحت تعمل باستطاعة 30 ميغا.
وتغذي المحطة عددًا من أحياء شرق المدينة التي لم تعرف الكهرباء منذ سنوات.
كما لفت إلى أن محافظة حلب تشهد عودة متزايدة للأهالي ونشاطًا متناميًا في القطاع الصناعي.
ويضاف إصلاح الإنارة الطرقية في عدد من الشوارع، ما يرفع الطلب على الطاقة ويزيد الضغط على الشبكة العامة.
عدم ثقة بالاستقرار المؤقت
ورغم هذا التحسن الملحوظ، بقيت حالة الحذر حاضرة بين السكان الذين يخشون أن يكون ما يجري مؤقتًا، خاصة بعد التحسن المؤقت في فترات سابقة، قبل أن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه.
في حي الخالدية، قال مصطفى الموسى لعنب بلدي، إن التحسن الحالي في التيار الكهربائي أعاد إلى ذاكرة الأهالي فترات سابقة شهدت وضعًا مشابهًا.
حيث تحسنت التغذية لبضعة أيام فقط قبل أن تتراجع مجددًا بشكل حاد.
وأوضح أن هذا التكرار جعل السكان ينظرون بعين الريبة إلى أي تحسن مؤقت.
واعتبر أن الوعود المتكررة من المسؤولين لم تعد تمنحهم الثقة بوجود حل مستقر أو دائم.
وأضاف أن أهالي حلب اعتادت على موجات قصيرة من التحسن تنتهي بسرعة، لذلك لم يعد هناك تفاؤل حقيقي رغم أن الوضع الراهن أفضل قليلًا من الأسابيع الماضية.
وفي حي صلاح الدين، أوضحت نور مصري لعنب بلدي أن المشكلة الأساسية لا تكمن فقط في عدد ساعات التغذية، بل في انتظامها وتوزيعها الزمني.
إذ تأتي الكهرباء أحيانًا في ساعات متأخرة من الليل حين يكون معظم السكان نائمين، ما يجعل الاستفادة منها محدودة جدًا.
وبينت أن هذا الخلل في التوقيت ينعكس على تفاصيل الحياة اليومية للعائلات، فالناس لا يستطيعون تشغيل الغسالات أو الثلاجات أو شحن الأجهزة في الأوقات المناسبة، وكل شيء أصبح مرتبطًا بمفاجآت جدول غير معلن.
أما في حي الكلاسة، فيرى باسل أدنى، وهو صاحب ورشة خياطة، أن التحسن القصير في الكهرباء لا يغير من واقع أصحاب المهن الذين يعتمدون عليها في أعمالهم اليومية.
وأشار في حديثه لعنب بلدي، إلى أن انقطاع التيار بشكل متكرر يؤدي إلى تعطل الإنتاج والتزامات العمل.
وأضاف أن الاستقرار الكهربائي هو ما يسمح بالحياة الاقتصادية الحقيقية، أما التحسن المؤقت فلا يبنى عليه.
وأكد أن كثيرًا من أصحاب الورش اضطروا إلى تقليص ساعات العمل أو الاعتماد على مولدات مرتفعة الكلفة، ما جعل أي زيادة مؤقتة في الكهرباء غير كافية لتخفيف الأعباء.
وعود سابقة بالتحسن
ليست المرة الأولى التي تشهد فيها حلب تحسنًا مؤقتًا في الكهرباء يتبعه تراجع وتوضيحات رسمية.
ففي منتصف آب الماضي، أصدر المحافظ توضيحًا أشار فيه إلى أن المحافظة لم تعلن حينها عن زيادة مباشرة في ساعات التغذية إلى عشر ساعات يوميًا.
وأوضح أن المشروع التجريبي لتغذية الكهرباء بالغاز الأذربيجاني بدأ بالفعل بضخ الغاز إلى محطات التوليد في حلب وحمص.
وقال غريب حينها إن فرق الصيانة اكتشفت نقاط تسريب وأعطالًا في عدة مواقع نتيجة أعمال التخريب التي طالت شبكة الأنابيب خلال السنوات الماضية، ما أدى إلى تأخير تنفيذ الخطة كاملة.
ونوه إلى أن المرحلة الأولى من المشروع ستؤدي إلى زيادة في ساعات التغذية بمعدل ساعتين خلال أقل من أسبوع.
ووفقًا لغريب، سيعقبها مرحلة ثانية بعد استقرار الضخ لرفع ساعات الوصل بمعدل خمس ساعات إضافية.
كما ربط المحافظ في ذلك الوقت النقص الحاصل في التيار الكهربائي بارتفاع درجات الحرارة وزيادة الاستهلاك خلال فصل الصيف.
إضافة إلى تهالك البنية التحتية وازدياد الضغط على الشبكة العامة.
وتأتي التصريحات الحالية في السياق ذاته، إذ يؤكد المحافظ مجددًا أن التحسن الراهن ناتج عن تقدم أعمال الإصلاح في شبكة الغاز.
وأوضح أن التحسن يمثل مرحلة من خطة تدريجية تهدف إلى تحقيق استقرار أكبر في التغذية، بعد سلسلة من الانقطاعات والتذبذب في التيار الكهربائي شهدتها المدينة خلال الأشهر الماضية.