“موسوعة حلب المقارنة”.. الأسدي يرسم هوية المدينة بسبعة مجلدات

  • 2025/10/05
  • 11:23 م
"موسوعة حلب المقارنة".. الأسدي يرسم هوية المدينة بسبعة مجلدات
enab_get_authors_shortcode

لم يكن خير الدين الأسدي مجرد باحث يجمع كلمات وأمثالًا، بل كان جامعًا لتاريخ وحضارة مدينة بأكملها، يحاول توثيق روح حلب وتفاصيل حياتها اليومية، في موسوعة ضخمة حملت اسم “موسوعة حلب المقارنة”.

دوّن الأسدي لهجة المدينة وأمثالها وحكاياتها الشعبية، ووصف الأسواق وأسماء الأحياء والعادات والتقاليد، بل وحتى الصناعات والحرف اليدوية التي شكّلت هوية أهلها.

الموسوعة، بهذا الشكل، لم تعد مجرد سجل لغوي، بل نافذة واسعة يمكن لأي قارئ أن يرى من خلالها نبض المدينة وروح سكانها، ويسمع أصوات الناس وهم يروون حكاياتهم ويكررون أمثالهم التي تحمل حكمة الأجيال وتجاربهم اليومية.

صدرت الموسوعة في الطبعة الأولى عام 1981 عن جامعة “حلب”، لتكون من أبرز الأعمال الموسوعية التي وثقت لهجة حلب وتراثها الشعبي.

احتوت على أكثر من 50 ألف كلمة حلبية دارجة، وما يزيد على عشرة آلاف مثل شعبي، إلى جانب وصف الأحياء والأسواق القديمة والصناعات التقليدية والعادات الاجتماعية والأسماء المتداولة بين الناس.

ما يميز هذا العمل ليس فقط الكم الهائل من المعلومات، بل الطريقة التي جمع بها الأسدي المادة، فاعتمد على مصادر شفوية مكتوبة وأخرى مباشرة من أهل المدينة، وقارن اللهجة الحلبية باللغات واللهجات العربية الأخرى ليظهر خصوصيتها وغناها الثقافي.

كما ركز على توثيق الأمثال والحكايات الشعبية التي تعكس رؤية الحلبيين للحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية، بالإضافة إلى تقديم جداول وفهارس دقيقة تسهل على القارئ البحث والتنقل بين الموضوعات المختلفة.

هذا الجمع بين الكم الكبير من المادة والتوثيق الدقيق والمقارنات اللغوية يجعل من الموسوعة مرجعًا فريدًا لأي باحث أو قارئ مهتم بتاريخ المدينة وثقافتها ولغتها.

في المجلد الأول، ركز الأسدي على المفردات اللغوية وجمع الكلمات الحلبية مع مقارنتها باللهجات العربية الأخرى، ما أعطى القارئ صورة دقيقة عن لهجة المدينة وأصالتها.

أما المجلد الثاني، فقد احتوى على الأمثال الشعبية والحكايات التي تداولها سكان المدينة على مر الأجيال، موثقًا ما يعكس ثقافة الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية.

المجلد الثالث، تناول العادات والتقاليد المرتبطة بالمناسبات والأعياد والطقوس اليومية.

وقدم المجلد الرابع وصفًا تفصيليًا للأسواق والأحياء القديمة في حلب، مع التركيز على تنوعها الاجتماعي والاقتصادي.

المجلد الخامس، خصصه الأسدي للصناعات التقليدية والحرف اليدوية، موثقًا الطرق التي مارستها الأجيال القديمة.

وركز المجلد السادس على الأسماء والألقاب المتداولة بين السكان والعائلات.

وفي المجلد السابع، جمع المؤلف الملاحق والفهارس التفصيلية التي ساعدت على سهولة البحث والاطلاع على محتوى الموسوعة بشكل منظم.

تبقى موسوعة الأسدي كنزًا ثقافيًا والاطلاع عليها يمنح القارئ فهمًا عميقًا لتراث حلب ولغتها وأمثالها وعاداتها الاجتماعية، ويتيح قراءة نقدية واعية لما يقدمه المؤلف من مادة موسوعية واسعة.

“موسوعة حلب المقارنة” ليست مجرد مجموعة كلمات وأمثال، بل هي نافذة على روح المدينة وذاكرتها الجمعية، ومرجع لا غنى عنه لكل من يسعى لفهم حلب بكل تفاصيلها الثقافية والاجتماعية، ويدرك مدى غنى التراث الحلبي وأهمية الحفاظ عليه وتوثيقه للأجيال القادمة.

خير الدين الأسدي

وُلد الأسدي عام 1900 في حي الجلوم بحلب، وتلقى علومه فيها قبل أن يتجه إلى التدريس والبحث في اللغة العربية والتراث الشعبي.

عمل الأسدي على جمع الأمثال والأغاني والعادات والأسماء والأسواق والصناعات، تاركًا إرثًا ضخمًا عن مدينة حلب، وتوفي عام 1971، بعد أن قضى سنواته الأخيرة في تدقيق موسوعته وإضافة الكلمات والمحتوى.

مقالات متعلقة

  1. الشعب الحلبي العنيد
  2. أكبر قرص معمول في البلد الوحيد الذي يصنعه
  3. دمشق.. أكبر جريدة في أسوأ بلد على مؤشر حرية الصحافة
  4. بشغفه الرياضي.. هكذا دخل السوري محمد قرة موسوعة "غينيس"

كتب

المزيد من كتب