“الباصات” الجديدة تحل أزمة مدينة حلب وتستثني الريف

  • 2025/10/12
  • 9:06 م
تجمع للأهالي عند موقف للسرافيس والباصات في ساحة الجامعة وسط مدينة حلب- 11 تشرين الأول 2025 (عنب بلدي/ محمد مصطو)

تجمع للأهالي عند موقف للسرافيس والباصات في ساحة الجامعة وسط مدينة حلب- 11 تشرين الأول 2025 (عنب بلدي/ محمد مصطو)

enab_get_authors_shortcode

حلب – محمد ديب بظت

شهدت مدينة حلب مؤخرًا تحسنًا نسبيًا في واقع النقل الداخلي، بعد دخول “باصات” (حافلات) جديدة إلى الخدمة على بعض الخطوط، أبرزها خط القلعة، الذي أصبح أكثر انتظامًا مقارنة بالأشهر الماضية.

ورغم ذلك، لا تزال العديد من المشكلات قائمة في أحياء المدينة والمناطق الريفية المحيطة بها، خاصة مع عودة افتتاح المدارس والجامعات.

في حي صلاح الدين، ذكرت نور العلبي، طالبة جامعية، أن دخول “الباصات” الجديدة خفف من الازدحام وأسهم في تقليل زمن الوصول إلى أماكن الجامعة.

وأضافت، لعنب بلدي، أن الضغط على بعض الخطوط الأخرى لا يزال مرتفعًا، خصوصًا خلال ساعات الذروة، ما يجعل التنقل غير مريح لبعض الأهالي.

وفي حي الهلك، أشار عبد الرحمن عامر، إلى أن “السرافيس” التي توصل إلى مركز المدينة (باب جنين) لا تزال مزدحمة، مع نقص واضح في عددها مقارنة بالركاب يوميًا.

في الأحياء البعيدة عن مركز المدينة كطريق الباب وبستان الباشا، لم تختفِ معاناة الركاب تمامًا، إذ يظل انتظار أكثر من نصف ساعة للوصول إلى العمل أو المدرسة أمرًا شائعًا.

كما رصدت عنب بلدي عدم إكمال بعض أصحاب “السرافيس” خطوطهم، خاصة على خط الفردوس- الميسر، إذ يكتفي بعض السائقين بالوصول إلى حي الفردوس، ما يضطر الركاب لركوب “سرافيس” أخرى لإكمال الطريق نحو الميسر.

وأكدت فاطمة عموري من حي الميسر، لعنب بلدي، أن هذه الحالة تسبب ازدحامًا إضافيًا وتأخيرًا كبيرًا للركاب، خصوصًا في أوقات الذروة، ما يزيد من الضغط النفسي ويضاعف زمن الرحلة اليومية.

واقع نقل الأرياف

أما في الأرياف المحيطة بحلب، فتظل مشكلة النقل أكبر وأكثر تعقيدًا، خصوصًا بالنسبة للعائلات التي تحتاج إلى التنقل يوميًا.

ذكر محمد العلي من قرية العيس في ريف حلب الجنوبي، أن سكان قريته يواجهون صعوبة يومية في التنقل نحو المدينة، إذ يضطرون للانتظار لساعات طويلة للحصول على مقعد في “سرفيس”، وغالبًا ما تكون الحافلات والمركبات مزدحمة، خصوصًا في أيام السوق أو عند الحاجة إلى مراجعة طبية في المدينة.

وأضاف محمد، لعنب بلدي، أن بعض الركاب يلجؤون إلى دفع مبالغ إضافية لتأمين وسيلة نقل بسرعة، ما يزيد العبء المالي على الأسر في ظل ارتفاع أسعار المواد الأساسية.

وبيّن أن عدد “السرافيس” العاملة على خط العيس- حلب لا يتجاوز الثلاثة فقط، تعمل وفق مواعيد محددة، إذ يقوم كل “سرفيس” برحلتين يوميًا من وإلى المدينة، آخرهما في الخامسة مساء، وبعد هذا التوقيت تنقطع حركة النقل نحو القرية، ما يجبر الأهالي على استئجار “سرفيس” خاص أو سيارة أجرة جماعية بأسعار مرتفعة.

وأضاف أن التعرفة الحالية تبلغ نحو 12 ألف ليرة سورية للمسافة التي تقارب 30 كيلومترًا، مشيرًا إلى أن السائقين يحددون مواعيد مسبقة للراغبين بالسفر، تبدأ أولى الرحلات في السادسة صباحًا، ما يفرض على الأهالي تنظيم مواعيدهم بدقة لتأمين وسيلة نقل.

ودعا العلي مديرية النقل إلى تأمين “باصات” تخدم معظم قرى الريف الجنوبي، مع زيادة عدد الرحلات اليومية لتشمل فترة مسائية، معتبرًا أن هذه الخطوة ستخفف المصاريف عن الأهالي، وتضمن استمرار حركة النقل في ساعات متأخرة.

واعتبر أن الاهتمام بالمناطق الريفية، لا سيما الجنوبية، لا يزال محدودًا، وأن الحاجة واضحة إلى خطط شاملة لتطوير النقل العام تشمل جميع الخطوط والمناطق، لتخفيف العبء اليومي عن الأهالي وضمان وصولهم إلى المدارس والمستشفيات والأسواق بسهولة وأمان.

في المقابل، ذكرت أميرة مصري من سكان مدينة الباب بريف حلب الشمالي، لعنب بلدي، أن واقع النقل في منطقتها أفضل نسبيًا، إذ تتوفر “السرافيس” بشكل منتظم وتغطي معظم الخطوط بين الباب وحلب، بما في ذلك القرى المحيطة.

وأوضحت أن المسافة بين المدينتين تقارب المسافة بين حلب والعيس، إلا أن أجرة “السرفيس” في خط الباب تبلغ نحو 20 ألف ليرة سورية، أي قرابة ضعف التعرفة في الريف الجنوبي، رغم توفر النقل على مدار اليوم.

خطة للتوسع التدريجي

في المقابل، أكد مدير النقل الداخلي في حلب، محمد الشيخ، أن التحسن الأخير جاء ضمن خطة لتوسيع الخدمة تدريجيًا، موضحًا أن عشرة “باصات” جديدة دخلت الخدمة مؤخرًا، وأن المديرية تعمل حاليًا على دراسة الخطوط الأكثر جدوى لطرحها للاستثمار وفق دفاتر شروط مناسبة.

وذكر الشيخ، لعنب بلدي، أن الخطوط الرئيسة التي تعد “الشريان الأساسي” للنقل في المحافظة تشمل: الدائري الشمالي، الدائري الجنوبي، الحمدانية، حلب الجديدة، وأن الأولويات في العمل تحدد وفق معايير تشمل الكثافة السكانية وحاجة كل منطقة.

وحول واقع النقل في الأرياف، بيّن أن المديرية تتلقى شكاوى المواطنين بشكل يومي، وتعمل بالتنسيق مع المجالس المحلية والبلديات والمخاتير لفتح خطوط جديدة في القرى والبلدات.

لكنه أشار إلى أن العدد المحدود لـ”الباصات” يعود إلى تعرض أسطول النقل خلال السنوات الماضية للتلف، نتيجة استخدامه في “المجهود الحربي من قبل النظام البائد”، إلى جانب ضعف الجدوى الاقتصادية لخدمة بعض الخطوط الريفية، ما دفع المديرية إلى تفعيل خطوط “سرافيس” بديلة بالتعاون مع مديريات المناطق والمجالس المحلية.

وبحسب مدير النقل، تعمل المديرية حاليًا على خطة استراتيجية تهدف إلى تطوير النقل العام، وتتضمن إدخال “الباصات” الكهربائية إلى حلب لأنها أكثر كفاءة وصديقة للبيئة، إضافة إلى تنظيم مواقف حديثة ومريحة، وتفعيل النظام الإلكتروني في “الباصات” لتتبع المواقع وتحديث نقاط التوقف والوصول.

وفيما يخص التعرفة والشكاوى التي أطلقها السائقون في وقت سابق، أشار إلى أن الدراسات التي أجرتها دائرة التعرفة أظهرت أن تسعيرة 2000 ليرة سورية تعد مناسبة لكل من أصحاب “السرافيس” والركاب، رغم أنها “غير مجدية اقتصاديًا” للمؤسسة العامة لنقل الركاب.

إجراءات صارمة

اعتبر مدير النقل الداخلي في حلب، محمد الشيخ، أن المشكلة الأساسية تكمن في القدرة المالية للمواطن، ما يجعل من الصعب رفع التعرفة الحالية.

وأكد الشيخ أن لدى المديرية شعبة خاصة لاستقبال الشكاوى ورقيًا وإلكترونيًا عبر رقم مخصص، وأنها تتحقق من صحة الشكاوى وتتخذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين.

كما شدد على وجود إجراءات صارمة بمحاسبة السائقين غير الملتزمين بخطوطهم أو بالتعرفة، مشيرًا إلى أن المخالفات تسجل بشكل يومي بحق السائقين المخالفين.

ويمثل التحسن الجزئي في بعض الخطوط، مثل خط القلعة، مؤشرًا إيجابيًا على إمكانية تطوير النقل العام، لكنه ليس كافيًا لتغطية احتياجات جميع السكان.

كما أن التحسن الجزئي يحتاج إلى استمرارية ومتابعة لضمان أن يصبح النقل العام في حلب أكثر انتظامًا واستدامة، ليس فقط في خطوط محددة داخل المدينة، بل أيضًا في ريفها المحيط.

مقالات متعلقة

  1. توقف النقل العام ليلًا يؤرق عمال حلب
  2. تكاليف مواصلات ذوي قتلى النظام "مخفضة" في حلب
  3. مؤسسة النقل تدرس رفع تعرفة المواصلات بدمشق وريفها
  4. الباصات الصينية شاهدة على تفاصيل الحرب السورية

خدمات محلية

المزيد من خدمات محلية