تحقيق يكشف نقل نظام الأسد آلاف الجثث من مقبرة القطيفة

  • 2025/10/15
  • 1:30 ص
صور جوية لمقبرة جماعية في صحراء منطقة الضمير في ريف دمشق - 27 شباط 2025 (رويترز)

صور جوية لمقبرة جماعية في صحراء منطقة الضمير في ريف دمشق - 27 شباط 2025 (رويترز)

enab_get_authors_shortcode

كشف تحقيق أجرته وكالة “رويترز” عن نقل النظام السوري السابق عشرات الآلاف من الجثث من المقبرة الجماعية في منطقة القطيفة بريف دمشق إلى موقع آخر بالصحراء، قرب مدينة الضمير، بين عامي 2019 و2021.

ولم تحدد “رويترز” في تحقيقها، الذي نشرته الثلاثاء 14 من تشرين الأول، مكان المقبرة، وعللت ذلك بـ”تقليل احتمال عبث المتطفلين”، إلا أنها أشارت إلى أن الموقع السري يبعد عشرات الكيلومترات عن الموقع الأصلي (أكثر من ساعة).

وأطلق على العملية “نقل الأرض”، واستندت “رويترز” في تحقيقها إلى 13 شخصًا لديهم معرفة مباشرة أو شاركوا فيها، بمن فيهم سائقون وضابط سابق في “الحرس الجمهوري” التابع للجيش السابق (المنحل حاليًا)، إضافة إلى تحليل صور ووثائق.

ويضم الموقع السري في الصحراء ما لا يقل عن 34 خندقًا، تتراوح أطوالها بين حوالي 20 و125 مترًا، وتمتد بمجموع طولي يصل إلى كيلومترين اثنين.

عملية نقل الجثث كانت تدار على مدار أربع ليالٍ تقريبًا كل أسبوع، وكانت تسيّر من ست إلى ثماني شاحنات محملة بالتراب والبقايا البشرية من القطيفة إلى موقع صحراوي قرب الضمير، وفقًا لشهود شاركوا في العملية.

للتغطية على “الجرائم”

وفقًا لشهادات الشهود، فإن الهدف من العملية كان التستر على الجرائم التي ارتكبها نظام الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، والمساعدة في تحسين صورة حكومته.

قال الضابط السابق في “الحرس الجمهوري” لوكالة “رويترز”، إن فكرة نقل آلاف الجثث بدأت أواخر عام 2018، عندما كان الأسد على وشك إعلان “النصر” في الحرب ضد المعارضة.

وأضاف أن الأسد كان يأمل في استعادة الاعتراف الدولي بعد أن تم تهميشه بسبب سنوات من العقوبات والاتهامات بالوحشية.

قال سائقا شاحنتين والضابط للوكالة، إن القادة العسكريين أخبروهم أن الغرض من عملية النقل هو إفراغ المقبرة الجماعية في القطيفة وإخفاء الأدلة على عمليات القتل الجماعي.

مئات الآلاف من المفقودين

سقط النظام السابق فجر 8 من كانون الأول 2024، عقب دخول “إدارة العمليات السكرية” إلى مشارف العاصمة السورية دمشق، بعد عملية “ردع العدوان” التي أطاحت بحكم الأسد.

وخلال العملية العسكرية، استطاعت المعارضة تحرير الآلاف من السجناء، أبرزهم كان في سجن “صيدنايا” سيئ الصيت، إلا أن الأعداد كانت أقل بكثير من المتوقع، ما دفع الكثير من الأهالي إلى البحث لعدة أيام، أملًا بوجود سراديب سرية تحوي على الزيد من المعتقلين.

وتبين خلال الساعات الأولى من سقوط النظام، وانتشار وثائق رسمية، تفيد بتنفيذ الآلاف من عمليات الإعدام بحق معتقلين، فضلًا عن اكتشاف العشرات من المقابر الجماعية.

وتشير إحصائيات منظمات حقوقية إلى وجود نحو 160,000 مختفٍ قسريًا، يعتقد بأنهم أعدموا في سجون النظام السابق.

وكان الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، أصدر، في 17 من أيار الماضي، المرسومين رقم “19” و”20″ لعام 2025، القاضيين بتشكيل “الهيئة الوطنية للمفقودين” و”الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية”، وذلك استنادًا إلى أحكام إعلان الدستوري والصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية.

ونص المرسوم رقم “19”، على تشكيل هيئة مستقلة باسم “الهيئة الوطنية للمفقودين”، تتولى مهمة البحث والكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسرًا، إضافة إلى توثيق الحالات، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية، وتقديم الدعم القانوني والإنساني لعائلاتهم.

ووفقًا للمرسوم، يعين محمد رضي جلخي رئيسًا للهيئة، ويكلف بتشكيل فريق العمل ووضع النظام الداخلي خلال مدة أقصاها 30 يومًا من تاريخ الإعلان.

“هيئة المفقودين” تنشئ “مجموعة دعم” مع منظمات مدنية

تجريف مقبرة القطيفة

وكان فريق من “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” زار موقع المقبرة الجماعية في مدينة القطيفة بريف دمشق، في إطار الكشف عن مصير المفقودين في سوريا.

وذكرت الرابطة، في 19 من كانون الأول 2024، أن فريقها التقى بعدد من سكان المنطقة الذين أكدوا قيام النظام السوري المخلوع، بالتعاون مع روسيا، بتجريف المقبرة الجماعية في القطيفة خلال الفترة بين عامي 2018 و2020، وهو ما يؤكد المعلومات السابقة التي نشرتها الرابطة عن عمليات التجريف التي حصلت.

وأشارت الرابطة إلى أن تجريف المقبرة يهدف إلى طمس معالم الجرائم التي ارتكبها النظام السوري المخلوع، وإخفاء أدلة مهمة على انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان.

وأفاد الشهود أن الموقع حُوّل إلى قاعدة رادار عسكرية، ما يثير مخاوف جدية بشأن مصير رفات آلاف الضحايا الذين دُفنوا في تلك المقبرة.

وأكدت الرابطة أن الأرقام المتداولة في وسائل الإعلام حول وجود 100 ألف ضحية مدفونة في مقبرة القطيفة غير دقيقة، ولا يمكن التثبت من صحتها في ظل غياب أي تحقيقات مستقلة وشفافة.

وطالبت المجتمع الدولي والسلطات الحالية بحماية مواقع المقابر الجماعية، وعدم السماح بالعبث بها وإطلاق تحقيق دولي مستقل في مواقع المقابر الجماعية بالتعاون مع المؤسسات المحلية المعنية وأهالي الضحايا.

كما ناشدت السوريين ووسائل الإعلام، بعدم العبث أو الاقتراب من موقع مقبرة القطيفة، أو أي من المقابر الجماعية، حتى وصول فرق دولية متخصصة تمتلك الخبرات والقدرات اللازمة للتعامل مع مثل تلك المواقع من أجل حفظها، ومساعدة أهالي المختفين قسرًا والمفقودين في سوريا على استرجاع رفات أبنائهم.

كانت الرابطة نشرت، في 30 من كانون الثاني 2024، معلومات عن قيام النظام المخلوع بتجريف المقبرة الجماعية في مدينة القطيفة والتي كانت تقع قرب مركز قيادة الفرقة الثالثة في جيش النظام المخلوع، وفقًا لصور أقمار صناعية حصلت عليها الرابطة وقامت بتحليلها.

مقالات متعلقة

  1. منظمة حقوقية تجري مسحًا لمقبرة القطيفة
  2. "نيويورك تايمز" توثّق مقبرتين تضمان آلاف الجثث لقتلى بمراكز احتجاز يديرها الأسد
  3. "حفار القبور" يحمل شهاداته عن المقابر الجماعية إلى واشنطن
  4. النظام السوري يخرق الالتزام بتنفيذ "التدابير المؤقتة" لـ"العدل الدولية"

معتقلون وسجون

المزيد من معتقلون وسجون