تتزايد وتيرة الاشتباكات والقصف المتبادل بين القوات الحكومية و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، في منطقة دير حافر في ريف حلب الشرقي.
وتتهم “قسد” القوات الحكومية بالخروقات في المنطقة، بينما تقول الحكومة إنها تستهدف فقط مواقع إطلاق النار.
قسد تتهم الحكومة
وذكرت وكالة “هاوار”، المقربة من “قسد”، اليوم الخميس 16 من تشرين الأول، أن ثمانية مدنيين قتلوا، بينهم أربعة أطفال، وأصيب تسعة آخرين، نتيجة قصف القوات الحكومية مناطق مأهولة بالسكان في محيط مدينة دير حافر شرقي حلب، خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
ووفق التقرير تواصلت الهجمات والانتهاكات منذ مطلع آب حتى منتصف تشرين الأول 2025.
وبحسب التقرير، شمل التصعيد قصفًا مدفعيًا وجويًا متكررًا طال قرى وبلدات في ريف دير حافر، أبرزها أم التينا، زبيدة، ومعبر دير حافر.
كما ذكرت الوكالة أن قوات الحكومة نفذت، في 23 من أيلول الماضي، هجومين بطائرتين انتحاريتين على نقاط لـ”قسد”.
ووفقًا للوكالة، أعقب ذلك قصف مدفعي استمر لساعات، ما أسفر عن إصابة أربعة أطفال.
بينما أصيب مدني آخر، في 5 من تشرين الأول الحالي، إثر استهداف المعبر نفسه بطائرات مسيرة.
نفي حكومي
في المقابل قال مصدر عسكري بوزارة الدفاع السورية، تحفظ على ذكر اسمه لأنه غير مصرح له بالتصريح لوسائل الإعلام، إن التقارير التي تتحدث عن استهداف مناطق مدنية “غير دقيقة وتفتقر للتوثيق”.
وأشار، في حديث لعنب بلدي، إلى أن “قسد” هي من تتحمل مسؤولية التصعيد بعد تنفيذها خروقات متكررة طالت مواقع حكومية على خطوط التماس.
وأضاف المصدر أن قوات الحكومة لم تنفذ أي ضربات جوية خارج نطاق الجبهات، وأن الردود تركزت “على مواقع إطلاق النار فقط”.
واعتبر أن وسائل الإعلام التابعة لـ”قسد” تسعى إلى تضخيم الحوادث لأهداف سياسية.
وأوضح أن القوات الحكومية رصدت خلال أيلول الماضي “زيادة في النشاط العسكري لقسد شرق دير حافر، بينها محاولات لمد خطوط إمداد ونقل عتاد عسكري”.
وأكد أن “الردود الحكومية تأتي ضمن قواعد الدفاع المشروع عن النقاط العسكرية”.
وذكر أن الاشتباكات المتكررة تحمل طابع الرسائل المتبادلة أكثر من كونها عمليات واسعة، إذ يعتمد الطرفان سياسة “الضغط المحدود” دون الدخول في مواجهة شاملة.
ويظل عدم تنفيذ اتفاق 10 آذار القاضي بدمج “قوات سوريا الديمقراطية” بمؤسسات الدولة السورية سببًا رئيسيًا لتكرار الحوادث.
الأمر الذي يجعل دير حافر واحدة من أكثر النقاط القابلة للاشتعال في ريف حلب الشرقي، خاصة مع استمرار التحشيد المتبادل.
موقع استراتيجي معقد
تقع دير حافر على بُعد نحو 50 كيلومترًا شرق مدينة حلب، وتشكل بوابة الربط بين ريف حلب الشرقي والرقة.
تعتبر البلدة ومحيطها من أكثر المناطق حساسية، إذ تلتقي فيها حدود قوات الحكومة جنوبًا وغربًا، مع مناطق سيطرة “قسد” شمالًا وشرقًا.
ويمتد خط التماس عبر قرى رسم الكراد وأم التينا وصولًا إلى مسكنة، مع وجود نقاط مراقبة وحاجز ترابية تفصل بين الطرفين بمسافات قصيرة.
كما تشهد المنطقة تحركات عسكرية متكررة منذ سقوط نظام بشار الأسد في أواخر 2024.
خلال الأشهر الأخيرة، عززت قوات الحكومة السورية وجودها قرب رسم الحاج حسين بريف دير حافر.
بينما ينتشر الجيش السوري في المراكز الرئيسة والنقاط العسكرية الواقعة على الطرق الرئيسة.
وتنتشر “قسد” في مواقع استراتيجية على الأطراف الشمالية والشرقية، بالقرب من مناطق التماس مع قوات الحكومة والفصائل المحلية.
وغالبًا تبدأ المواجهات بقصف مدفعي متبادل، ثم تتوسع لساعات قبل أن تهدأ في ظل تضارب الروايات حول أسباب الاشتباكات وتبادل الاتهامات من يبن الطرفين.
هذا التقسيم المكاني للنفوذ يجعل دير حافر منطقة شبه ساخنة دائمًا، ويمكن لأي استفزاز أن يتحول بسرعة إلى اشتباكات قصيرة لكنها متكررة، ويعكس هشاشة أي تهدئة مؤقتة أو الاتفاقات المحلية بين الطرفين.
اشتباكات سابقة
وتشهد دير حافر ومحيطها اشتباكات أو استهدافات متبادلة، وتتكرر المواجهات بشكل متقطع على خطوط التماس.
ومع نهاية آب الماضي، اندلعت اشتباكات جديدة بين الجانبين أعادت إلى الواجهة حالة التوتر المستمرة في المنطقة، بعد أسابيع من مواجهات مماثلة وقعت في ناحية حرمل الإمام شمال دير حافر.
وأسفرت الاشتباكات حينها عن خسائر محدودة في الأرواح وأضرار مادية في مواقع تمركز الطرفين.
وكانت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع أعلنت، في 9 من تشرين الأول، أن “قوات سوريا الديمقراطية” خرقت الاتفاق المبرم مع الحكومة بشأن وقف شامل لإطلاق النار شمال وشمال شرقي البلاد.
وأشارت إلى أن الخروقات تكررت أكثر من عشر مرات خلال أقل من 48 ساعة من إعلان التهدئة.
وأضافت الإدارة، في تصريحاتها لقناة الإخبارية السورية، أن “قسد” استهدفت نقاط الجيش العربي السوري في محيط سد تشرين شرقي حلب.
وأدى الاستهداف إلى مقتل جندي وإصابة آخرين، مع استمرارها في “عمليات التدشيم والتحصين في مختلف المحاور”.