ربطت “قوات سوريا الديمقراطية” إتمام الاندماج مع الجيش السوري وحكومة دمشق، بما وصفتها بـ”الشراكة الحقيقية” وتمثيل مكونات شمال شرقي سوريا.
وقال عضو القيادة العامة لـ “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وعضو اللجنة العسكرية للتفاوض مع حكومة دمشق، سيبان حمو، إنه يجب على الحكومة السورية أن تدرك أن عدم احترام إرادة المكونات السورية سيمنعها من أن تكون ممثلة لجميع السوريين.
وأكد خلال حديثه مع المكتب الإعلامي لـ”قسد“، اليوم السبت 18 تشرين الأول، أن إقصاء الحكومة المكونات السورية، وخاصة في شمال شرقي سوريا، عن مؤتمرات الحوار وصياغة الدستور وسنّ القوانين وتشكيل الحكومة، يمثل مشكلة حقيقية بالنسبة لـ “قسد”.
واعتبر أنه لا يمكن لأي حكومة أو جيش أن يحظى بالاحترام ما لم يشارك جميع المكونات في بنائه، مشددًا “سوريا لن تكون وطنًا للجميع من دون مشاركة الجميع”، و”قسد لن تسمح بتكرار السياسات الإقصائية التي عانى منها السوريون لعقود”، بحسب قوله.
“الدمج” مرتبط بفتح الشراكة الوطنية
وذكر عضو القيادة العامة لـ”قوات سوريا الديمقراطية” أن قواتهم مستعدة للانضمام إلى “الجيش السوري” الجديد المزمع تشكيله، لكن بشرط أن يتم الدمج على أسس تحترم هوية “قسد” ونضالها وتضحياتها، وتحفظ حقوق جميع مكونات الشعب السوري دون استثناء، كما قال حمو.
وأشار إلى أن الدمج يجب أن يتم على أساس الاحترام المتبادل والتشاركية، لا وفق رؤية بعض الأطراف في دمشق التي تبني خططها على الإقصاء والتصفية، وفق قوله.
تسريع عملية الدمج مرتبط بمواقف حكومة دمشق وخطواتها المقبلة تجاه حقوق جميع المكونات وفتح باب الشراكة الوطنية، هي التي ستحدد ما إذا كانت عملية الدمج ستتسارع أو ستتباطأ أو ربما تتجمد، وفق تعبير حمو.
الشرع: حقوق الكرد مصانة
بدوره، الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، قال إن حقوق المكون الكردي “ستكون مصونة في الدستور السوري”، وأن أي شخص “هُجّر أو غادر منزله خلال الحرب فحق عودته مضمون من الآن، حتى قبل بدء المفاوضات الدستورية”، في إشارة إلى المهجرين الكرد من مناطق مثل عفرين وتل أبيض ورأس العين، الذين تم تهجيرهم إثر المعارك بين فصائل “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا و”قسد” بين عامي 2018 و2019.
وأضاف في حواره مع شبكة “CBS” الأمريكية، في 15 من تشرين الأول، أن سوريا تعاني من مشكلات كثيرة، لكن التعامل معها يجب أن يكون “وفق أولويات واقعية، وليس بضربة واحدة”، مضيفًا أن دمشق “تعمل على معالجة القضايا بطريقة هادئة دون الانزلاق إلى حرب جديدة”.
وأوضح أن مناطق شمال شرقي سوريا “جزء أصيل من البلاد”، وأن الحكومة جلست أكثر من مرة مع “قسد”، وتوصّل الطرفان إلى اتفاق في 10 من آذار الماضي، الذي اعتبره “وثيقة مرجعية حافظت على كثير من المكاسب، ونالت قبولًا شعبيًا واسعًا بين الكرد والسوريين عمومًا”.
وكان الرئيس الشرع وقائد “قسد” مظلوم عبدي وقعا اتفاقًا في 10 من آذار الماضي، توصل الطرفان خلاله لاتفاق ينص على دمج “قسد” في مؤسسات الدولة السورية. وجرى الاتفاق على ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناء على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية.
وأشار الشرع إلى أن الاتفاق حظي أيضًا، ولأول مرة منذ عشر سنوات، بقبول “سوري وأمريكي وتركي في آن واحد”، معتبرًا أنه “يجب أن يُطبّق كما وُقّع تمامًا، لأنه يضمن حقوق الكرد ضمن إطار الدولة السورية”.
الحكومة “عاجزة” عن إشاعة الطمأنينة
“ما زالت الحكومة المؤقتة عاجزة عن إشاعة الطمأنينة والأمان لدى مختلف المكونات، ولم تتخذ خطوات جادة لإزالة المخاوف”، قال عضو القيادة العامة لـ “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، سيبان حمو، مضيفًا، “شهدنا في الآونة الأخيرة، مقاربات كارثية من جانب الحكومة وقواتها، تمثلت في حالات “قتل جماعي” استهدفت “العلويين والدروز”.
وأضاف أن هذه الممارسات شكلت تحديًا جديًا أمام جهود دمج “قسد”، مؤكدًا الحاجة الملحة لاستمرار وجود قوات الأخيرة لحماية شعبها.
وتطرق إلى اشتباكات الشيخ مقصود بين قوات حكومة دمشق وعناصر “قسد”، قائلًا “في الوقت الذي نتحدث فيه عن دمج “قسد”، تعرض حي الشيخ مقصود في حلب للحصار والهجوم، رغم اتفاقية العاشر من آذار التي انسحبت قواتنا بموجبها من المنطقة”.
وبحسب تعبيره أقدمت “فصائل” تابعة لحكومة دمشق على الهجوم على الحي المحاصر، كمحاولة تكرار ما حدث في السويداء والساحل، وهاجمت الحي من عشرة محاور.
ولفت إلى أن الاعتداءات تثير الكثير من التساؤلات والمخاوف، وتتناقض تمامًا مع ما يُروّج له من أن الأوضاع تسير بشكل جيد، لذلك، يجب أن تتحول الخطابات الإيجابية إلى خطوات عملية تبعث على الطمأنينة، لا إلى أفعال تولّد التوتر والمشاكل كما يحدث الآن، على حد تعبيره.
وعود شفهية وآمال عامة
وذكر عضو القيادة العامة لـ “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وعضو اللجنة العسكرية للتفاوض مع حكومة دمشق، سيبان حمو، أنه خلال الاجتماع الأخير في دمشق، سادت أجواء إيجابية بمشاركة “قسد” ومشاركة وزارة الدفاع وعدد من المسؤولين الأمريكيين.
وكشف أنه ومع ذلك، لم يتم التوصل إلى أي نتائج ملموسة، واقتصرت المخرجات على “وعود شفهية وآمال عامة”، دون اتفاقات واضحة ومكتوبة، مشددًا على ضرورة ترجمة الأجواء الإيجابية إلى خطوات عملية على الأرض.
وختم حواره مؤكدًا أن “قوات سوريا الديمقراطية” هي قوة سورية وطنية، وهي “الوحيدة القادرة على التواصل والتنسيق مع جميع المكونات السورية، من السنة والكرد والدروز والعلويين والمسيحيين، وحتى مع الحكومة في دمشق، بحسب قوله.
اتفاق على آلية الاندماج
وقد أعلن القائد العام لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، أن “قسد” اتفقت مع الحكومة السورية من حيث المبدأ على آلية الاندماج، كمجموعة متماسكة في الجيش السوري.
وقال عبدي إن “قسد” تضم عشرات الآلاف من الجنود، بالإضافة إلى آلاف من قوى الأمن الداخلي، وبالتالي لا يمكن لهذه القوات الانضمام إلى الجيش السوري بشكل فردي، كغيرها من الفصائل الصغيرة، بل ستنضم كتشكيلات عسكرية كبيرة تشكل وفقًا لقواعد وزارة الدفاع.
وأضاف في حوار مع وكالة “أسوشيتد برس“،في 16 من تشرين الأول، أن الجانبين شكلا لجنة ستعمل مع وزير الدفاع ومسؤولين عسكريين آخرين لتحديد “الآليات المناسبة”.
وتوقع أن يحصل أعضاء وقيادات “قوات سوريا الديمقراطية” الذين سينضمون إلى الجيش الوطني على مناصب جيدة في وزارة الدفاع وقيادة الجيش.
وبرر ذلك بأنه يأتي “بناء على خبرتهم وخدمتهم الطويلة، سيحصلون على مكانة مرموقة في الجيش السوري”، مشيرًا إلى أن خبرتهم “ستساهم في تعزيز الجيش”.
عبدي التقى بالرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، ومسؤولين آخرين بمن فيهم وزيرا الخارجية والدفاع، إذ توصلوا إلى “اتفاق مبدئي” بشأن آلية دمج “قسد” في الجيش.
واعتبر عبدي أن تنفيذ الاتفاق بين دمشق و”القوات الكردية” من شأنه أن يساعد أيضًا في حل العديد من المشاكل الأخرى في سوريا الخارجة من حرب أهلية استمرت 14 عامًا، وأسفرت عن مقتل ما يقرب من نصف مليون شخص.
لقاء بين الشرع وعبدي
عقد الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، وقائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، اجتماعًا في دمشق، في 7 من تشرين الأول الحالي.
ونقلت وكالة “فرانس برس”، عن مصدرين، أن اللقاء حضره المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس براك، وقائد القيادة الأمريكية الوسطى براد كوبر.
وضم وفد “الإدارة الذاتية”، وفق وكالة “هاوار” المقربة من الإدارة الذاتية، مظلوم عبدي والقياديتين في “قسد”، إلهام أحمد وروهلات عفرين.
وقال وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، في تغريدة على حسابه بمنصة، “إكس”، إنه التقى بمظلوم عبدي، في دمشق، واتفقا على “وقف شامل لإطلاق النار بكافة المحاور ونقاط الانتشار العسكرية شمال وشمال شرق سوريا، على أن “يبدأ تنفيذ هذا الاتفاق فوريًا”، وفق أبو قصرة.