عنب بلدي – جلال ألفا
رغم التحديات التي تعيشها الرياضة السورية منذ سنوات، أثبتت المنتخبات الوطنية حضورها اللافت في الاستحقاقات الآسيوية رغم محدودية الإمكانات.
وما بين التحديات الإدارية، وضعف الدعم الفني والمالي، يبرز الإصرار السوري كعنوان دائم، يحمل رسالة مفادها أن الرياضة ما زالت صامدة.
مسار سوريا من التصفيات إلى النهائيات
تأهل منتخب سوريا إلى نهائيات كأس آسيا 2027، ورغم تذبذب الأداء في بعض الأحيان، فإن المنتخب حقق أربعة انتصارات متتالية.
“نسور قاسيون” قدموا أداء متفاوتًا في التصفيات، ورغم فوزهم على باكستان وأفغانستان، فإن الانتقادات طالت المنتخب.
وفي المباراة الثالثة، عالج المنتخب السوري نقاط ضعفه، واكتسح ميانمار بخماسية، وعاود فوزه على ميانمار بثلاثية منذ أيام، لتتأهل بذلك سوريا إلى كأس آسيا للمرة الثالثة على التوالي، والأولى في القرن الـ21.
وحقق المنتخب أرقامًا كبيرة في التصفيات، بتسجيله 11 هدفًا، مستقبِلًا هدفًا يتيمًا من ركلة جزاء.
وفي سياق أداء المنتخب، قال المدرب طارق جبان لعنب بلدي، إن المنتخب لم يظهر التطور الكبير في أول مباراتين، لكنه حقق الفوز، وأداؤه في مباراتي ميانمار كان “الأفضل”.
وأشار جبان إلى أن ميزة الفريق كانت في خلق الفرص، وتنوع اللعب، وتسجيل الأهداف، مقارنة بالحالة الدفاعية غير الثابتة والقوية، بسبب تغيير المدافعين من مباراة لأخرى.
بينما يرى الباحث الأكاديمي والمحلل غيفارا الخطيب، أن أداء المنتخب لم يكن مقنعًا رغم التأهل، فالمباريات كانت أمام منتخبات ضعيفة تصنيفيًا، وكرة القدم فيها لا تُمارس باحترافية حقيقية.
وأشار الخطيب إلى أنه كان من المفترض أن يظهر المنتخب بمستوى أقوى وأداء أكثر ثباتًا، خاصة أن الظروف كانت مهيّأة لتقديم صورة أفضل.
خوسيه لانا.. بصمة واضحة أم تكتيك مكرر
اعتبر غيفارا الخطيب أن عمل المدير الفني، خوسيه لانا، مخيّب للآمال حتى الآن.
وقال الخطيب لعنب بلدي، “تفاءلنا بتقديم كرة تموضعية واستحواذية، تتناسب مع المدرسة الإسبانية التي ينتمي إليها المدرب”.
وأضاف أن لانا لم يُحدث أي تغيير يُذكر عن سابقيه في الأسلوب الدفاعي، و”يمكننا تفهم ذلك”، لأنه لم يسبق له تدريب فريق رجال، لذا لم يستطع التعامل مع الواقع الفني بالشكل الصحيح، وربما يحتاج إلى مزيد من الوقت، أو ربما غير قادر على ذلك.
وأوضح الخطيب أن المشكلة تكمن بعدم وجود معيار واضح لدى المدرب في عملية الانتقاء، إذ يُستدعى لاعبون من الدرجات الدنيا، بينما يُستبعد محترفون متألقون في أوروبا.
ونوّه إلى أن هذا يعكس ضعف المهنية، وعدم وجود عمل فني منظم أو محترف لدى المدرب.
ويرى طارق جبان أن بصمة خوسيه لانا غير واضحة ومفهومة حتى هذه اللحظة، ويظهر ذلك جليًا في المستوى المتذبذب للمنتخب.
وأشار جبان إلى أن هوية الفريق لم تكن ثابتة على الصعيدين الدفاعي والهجومي، باستثناء مباراتي ميانمار.
ولفت إلى أن الجهود الفردية للاعبين هي التي ساعدت المنتخب في الفوز.
من جانبه، أكد الصحفي الرياضي هاني عنطوز، أن رحلة خوسيه لانا مع المنتخب في بدايتها، والنتائج الأولية تظهر منهجًا واضحًا في التعامل مع القائمة، لكن البصمة الحقيقية تُقاس دائمًا بالأداء في المباريات الحاسمة والمنافسات القارية الكبرى.
نقاط القوة والضعف
قال غيفارا الخطيب، إن قوة المنتخب تكمن في الجيل الجديد من اللاعبين الشبان القادمين من المنتخب الأولمبي بمتوسط أعمار صغير، بالإضافة إلى التماسك الدفاعي باستقبال هدف وحيد.
ويرى طارق جبان أن مفتاح قوة المنتخب هو الحالة الهجومية، المتمثلة بعودة بابلو صباغ، إلى جانب السومة وخريبين.
ونوه إلى أن هذا التقييم مبني على مباريات التصفيات، لأن المعاناة واردة أمام منتخبات الصف الأول.
أما على صعيد نقاط الضعف، فقال الخطيب لعنب بلدي، إن المدرب لم يستفد من الأدوات التي يملكها في خلق شكل خططي للفريق.
وأضاف أن المنتخب ظهر عاجزًا عن تطبيق أي نمط هجومي واضح حتى الآن، واللعب الهجومي يتم بشكل ارتجالي وبمجهود فردي.
ويرى طارق جبان أن نقاط الضعف تكمن في الخط الدفاعي والضغط العالي على الخصم.
وقال إن المنتخب بحاجة إلى حالات دفاعية جماعية في ملعب الخصم، وعدم الاكتفاء بدفاع المنطقة الذي من الممكن أن يكلف أخطاء كثيرة.
تأهل سوريا.. آراء متقاربة
أكد المدرب طارق جبان أن تأهل سوريا كان مستحقًا، وأثنى على تفكير الكادر الفني في تحقيق الانتصارات.
وتوافق غيفارا الخطيب مع حديث جبان، لكنه قال، إن الأداء لم يكن مقنعًا أو مطمئنًا لما هو قادم.
الخطيب اعتبر أن المنتخب لم يقدم شخصية فنية واضحة حتى الآن، مرجعًا ذلك إلى الأداء المتقلب، والأسلوب غير الثابت، وعدم الوضوح في البناء الهجومي أو في طريقة إدارة المباريات.
بينما تذهب رؤية المدرب طارق جبان إلى أن شخصية المنتخب غير ثابتة، وبحاجة لعمل كبير وانسجام أكبر.
وأوضح أن الاستقرار يكمن في الثبات على التشكيلة، خاصة بعد اجتياز فترة تجريب اللاعبين.
ولفت جبان إلى أنه من المفترض أن تكون لدى خوسيه لانا فكرة واضحة عن مستويات اللاعبين، لاختيار الأفضل لتمثيل المنتخب.
التحضير لآسيا
أكد غيفارا الخطيب أن على اتحاد الكرة اتخاد قرار حازم بخصوص المدرب لانا، لأنه حاليًا يستغل عقده ويقدم صورة مهملة دون أن يؤدي واجبه كما يجب.
وقال إن التحضير يبدأ بتحديد معايير واضحة لانتقاء لاعبي المنتخب، وشرح آلية الاختيار، ثم الانطلاق بمعسكرات تدريبية تُركّز على رفع المستوى البدني والتكتيكي، وصولًا إلى توليفة متجانسة بمتوسط أعمار مقبول واستقرار فني فعلي بالتشكيلة.
وأضاف أن المنتخب لديه فرصة ذهبية في كأس آسيا الأولمبية، لتقييم أداء عدد من اللاعبين الشبان، ويجب استثمارها بشكل جدي لتوسيع قاعدة الاختيار مستقبلًا.
من جانبه، اعتبر طارق جبان أن هناك فترة جيدة لتحضير المنتخب بشكل لائق لكأس آسيا.
وعلى الكادر الفني، وفق جبان، أن يكون موجودًا في سوريا من أجل دراسة اللاعبين المحليين، لتكوين تشكيلة ممزوجة من اللاعبين المحليين والمغتربين والمحترفين، مشددًا على ضرورة التركيز على جميع اللاعبين، من أجل الوصول إلى كأس آسيا بجاهزية كاملة.
دور اللاعبين المحترفين
المنتخب السوري بحاجة إلى أي لاعب قادر على تقديم الإضافة، نظرًا إلى امتلاكهم خبرة كبيرة في المشاركات الخارجية، وفق ما يرى المدرب السوري طارق جبان، مشيرًا إلى أنه لا بديل عن اللاعب المحلي الذي يعتبر بمثابة “خزان بشري” للمنتخب.
جبان أبدى تأييده لوجود اللاعب المحترف في حال كان أفضل من المحلي، مع أهمية العناية باللاعب المحلي من قبل إدارة المنتخب والكادر الفني الإسباني.
وطالب بمشاركة اللاعبين المحترفين والمغتربين في كأس آسيا المقبلة، واستثمار إمكاناتهم لتحقيق نتائج أفضل من النسخة السابقة.
في حين يرى غيفارا الخطيب أن اللاعبين المحترفين هم القوة الضاربة الأهم في الفريق، حيث سجلوا وأسهموا في أكثر من نصف أهداف المنتخب.
وأشار إلى وجود عمل كبير يجب القيام به من قبل الكادر، لأن عملية دمج المحترفين في المنظومة غير صحيحة.
وطالب بدور محوري منظم للمحترفين ضمن منظومة واضحة، لا مجرد مشاركات فردية.
ويرى الصحفي الرياضي هاني عنطوز، أن اللاعبين المحترفين ركيزة أساسية لتطوير المنتخب، لكن تأثيرهم يحتاج إلى إدارة ذكية لتحقيق التوازن والانسجام بين اللاعبين.