تيارات ضاغطة تعرقل مفاوضات دمشق- “قسد”

  • 2025/10/19
  • 1:01 م
عرض عسكري لوحدات حماية الشعب التابعة لقوات سوريا الديمقراطية - 7 أيلول 2025 (ypg/ المركز الإعلامي)

عرض عسكري لوحدات حماية الشعب التابعة لقوات سوريا الديمقراطية - 7 أيلول 2025 (ypg/ المركز الإعلامي)

enab_get_authors_shortcode

عنب بلدي – موفق الخوجة

تمر المفاوضات بين الحكومة السورية بدمشق و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بمنعطفات عدة، منذ توقيع الاتفاقية، في 10 من آذار الماضي، بين الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، وقائد “قسد” مظلوم عبدي.

الاتفاقية التي حملت ثمانية بنود، نص البند الرابع منها على دمج مؤسسات “قسد” المدنية والعسكرية ضمن الدولة السورية، في حين تحدثت فقرات أخرى عن حقوق للمكون الكردي، وإعادة المهجرين، والتمثيل العادل لجميع السوريين، وضمان مشاركتهم بناء على الكفاءة، بغض النظر عن انتمائهم ومكونهم الطائفي والعرقي.

وفي حين نص البند الثامن على تنفيذ جميع بنود الاتفاقية قبل نهاية العام الحالي، لا تلوح في الأفق أي بوادر للحل، تضمن تنفيذ الاتفاقية قبل انقضاء المهلة التي تنتهي بعد نحو شهرين، باستثناء تصريحات من قبل “قسد” تتحدث عن “إيجابية” اللقاءات مع الحكومة، في حين تتهمها الأخيرة بالمماطلة والتعطيل.

الإيجابية التي يتحدث عنها قياديو “قسد” ما زالت أمام ملفات عالقة بين الجانبين لم تُحل منذ التوقيع، قبل سبعة أشهر، على رأسها قضية مركزية أو لامركزية الدولة، وآلية ضم القوات التي تسيطر على ثلث سوريا إلى الجيش السوري الجديد، والاندماج بوزارة الدفاع.

وكانت أحدث اللقاءات بين الجانبين، حتى لحظة تحرير التقرير، في 7 من تشرين الأول الحالي، حين التقى الرئيس السوري، الشرع، بقائد “قسد”، عبدي، إلى جانب قياديين من الأخيرة، ووزير الدفاع، مرهف أبو قصرة.

اللقاء جاء بعد تصعيد غير مسبوق بين الحكومة و”قسد” في مدينة حلب، شمالي سوريا، في محيط حيي الأشرفية والشيخ مقصود، ذوي الأغلبية الكردية، انتهت باتفاق لوقف إطلاق النار.

وفي حين اكتفت الحكومة السورية، حينها، بالحديث عن تجديد اتفاق وقف إطلاق النار، يتحدث قادة “قسد” عن اتفاق شفهي يتعلق بتفاهمات مبدئية، حول ملف اللامركزية والانضمام إلى الجيش.

وبالرغم من اتفاق وقف إطلاق النار، ما زال التصعيد العسكري حاضرًا، وسط مناوشات محدودة على عدة محاور، في حلب ودير الزور، لم تصل إلى حد الاشتباك المتبادل، منذ 6 من تشرين الأول الحالي.

عبدي: اتفاق شفهي للانضمام

قائد “قسد”، مظلوم عبدي، ذكر في مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس”، في 16 من تشرين الأول الحالي، أن “قسد” تضم عشرات الآلاف من الجنود، بالإضافة إلى آلاف من قوى الأمن الداخلي، وبالتالي لا يمكن لهذه القوات الانضمام إلى الجيش السوري بشكل فردي، كغيرها من الفصائل الصغيرة، بل ستنضم كتشكيلات عسكرية كبيرة تُشكل وفقًا لقواعد وزارة الدفاع.

وتوقع أن يحصل أعضاء وقيادات “قسد” الذين سينضمون إلى الجيش الوطني على مناصب جيدة في وزارة الدفاع وقيادة الجيش.

وبرر ذلك بأنه يأتي “بناء على خبرتهم وخدمتهم الطويلة، سيحصلون على مكانة مرموقة في الجيش السوري”، مشيرًا إلى أن خبرتهم “ستسهم في تعزيز الجيش”.

ثلاث فرق ضمن الجيش

الكاتب والباحث السياسي بسام السليمان، قال إن الحكومة السورية طرحت مقترحًا بهدف إنقاذ المفاوضات ومنع التصعيد العسكري، بعد تعثر المسار، بسبب ما وصفه بـ”تعنت بعض التيارات” ضمن “قسد”.

يتضمن الاقتراح، وفق السليمان، قبول دخول ثلاث فرق عسكرية بأعداد محددة تتناسب مع الهيكلية المعمول بها في الجيش السوري، وخضوعها بالكامل لبرنامج وزارة الدفاع من حيث الانتشار الجغرافي وفق ما تطلبه قيادة الجيش من حيث التدريب والتوجيه وغيره.

ووفق الباحث، طلبت الحكومة من “قسد” تقديم لوائح بأسماء عناصر الفرق الثلاث، في حال تمت الموافقة.

وبذلك، تنازلت الحكومة عن شرط انضمام “قسد” إلى الجيش كأفراد، بمقابل أن يتم تعيين قادة لهذه الفرق بالتوافق بين الحكومة والقوات في شمال شرقي سوريا.

من جانبها، رفضت وزارة الدفاع السورية التعليق على التصريحات الصادرة من قادة “قسد” فيما يتعلق باندماجها في الجيش، كما لم تتلقَّ عنب بلدي ردًا من وزارة الخارجية على ذات الموضوع، حتى لحظة تحرير الخبر.

بدوره، يرى الباحث السياسي في مركز “الحوار السوري” والمتخصص بشؤون الشرق السوري عامر المثقال، أن عبدي يحاول بتصريحاته الأخيرة الإيحاء بوجود قبول من الحكومة السورية ببعض الشروط التي تضعها “قسد” رغم أنه لم يصدر موقف حكومي رسمي حول ما تطالب به، مثل الانضمام إلى الجيش ككتلة مستقلة أو ما يتكرر على لسان بعض قيادييها مثل المطالبة باللامركزية.

وأشار إلى أن “قسد” تقصد اللامركزية السياسية وليس الإدارية، بمعنى تمهيد الطريق نحو إدارة ذاتية للمنطقة، وهو ما يُقابل برفض الحكومة السورية التي ترفض أي نوع من أنواع الحكم الذاتي، فضلًا عن الجانب التركي الذي يعتبر نشوء كيانات حكم ذاتي في شمالي سوريا مهددًا لأمنه القومي.

ولفت المثقال إلى أن عبدي كرر في أكثر من مناسبة الحديث عن “اتفاقات مبدئية” و”تفاهمات شفهية”، وهي بطبيعة الحال نصوص غير ملزمة و”قفز” على ما تم الاتفاق عليه في 10 من آذار.

الدمج مرتبط بالمشاركة

في حين تشير تصريحات قائد “قسد” إلى بوادر انفراج في الملف، يخرج قياديون بارزون ضمن القوات ذاتها، يتحدثون عن عراقيل أمامها، حيث ربط القيادي البارز، وأحد المفاوضين، سيبان حمو، الانضمام بما وصفه بـ”الشراكة الحقيقية” وتمثيل مكونات شمال شرقي سوريا.

واعتبر في حديث إلى مركز “قسد” الإعلامي، في 18 من تشرين الأول، أنه لا يمكن لأي حكومة أو جيش أن يحظى بالاحترام ما لم يشارك جميع المكونات في بنائه، مشددًا على أن “سوريا لن تكون وطنًا للجميع من دون مشاركة الجميع”، و”قسد لن تسمح بتكرار السياسات الإقصائية التي عانى منها السوريون لعقود”، بحسب قوله.

وذكر عضو القيادة العامة لـ”قسد” أن قواتهم مستعدة للانضمام إلى الجيش السوري الجديد المزمع تشكيله، بشرط أن يتم الدمج على أسس تحترم هوية “قسد” ونضالها وتضحياتها، وتحفظ حقوق جميع مكونات الشعب السوري دون استثناء، كما قال حمو.

وأشار إلى أن الدمج يجب أن يتم على أساس الاحترام المتبادل والتشاركية، لا وفق رؤية بعض الأطراف في دمشق التي تبني خططها على الإقصاء والتصفية، وفق قوله.

تسريع عملية الدمج مرتبط بمواقف حكومة دمشق وخطواتها المقبلة تجاه حقوق جميع المكونات وفتح باب الشراكة الوطنية، وهي التي ستحدد ما إذا كانت عملية الدمج ستتسارع أو ستتباطأ أو ربما تتجمد، وفق تعبير حمو.

تيارات معرقِلة

يعتقد الباحث السياسي بسام السليمان أن هناك جملة كبيرة من العقبات أمام مسار المفاوضات، أهمها التيار الطائفي المعادي للدولة السورية، معتبرًا أن هذا التيار لا يمكن أن يندمج مع الدولة الجديدة.

السليمان أوضح أن أبرز ما يعوق تنفيذ الاتفاق هو صراع التيارات داخل “قسد”، مشيرًا إلى وجود تيار مرتبط بعناصر النظام السابق ويأخذ صبغة طائفية.

وكشف أن قادة من حزب “العمال الكردستاني”، على رأسهم قائد الحزب، جميل باييق، إضافة إلى القياديَّين البارزَين، دوران قالقان ومراد قره ييلا، اللذَين ينحدران من تركيا، والموجودَين في السليمانية بالعراق، يحاولون تقوية حضورهم من خلال الاستعانة بتيارات طائفية مدعومة بفلول نظام الأسد السابق.

وبالرغم من الشعارات اللادينية التي يرفعها هذا التيار، فإنه يملك نزعة طائفية، إذ ينتمي القادة الثلاثة المنحدرون من تركيا إلى طائفة رئيس النظام السابق، بشار الأسد، ما عزز وجود أكثر من 5000 مقاتل ممن تسميهم الحكومة “فلول النظام” داخل “قسد”، بحسب الباحث السليمان.

وفي حين لم يتسنَّ لعنب بلدي التأكد من ضلوع الأسماء المذكورة في الضغط على قيادات داخل “قسد”، تؤكد معلومات حصلت عليها عنب بلدي وجود عدد من عناصر النظام السابقين الذين انضموا إلى القوات بعد سقوط الأسد.

ووفق الباحث بسام السليمان، يهدف تيار قائد حزب “العمال” باييق إلى “عرقلة” مسار المفاوضات، والضغط على التيارات الأخرى التي ترغب بالانضمام إلى الدولة السورية.

لا ملامح للانفراج

الباحث في مركز “الحوار السوري” عامر المثقال، لا يرى أي معالم واضحة لانفراج في مسار المفاوضات، مشيرًا إلى أن المنطقة تعيش حالة ترقب في ظل صعوبة تحقيق الحسم من قبل الجانبين.

الحكومة السورية ترغب بالحلول السلمية وتستبعد الخيار العسكري وتُنسّق مع الولايات المتحدة في هذا الخصوص، و”قسد” تواصل المماطلة في تنفيذ ما اُتفق عليه في آذار، وفق المثقال.

وقال إن “قسد” لا تواجه ضغوطًا أمريكية جادة لتحقيق الاندماج، خاصة بعد إقرار “البنتاجون” مؤخرًا دعمًا لها بقيمة 130 مليون دولار إلى جانب “جيش سوريا الحرة”.

ويربط المثقال أي انفراجة في التفاوض بوجود رغبة أمريكية بتحقيق الحل في سوريا وتكريس حالة الاستقرار، متوقعًا أن تكون الولايات المتحدة غير متعجّلة في تنفيذ اتفاق آذار، رغبة منها، فيما يبدو، بالإمساك بورقة ضغط فعّالة على سوريا، مشيرًا إلى قضية التطبيع مع إسرائيل والتفاهمات الأمنية معها.

وفي حال فشل تطبيق اتفاق آذار، مع اقترابه من نهايته في آخر كانون الأول المقبل، فإن السيناريو الأقرب، وفق المثقال، هو تمديد الاتفاق برعاية أمريكية، واللعب على عامل الوقت من جديد.

كما يرجح المثقال، بدرجة ثانية، تطبيق بعض البنود بشكل جزئي في محاولة لبناء الثقة بين الجانبين، معتبرًا أن هذه الثقة ستبقى ضعيفة في حال أصرت قيادة “قسد” على مطالبها الخاصة بالحكم الذاتي وما شابهه.

مقالات متعلقة

  1. مفاوضات دمشق- "قسد" تصطدم بعقبة المعتقلين في حلب
  2. "قسد" تصر على "الفدرلة" ودمشق تتمسك بمركزيتها
  3. الحوار الكردي- الكردي.. بنود تخالف الاتفاق مع دمشق
  4. "قسد" أمام جبهتين.. دمشق تفاوض وأنقرة تريد الحرب

سوريا

المزيد من سوريا