كشفت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش عن مخالفات مالية وفنية تجاوزت قيمتها 32 مليار ليرة سورية، ضمن عقود توريد نفط وغاز أُبرمت خلال حكم النظام السابق.
وذكرت الهيئة في منشور لها عبر “فيسبوك”، الأحد 19 من تشرين الأول، أن بعثة تفتيشية مختصة دقّقت في العلاقة التعاقدية بين شركة عامة عاملة في قطاع النفط والغاز ومؤسسة عامة لتجارة المعادن ومواد البناء، ضمن عقود توريد شملت أكثر من 2500 بند من المواد والتجهيزات مرتفعة القيمة.
وبحسب ما توصلت إليه البعثة، فإن المؤسسة التجارية لجأت إلى موردين ثانويين لتأمين احتياجات معامل الشركة النفطية في بادية حمص، نتيجة عدم توفر المواد في مستودعاتها، ما تسبب بفروقات سعرية كبيرة وصلت إلى 32 مليار ليرة سورية (حوالي 2.8 مليون دولار)، إضافة إلى ملاحظات فنية حول عدم مطابقة عدد من المواد للمواصفات المطلوبة.
وأشارت الهيئة إلى أن لجان خبرة فنية شاركت في مراجعة الأسعار والمواصفات وفق الأسعار الرائجة حينها، لتحديد حجم الضرر اللاحق بالأموال العامة، مؤكدة أنه تم حصر المسؤوليات واتخاذ إجراءات احترازية بحق المعنيين من إدارات الشركتين والموردين الثانويين، شملت الحجز الاحتياطي على الأموال ومنع السفر بهدف استرداد المبالغ المتضرر بها.
فساد بمصرف عام
أعلنت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، في 8 من تشرين الأول الحالي، اكتشاف مخالفات في آلية صرف وتوزيع السيولة، خلال جولة رقابية على أحد المصارف العامة، دون ذكر اسم المصرف.
وقالت الهيئة المركزية عبر حسابها في “فيسبوك”، إنها رصدت خلال جولتها مخالفات وتجاوزات في آلية توزيع المبالغ النقدية التي يتم توجيهها نحو فئات محددة على حساب فئات أخرى، منوهة إلى وجود “محسوبيات واستثناءات غير مسوّغة”.
وبلغت قيمة تلك الاستثناءات الممنوحة للشركات والأفراد، ما يزيد على عشرة مليارات ليرة سورية (نحو 770 ألف دولار)، وفق الهيئة.
الهيئة المركزية أكدت اتخاذ عدد من الإجراءات بحق المخالفين تضمنت:
– كفّ يد عدد من الموظفين.
– إحالة المخالفات إلى التحقيق لاستكمال الإجراءات القانونية.
– وضع مقترحات تنفيذية تتضمّن حلولًا لتخفيف الازدحام وضمان وصول المعاشات لأصحابها بسهولة وكرامة.
في “السورية للطيران”
كما وضعت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش يدها على واحدة من قضايا الفساد التي سبق أن اكتشفها وكلاء من الجهاز المركزي للرقابة المالية خلال حكم النظام السابق، دارت وقائعها بين مكاتب حجوزات “السورية للطيران” ومديرية الشؤون التجارية والتسويق بالمؤسسة ذاتها، قبل سقوط النظام السابق بنحو تسعة أشهر.
وأكد مصدر مطلع على القضية لعنب بلدي (تحفظ على نشر اسمه) حينها، أن فريقًا مختصًا في الهيئة بدأ تحقيقاته بقضية اختلاس ما يزيد على 13 مليار ليرة سورية، عبر قيام الشؤون التجارية والتسويق (مكاتب الحجز) في المؤسسة السورية للطيران بإصدار تذاكر سفر وهمية وتسديدها خارج الأطر القانونية، وباشر الفريق سماع بعض الشهادات حول القضية.
وأشار إلى أن الخطوط الجوية السورية تصدّرت مشهد تحقيقات الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، بعدما حصل الفريق المختص بالهيئة على “وثائق” تكشف الشبكة المنظمة في “السورية للطيران”، التي استغلت الصلاحيات الإلكترونية داخل النظام المركزي للحجوزات والإصدار، لاختلاس المليارات من العملات السورية والأجنبية.
وكشف مدير سابق في الشؤون التجارية والتسويق بـ”السورية للطيران” لعنب بلدي (تحفظ على نشر اسمه) حينها، أن الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، بعد فتح التحقيق مجددًا في القضية، استدعت مديرين اثنين سابقين للمؤسسة السورية للطيران، ومديرًا فنيًا، للاستماع إلى شهاداتهم بخصوص قضية الاختلاس والتزوير.
إعادة هيكلة
بدأت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، بخطوات في إعادة هيكلة المؤسسة وإعادة النظر في الإطار القانوني الذي ينظم عملها.
وقال رئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش عامر العلي، لوكالة الأنباء السورية (سانا) في 15 من أيار الماضي، إنه سيتم العمل على أتمتة العمليات في المؤسسات الرقابية، بما يضمن تحقيق جودة عالية وسرعة في المتابعة والمراقبة، فيما يتم العمل مع الجهات العامة على ضمان تطبيق القانون، وتعزيز السياسات المعتمدة في جميع مؤسسات الدولة، تحقيقًا للانتظام الإداري الذي يخدم مصالح المجتمع.
وأضاف، “نسعى لتعزيز الرقابة على أداء المؤسسات الحكومية، مع التركيز على رفع جودة العمل الإداري، والخدمات المقدمة للمواطنين، ونلتزم بمكافحة الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة كافة، من خلال إجراءات واضحة ومعتمدة، تواكب معايير المهنية والشفافية”.
ما الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش؟
الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في سوريا، إحدى الجهات الحكومية، التي تهتم بمراقبة وتفتيش الأنشطة الإدارية والمالية في المؤسسات الحكومية بهدف ضمان النزاهة والشفافية ومنع الفساد.
كما تعمل الهيئة على رصد وتنظيم تنفيذ القوانين واللوائح في مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية، وتقديم تقارير دورية حول أدائها.
وفي مطلع أيار الماضي، أصدر الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، قرارًا بتعيين عامر العلي رئيسًا للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش.