استقبلت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في مدينة الطبقة، وفدًا من الحكومة السورية، في خطوة تهدف إلى مناقشة التوترات القائمة في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب، وسبل معالجتها بالطرق السلمية لضمان أمن واستقرار المدنيين وتجنب أي تصعيد ميداني.
وجاء في بيان نشره المركز الإعلامي لـ”قسد”، في 20 من تشرين الأول، أن “قسد” تقدمت ببادرة حسن نية، من خلال تسليم عدد من المعتقلين من عناصر قوات حكومة دمشق، الذين جرى توقيفهم خلال الفترة الماضية في أماكن مختلفة، في سياق الحرص على تعزيز الثقة بين الطرفين.
وأكدت “قسد” خلال الاجتماع التزامها بالحلول السلمية والحفاظ على الاستقرار، مع التركيز على حماية المدنيين في جميع المناطق، في إطار مساعيها لتخفيف حدة التوتر وفتح قنوات للحوار البناء.
من جانبه، أكد المكتب الصحفي لوزارة الداخلية في حلب لعنب بلدي الاجتماع. وأوضح أن هذه الاجتماعات تجري بشكل متكرر بين الطرفين، وتبحث عددًا من القضايا.
وانتشرت صورة على مواقع التواصل الاجتماعي لوفد وزارة الداخلية يظهر فيها قائد الأمن الداخلي في محافظة حلب، العقيد محمد عبد الغني، بالقرب من نهر الفرات.
توترات تبعها مجموعة لقاءات
في 6 من تشرين الأول، ذكرت قناة “الإخبارية السورية” الحكومية أن اشتباكات بدأت حين رصدت قوات الجيش العربي السوري نفقًا لـ”قسد” يربط مواقعها بمكان خلف مواقع الجيش والأمن بمحيط حي الأشرفية، لتنفيذ ما وصفتها بـ”اعتداءات وأعمال تخريبية”، إذ فجرت النفق وأعادت الانتشار حول حيي الشيخ مقصود والأشرفية، فيما قام الأمن الداخلي بنشر حواجز من أجل منع تسلل مقاتلي “قسد”.
وذكرت القناة أن “قسد” قامت بإرسال عناصرها بلباس مدني، واشتبكت مع حواجز الأمن بالعصي والحجارة، وأثناء ذلك تسلل عناصر مسلحون من “قسد” واستهدفوا حواجز الأمن الداخلي، كما استهدفت الأحياء المحاذية لحيي الأشرفية والشيخ مقصود بقذائف الهاون.
وذكر مصدر أمني لقناة “الإخبارية”، أن الاشتباكات أسفرت عن قتيل وثلاث إصابات من قوى الأمن الداخلي خلال استهداف “قسد” حواجز الأمن في محيط حي الشيخ مقصود بمدينة حلب.
وسبق الاشتباكات وصول تعزيزات لقوات الجيش السوري، وإغلاق لجميع المداخل والمداخل عامة المؤدية إلى الحيين أمام حركة السيارات، ما تسبب بازدحام شديد، في حين سمح بخروج الأهالي دون السماح بالدخول.
إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع أكدت لوكالة الأنباء السورية (سانا)، أن تحركات الجيش السوري تأتي ضمن خطة إعادة انتشاره على بعض المحاور شمال وشمال شرقي سوريا، وذلك بعدما وصفتها بـ”الاعتداءات المتكررة” لقوات “قسد” واستهدافها للأهالي وقوى الجيش والأمن، وقيامها بمحاولة السيطرة على نقاط وقرى جديدة.
وشددت على التزام الوزارة باتفاق 10 من آذار بين الحكومة و”قسد” دون وجود لأي نيات لعمليات عسكرية.
بالمقابل، ذكرت “قسد” أن ما يجري في حلب، جاء نتيجة لاستفزازات ما وصفتها بـ”فصائل الحكومة المؤقتة” ومحاولاتها التوغل بالدبابات.
ونفت، عبر صفحتها في “فيسبوك”، استهداف حواجز للجيش السوري في محيط الحيين.
وذكر مصدر عسكري، تحفظ على نشر اسمه لأنه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام، لعنب بلدي، أن الحكومة مارست ضغوطًا على “قسد” داخل المدينة لإجبارها على الانسحاب، ووضع المناطق تحت إشراف الأمن العام التابعة لها، على أن يبقى حيّا الأشرفية والشيخ مقصود تحت سيطرة الدولة السورية، دون أي حواجز عسكرية داخل المدينة.
وأضاف المصدر أن الحكومة وضعت بنودًا محددة خلال اجتماع عُقد قبل نحو أسبوعين، لم توافق عليها “قسد”، كما رفضت الحكومة بنودًا كانت قد قدمتها فصائل تنتمي لـ”قسد”، ما أدى إلى تصعيد الوضع.
وأشار إلى أن الحكومة اتخذت قرارها بهذا الخصوص، و أن أي فصيل عسكري خارج القانون لن يسمح له بالبقاء داخل المدينة، وأن أي تصعيد عسكري محتمل يأتي في إطار جهود الدولة لضبط الأمن والسيطرة على جميع المناطق.
وتوقفت الاشتباكات بشكل نهائي، بين الجيش السوري من جهة، و”قسد” المسيطرة على الحيين من الجهة الثانية، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، حسبما نقلت قناة “الإخبارية” السورية، في 7 من تشرين الأول .
استفزازات سبقت الاشتباك
عادت قضية حيي الأشرفية والشيخ مقصود، إلى الواجهة مجددًا بعد توترت عسكرية وأمنية شهدتها المدينة، في 22 من أيلول الماضي، بين الحكومة السورية التي أرسلت أرتالًا، ضم بعضها مدرعات، إلى محيط الحيين، لتعزيز نقاط تمركزها أمام “قسد”.
بحسب تصريح مصدر عسكري، لعنب بلدي، بدأت التوترات بعد أن استهدفت “قسد” سيارة من نوع “بيك أب” تتبع للوزارة، ما أدى إلى مقتل أحد العناصر، وإصابة أربعة آخرين وقعوا في الأسر، لتشهد المدينة بعد ذلك استنفارًا أمنيًا.
وأوضح المصدر، الذي تحفظ على نشر اسمه لأنه غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام، أن وزارة الدفاع تتمركز بنقاط ثابتة في محيط حيي الأشرفية والشيخ مقصود، تقابل النقاط التي تتمركز فيها “قسد” داخل الحيين، والحادثة حصلت في أثناء عملية تبديل العناصر.
الحكومة لم تعلّق حينها على الحادثة، إلا أن مصدرًا في محافظة حلب، تحفظت عنب بلدي على نشر اسمه لأنه غير مخول بالتصريح في هذا الملف، أوضح أن المشكلة حُلّت بنفس اليوم، مشيرًا إلى أن “قسد” أطلقت سراح الأسرى من وزارة الدفاع.
من جانبها، قالت “قسد” إنها تصدت لهجوم شنته ما أسمتها “الفصائل المنفلتة” التابعة لحكومة دمشق على إحدى نقاطها الأمنية في محيط حيي الشيخ مقصود والأشرفية.
وبحسب “قسد”، أسفر الهجوم عن إصابة ثلاثة من عناصر الفصائل المهاجمة، بالإضافة إلى إسقاط طائرة مسيّرة (درون) استخدمت في الهجوم.