أطلقت وزارة العدل السورية خطة لمعالجة ملف الاستيلاء غير المشروع على العقارات، وفق نهج موحد وسريع ومنصف، وفق قرار نشرته اليوم، الخميس 23 من تشرين الأول.
وينص القرار الذي يحمل الرقم “526” على تخصيص محاكم ودوائر قضائية للنظر حصريًا في هذه القضايا، بهدف توحيد الاجتهاد القضائي وتجنب التناقض في المعالجة، وتقصير المدد الزمنية للنظر في الدعاوى وتبسيط الإجراءات دون المساس بضمانات المحاكمة العادلة.
ويحفظ القرار كامل حقوق الدفاع لجميع أطراف النزاع، وفقًا لمبادئ العدالة والقانون.
وأوضحت الوزارة أن تمكين أصحاب الحقوق من استرداد أملاكهم عبر قرارات قضائية عادلة وملزمة، تصدر خلال آجال معقولة وبإجراءات شفافة، يرمي إلى معالجة آثار النزاع على الملكيات العقارية وضمان عودة الحقوق إلى أصحابها الشرعيين.
ويسهم في تعزيز الاستقرار المجتمعي والحد من أسباب التوتر والنزاع العقاري، كما يرمي إلى تعزيز ثقة المواطنين بالقضاء.
أشرفت النيابة العامة على أعمال لجان الغصب البين، وأسهمت في حل الكثير من القضايا عبر القوانين النافذة، أضافت الوزارة، شارحة ذلك بأنه جاء “حرصًا على ترسيخ سيادة القانون، وصون الحقوق العقارية للمواطنين، وتجاوبًا مع ما تم رصده من ممارسات أدت إلى الاستيلاء غير المشروع على عقارات مواطنين تم تهجيرهم بشكل واسع وممنهج عقب قيام الثورة السورية”.
واعتبرت الوزارة أنه لما كانت القضايا من الكثرة والتشعب واحتوائها على التدخلات، قد احتاجت إلى تدخل المرجعية القضائية للبت فيها، وبعد دراسة معمقة للكثير من جوانب هذه القضايا والاطلاع على شكاوى المواطنين، ورغبة في تسريع الحل القضائي.
ودعت الوزارة جميع المواطنين ممن تضرروا من مثل هذه الأفعال إلى مراجعة الجهات القضائية المختصة، وممارسة حقوقهم القانونية ضمن الآليات المبسطة المعتمدة.
ما خلفية القرار؟
اتخذت قضية العقارات المستملكة في المحافظات السورية عامة، ودمشق وريفها خاصة، طابعًا جدليًا، تحول من المطالبة باسترجاع الملكيات والأراضي إلى مواجهة مع أهالي الأحياء، تغذيها الحالة القائمة في سوريا من استقطابات مذهبية ومناطقية.
وشهد جبل الورد بمنطقة الهامة مؤخرًا، وقبله حي السومرية، توترات أمنية إثر الأراضي المستملكة في الحيين، والتي أدت إلى تدخل الفصائل المسلحة وعناصر الحكومة السورية، لإخلاء المساكن، والتي أدت لانتهاكات بحق السكان.
معالجة مشكلات الاستملاك بالسومرية
قال محافظ دمشق، ماهر مروان إدلبي، في 3 من أيلول الماضي، إن ما جرى في حي السومرية بدمشق مؤخرًا، هو نتيجة لتراكم ما وصفها بـ”مشكلات الاستملاك الجائر والفساد العقاري عبر عقود من حكم النظام البائد”.
وأضاف إدلبي وفقًا لما نقلت عنه الوكالة السورية للأنباء (سانا)، أنه يتم تشكيل لجان قانونية من محافظتي دمشق وريف دمشق، للنظر في الاستملاك الواقع على السومرية، وما لحقه من عشوائيات دامت لعقود جراء سلوكيات النظام السابق “الجائرة” في التعامل مع ملف العقارات.
وأشار إدلبي إلى أن اللجان القانونية المذكورة، ستستعين بمن تشاء من أهالي المعضمية والسومرية ذوي الخبرة.
“الحكومة السورية ملتزمة بحل هذه القضايا بعدالة وشفافية، بعيدًا عن التهجير أو الطرد القسري”، بحسب تعبيره.
وأضاف، “نحن دولة مؤسسات ودولة قانون، ويجب أن تحل القضايا العقارية المجتمعية على أسس وإجراءات قانونية”، مؤكدًا أن احترام حقوق الملكية هو واجب شرعي وقانوني وأخلاقي ولا ينبغي المساس به إلا عبر لجان قضائية أو قوانين عادلة ولا يناط الحكم به للأفراد، حتى لا تحدث فوضى، بحسب إدلبي.
توصيات
اقترحت الناشطة في حقوق الإنسان، رنا الشيخ علي، في حديث سابق مع عنب بلدي، أن يتم التعامل مع المقيمين بالمساكن العشوائية، حسب تجارب دولية سابقة، وفق أحد الخيارات التالية:
- منحهم فترة إخلاء معينة، قد تمتد لخمس سنوات.
- تحقيق نفع مشترك من العقار.
- دفع تعويض لأصحاب الأرض الأصليين، أو مداخل أخرى.
أما الحل العادل برأي المحامية والباحثة القانونية مع “البرنامج السوري للتطوير القانوني” (SLDP)، آلاء يونس، فهو أن يوازن بين ثلاثة حقوق، حق الدولة في التنظيم وسيادة القانون، وحقوق المالكين الأصليين الذين تضرروا من استملاكات غير منصفة أو غير مُستثمرة، واستقرار الحائزين الحاليين الذين استقروا لعقود بقبول رسمي ضمنيًا أو صراحة.
وأوصت بـ:
- وقف فوري شامل لأي إخلاءات “قسرية” في حي السومرية وسواه إلى أن يُستكمل إطار قانوني ضامن.
- إنشاء لجنة وطنية مستقلة لحقوق السكن والأرض والملكية بتمثيل قضائي، مساحي، مجتمعي وبمرافقة أممية، لمراجعة الاستملاكات، وفض التزاحم بين “حق الأصل” و“حق الحيازة”، واقتراح صكوك تسوية وتسجيل مبسطة.
- تسوية تنظيمية خاصة بالسومرية: مسح عقاري- اجتماعي، تثبيت تدريجي للحيازة القابلة للتنظيم ومنح سندات، ومعالجة الأجزاء غير القابلة عبر بدائل سكن محلية وتعويض مسبق
- تعويض منصف وحديث القيمة للمالكين الأصليين (نقدي/ بدائل/ شراكات تطوير) ممول من صندوق وطني لإصلاح الملف بدعم دولي.
- قوننة الإجراءات: حصر أي إخلاء لاحق بالقضاء، مع إشعار كافٍ ومهل وطعون ورقابة مدنية، وتطبيق معايير موحدة بلا انتقائية هوياتية، ومساءلة من تورط في الانتهاكات.
