الناصرية بدرعا.. 17 معمل ألبان تلوث البيئة بأمصالها

  • 2025/10/26
  • 7:10 م
حفرة مياه آسنة في بلدة الناصرية بريف درعا الغربي - 16 تشرين الأول 2025 (عنب بلدي/محجوب الحشيش)

حفرة مياه آسنة في بلدة الناصرية بريف درعا الغربي - 16 تشرين الأول 2025 (عنب بلدي/محجوب الحشيش)

enab_get_authors_shortcode

درعا – محجوب الحشيش

عبر 17 معملًا، تنشط صناعة الألبان والأجبان في قرية الناصرية، شمال غربي محافظة درعا، على الحدود الإدارية مع محافظة القنيطرة، وتسبب مخلفاتها أضرارًا على البيئة والسكان، خاصة أن القرية تفتقر لخدمة الصرف الصحي.

يشتكي عدد من السكان في قرية الناصرية من مخلفات الألبان والأجبان، وهو ما يُعرف بالمصل الذي تنتج عنه أخطار صحية وروائح كريهة تضر جيران المعامل.

أحد السكان طلب عدم نشر اسمه تجنبًا لحدوث خلافات مع مالكي المعامل، قال لعنب بلدي، إن المعمل الذي بجواره تفيض من الحفرة المخصصة للصرف الصحي فيه مياه آسنة تسبب رائحة كريهة، مع كثرة البعوض الحشرات.

وأضاف أن السكان يستيقظون صباحًا والأجواء ممتلئة بالأدخنة الناتجة عن تشغيل “الحراقات” التي يستخدمها المعمل في غلي الحليب، ما سبب أمراضًا تنفسية لأبنائه.

وما زالت قرية الناصرية تعتمد على الطريقة التقليدية في ترحيل المياه الآسنة عبر طمرها في حفرة عميقة، ما يهدد فيضان الصرف الصحي حال امتلاء الحفرة.

دون جدوى

يحاول بعض مالكي معامل الألبان في الناصرية ترحيل المياه الآسنة الناتجة عن مصل الألبان والأجبان إلى غربي البلدة، وبعضهم ربطها بمجاري المنازل عبر تصريفها في حفرة مطمورة، إلا أنها تطوف مع كثرة الاستخدام.

محمد عرار، من سكان البلدة، قال لعنب بلدي، إن هذه الظاهرة ناتجة عن عدم وجود مجارٍ للصرف الصحي، وهي تشكل هاجسًا لدى معظم السكان في القرية، وتسبب خلافات عائلية في بعض الأحيان، إذ تطوف هذه المياه بسبب كثرة الاستخدام ما يؤدي إلى انتشار الحشرات والرائحة الكريهة.

ومن أجل توفير التكلفة يلجأ بعض مالكي معامل الألبان إلى تشغيل “الحراقات” على الإطارات البالية أو البلاستيك والنايلون، ما يسبب تلوثًا بيئيًا ويؤثر بالدرجة الأولى على مرضى الربو والحساسية الصدرية.

فايز، من سكان القرية، قال إن الرائحة الناتجة عن حرق الإطارات وغيرها تسبب له أزمة صحية استدعت ذهابه للطبيب أكثر من مرة، وطلب منه الابتعاد عن أي رائحة فيها أثر من البلاستيك أو الإطارات.

وقال إنه لا حل لهذه الظاهرة، لأن معظم مالكي المعامل يستخدمون مسببات الرائحة الكريهة.

مسؤولية الدولة

محمد العمر، مالك معمل ألبان وأجبان في قرية الناصرية، قال لعنب بلدي، إن معمله مرخص ويدفع ضرائب سنوية، مشيرًا إلى أن مسؤولية ترحيل المخلفات تقع على عاتق الدولة، ومع ذلك هو يرحّل المياه الآسنة لمسافة تبعد كيلومترين اثنين عن أقرب بيت في الناصرية.

وأضاف أن معمله مبني خارج المخطط التنظيمي، وأن البناء العشوائي خارج المخطط سبب في الاكتظاظ، ومع ذلك هو يستخدم الديزل في تشغيل “الحرّاق”، وكذلك يرحّل المخلفات بشكل يومي.

أضرار تطول البيئة

من جانبه، قال رئيس بلدية قرية الناصرية، علي الموسى، لعنب بلدي، إن القرية تحوي على 17 معملًا للألبان والأجبان، وهي تعتبر قرية رائدة في الإنتاج، إذ يصدّر معظم إنتاجها إلى العاصمة دمشق وبعض المحافظات السورية.

وأضاف الموسى أن أساس المشكلة هي أن تصريف المصل الناتج عن الصناعة يحدث فيضانًا في حفر الصرف الصحي، إذ ما زال السكان يستخدمون الطرق البدائية في تصريف المياه الآسنة عبر الحفر المطمورة.

وذكر أن بعض المعامل ترحّل هذه المياه إلى غربي القرية، حيث حُرمت معظم العائلات من الاستمتاع بأجواء الطبيعة في تلك المنطقة التي كانت سابقًا منتزهًا لأهل القرية.

وأشار إلى أن المشكلة تزداد تعقيدًا في أثناء استخدام مواد بلاستيكية في تشغيل “الحراقات”، ما يؤدي إلى حدوث أضرار بيئة.

حلول بحاجة إلى قرار وميزانية

من الحلول الممكنة، تنفيذ شبكة صرف صحي في القرية بحسب الموسى، إلا أن مجلس البلدية خاطب مؤخرًا مديرية الصرف الصحي من أجل تنفيذ مشروع داخل القرية، وكان رد المديرية بأن تنفيذ الشبكة يحتاج إلى موافقة وزارية ورصد ميزانية للمشروع.

وقال الموسى، إن مجلس البلدية جهز مشروع رفع “طوبوغرافي” لمشروع الصرف الصحي مع كشف تقديري بحجم الأعمال، وهو مرفوع إلى وزارة الإسكان والمرافق منذ ثلاثة أعوام، ولكن دون رد حتى الآن من قبلهم.

وتتعمق المشكلة بشكل أكبر في نهاية مصب مياه الصرف الصحي من بعض قرى القنيطرة، الذي ينتهي قرب قرية الناصرية ويسير مع السيول، ويصل إلى منتصف القرية.

محمد عرار، رئيس بلدية سابق قال لعنب بلدي، إن نهاية مصب مياه الصرف الصحي في القنيطرة بحاجة إلى مشروع منفصل عبر تكملة نقله بقساطل، وتركيب محطة معالجة في نهايته.

وفي حال تنفيذ مشروع كهذا يحل ما يقارب 60% من مشكلة الصرف الصحي في القرية، حيث من الممكن أن تربط المعامل المياه الناتجة عنها بهذه القساطل.

البلدية دون مقومات

رئيس البلدية، علي الموسى، قال إن المجلس عاجز عن ترحيل النفايات في القرية لعدم وجود الإمكانيات الفنية، حيث يفتقد لجرار مخصص لنقل النفايات وكذلك للعمال، ويقتصر كادر المجلس على الرئيس ومديرة للمكتب الفني ومحاسبة فقط.

وحول طرق التخلص من النفايات، قال الموسى، إن السكان يتخلصون منها عبر ترحيلها بشكل ذاتي إلى أطراف القرية، أو عبر حرقها وهذا يسبب تلوثًا بيئيًا أيضًا.

قرية الناصرية هي آخر قرية في ريف درعا الغربي، وتبعد ما يقارب ثمانية كيلومترات غربي مدينة نوى، ويصل عدد سكانها إلى 6000 نسمة، بحسب بيانات المجلس.

ويعتمد سكانها على صناعة الألبان والزراعة ويوجد فيها سد “الناصرية” الذي جف هذا الموسم بسبب قلة الأمطار، وعدم رفده من سدود القنيطرة.

مقالات متعلقة

  1. درعا.. القمامة والصرف الصحي يهددان صحة سكان "الشجرة"     
  2. درعا.. فيضان الصرف الصحي يهدد صحة سكان قرية العجمي
  3. مخيم "زيزون" في درعا.. عشر سنوات من فيضان الصرف الصحي
  4. مخلّفات معاصر "الروج" تصبغ "العاصي" بالأسود وتقتل الأسماك

خدمات محلية

المزيد من خدمات محلية