عمر خريبين.. السوري الذي غرد خارج السرب كأفضل لاعب في آسيا

من بين كل الأسماء التي مرت في تاريخ الكرة السورية، يبقى عمر خريبين بين الحالات الخاصة، فهو لاعب تجاوز حدود المحلية مبكرًا، وفتح لنفسه طريقًا نحو النجومية الآسيوية، ليصبح أول سوري يتوّج بجائزة أفضل لاعب في آسيا 2017.

ورغم الجدل الذي أحاط به في بعض محطاته، بقي خريبين حاضرًا في ذاكرة الجماهير السورية والعربية، كأحد أبرز المهاجمين الذين أنجبتهم الكرة السورية في العقود الأخيرة، ونموذجًا للاعب الذي استطاع أن يحول موهبته إلى قصة نجاح عابرة للحدود.

الموهبة التي كسرت الحدود

ولد عمر خريبين في 15 من كانون الثاني 1994، في العاصمة دمشق، وترعرع في أحيائها الشعبية، حيث كانت الكرة شغفه الأول منذ الصغر.

بدأ مشواره الكروي في نادي الوحدة، أحد أبرز أندية العاصمة السورية، وسرعان ما لفت الأنظار بمهارته العالية وحسه التهديفي المبكر، لتتم ترقيته إلى الفريق الأول وهو في سن صغيرة.

ومع بداية الثورة السورية، شق عمر طريقه إلى الاحتراف الخارجي، متنقلًا بين العراق والإمارات والسعودية ومصر، في رحلة مليئة بالإنجازات والمواقف، شكلت ملامح لاعب استثنائي، جمع بين الموهبة الفطرية، والحس التهديفي العالي، والقدرة على صناعة الفارق في المباريات الكبرى.

خريبين خاض تجربته الاحترافية الأولى مع القوة الجوية العراقي، وسجل خلالها 11 هدفًا، وارتدى قميص الميناء العراقي، وسجل معه عشرة أهداف.

ومن العراق إلى الإمارات، حيث حط رحاله في الظفرة الإماراتي، ولعب تحت قيادة المدرب السوري محمد قويض 29 مباراة، سجل خلالها 22 هدفًا، وأثبت نفسه في دوري قوي مليء بالمحترفين.

لكن القفزة الكبرى كانت عندما انتقل إلى نادي الهلال السعودي 2017، في صفقة اعتُبرت حينها الأهم في مسيرته.

خريبين كتب فصول المجد مع الهلال، حيث لعب مع الفريق السعودي 48 مباراة، سجل خلالها 29 هدفًا، وحقق مع الهلال في فترته الأولى لقب الدوري السعودي مرتين، وكأس الملك مرة واحدة.

واختتم موسمه بالفوز بجائزة أفضل لاعب في آسيا وهداف البطولة، كأول سوري يحقق هذا الإنجاز.

تألق خريبين اللافت، دفع بيراميدز المصري للتعاقد معه على سبيل الإعارة، وسجل عمر في الملاعب المصرية ستة أهداف في 12 مباراة.

وبعد نهاية الإعارة، عاد إلى بيته الهلالي، لكن دوره لم يعد كما سبق، بسبب توافد العديد من النجوم إلى الهلال، وعلى رأسهم المهاجم بافتيمبي غوميز.

لكنه حقق لقب دوري أبطال آسيا 2019، والدوري مرتين، والسوبر وكأس الملك مرة، وشارك في بطولة كأس العالم للأندية في مباراتي الترجي التونسي وفلامينغو البرازيلي، وسجل سبعة أهداف في 30 مباراة.

وبعد رحيله عن الهلال، عاد خريبين إلى الإمارات، وتحديدًا من بوابة الوحدة، وقدم موسمًا تاريخيًا مع العنابي، حيث سجل 27 هدفًا في 44 مباراة.

ومن بعدها خاض الدولي السوري تجربة قصيرة على سبيل الإعارة مع شباب الأهلي دبي، حيث أسهم مع الفريق بثمانية أهداف خلال 23 مباراة.

وعاد خريبين إلى الوحدة الإماراتي 2023، واستعاد بريقه معه، مسجًلا 46 هدفًا في 67 مباراة، حتى هذه اللحظة، وحصد جائزة هداف الدوري 2023.

يعتبر خريبين أغلى لاعب سوري، حيث تبلغ قيمته السوقية خمسة ملايين دولار، وفقًا لموقع “ترانسفير ماركت“.

مع المنتخب.. نجاح وخلاف

لعب خريبين دورًا بارزًا في مسيرة منتخب سوريا، إذ أسهم في قيادة نسور قاسيون إلى الملحق الآسيوي بالمونديال، وسجل أهدافًا حاسمة في مباريات مصيرية، وحقق بطولة غرب آسيا 2012، وقاد المنتخب إلى دور الـ16 من منافسات كأس آسيا للمرة الأولى في تاريخه، وهو هداف المنتخب في البطولة.

ورغم الخلافات الإدارية التي لاحقت خريبين منذ فترة المدرب التونسي نبيل معلول، وابتعاده عن المنتخب لفترات متقطعة، بسبب أعذاره المتكررة عن عدم الالتحاق بالمنتخب في مباريات معينة، وعقوبات الحرمان، فإن عودته للمنتخب كانت دائمًا محط اهتمام الجماهير، لما يملكه من موهبة قادرة على صنع الفارق في أي لحظة، وهو ما ظهر جليًا في مباراة ميانمار الأخيرة.

قصة خريبين ليست مجرد مسيرة احترافية ناجحة، بل حكاية لاعب آمن بموهبته، ورمز لجيل تحدى الواقع الرياضي الصعب، وأصرّ على أن يكون سفيرًا لكرة القدم السورية في الخارج، ليبقى اسمه حاضرًا كلما ذُكرت النجومية والإنجاز.