تستعد الحكومة السورية لإطلاق خطة تتعلق بقطاع الكهرباء، تتضمن تعديل تعرفة أسعار الطاقة للمنازل واعتماد نظام الشرائح حسب الاستهلاك، مع إضافة شريحة للمؤسسات الحكومية، بحسب ما كشف عنه مصدران حكوميان لعنب بلدي.
وذكر المصدران أن الخطوة تهدف إلى تحسين الواقع الكهربائي وجودة الخدمات المقدّمة، وزيادة عدد ساعات التغذية الكهربائية، من خلال إمكانية صيانة المحطات والخطوط الكهربائية، وتقليص الخسائر الكبيرة التي تتكبدها الحكومة.
وأوضح المصدران أن تعديل تعرفة أسعار الكهرباء المنزلية سيتم عبر نظام الشرائح، بحيث تُراعى احتياجات الفئات الأكثر فقرًا، وفق ما يلي:
- الشريحة الأولى: تتضمن 300 كيلوواط بسعر مدعوم، بحيث تراعي احتياجات الأسر الأساسية، وهي موجهة للعائلات الفقيرة، وبهذه الشريحة تتحمل الحكومة تكلفة إجمالية تقدر بـ60% من تسعيرة هذه الشريحة.
- الشريحة الثانية: عند تجاوز الشريحة الأولى (300 كيلوواط)، تحول التعرفة كلها لهذه الشريحة وتحسب وفق تسعيرتها.
- الشريحة الثالثة: للقطاع الحكومي الذي يستهلك 30% من الإنتاج الكهربائي، وسيتم اعتمادها عبر دفع كل مؤسسة تابعة للدولة أجور ما استهلكته من الكهرباء من موازنتها، وسيحسب سعر استهلاكها بنحو 0.13 دولار أمريكي للكيلوواط (نحو 1500 ليرة سورية)، أي ما يعادل تكلفة الإنتاج، ووصف المصدران هذه الخطوة بأنها “من أجرأ القرارات لمواجهة الهدر والفساد والتمييز”.
ويعادل الدولار الأمريكي الواحد نحو 11500 ليرة سورية.
خسارة مليار دولار سنويًا
أكد المصدران أن استمرار أسعار الكهرباء على ما هي عليه، يسبب خسارة للحكومة بنحو مليار دولار سنويًا، بسبب زيادة ساعات التغذية الكهربائية منذ سقوط النظام من ساعتين تقريبًا إلى ثماني ساعات يوميًا، ما يؤدي إلى زيادة تكاليف إنتاج الكهرباء واستيراد الغاز والفيول اللازم لتشغيل محطات التوليد.
ويكلف الكيلوواط من الكهرباء 0.14 دولار أمريكي (ما يعادل 1600 ليرة سورية)، ويباع حاليًا للمواطن بعشر ليرات سورية فقط (نحو 0.0009 دولار أمريكي)، وهذا يسبب خسائر كبيرة في قطاع الكهرباء.
الحكومة السورية لا تعتزم رفع الدعم كليًا عن الكهرباء، بل ستعيد هيكلته بما يحسن الخدمة الكهربائية المقدمة بأسعار أقرب إلى التكلفة الفعلية.
الخطة تهدف لزيادة ساعات التغذية الكهربائية تدريجيًا، وبمنتصف عام 2026 ستصل ساعات التغذية لـ14 ساعة، بحسب المصدرين الحكوميين.
تركيب عدادات ذكية
المصدران كشفا لعنب بلدي، أن الآلية المتبعة بالخطة ستشمل تبديل العدادات الكهربائية الحالية بعدادات ذكية مرتبطة بخدمة “الواي فاي”، وسيتم تركيب ما يقدّر بنحو 6.5 مليون ساعة ذكية، بتكلفة تتراوح بين 60-70 دولار للساعة الواحدة، على حساب المستهلك، ويمكن تقسطيها عبر الفواتير.
ولفت أحد المصادر إلى أن سوريا تنتج حاليًا ستة ملايين متر مكعب من الغاز، وهي بحاجة إلى 30 مليون متر مكعب، وإنتاج الكهرباء محليًا 2200 ميجاواط.
أما بالنسبة للغاز الأذري المستورد، فالمشكلة المرتبطة به ليست بجودته، إذ يتمتع بجودة عالية، بل بتهالك المضخات العاملة في محطات التوليد، ما يسبب تقصيرًا بساعات التغذية.
وأكد المصدران أن مشكلة تفاوت التقنين الكهربائي مرتبطة بالبنى التحتية للمحافظات، فمثلًا محافظة دمشق بنيتها التحتية أفضل من بنى ريف دمشق، كون الأخيرة تعرضت للقصف والتدمير من قبل النظام السابق.
بدأ تدفق الغاز الطبيعي الأذربيجاني إلى سوريا عبر تركيا، في 2 من آب الماضي، وقال وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، حينها، إن تصدير الكهرباء إلى سوريا يتم عبر ثماني نقاط مختلفة، ومن المنتظر زيادة قدرة التصدير بنسبة 25% أولًا، وإلى أكثر من الضعف لاحقًا.
مدير الشركة السورية للغاز، يوسف اليوسف، قال لعنب بلدي حينها، إن سوريا ستستقبل 3.4 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا من أذربيجان عبر الجانب التركي، وستدخل في شبكة الغاز السورية فورًا، مشيرًا إلى أن الكميات تدخل بشكل تدريجي في الأسبوع الأول، وبعده سيصل الضخ لمعدل التزويد الثابت المعلن.
إعادة تأهيل شبكة الكهرباء
تواصل وزارة الطاقة السورية إعادة تأهيل شبكة الكهرباء، عبر عمليات الصيانة والتطوير لمحطات النقل الرئيسة، وخطوط التوزيع في مختلف المحافظات، ويقدر أن نحو 20% من المحطات قد خضعت لأعمال صيانة شاملة، بالإضافة إلى البدء في إنشاء محطات جديدة.
ويبلغ عدد محطات التحويل 75 محطة موزعة على المحافظات جميعها، منها 64 محطة قيد العمل، بينما لا تزال ثماني محطات خارج الخدمة، فيما توجد ثلاث محطات تحت إعادة التأهيل.
وتشمل المحطات 195 محولًا كهربائيًا، منها 165 محولًا في الخدمة حاليًا، بحسب ما أعلنت وزارة الطاقة، في 20 من تشرين الأول الحالي.
تأهيل 20% من المحطات
المدير العام للمؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء، خالد أبو دي، قال إن الوضع الحالي يظهر تحسنًا ملحوظًا مقارنة بالواقع قبل سقوط النظام، نتيجة الصيانة المستمرة وإدخال التحسينات على الشبكة.
ومن أبرز المشاريع الحالية، إعادة تأهيل محطة تحويل حلب “F” بجهد 400 كيلوفولت، إضافة إلى تأهيل محطتين بجهد 230 كيلوفولت، وإعادة تأهيل نحو 15 محطة تحويل تقريبًا من الصفر.
وقد استغرقت هذه الأعمال نحو سنة ونصف، لتكون إضافة لمحطات التحويل في الشبكة الكهربائية وبالتالي التوسع في الشبكة، بحسب أبو دي.
وتشمل أعمال التأهيل تركيب قواطع ومفاتيح، وتجهيز محولات التيار المستمر، واستبدال الكابلات والبطاريات، بالإضافة إلى إصلاح أنظمة التبريد والعزل والتأريض ومانعات الصواعق، مع إدخال محطات نقالة جديدة.
ولفت أبو دي إلى أنه تم التركيز على تأمين قطع الغيار اللازمة لاستكمال أعمال الصيانة وضمان عمل الشبكة بأقصى قدرة توليدية ممكنة في المستقبل القريب.
كميات الكهرباء ليست ثابتة
المدير العام للمؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء، خالد أبو دي، قال لعنب بلدي، في 22 من أيلول الماضي، إن كميات الكهرباء المتاحة للتوزيع ليست ثابتة بل تتغير تبعًا لحجم التوليد المتوفر، فكلما ارتفع الإنتاج الكهربائي انخفضت ساعات التقنين (القطع) وزادت ساعات التغذية (الوصل)، والعكس بالعكس.
وأشار إلى أن برنامج التقنين من مسؤولية شركات التوزيع، ويحدد بالاستناد إلى حجم الطاقة المولدة المتوفرة، إلا أن حدوث أعطال مفاجئة في محطات التوليد أو شبكة النقل يؤدي في بعض الأحيان إلى خلل في تطبيق البرنامج، وبالتالي عدم انتظام ساعات التغذية في بعض المناطق.
