نفى مسؤولون سوريون ما أوردته وكالة “رويترز”، أن الرئيس السوري أحمد الشرع أمر الموظفين المدنيين الذين يملكون سيارات فارهة بتسليم مفاتيحها فورًا أو مواجهة تحقيق في “مكاسب غير مشروعة”، خلال اجتماع سابق في إدلب.
مدير الشؤون السياسية في ريف دمشق، أحمد محمد ديب طعمة، قال في تغريدة عبر حسابه بمنصة “إكس” مساء 31 من تشرين الأول، اعتبر أن ما جاء في تقرير “رويترز” يتضمن “معلومات مغلوطة”.
وأشار طعمة إلى أن الرئيس لم يتطرق إلى هذا الجانب الذي يتعلق بسيارات “كاديلاك إسكاليد” و”رانج روفر” و”شيفروليه تاهو” وغيرها المتوقفة في الخارج.
وقال إني “حضرت الاجتماع كاملًا ولم أسمع بهذه الرواية”، و تابع: “للأسف، سيارتي قديمة كحال الكثيرين وقد تعطلت في ذلك اليوم، لذا تركتها في إدلب ورجعت مع أحد الأصدقاء”.
وبحسب مدير الشؤون السياسية في ريف دمشق، فقد تحدث الشرع عن “الذكريات وكيف أنعم الله علينا، ثم انتقل إلى الواقع وتحدياته ورؤيته لسوريا وما نرغب في الوصول إليه”، مقدمًا بعض “النصائح كأب يرعى أبناءه ويحميهم”.
ونصح الرئيس الشرع الحاضرين بشأن “ضرورة الانتباه لهفوات السلطة ومآلاتها، وأهمية الحفاظ على ثمرة السنوات وتضحيات الثورة السورية”، وفق طعمة.
وقال، “لم يتطرق الرئيس أبدًا إلى أي شخص بخصوص ما ورد في التقرير، ولا عن سياراتهم أو غيرها من المغالطات التي جاءت فيه”.
أما وزير الاتصالات السابق في حكومة الإنقاذ، حسين المصري، الذي حضر الجلسة فقد أشار إلى أن ما ورد في تقرير “رويترز”، “كلام بعيد عن الصحة”.
وقال في منشور عبر “فيسبوك”، لقد “كانت جلسة مطولة إيجابية، تضمنت وصايا وتوجيهات عامة حول الواقع”، بالإضافة إلى “توجيهات بعدم مزاحمة المستثمرين، وتشكيل لجنة لمتابعة هذا الموضوع وجرد أملاك وأموال المسؤولين”.
توبيخ وشكاوى
وفي تقرير نشرته “رويترز”، في 31 من تشرين الأول، ذكرت أن الرئيس السوري عقد اجتماعًا في مقره السابق بمحافظة إدلب، في 30 من آب الماضي، بعيدًا عن مكتبه الرئاسي في دمشق، بحضور مسؤولين أمنيين رفيعي المستوى.
ونقل شهود حضروا اللقاء، وآخرون أُحيطوا علمًا بتفاصيله، لوكالة “رويترز”، أن الشرع أمر الموظفين المدنيين الذين يملكون سيارات فارهة بتسليم مفاتيحها فورًا أو مواجهة تحقيق في “مكاسب غير مشروعة”. وأضاف الحضور أن بعض المفاتيح سُلّمت بالفعل عند انتهاء الاجتماع.
وزارة الإعلام السورية وصفت الاجتماع في تصريح لوكالة “رويترز” بأنه “ودي وغير رسمي”، وقالت إنه تناول “التحديات السياسية والأمنية وضرورة تغيير ثقافة الاستثمار التي أرساها النظام السابق”، وأكدت أن الشرع شدد خلاله على رفض الفساد في مؤسسات الدولة، لكنها نفت أن يكون قد تم تسليم أي مفاتيح سيارات.
وتأتي هذه الخطوات بعد شكاوى من مواطنين خلال لقاء سابق مع الشرع، في مطلع آب الماضي، من مظاهر الثراء المفاجئ لدى بعض “الثوار السابقين” الذين أصبحوا موظفين في الحكومة.
وفي 12 من تشرين الأول الحالي، عرضت الوكالة السورية للأنباء (سانا) تسجيلًا مصورًا للشرع يطالب فيه المسؤولين بالكشف عن استثماراتهم، ومنعهم من الدخول في مشاريع خاصة جديدة أو إقامة علاقات تجارية مع رجال الأعمال، مؤكدًا أنه “لا يريد تكرار النموذج الذي كان سائدًا في عهد الأسد”.
لكن شهادات تسعة رجال أعمال ومسؤولين حاليين وسابقين لوكالة “رويترز”، تشير إلى أن الفساد ما زال موجودًا في الدولة الجديدة، من بينها دفع رشى للإفراج عن معتقلين أو لاستعادة منازل وممتلكات صودرت بعد سقوط النظام السابق.
وقال صناعيون تحدثوا لـ”رويترز”، إنهم اضطروا لدفع مبالغ نقدية غير موثقة بإيصالات أو فواتير عبر وسطاء نافذين لتسيير أعمالهم أو حماية موظفيهم من الاعتقال.
وزارة الإعلام السورية قللت من حجم هذه الممارسات، مؤكدة أن “الحالات محدودة”، وأن المشتبه بتورطهم في تلقي الرشى “أُحيلوا إلى التحقيق الفوري”، بحسب “رويترز”.
استبعاد جمال الشرع
تتجاوز ملامح التوتر محيط السلطة إلى داخل عائلة الشرع نفسها، فبينما يشغل شقيقاه حازم وماهر مناصب رفيعة في الحكومة الجديدة، أُقصي شقيقه الأكبر جمال عن المشهد بعد اتهامات باستغلال صلته العائلية بالرئيس لتحقيق مكاسب تجارية.
ونقلت وكالة “رويترز” عن ستة مصادر مطلعة، أن جمال أنشأ بعد صعود شقيقه إلى الحكم مكتبًا في دمشق أدار منه مشاريع في مجالات الاستيراد والتصدير والسياحة، وكان يظهر علنًا في أماكن فاخرة مستخدمًا سيارة “مرسيدس S-Class” بزجاج داكن ولوحات غير مرقمة.
لكن في آب الماضي، أمر الشرع بإغلاق المكتب ومنع أي جهة حكومية من التعامل معه، وأكدت وزارة الإعلام إغلاق المكتب، موضحة أن جمال “لم يُسمح له بالعمل ككيان استثماري أو تجاري”، وأنه “لا يشغل أي منصب رسمي في الدولة”، دون أن تذكر ما إذا كانت قد وُجهت إليه اتهامات محددة.
وقال أحد أقرباء الشرع لـ”رويترز”، إن الرئيس السوري عقد اجتماعًا عائليًا بعد الحادثة حذر فيه أفراد أسرته من “استغلال اسم العائلة لتحقيق مكاسب شخصية”.
فساد في الصندوق السيادي
اعتقلت الحكومة السورية محاميَين يعملان في “الصندوق السيادي” الذي يضم حاليًا مئات الشركات والمباني والمصانع التي كانت مملوكة لأشخاص على صلة بالنظام السابق، وفقًا لمصادر حكومية واقتصادية، في إطار التحقيق بقضايا “فساد مزعومة”، أحدهما محتجز منذ أكثر من شهر للتحقيق في قضية “سرقة مزعومة لم تثبت بعد”، وفق ما أكدت وزارة الإعلام السورية لـ”رويترز”.
وأشارت الوزارة أيضًا إلى أن عددًا من أعضاء اللجنة المسؤولة عن عقد التسويات مع رجال النظام القديم يخضعون للتحقيق في شبهات “سوء سلوك”، من دون أن تُصدر بحقهم أوامر توقيف رسمية.
