
تراكم النفايات في حاويات القمامة وحولها بمنطقة الدويلعة بدمشق- 30 تشرين الأول 2025 (عنب بلدي)

تراكم النفايات في حاويات القمامة وحولها بمنطقة الدويلعة بدمشق- 30 تشرين الأول 2025 (عنب بلدي)
دمشق – كريستينا الشماس
تترامى النفايات على جوانب الطريق الواصل بين منطقتي الدويلعة والكباس، خصوصًا عند تجمع “سرافيس الدويلعة”، حيث تنتشر الروائح الكريهة وتتناثر أكياس النفايات على الأرصفة وبين السيارات.
ولا يقتصر المشهد على هذا الطريق فقط، إذ تتفاقم المشكلة لتشمل كامل الأحياء العشوائية في دمشق، ومنها الدويلعة والكباس، إضافة إلى منطقة كشكول التابعة إداريًا لمدينة جرمانا.
تشهد هذه المناطق أزمة متصاعدة في إدارة النفايات الصلبة، مع تزايد الشكاوى من تراكم القمامة في الشوارع الفرعية والأزقة الضيقة التي يصعب على سيارات النظافة الوصول إليها.
وتعد هذه المناطق من أبرز الأحياء التي شهدت توسعًا عمرانيًا غير منظم منذ مطلع الألفية، نتيجة موجات النزوح الداخلي وارتفاع أسعار العقارات داخل دمشق.
ورغم قرب هذه المناطق من العاصمة، فإنها لا تحظى بالخدمات البلدية المنتظمة المتوفرة في أحياء دمشق المركزية، فسيارات القمامة لا تزور الشوارع إلا بشكل متقطع، في حين تتحول بعض الزوايا والساحات إلى مكبات مؤقتة يستخدمها الأهالي اضطرارًا للتخلص من النفايات المنزلية.
تحت شرفة منزله في الطابق الثاني بمنطقة الدويلعة، يراقب فادي السلوم كل صباح تجمع الحاويات الكبيرة التي وُضعت أسفل البناء منذ سنوات، ولم تعد المسافة بين بيته والقمامة تتجاوز أمتارًا قليلة، بحسب قوله، ما جعل الهواء في محيط المنزل محملًا بروائح خانقة لا تتبدد طوال اليوم.
أضاف فادي، لعنب بلدي، أن الحاويات تحولت إلى مصدر دائم للذباب والحشرات، مشيرًا إلى أنه رغم عملية التفريغ التي تتم في أغلب أيام الأسبوع خلال أوقات الصباح، فإن النفايات تتراكم وتفيض على جوانب الحاويات مع حلول المساء.
سكان الحي حاولوا أكثر من مرة تقديم شكوى للبلدية لنقل موقع الحاويات، لكنهم لم يتلقوا سوى وعود، في حين يبقى المشهد على حاله، بحسب فادي.
وتقف ميساء العدي أمام مدخل بيتها في منطقة الكباس، محاولة إبعاد أكياس القمامة التي تركها الجيران لعدم وجود حاوية قريبة.
يعاني الحي الذي تعيش فيه ميساء من نقص واضح في نقاط تجميع القمامة، ما يدفع السكان إلى وضعها في زوايا الشوارع أو قرب الجدران.
أوضحت ميساء أن الوضع يزداد سوءًا في الأيام التي تتأخر فيها سيارات الترحيل، فتصبح الشوارع أشبه بمكبات صغيرة تنبعث منها روائح نفاذة.
ويرى سامي شقرة، سائق “سرفيس” على خط “الدويلعة- كراجات” منذ أكثر من عشر سنوات، أن مشهد النفايات صار جزءًا من الطريق لا يمكن تفاديه.
ووصف مشهد تكدس القمامة على جانبي الشارع الرئيس في منطقتي الدويلعة والكباس بـ”الاعتيادي”، معتبرًا أن المكان الذي يفترض أن يكون نقطة انطلاق وحركة للناس، أصبح “نقطة إزعاج دائمة”.
تتداخل أزمة تراكم النفايات في المناطق العشوائية بعوامل عدة، أبرزها ضعف خدمات النظافة، ونقص المعدات، وعدم انتظام جمع القمامة، إلى جانب الكثافة السكانية العالية والتمدد العمراني غير المنظم، بحسب إفادات الأهالي الذين تحدثوا لعنب بلدي.
تعتقد ميساء العدي أن مشكلة تراكم النفايات في حيها، سببها ضيق بعض الأزقة، وبالتالي لا يمكن للشاحنات دخولها، ما يجعلها نقاطًا دائمة لتكدس النفايات، خصوصًا في الأحياء التي نشأت دون تخطيط عمراني واضح.
السائق سامي شقرة، يرى أن المشكلة ليست في حجم النفايات فقط، بل في غياب المتابعة الدائمة، مؤكدًا أن المشهد يتكرر كل يوم تقريبًا، وكأنه لا أحد يراه.
وعلى الرغم من عمل مديرية النظافة في محافظة ريف دمشق على ترحيل النفايات في حي كشكول بمدينة جرمانا، ضمن حملة “ريف دمشق بخدمتكم”، فإن ذلك لم يعكس تحسنًا على واقع النظافة في الأحياء العشوائية.
ويخشى الأهالي مع دخول فصل الشتاء من أن تختلط النفايات بمياه الأمطار، ما سيحول الشوارع إلى بيئة مثالية للأمراض والروائح، ويزيد من صعوبة جمع القمامة في الطرق الطينية والضيقة.
على الرغم من محاولات عنب بلدي المتجددة للحصول على توضيحات من مدير النظافة ومعالجة النفايات الصلبة في محافظة دمشق، عبدو العلوش، حول تفاقم أزمة النفايات في المناطق العشوائية، فإنها لم تتلقَ ردًا حتى لحظة تحرير التقرير.
وأوضح العلوش في تصريح سابق لعنب بلدي، في آب الماضي، أن المديرية عانت من ارتفاع نسبة الأعطال في الآليات العاملة على ترحيل القمامة، وتدني جاهزية الآليات لديها، الأمر الذي أدى إلى تراكم القمامة في بعض الأحياء.
وبحسب العلوش، تعمل مديرية المركبات على الإسراع في عملية إصلاح الآليات، وخوصًا الأعطال الخفيفة، للعودة إلى العمل.
مشكلة انتشار النفايات وتراكمها لا تعد جديدة في سوريا، لكنها تفاقمت مع زيادة المشهد السوري قتامة وتعقيدًا بعد عام 2011، خاصة أن إدارة النفايات الصلبة كانت مشكلة بيئية معترفًا بها في سوريا قبل ذلك العام، وهو ما تناولته عنب بلدي في تحقيق سابق.
وكان التعامل مع النفايات غير مناسب، ويفتقر إلى الرقابة التنظيمية على الانبعاثات الصادرة عن البيئة، وكان نظام الحوكمة البيئية ضعيفًا، وفق تقرير لمنظمة “PAX” الهولندية عام 2015.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى