
البعثة الأثرية الإيطالية- السورية تكتشف دلائل ولُقى فخارية في موقع تل السمهاني باللاذقية - 22 تشرين الأول 2025 (المديرية العامة للآثار والمتاحف/الموقع الرسمي)

البعثة الأثرية الإيطالية- السورية تكتشف دلائل ولُقى فخارية في موقع تل السمهاني باللاذقية - 22 تشرين الأول 2025 (المديرية العامة للآثار والمتاحف/الموقع الرسمي)
اللاذقية – شعبان شاميه
بدأت البعثة الأثرية الإيطالية- السورية المشتركة أعمالها في تل السمهاني بقرية البصة جنوبي مدينة اللاذقية، وذلك ضمن إطار التعاون العلمي بين المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية وعدد من الجامعات الإيطالية، أهمها “بافيا”، وفق ما قاله مدير دائرة آثار ومتاحف اللاذقية، محمد ممدوح الحسن، لعنب بلدي.
وأضاف مدير الآثار والمتاحف باللاذقية أن أعمال البعثة تهدف إلى دراسة تطور الاستيطان في الساحل السوري، لا سيما في المنطقة المحيطة بمدينة “أوغاريت” الأثرية.
كما تهدف إلى إحياء موقع تل السمهاني وتأهيله ليكون جزءًا من المشاريع الثقافية والسياحية المستقبلية، مع التركيز على إشراك المجتمع المحلي في جهود الحفاظ على التراث، ورفع الوعي بأهمية المواقع الأثرية بوصفها ذاكرة حية تعبر عن عمق التاريخ السوري وتنوعه الثقافي.
خلصت الملاحظات الميدانية الأولية إلى اكتشاف هياكل عظمية ومدفن ومعصرة عنب وقوارير أثرية في الموقع المذكور، إذ تخضع حاليًا للتوثيق والدراسة من قبل الفريق العلمي المشترك الإيطالي- السوري.
كما تُشير القراءة الأولية إلى وجود دلائل معمارية ولُقى فخارية قد تعود إلى فترات مبكرة (العصر البرونزي)، ما يعزز فرضية أن تل السمهاني كان مركزًا ذا أهمية في محيط “أوغاريت” القديمة، وفق الحسن.
العصر البرونزي هو فترة تاريخية تلي العصر الحجري، تميزت باستخدام الإنسان للمعادن في صناعة الأدوات والأسلحة، وخاصة البرونز (سبيكة من النحاس والقصدير) نظرًا إلى صلابته.
وامتد العصر البرونزي تقريبًا من 3300 ق.م إلى 1200 ق.م، وتزامن مع ظهور الكتابة البدائية وتطور الحضارات الحضرية في بعض المناطق.
مدير دائرة آثار ومتاحف اللاذقية، محمد ممدوح الحسن، كشف في حديثه لعنب بلدي عن بدء مساعٍ لاستحداث مركز لدراسة العظام يتبع لدائرة آثار اللاذقية، يخدّم مختلف المحافظات السورية، لدراسة واختبار العظام الإنسانية والحيوانية المكتشفة في أثناء عمليات التنقيب، مبينًا أنها كانت تُرسل إلى إيطاليا لدراستها لعدم توفر مثل هذه المخابر محليًا.
واعتبر الحسن أن هذا التعاون الأثري المشترك يعد نموذجًا للتعاون الدولي البنّاء، ويسهم في إغناء المعرفة بتاريخ الساحل السوري ودوره الحضاري عبر العصور.
كما يعد خطوة مهمة نحو استئناف نشاط البعثات الدولية في سوريا، بعد سنوات من التوقف، وهو ما يحمل دلالات إيجابية على صعيد عودة التعاون الأكاديمي والثقافي مع المؤسسات العلمية العالمية، ويؤكد استقرار الوضع الميداني وعودة البلاد إلى خارطة البحث الأثري الدولية، بحسب مدير دائرة الآثار والمتاحف باللاذقية.
تركز أعمال البعثة الإيطالية، بحسب الحسن، على الكشف عن الطبقات الأثرية في الموقع، ودراسة طبيعة النشاط الإنساني فيه خلال العصر البرونزي، مع إجراء تحاليل علمية للّقى المكتشفة لفهم العلاقات الاقتصادية والثقافية التي ربطت الموقع بالمراكز القريبة وعلى رأسها مدينة “أوغاريت”.
كما تشمل أعمالها توثيق الموقع وتقييم حالته الأثرية بدقة، من خلال جمع المعلومات والخرائط والصور والدراسات السابقة، بما يُتيح بناء قاعدة بيانات شاملة تساعد الباحثين والمهتمين بتاريخ المنطقة الساحلية السورية.
موقع تل السمهاني من التلال الأثرية المهمة في الساحل السوري، ويقع على بعد نحو خمسة كيلومترات جنوب مدينة اللاذقية، كما أنه قريب من أحد فروع نهر الكبير الشمالي.
ويضم الموقع الأثري سويّات أثرية تعود إلى فترات متعددة من التاريخ، أبرزها العصر البرونزي والبيزنطي، ما يعكس الأهمية التاريخية والحضارية للموقع كمركز استيطاني متواصل عبر آلاف السنين.
ووفق المعطيات الأولية، فإن الموقع كان مأهولًا منذ الألف الثاني قبل الميلاد، ويُتوقع أن تسهم نتائج التنقيب في رسم تسلسل زمني دقيق لمراحل السكن فيه وتوضيح دوره ضمن شبكة المراكز التابعة لـ”أوغاريت”.
تستمر أعمال البعثة حتى نهاية الموسم الحالي، في 15 من تشرين الثاني الحالي، بحسب مدير الآثار والمتاحف، لكن الجانب الإيطالي أكد استمرار الأعمال العام المقبل، بعد أن كان مقررًا أن تكون أعمال التنقيب لهذا الموسم هي الأخيرة.
ويؤكد هذا المشروع المشترك متانة العلاقات الثقافية بين سوريا وإيطاليا، والتزام الجانبين بتطوير البحث الأكاديمي وتبادل الخبرات في مجال علم الآثار.
كما يجسد التعاون المستمر بين الهيئات العلمية في البلدين نموذجًا راقيًا للتفاعل الإنساني القائم على المعرفة، ويعكس الإيمان بأهمية حماية التراث بوصفه إرثًا إنسانيًا عالميًا يتجاوز الحدود.
وسبق أن أعلنت المديرية العامة للآثار والمتاحف ترحيبها وفتح أبوابها أمام البعثات الأثرية التي كانت تعمل في سوريا، وذلك بعد سقوط النظام السابق.
ودعت المديرية في بيان لها كل من يستطيع إلى مد يد العون، وإعادة تفعيل العمل الأثري في المواقع الأثرية، بما يسهم في صون وحفظ التراث الذي هو ملك للبشرية جمعاء لتتوارثه الأجيال القادمة.
ولفتت إلى أنها “تنتهز الفرصة” لتؤكد أهمية تضافر جميع الجهود في سبيل حماية وحفظ التراث السوري، الذي يمثّل الهوية الجامعة لكل السوريين بمختلف أطيافهم.
وذكرت “الآثار والمتاحف” أن المرحلة مهمة وحساسة لاستعادة التراث الثقافي السوري، وهذا يتطلّب من كل السوريين وكذلك من المجتمع المحلي والدولي اجتماعهم على هدف واحد يتمثل في حماية هذا التراث، ووضع رؤية مستقبلية بمشاركة الجميع لإعادة الألق والتعافي له.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى