لا خطوات رسمية حتى الآن

ما احتمالات محاكمة وتسليم ضباط ورجال الأسد في لبنان

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووزير العدل السوري مظهر الويس يلتقيان الرئيس اللبناني جوزيف عون - 10 تشرين الأول 2025 (وزارة الخارجية السورية/إكس)

camera iconوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووزير العدل السوري مظهر الويس يلتقيان الرئيس اللبناني جوزيف عون - 10 تشرين الأول 2025 (وزارة الخارجية السورية/إكس)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – محمد كاخي

تضاربت الأنباء بعد سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، حول مصير ضباطه ورجال دولته، فمنهم من فر إلى روسيا ليلة دخول قوات المعارضة إلى دمشق، ومنهم من فر إلى مسقط رأسه في مدن الساحل السوري، ومنهم من هرب بعد ذلك إلى لبنان عبر معابر شرعية وغير شرعية.

نقلت وكالة “رويترز“، في 28 من كانون الأول 2024، أن العديد من ضباط ورجال دولة الأسد المخلوع هربوا إلى لبنان، وأبرز هذه الأسماء كان مرتكب مجزرة حماة رفعت الأسد، ومستشارة المخلوع السياسية بثينة شعبان، و”الصندوق الأسود” لآل الأسد علي مملوك.

ومؤخرًا، نشرت قناة “CNN” الأمريكية مقطعًا مصورًا بكاميرا سرية، يظهر اللواء بسام الحسن رئيس أركان قوات “الدفاع الوطني” السابق في شقة ببيروت.

مصدر محلي في لبنان فضّل عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، قال لعنب بلدي، إنه شاهد العميد السابق في جيش النظام السوري السابق غياث دلة في أحد مطاعم لبنان، ويتحرك بشكل طبيعي في المنطقة.

وفي 13 من كانون الثاني الماضي، أمرت النيابة العامة التمييزية في لبنان، بالإفراج عن 18 ضابطًا وعنصرًا من “الفرقة الرابعة”، كانوا موقوفين في لبنان منذ اليوم التالي لسقوط نظام الأسد.

وعن هذه الحادثة قال المحامي اللبناني نبيل الحلبي، لعنب بلدي، إن السلطات اللبنانية تذرعت بعدم وجود سند قانوني لتوقيف الضباط والعناصر الذين دخلوا إلى لبنان، وهي من باب “رفع العتب” طالبتهم بمغادرة لبنان، إلا أنها لم تقم فعليًا بمتابعة طلبها، أو إلزامهم بالمغادرة حتى يومنا هذا.

ولم تصدر عن لبنان أي خطوات رسمية تجاه التعاون مع الحكومة السورية الجديدة في ملف تسليم مجرمي الحرب من ضباط وعناصر جيش النظام السوري السابق الذين هربوا إلى لبنان، كما أنكر لبنان في وقت سابق وجود علي مملوك في الأراضي اللبنانية، فيما أكدت صحيفة “نيويورك تايمز” نقلًا عن مسؤولين أمريكيين وجوده هناك.

هل يسلم لبنان المجرمين؟

في حين تتزايد وتيرة الزيارات الرسمية بين لبنان وسوريا، وعقب تعيين لبنان سفيرًا له في سوريا، كشفت مصادر سورية لـ”سكاي نيوز عربية” عن تواصل الحكومة السورية مع لبنان من أجل تسليم بعض العسكريين الذين فروا إليه بعد سقوط النظام.

وقالت المصادر، إن “جهات حكومية سورية أبلغت الجانب اللبناني بضرورة التعاون في ملف تسليم عدد من ضباط وعناصر الجيش السوري السابق، من المتهمين بجرائم حرب”.

المحامي اللبناني نبيل الحلبي، قال لعنب بلدي، إن وزارة العدل اللبنانية بصدد صياغة اتفاقية جديدة لتسليم المجرمين بين البلدين، وأوضح أن بين لبنان وسوريا اتفاقية تسليم مجرمين قديمة، إلا أنها مجمدة منذ فترة طويلة لانعدام التوازن فيها.

وأضاف الحلبي أن لبنان ملزَم، استنادًا إلى اتفاقية “مناهضة التعذيب”، بعدم التسليم القسري للموقوفين إلى سلطات بلدهم إذا كانت هناك مخاطر جدّية بإمكانية تعرض الموقوف للتعذيب، لكن السلطات اللبنانية قامت سابقًا بتسليم مطلوبين لديها إلى دول تعرضوا فيها لأعمال تعذيب وتصفية بالرغم من رفض الموقوفين المغادرة، ووجود مناشدات من منظمات حقوقية محلية ودولية طالبت السلطات اللبنانية حينها بعدم تسليم الموقوف لديها إلى دولته، أو إلى دولة ثانية طالبت به.

“الجنائية الدولية” أو المحاكمة داخل لبنان

الدكتور في القانون الدولي محمد زيدان، قال لعنب بلدي، إنه لا يمكن إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، لأن كلًا من سوريا ولبنان غير موقعَين على “ميثاق روما” المنشئ للمحكمة، وبالتالي لا سلطة للمحكمة على هاتين الدولتين.

لكن يمكن لمجلس الأمن، بحسب زيدان، التدخل لإحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، لأن المجلس يستطيع أن يطلب من المحكمة التحقيق في أي قضية، حتى لو كانت متعلقة بدول ليست أطرافًا في “الجنائية الدولية”، إلا أن هذا التحرك محاط بالصعوبات، لأنه يحتاج إلى موافقة الأعضاء دائمي العضوية، وعدم استخدام حق “النقض” من قبل أحدهم.

الباحث في مركز “الحوار السوري” نورس العبد الله، قال لعنب بلدي، إن الخيار البديل في حالة امتناع لبنان عن تسليم المجرمين يكمن في جانبين: الأول هو محاكمتهم في لبنان، إلا أن ذلك متعذر تبعًا لوضعية البيت الداخلي اللبناني، ولأن القانون اللبناني لا يتبنى مبدأ “الاختصاص الجنائي العالمي” ضمن نظامه القضائي، أي أنه لا يملك في قوانينه نصًا يسمح له بمحاكمة أشخاص متهمين بارتكاب جرائم دولية خارج أراضيه.

أما الثاني فيرتبط بطلبات تسليم أخطر المجرمين لدول أخرى تنظر في دعاوى جنائية بحقهم، وهي موجودة فعليًا من خلال مذكرات اعتقال صادرة عن محاكم بعض الدول، كمذكرة التوقيف التي أصدرها القضاء الفرنسي بحق علي مملوك.

ويمكن لسوريا، بحسب الخبراء، إذا انضمت إلى محكمة الجنايات الدولية الضغط على لبنان في قضية تسليم المجرمين، لأن إحالة القضايا إلى المحكمة الجنائية الدولية لا يتم إن لم تكن إحدى الدولتين طرفًا في “ميثاق روما” المنشئ للمحكمة.

 

البعد السياسي حاضر في الملف بقوة، فمع استكمال متطلبات الملفات القانونية، يأتي دور الدول التي تستطيع التأثير في لبنان كفرنسا والسعودية، ومع وجود تغيرات في المشهد اللبناني الداخلي، يمكن أن يكون هناك تقدم في ملف تسليم ضباط ورجال الأسد.

نورس العبد الله

باحث في مركز “الحوار السوري”

 

الخيار المباشر هو الحل

يمكن للسلطات اللبنانية استنادًا إلى اتفاقية مناهضة التعذيب الامتناع عن تسليم موقوف أو مطلوب إلى سلطات بلده لأسباب إنسانية، إلا أنه طالما أن لبنان لا يتبنى مبدأ “الاختصاص الجنائي العالمي”، فسيبدو موقفه ضعيفًا عند التذرع بأن سوريا لن توفر محاكمات عادلة للمطلوبين أو أنهم قد يتعرضون للتعذيب، بحسب الخبراء.

ويرى الباحث في مركز “الحوار السوري” نورس العبد الله، أن “الخيار المباشر” هو الحل، ويتم عبر مطالبات مستمرة بتسليم المجرمين المرتبطين بنظام الأسد في لبنان للدولة السورية استنادًا للاتفاقيات الثنائية، وبالرغم من امتلاك لبنان هوامش مناورات قانونية عديدة، فإنه مع استكمال كل متطلبات الملفات القانونية، بالإضافة إلى الضغط السياسي عبر الدول التي تستطيع التأثير في لبنان، كفرنسا والسعودية، ووجود تغيرات في المشهد اللبناني الداخلي، يمكن أن يكون هناك تقدم في الملف.

المحامي اللبناني نبيل الحلبي أوضح أن الجهة المخولة بالنظر في طلبات التسليم أو تسليم المطلوبين من الخارج، في حال عدم وجود معاهدة تسليم (كما في الحالة السورية- اللبنانية) هي “النيابة العامة التمييزية”.

وبحكم القانون والاختصاص هي الجهة القضائية التي تتسلم طلبات التسليم أو ملفات المطلوبين وتقوم بدورها بتحليلها أولًا من حيث الشكل، ثم تحيل كامل المطالعة القانونية إلى مجلس الوزراء، لاتخاذ القرار النهائي والرسمي بالتسليم من عدمه، وهذا هو الإجراء القانوني المتّبع في لبنان في حال طالبت دمشق لبنان بتسليم مواطنين مطلوبين لديها سواء كانوا موقوفين أم لا، بحسب الحلبي.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة