أصدر فرع نقابة المحامين في ريف دمشق قرارًا يقضي بشطب عضوية عشرة محامين بشكل نهائي من جداول ممارسة المهنة في النقابة، وذلك بعد تحقيقات داخلية قالت النقابة إنها كشفت عن “انتهاكات جسيمة” ارتكبها عدد من أعضاء النقابة خلال السنوات الماضية، مرتبطة بدعم النظام السابق وأجهزته الأمنية.
القرار، الصادر في 29 من تشرين الأول الماضي، الذي نشره فرع نقابة المحامين في ريف دمشق، على صفحته الرسمية عبر منصة “فيسبوك“، الأربعاء 5 من تشرين الثاني، جاء بتوقيع رئيس فرع النقابة، باسل إبراهيم، وأعضاء مجلس الفرع، استنادًا إلى توصيات لجنة “كشف الحقيقة والإنصاف” المشكلة داخل الفرع.
ويأتي تقرير الشطب الصادر عن نقابة المحامين في ريف دمشق، بعد تقرير نشرته عنب بلدي، كشفت فيه عن وثائق حول حدوث مجموعة واسعة من التجاوزات والانتهاكات داخل فروع نقابة المحامين خلال حكم النظام السابق، ودورها في دعم القبضة الأمنية لهذا النظام.
شخصيات نقابية وحزبية بارزة
برز في قائمة المحامين المشطوبين أسماء كل من:
- محمد أسامة برهان: عضو سابق بمجلس الشعب، والرئيس الأسبق لفرع نقابة المحامين بريف دمشق.
- أحمد همام محمد حيدر: شغل سابقًا عضو اللجنة المركزية لحزب “البعث”، وأمين فرع شبيبة الثورة التابعة لحزب “البعث” في ريف دمشق.
- عبد الحنان خلف البدوي: عضو سابق بمجلس الشعب ومرشح لرئاسة الجمهورية.
- راتب إبراهيم عدس: عضو مجلس محافظة ريف دمشق سابقًا.
- مروان أحمد عبيد: رئيس بلدية داريا زمن النظام السابق.
كما ضمت قائمة المشطوبين أيضا المحامين:
- مأمون عبد اللطيف سليمان.
- محمد تركي جعفور.
- غدير نظير أبو خليل.
- رغدة أحمد أبو قش.
- أديب عبد الله قرقور.
ما الأسباب؟
بحسب ما نص عليه قرار فرع نقابة المحامين في ريف دمشق، وبناء على التحقيقات الإدارية واستنادًا إلى قانون تنظيم مهنة المحاماة، وجلسات المناقشة التي عقدها مجلس الفرع مع لجنة “كشف الحقيقة والإنصاف” المشكّلة من قبل الفرع، والاطلاع على محاضر الاستجواب، وأقوال الشهود المستمعة من قبلهم، فقد تم التوصل إلى ما يلي:
ثبت قيام رئيس فرع سابق بـ:
- الإضرار بالنقابة ماديًا ومعنويًا.
- هدر المال العام.
- الإضرار بأعضاء الهيئة العامة.
- إساءة استخدام السلطة واستغلال أموال وممتلكات النقابة لأغراض شخصية.
- انتهاكات جسيمة تخل بواجبات المهنة ومنها التواطؤ مع نقباء سابقين، للإخبار عن المحامين الناشطين ثوريًا والعمل على شطبهم أمنيًا.
وثبت قيام بعض المحامين بـ:
- تبوء مناصب في قيادات حزب “البعث”.
- ترشحهم عن طريق “البعث” لمجلس الشعب.
- ترشحهم لعضوية اللجنة المركزية الموسع في القيادة القطرية لحزب “البعث”.
- تفرغ وتعيين بعضهم للعمل في المكاتب التنفيذية بتوجيهات من القيادات الأمنية والبعثية، لوقوفهم ضد السوريين والثوة.
- ترشح بعضهم بتوجيه من الأجهزة الأمنية لمنصب رئاسة الجمهورية، وتمثيل أنهم منافسون لبشار الأسد.
ابتزاز ذوي المعتقلين والتسبب بحالات اعتقال
كما ثبت من خلال التحقيقات والشهادات في لجنة “كشف الحقيقة والإنصاف” تورط عدد من المحامين بـ”ابتزاز ذوي المعتقلين، والتعامل مع الأجهزة الأمنية، والتسبب باعتقال وموت الكثير من الثوار”.
ويجب على المحامين المشطوبين، وفقًا للقرار :
- تسليم البطاقات النقابية والشعارات وشارات السيارات في حال وجودها.
- التعميم على مندوبي الوكالات بأنه يحظر على المشطوبين تنظيم أي وكالة قضائية بالذات، أو بالواسطة، أو تصديق أي وكالة وارد اسمهم فيها، من تاريخ صدور هذا القرار.
- تصفية مكاتب المحامين المشطوبين أصولًا بإشراف مجلس فرع نقابة المحامين بريف دمشق.
القرار قابل للطعن
وفي حديث لعنب بلدي، أكد نقيب المحامين في سوريا، المحامي محمد علي الطويل، أن المحامين المشطوبين ارتكبوا جرائم زمن النظام السابق، وليس مجرد زلات مسلكية.
وقال المحامي الطويل، إن “أي محامٍ يرتكب جريمة أو زلة مسلكية بحق الشعب السوري أو أي مواطن من أي جهة كانت، فإنه يحق لمجلس الفرع الذي يتبع له المحامي، محاسبة الأعضاء المنتمين لفرعه، وهذا ما حصل في فرع نقابة المحامين بريف دمشق حيث تم التحقيق في سلوك وممارسات المحامين الذين تم شطبهم، ودراسة ذلك من قبل لجنة مختصة من جميع الجوانب”.
وأوضح نقيب المحامين أن قرار الشطب قابل للطعن أمام المجلس النقابي، وأضاف، “نحن جاهزون للنظر في الطعون بقرارات مجلس فرع ريف دمشق”.
مراسلات سريّة جدًا بين نقابة المحامين وأمن الأسد
عنب بلدي نشرت تقريرًا في 21 أيلول الماضي تحت عنوان “نقابة المحامين تفتح الدفاتر القديمة، قرارات بالشطب قريبًا”، كشفت فيه عن وثائق حصلت على نسخ منها، وقاطعتها مع معلومات من مجلس النقابة الحالي، الذي تعهد بإجراءات قريبة بعد الانتهاء من التحقيقات.
وحصلت عنب بلدي على مجموعة من التقارير والمراسلات (جميعها تحت اسم سري جدًا) بين قيادة حزب “البعث” والأجهزة الأمنية للنظام السابق ونقابة المحامين السابقة في سوريا وفرعين لنقابة المحامين، تتضمن اتهامات لمحامين بالمشاركة في الثورة ضد النظام السابق وتوجيهات بفصلهم سواء من الحزب أو شطبهم من القيود النقابية.
ويتضمن كتاب (تقرير) موجه من نقابة المحامين في سوريا في نيسان عام 2016 إلى “ع. م” عضو القيادة القطرية في حزب “البعث” “معلومات”، وصفها نقيب المحامين آنذاك بـ”المؤكدة”، جاء فيها: “ينشط عدد من الأشخاص في بلدة كفر بطنا بمحافظة ريف دمشق لصالح المجموعات الإرهابية المسلحة، وعرف منهم المحامي (ط. ش.) (مفصل هويته الشخصية) (صفته الوظيفية في بلدية كفر بطنا)”، وأضاف الكتاب أنه يعمل “رئيس ما يسمى تنسيقيات الغوطة”.
وحسب الكتاب، يعلم نقيب المحامين، عضو القيادة المذكور بـ”قرار نقابة المحامين بدمشق المتضمن شطب اسم المحامي المذكور، عملًا بأحكام المادة (23) من قانون تنظيم مهنة المحاماة”.
قيادة حزب “البعث” ردت على كتاب نقابة المحامين بكتاب آخر طلبت فيه “شطب اسم المحامي (ط. ش.) من قيود النقابة وحرمانه من جميع التعويضات والاستحقاقات المالية”.
وقبل ذلك التاريخ، أرسلت نقابة المحامين المركزية تقريرًا آخر، في تشرين الثاني 2014، إلى رئيس مكتب الأمن الوطني، يعلمه فيه بمضمون كتاب (تقرير) موجه من رئيس فرع نقابة المحامين في ريف دمشق، يتضمن الإعلام بتوقيف المحامي “ن. ب” في الشهر ذاته، للاطلاع عليه، وإجراء “اللازم” بمقتضاه.
حزب “البعث” أصدر أيضًا قرارًا عام 2013 بعد اطلاعه على اقتراح من قيادة فرعه في ريف دمشق بفصل “بعض الرفاق” من الحزب، أيد ما جاء في الاقتراح، ومن ضمن المفصولين عدد من المحامين، والسبب “خروجهم على أهداف الحزب الأساسية ومشاركتهم بالتظاهرات المعادية”، وفقًا للقرار.
وكذلك أرسلت نقابة المحامين في سوريا، في شباط 2015، كتابًا (يتضمن إقرارًا بمراسلات مع جهاز أمني) إلى رئيس فرع نقابة المحامين بريف دمشق جاء فيه: “بعد مخاطبتنا للجهات المختصة لمعرفة مصير المحامي (ن. ب.) (مفصل هويته)، تبين أنه أوقف من قبل الأجهزة الأمنية في 4 من تشرين الأول 2014، لعلاقته مع المجموعات الإرهابية المسلحة، وفي 3 كانون الأول 2014 أحيل إلى القضاء المختص”.
وطلبت النقابة المركزية من نقابة محامي ريف دمشق “اتخاذ ما تراه مناسبًا بحق المحامي المذكور وتطبيق أحكام المادة (23) من قانون تنظيم ممارسة مهنة المحاماة” (أي شطبه ضمنًا)، لتبادر بعدها نقابة ريف دمشق في قرار آخر إلى شطب المحامي، وإرسال تقرير آخر تطلب فيه من النقابة المركزية اتخاذ ما تراه مناسبًا بحقه، حيث أصدرت قرارًا “نهائيًا” بشطب هذا المحامي إلى جانب كل من المحامين “(م. هـ.، محامٍ عام حاليًا) و(م. ا.) و(و. ع.) و(ا. ص.) و(ه. م.) و(خ. ش.) و(م. ك.)”.
