عنب بلدي – أحمد نحلوس
للمرة الأولى منذ تسع سنوات، سيتنافس 16 فريقًا في الموسم المقبل من الدوري السوري الممتاز لكرة القدم.
وألغت الجمعية العمومية لاتحاد كرة القدم الهبوط في الموسم الماضي، واعتمدت نتائج الدوري التأهيلي بانضمام ناديي أمية وخان شيخون للدوري الممتاز قادمين من دوري منطقة إدلب، إضافة إلى صعود كل من دمشق الأهلي والحرية للدرجة الممتازة، ما رفع عدد الفرق المشاركة في المسابقة من 12 إلى 16.
زيادة عدد الأندية طرحت أسئلة حول الشكل الأمثل للموسم المقبل، مع تأخر موعد انطلاقته، ووجود رزنامة مزدحمة للمنتخبين الأول والأولمبي خلال الأشهر المقبلة الموازية للنشاط الكروي.
كما أن تلك الزيادة قد تؤدي إلى غياب الحافز لدى العديد من الأندية خلال مراحل مبكرة من عمر الدوري، نتيجة ابتعادها في ذلك الوقت عن حسابات القمة والقاع، واضطرارها لإكمال ما تبقى منه على شكل أداء للواجب فقط.
كذلك ستوازي تلك الزيادة زيادة في الضغط على الملاعب السورية، التي خاضت 11 جولة فقط الموسم الماضي، مقارنة بـ30 مرحلة محتملة في الموسم المرتقب.
وتتباين الطروحات المحتملة للنسخة المقبلة، بين لعب المباريات بالشكل الطبيعي، كمجموعة منتظمة تضم الفرق كلها، ومن مرحلتين ذهابًا وإيابًا، أو التوجه نحو تقسيم الأندية بالتساوي على مجموعتين، تتنافس فيما بينها على عدد محدد من بطاقات التأهل لدور البطولة.
ويطرح أيضًا تطبيق سيناريو الموسم الماضي عبر إجراء المسابقة بنظام المجموعة الواحدة والمرحلة الواحدة، تلعب مبارياتها على أرض محايدة، وتتأهل بنهاية تلك المرحلة الفرق الأربعة الأولى لدور البحث عن حامل اللقب.
لم يُحسم بعد
رئيس لجنة المسابقات في الاتحاد السوري لكرة القدم، جمال عثمان، كشف لعنب بلدي عن اجتماعات تجري مع الشركة الراعية للدوري السوري، للوصول إلى أفضل صيغة ممكنة لشكل المسابقة الموسم المقبل، بما يضمن نجاحه وانتشاره تسويقيًا.
عثمان قال إن الشركة الراعية تسعى لنقل جميع مباريات الدوري من خلال الوصول إلى صيغة تتيح جدولة مباريات كل مرحلة، بحيث لا تلعب كلها في وقت واحد، كما كان يجري سابقًا، ولكن بمواعيد مختلفة، أي أن تكون هناك مباراة تبدأ في الثانية ظهرًا، ومباراة في الخامسة عصرًا، ثم في الثامنة مساء وهكذا.
ولفت عثمان إلى وجود نية من الشركة الراعية لتوفير وتجهيز الأضواء الكاشفة لجميع ملاعب الدوري، ما يسهل عملية توزيع المباريات على مدى اليوم، وهي طلبت من الاتحاد دراسة متكاملة لكلفة تنفيذ هذا الموضوع.
وختم عثمان أن هناك اجتماعًا أخيرًا مع الشركة قبل حسم ملف شكل الدوري وموعد انطلاقته، فيما “لا نزال ننتظر رد القيادة والجهات الأمنية على موضوع الموافقة على حضور الجماهير لمباريات المسابقة”.
مجموعتان أم ذهاب وإياب
يرى رئيس نادي جبلة، مأمون معتوق، أن العدد المثالي لفرق الدوري السوري الممتاز لكرة القدم يجب ألا يتجاوز بأحسن الأحوال 10 إلى 12 فريقًا، ريثما يصل إلى مرحلة متطورة من ناحية الملاعب والحكام والمرافق، يمكن من خلالها زيادة عدد الأندية تدريجيًا.
معتوق قال في حديث إلى عنب بلدي، إن تقسيم الفرق المشاركة في النسخة المقبلة من الدوري إلى مجموعتين على أساس جغرافي، هو الشكل الأمثل للمسابقة في الموسم المقبل.
ويعتقد معتوق أن الشكل المقترح يعود بالفائدة على الأندية لناحية تقليل الرحلات والتكاليف المالية في ظل “وضع مادي صعب جدًا” تعاني منه الرياضة السورية، على أن تتأهل ثلاثة فرق من كل مجموعة إلى دور “البلاي أوف” المحدد للبطل.
هذا الرأي يخالفه مدرب فريق حمص الفداء، هيثم جطل، الذي يرى أن الأفضل للمسابقة أن تكون من مرحلتين ذهابًا وايابًا، وبنظام مجموعة واحدة متكاملة تضم الفرق الـ16، ولو اضطر الأمر لخوض مبارياته بشكل مضغوط.
جطل قال لعنب بلدي، إن نظام المجموعة الواحدة والذهاب والإياب يحقق العدالة والتكافؤ بين الأندية المتنافسة، لافتًا إلى أنه جهز فريقه على أساس خوض دوري كامل دون أي تقسيم.
وسيتعين على الأندية، بحسب جطل، أن تتكيف مع الحمل البدني العالي الذي قد يسببه ضغط الدوري على لاعبيها، وتتقبل ذلك، مؤكدًا احترامه وجاهزيته لأي قرار سيصدر عن لجنة المسابقات بخصوص الشكل العام للدوري.
للاعبين كلمتهم
لاعب فريق الكرامة عبد الملك عنيزان يتفق مع هيثم جطل، ويفضل الدوري المنتظم ذهابًا وإيابًا، معبرًا عن جاهزيته البدنية والفنية لخوض غمار المسابقة بشكل مضغوط عبر مرحلتين أسبوعيًا.
عنيزان يرى، في حديث إلى عنب بلدي، أن الدوري المنتظم يساعد على تنمية المواهب الشابة، ويسهم في تطوير اللعبة، مع العمل على أدوات مطورة أخرى، كتجهيز الملاعب الرسمية وتوفير ملاعب تدريبية خاصة لكل نادٍ.
وتذهب وجهة نظر عنيزان إلى أن العدد المثالي لفرق الدوري الممتاز يجب ألا يزيد على عشرة فرق تتنافس بقوة فيما بينها، لكنه لا يرفض العدد الحالي بشكل قطعي، في ظل الظروف المعيشية الصعبة، مع ما تتيحه تلك الزيادة من فرص أكبر للاعبين للحصول على رواتب أعلى، مقارنة بأجور تلك الأندية فيما لو كانت في درجة أدنى.
فرض ظروف متكافئة
الصحفي الرياضي هاني سكر، يميل إلى فكرة الدوري المنتظم، لكنه يجد صعوبة في تطبيق هذا الأمر خلال الموسم المقبل، خاصة مع تأخر انطلاقة الموسم عن موعده المعتاد.
وقال سكر، في حديث إلى عنب بلدي، إن الدوري من مجموعة واحدة أجمل كونه يفرض على جميع الأندية أن تواجه بعضها في ذات الظروف، فاللعب في ملعب متعب أو أمام جمهور صعب أمر لا بد أن تتعرض له كل الفرق المتنافسة من دون استثناء، وهو ما لا يوفره بالضرورة دوري المجموعتين.
لكن الملاعب السورية في الوقت الحالي غير جاهزة، برأي سكر، لخوض هذا العدد من المباريات التي سيفرضها دوري المجموعة الواحدة، خاصة مع تأثرها بأحوال فصل الشتاء، إضافة إلى صعوبة ضغط المواجهات نظرًا إلى ضيق الوقت الفاصل عن الموعد المفترض لنهاية المواسم الكروية في العالم مطلع الصيف.
سكر يعتقد أن ضغط الدوري سيضر باللاعبين، وسيعرضهم لعدد أكبر من الإصابات، وسيؤثر على جمالية المنافسة، لذا يتجه لخيار دوري المجموعتين بشكل اضطراري كونه الشكل المنطقي والأنسب لتمرير هذا الموسم الاستثنائي.
كما يرفض سكر تطبيق نظام المجموعة الواحدة والمرحلة الواحدة المشابه للموسم الماضي، لأنه يمنح الأندية مجالًا للتراخي في بدايات الدوري والتعويض في نهايته، وهذا ما يتناقض بمنظوره مع روح التنافس، التي تفرض على الفرق الجدية وتحمل مسؤولية عدم إهدار نقاط منذ الانطلاقة.
ويدعو سكر لإقرار نظام تراخيص يفرض على الأندية شكلًا احترافيًا محددًا، بما يسمح لها الحضور ضمن الفئة الممتازة، على أن يتم تطبيق ذلك الأمر تدريجيًا على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وصولًا لدوري احترافي حقيقي.
ويختم سكر بأن العدد المثالي للفرق المتنافسة في الدوري السوري الممتاز يجب ألا يقل عن 14 ناديًا، ما سيزيد الفرصة لتوسيع دائرة شعبية وممارسة كرة القدم في سوريا، خاصة مع زيادة عدد الفرق وانتشارها في عموم المحافظات.
ما بعد الاحتراف
منذ تطبيق نظام الاحتراف موسم 2002-2003 حتى الموسم الحالي، تباين عدد فرق الدوري السوري بين نسخه المختلفة تبعًا للمتغيرات وقرارات الجمعية العمومية.
النسخة الاحترافية الأولى بدأت مع 13 فريقًا، تلتها نسخة 2003-2004 بـ15 فريقًا، وبعدها استقر عدد فرق الدوري الممتاز عند 14 ناديًا منذ موسم 2004-2005 وحتى 2010-2011.
كل تلك النسخ لعبت بالشكل الطبيعي للدوري من مجموعة واحدة، ومن مرحلتين ذهابًا وإيابًا، باستثناء دوري 2010-2011 الذي لم يستكمل بسبب اندلاع الثورة السورية بعد مرحلتين من انطلاق إيابه.
بعد ذلك ارتفع عدد فرق الدوري إلى 16 فريقًا في نسخة 2011-2012، وإلى 18 فريقًا في النسخ الثلاث التالية، وبلغ عدد الأندية حده الأعلى في موسم 2015-2016، حين وصل مجموع المشاركين إلى 20 فريقًا قبل انسحاب أمية، واستقرار العدد على 19.
النسخ الخمس جميعها لعبت بنظام المجموعتين، الذي يتأهل فيه عدد محدد من كل مجموعة للدور الحاسم المحدد للفريق المتوج بلقب الدوري الممتاز.
ثم انخفض عدد الفرق إلى 16 فريقًا في نسخة 2016-2017، وإلى 14 فريقًا في الفترة ما بين 2017 و2022.
عاد الدوري ليسجل أقل عدد من الفرق المشاركة فيه خلال حقبة ما بعد الاحتراف، في نسخة 2022-2023 بواقع 11 فريقًا بعد انسحاب الجزيرة، ثم عاد النصاب ليستقر عند 12 ناديًا، في النسختين الأخيرتين من دوري المحترفين.
جميع النسخ في فترة ما بعد 2016 لعبت بنظام المجموعة الواحدة من مرحلتين ذهابًا وإيابًا، باستثناء النسخة الأخيرة التي أقيمت بشكل دوري من مجموعة واحدة ومرحلة واحدة، لُعبت مبارياتها على أرض محايدة.
وفي النسخة الأخيرة، وبعد نهاية المرحلة، تأهلت الفرق التي احتلت المراكز الأربعة الأولى لدور تحديد البطل أو “البلاي أوف”، وتنافست فيما بينها بشكل دوري من مرحلة واحدة في دمشق.
