أعلنت وزارة الداخلية السورية، اليوم السبت 8 من تشرين الثاني، إطلاق عملية أمنية “واسعة النطاق” في عدد من المحافظات، تستهدف ملاحقة خلايا تنظيم “الدولة”، بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة.
وتأتي هذه العملية، بحسب الداخلية، استنادًا إلى معلومات استخبارية دقيقة جُمعت عبر عمليات رصد وتتبع ممنهجة لما وصفتها بـ”التحركات المشبوهة”.
وأوضحت الوزارة، أن الحملة تستهدف أوكار التنظيم في عدد من المناطق، إضافة إلى ملاحقة عناصره المتخفّين، لافتة إلى أنها مستمرة لعدة أيام متتالية.
وأشارت “الداخلية” إلى أن الوحدات المختصة تواصل تنفيذ مراحل العملية بحزم وانضباط، “بما يضمن التصدّي الصارم لأي تهديد يمسّ سيادة الدولة وأمن المواطنين”.
وأسفرت العملية عن “تفكيك عدة خلايا إرهابية، وإلقاء القبض على العديد من العناصر المطلوبة، إضافة إلى ضبط مواد وأدلة على ارتباطهم بأنشطة إرهابية”، وفق الوزارة، إذ يجري حاليًا تحليلها واستكمال التحقيقات بشأنها من قبل الجهات المختصة.
ويزور الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، واشنطن في 10 من تشرين الثاني الحالي، ومن المنتظر أن يلتقي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في البيت الأبيض، ويوقّع على اتفاقية الانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”، الذي تقوده الولايات المتحدة.
وشنّ “التحالف” خلال الفترة الماضية ضربات ضد أهداف يقول إنهم تابعون لتنظيم “الدولة” أو فصائل مصنفة إرهابيًا، بالتعاون مع أجهزة الأمن السوري، دون إعلان سوري رسمي عن ذلك.
وكشف تقرير نشره معهد “الشرق الأوسط” للدراسات الاستراتيجية في واشنطن، في 27 من تشرين الأول، عن اتفاقيات عملياتية متعددة بين الحكومة السورية وقوات التحالف الدولي، متحدثًا عن سيناريوهات محتملة للتعاون بين الحكومة السورية وقوات التحالف، من بينها انضمام دمشق للتحالف، معتبرًا أنه الأكثر ترجيحًا.
وبحسب ما نقله التقرير عن مصدر وصفه بـ”رفيع المستوى” في مديرية الأمن العام، فإن التنسيق الأخير مع قيادة التحالف شمل اتفاقيات عملياتية متعددة، أبرزها:
• تبادل المعلومات الاستخباراتية بين وحدة الاستطلاع التابعة لوزارة الداخلية وغرف عمليات التحالف.
• تقليص الغارات الجوية، وإسناد العمليات الميدانية إلى قوات مكافحة الإرهاب التابعة لوزارة الداخلية.
• التعاون في مخيم “الهول” بهدف إعادة دمج الأسر السورية في مجتمعاتها الأصلية.
• إنشاء قنوات اتصال عسكرية بين وزارة الدفاع السورية والقوات في التنف، مع الحفاظ على التنسيق المباشر مع وزارة الدفاع الأمريكية من خلال خلية اتصال ميدانية في البادية السورية.
وأضاف التقرير أن قوات من التحالف الدولي لهزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” نفذت عملية مشتركة مع الحكومة السورية ضد تنظيم “الدولة” في مدينة الضمير بريف دمشق، في 18 من تشرين الأول الحالي، وهي العملية الخامسة للتنسيق بين التحالف الدولي والحكومة السورية لمواجهة التنظيم.
فوائد الانضمام للتحالف
بحسب تقرير معهد “الشرق الأوسط”، توصلت الحكومة السورية إلى استنتاج بأن الانضمام إلى التحالف هو أفضل طريقة لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية والاقتصادية المرجوة، وسط دعوات غربية لها للانضمام رسميًا إلى الجهود المبذولة لمعالجة أخطر تهديد أمني دولي منذ عام 2014.
وترى دمشق أن الانضمام إلى التحالف الدولي مفيد على عدة مستويات، بحسب التقرير، وهي:
• من الناحية السياسية، ستكتسب شرعية دولية كشريك في الحرب الإقليمية على الإرهاب، مما يحسن تصنيفها ويرفع الحكومة السورية من قوائم الإرهاب.
• على الصعيد العسكري، ستحصل على الدعم الفني والعملياتي من الولايات المتحدة ودول التحالف للمشاركة الفعالة في العمليات العسكرية المشتركة.
• من الناحية الاستراتيجية، فإن ذلك من شأنه أن يقوض المكانة الحصرية لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، باعتبارها الشريك الرسمي للتحالف في سوريا، وبالتالي إضعاف نفوذها في المفاوضات مع الحكومة السورية.
• من ناحية الاستخبارات، ستتمكن سوريا من الوصول إلى أنظمة تبادل المعلومات التابعة للتحالف، وخاصة للتحقق من هوية المجندين الجدد داخل وزارتي الدفاع والداخلية لمنع تسلل عناصر التنظيم إلى أجهزة الدولة السورية.
التقرير ذكر أن بعض السياسيين في واشنطن ربطوا رفع العقوبات عن سوريا بانضمامها إلى التحالف الدولي، بينما ترى الحكومة السورية أن انضمامها مشروط بتخفيف العقوبات.
يثير هذا التباين في وجهات النظر بين الطرفين تساؤلًا حول من سيتخذ الخطوة الجادة الأولى لإنهاء الجمود المستمر، وما المخاطر التي قد يشكلها غياب هذه الخطوة على الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق الاستقرار في سوريا، وعلى الأمن الإقليمي والعالمي على نطاق أوسع، في حال انهيار المفاوضات.
عقبات الانضمام
التقرير أظهر أن دمشق تدرك وجود عقبات داخلية تشكل تحديات كبيرة أمام الانضمام إلى التحالف، من أبرزها أن وزارة الدفاع لا تزال في مرحلة تكوينية من تطورها المؤسسي، ولا تزال عملية التجنيد في الجيش تعاني من محدودية القدرة على إجراء تحريات سليمة عن خلفيات المنضمين الجدد، ومن ضعف عام في القدرات العسكرية.
هذه التحديات الهيكلية تجعل من الصعب على التحالف الثقة الكاملة بقدرة وزارة الدفاع على تنفيذ عمليات مشتركة، ويتجلى هذا الواقع على أرض الواقع، إذ يتم التنسيق حاليًا بشكل أساسي بين التحالف ووزارة الداخلية، وليس وزارة الدفاع.
ومن العقبات الرئيسة الأخرى غياب الاتفاق مع “قسد”، إذ لا يزال من الصعب تنفيذ عمليات منفصلة والتنسيق متعدد المستويات مع قوات مختلفة تشهد توترات وتعمل ضمن مناطق جغرافية متداخلة.
