دول داخل الدولة

  • 2013/07/14
  • 1:46 م

معتز مراد
يتطور المشهد السوري في اتجاه مقلِق ومُحزِن. ففي كل يوم يمر نرى صعود لجماعات مسلحة جديدة على حساب تأخر في تنظيم الصفوف المدنية والعسكرية، والتي تقيد عمل تلك الجماعات وتجعلها مضبوطة في إطار الدولة التي يسعها لبنائها الشعب السوري. مرورًا بجبهة النصرة فدولة العراق والشام الإسلامية، ودعوات من الظواهري وقادة من القاعدة، وكلٌ يغني على ليلاه. وسوريا ضحية المؤامرات والتواطؤ الدولي ومطامح الإسلاميين ودعاة السلطة من كل حدب وصوب. كل يدعو إلى دولته الخاصة ومشروعه السياسي الذي لو طبقه لما بقيت سوريا ولما بقي الشعب السوري.
وكأنّ سوريا بلدٌ بلا تاريخ أو جذور ضاربة في القدم. يريدون اختصار عشرة آلاف سنة أو تزيد في مشروع سياسي يفتت سوريا ويجعلها شظايا تحت مسميات تفرّق ولا تجمّع، ولا تناسب أبدًا حياة وتاريخ وجغرافيا السوريين.

هنا على هذه الأرض عاش السومريين والكنعانيين والفينيقيين والروم، وتأسست الحضارة الإسلامية الأموية والعباسية ثم العثمانية. في هذه الأرض ولدت الديانات وترعرع الرسل ونشأت الشرائع والمذاهب والملل والنحل، ومن يريد أن يبني دولة أو يؤسس أي مشروع سياسي فعليه أن يأخذ بالحسبان كل هذه التفاصيل وكل هذا الإرث الحضاري والتاريخي العظيم.

بدء عمليات الاغتيال بحق قادة في الجيش الحر من قبل «أصحاب مشاريع دول» داخل الدولة، واعتقالات أصبحت بالجملة، والتهم هي فكرية على الغالب، شيء لا ينبغي أن يمر مرور الكرام. وعلى الثورة السورية أن تكون على قدر المسؤولية التاريخية وتنظم صفوفها لتواجه هذه الانحرافات الخطيرة. وليس هذا مستحيل، بل هو بالإمكان إن تنازلنا عن الأنا المرضِيّة، وقدمنا مصلحة سوريا على مصالحا الشخصية.
والبشارة؛ أن شعبًا واجه نظام الأسد بكل جبروته ولايزال، فلن يعجز عن مواجهة واسقاط غيره، والله من وراء القصد.

مقالات متعلقة

رأي

المزيد من رأي