التعليم في إدلب ينتقل إلى التنظيم.. “التربية” تتفاهم مع المنظمات

طلاب يحضرون درسًا في مدرسة المتنبي في إدلب تشرين الأول 2016 (عنب بلدي)

camera iconطلاب يحضرون درسًا في مدرسة المتنبي في إدلب تشرين الأول 2016 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عفاف جقمور – إدلب

فوضى غزت أنحاء المدينة امتدت إلى حياة عبد الله الدراسية، سنواته الثلاث عشرة الماضية قضى منها ثماني في مدرسته نال فيها الدرجة الأولى في كل سنة، لكنه ترك مدرسته السنة الماضية بشكل كامل ليتأخر عن زملائه عامًا دراسيًا كاملًا.

حررت مدينة إدلب، مركز المحافظة، أواخر آذار 2015، أي في نهاية العام الدراسي، ما دفع مجموعة من المعلمين إلى إزالة الأنقاض وإكمال المنهاج في العطلة الصيفية ليتداركوا تقصير الطلاب.

بدأ عمل المدارس بعدها في أيلول 2015 بذات النظام السابق، مع محاولة لتنظيم عمل التربية “الحرة” كمسابقات تعيين ومقابلات واجتماعات، أدت إلى تشكيل هيكلية لمديرية التربية، عينت إثرها مشرفة تربوية في كل مدرسة، وقررت مادة دراسية جديدة اسمها “تفسير العشر الأخير”.

آلاء إبراهيم معلّمة درّست مادة “العشر الأخير” تقول إنها لمست تغييرًا فكريا في الثقافة الشرعية لدى الطلاب، لكن تطوير التدريس يحتاج إلى أكثر من ذلك.

نظم جديدة وبداية الاستقرار

في مطلع العام الدراسي الجديد فرضت مديرية التربية نظمها على المدارس الموجودة في محافظة إدلب، والبالغ عددها 1030 مدرسة بينما تشارك المديرية في تعيين مدرسين في 664 بشكل جزئي أو كلي، ويشكل نقص التغذية المالية حائلًا دون تحقيق خطوات المديرية في تعيين كوادر تعليمية جديدة، “فالمعلم هو الركن الأهم في العملية التعليمية”، كما يقول مدير التربية “الحرة”، جمال شحود، خلال مقابلة أجرتها عنب بلدي معه، ويضيف “الكوادر التي تم اختيارها لا تقل عن حملة الإجازات الجامعية”.

تنسيق وتوزيع أعمال

أتاحت مديرية التربية في السنة الدراسية الجديدة تسليم بعض المدارس بشكل كامل لمنظمات تقوم عليها بجميع النواحي، ووفقًا لذلك توقّع هذه المنظمات مذكرة تفاهم تحوي عددًا من الشروط، أهمها اختيار مدارس بمناطق مأهولة سكانيًا، بحيث تضمن المديرية توزيعًا جغرافيًا متوازنًا للمدارس واختيار الكادر ضمن شروط المديرية، إضافة إلى التزام المنظمات برواتب متقاربة تضمن عدم حدوث فجوات بين منظمة وأخرى.

وتضمن مديرية التربية بذلك توفير الأبنية المدرسية وضمان عدم تعرض المنظمة أو كادرها للأذى من قبل أفراد أو فصائل، إذ إن المديرية هي الكيان الوحيد المعتمد في المنطقة.

يقول أحمد الخطيب، مدير مؤسسة قبس، “كان التعاون بيننا وبين مديرية التربية يهدف إلى تنسيق العمل وليس لنا أي تبعية سياسية، كان التعاون مثمرًا واستطعنا من خلاله الوصول لكوادر ومدارس بشكل جيد، إحدى المدارس التي اخترناها كانت متضررة جدًا، فقامت مديرية التربية بتأمين بديل بشكل مباشر”.

“قبس” تدخل مدينة إدلب

مؤسسة قبس التعليمية التابعة لمنظمة “بنيان”، تعهدت بتولي مسؤولية ثلاث مدارس تحوي جميع المراحل الدراسية (ابتدائية، وإعدادية، وثانوية) في مدينة إدلب.

وللمؤسسة تجارب سابقة إذ يتبع لها خمس مدارس في مدينة حلب وريفها، لكن هذه التجربة الأولى في إدلب.

كانت بداية المشروع في آب الماضي، إذ أخضعت المنظمة 50 معلمة لدورة تدريبية، اختارت منهن 25 عينتهم في مدرستيها الابتدائية، بجنسيها، والإعدادية والثانوية للإناث فقط.

ولم يحظ معلمو مدرسة البنين الإعدادية والثانوية بالخضوع لهذه الدورات، وسيتم إخضاعهم لخطة تدريبية أخرى.

الدورات التدريبية امتدت لـ 22 يومًا، وتضمنت ثلاثة محاور أساسية: التغيرات النفسية والاجتماعية عند الأطفال والمراهقين، والدعم النفسي في الأزمات والإسعافات الأولية، وأصول التدريس.

في كل مدرسة من المدارس الثلاث تم تعيين مدير ونائبه ومنشط صفي مهمته الدعم النفسي للطلاب بحيث يكون لكل صف ساعة في الأسبوع.

تقول فاطمة بكور، مديرة إحدى مدارس المنظمة، إنها تجد فرقًا كبيرًا في تفاعل الطلاب حاليًا وبينما كانت تراه في عملها سابقًا كإدارية في مدارس النظام، وتضيف “نحن الإداريين والمعلمين نتعامل مع بعضنا كأسرة”.

الطلاب أمام خيارات متعددة

تنقسم المدارس في إدلب بين مدارس بكوادر قديمة معظمها تم تعيينها من قبل النظام سابقًا، ومدارس أخرى تشرف عليها منظمات كقبس في مركز المدينة، ويستمر المدرسون المعينون سابقًا باتباع الطرق التقليدية بينما يحاول نظراؤهم في بقية المنظمات التطرّق لأساليب حديثة.

وتعمل جميع الأطراف على تدريس المنهاج السوري المعدّل، بحذف مادة مادة القومية ورموز النظام السوري وأفكاره، مع إبقاء المواد والمعلومات العلمية، وتختلف مصدر الشهادة بموجب تبعية إدارة المدرسة.

تقول منار سيفو، نائبة المديرة لإحدى المدارس التابعة لمنظمة “قبس”، إن إقبال الطلاب كان ضعيفًا ويوجد نفورٌ من قبل الطلاب لكن بعد تفعيل المدرسة مجددًا تحسن واقع الإقبال، ويوجد حركة نقل بتسجيل الطلاب من وإلى المدرسة، لكن النقل إليها أكبر بكثير.

وتعزو ذلك إلى الأساليب الجديدة التي يتبعها الكادر، إذ يتعامل مع الطالب وفق مصلحته وبشفافية لأبعد الحدود، بحسب تعبيرها.

وتقول عبيدة محصي أحد معلمات المدرسة نفسها إن الطلاب المنتقلين إلى مدرستهم تعرف عائلاتهم بانتمائهم الثوري.

عبد الله طالب الصف الثامن ينتمي لعائلة ثورية، توفي أخوه في مظاهرات الثورة الأولى، وأثناء عودته إلى الدراسة، بعد انقطاع، وقع في حيرة بين بقائه في مدرسته التي يتبع معظم كادرها إلى النظام السوي، وبين نقله لمدرسة من مدارس المنظمات الأخرى البعيدة عن منزله، التي تحقق شيئًا مما كان يطمح له في هذه الثورة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة