“ما بعدها لن يكون كما قبلها”

الغضب والحزن يلفان درعا بعد كمين “صد البغاة”

صورة جوية للكتيبة المهجورة في ريف درعا- تشرين الثاني 2016 (عنب بلدي)

camera iconصورة جوية للكتيبة المهجورة في ريف درعا- تشرين الثاني 2016 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

محمد قطيفان – درعا

أطلقت فصائل المعارضة في درعا، سلسلة معارك إلى الشرق من مدينة داعل وبلدة إبطع في ريف درعا الأوسط، بهدف استعادة السيطرة على كتيبة الدفاع الجوي، المعروفة باسم “الكتيبة المهجورة”، بعد مرور شهرين على سيطرة قوات الأسد عليها، إثر عملية تسلل مفاجئة.

وحملت الأيام الأخيرة من شهر تشرين الأول 2016، انطلاق معركة حملت اسم “صد البغاة” تمكنت فصائل المعارضة خلالها من الوصول إلى أطراف الكتيبة، قبل أن تتعرض ليلًا لعملية التفاف من قبل قوات الأسد، التي استطاعت قتل أكثر من أربعين مقاتلًا من الفصائل، وسحب جثثهم وعرضها على الإعلام في وقت لاحق، في مشهد وصف بأنه ينتهك كافة الأعراف والمواثيق الدولية في الحروب.

ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها فصائل المعارضة لكمائن عسكرية على مدى خمسة أعوام من الحرب، فقد شهدت ساحة “الثورة السورية” مشاهد تماثل في قسوتها تلك التي عايشتها الأوساط الدرعاوية مؤخرًا، بل إن بعضها تجاوزها عددًا وقسوة، منها تلك الكمائن التي نصبها النظام مرارًا للهاربين من الحصار في الغوطة الشرقية، وصولًا لما عايشته درعا نفسها أكثر من مرة، والتي كان أبرزها، الكمين الشهير في محيط بلدة غباغب في آب 2014.

ولكن كان لهذه الحادثة وقعٌ مختلف، فقد أتت بعد أشهر من الركود العسكري على مختلف جبهات المحافظة، وسط ضغط إعلامي وشعبي كبير، يطالب بإعادة فتح الجبهات من جديد، يقابلها ضغوط إقليمية، تدفع نحو التهدئة مع قوات الأسد، والتي ألقت بتأثيرها على الفصائل العسكرية المختلفة، الأمر الذي انعكس على الأجواء العامة في محافظة درعا، التي باتت تعيش حالة انقسام واضح، لتشكل هذه الحادثة بقسوتها نوعًا من الصدمة، وتضع درعا أمام مستقبل غامض، لا تبدو ملامحه واضحة حتى الساعة.

ردود فعل معظم الأوساط الدرعاوية، دفعت باتجاه ضرورة إعادة توحيد الصفوف في درعا، وإعادة المحافظة، التي أطلقت شرارة الثورة، إلى ساحتها من جديد. لكن هذه الردود تمايزت بين المطالبة برد حاسم وسريع على قوات الأسد، وبين المطالبة بالتريث وعدم الانجرار في ردود الفعل دون دراستها جيدًا.

وبين هذا وذاك، كانت هناك مطالب بإغلاق ملف شهداء “صد البغاة” قبل التفكير بالرد على النظام، كما طالب الناشط الإعلامي محمد الشرع، في حديثٍ إلى عنب بلدي، إذ اعتبر أن الأولوية الآن هي لاستعادة الجثث، مضيفًا: “قبل التفكير بأي رد على النظام، يجب دفن شهداء المعركة بشكل لائق، وتكريمهم كما يجب”.

ومازال النظام السوري، حتى ساعة كتابة التقرير، يحتفظ بالجثث، بعدما نقلها إلى مشفى مدينة الصنمين العسكري، بحسب ما أوردته مصادر إعلامية في المدينة.

وطالب الشرع جميع الهيئات المدنية والعسكرية في محافظة درعا، بالإسراع لإغلاق هذا الملف، حتى و إن اضطرها الأمر، لطلب المساعدة من باقي المحافظات، موضحًا “إن لم نجد في أيدينا أوراق ضغط على النظام للرضوخ لمطالبنا، فيجب طلب المساعدة من الفصائل العسكرية في حلب وإدلب، وعقد صفقة تبادل بين جثث قتلى النظام هناك، وجثث الشهداء في درعا”.

وحول إمكانية إجراء مثل هكذا صفقة، لم يستبعد الشرع حصولها، قائلًا: “دماء شهداء درعا أمانة في أعناق ثوار سوريا كلها، كما كانت دماء شهداء سوريا أمانة في أعناقنا في درعا أيضًا”.

بدوره أكد “أبو البراء”، القيادي الميداني في جبهة “فتح الشام”، المشاركة في معركة “صد البغاة”، في حديثٍ إلى عنب بلدي، أن هذه الحادثة يجب أن تكون نقطة تحول في مسار الثورة في درعا، مضيفًا “لم يعد من المقبول أن تبقى درعا على ذات الهدوء الذي عاشته خلال العام الماضي، وما قبل هذه الحادثة، يجب ألا يكون كما بعدها”.

وأضاف أبو البراء أن جبهة “فتح الشام” ستواصل المعركة باتجاه الكتيبة المهجورة، متوعدًا قوات الأسد، وداعيًا فصائل الجيش الحر التي لم تشارك بالمعركة، للانضمام لها، معقبًا “لم تعد هذه المعركة، معركة داعل وإبطع فقط، بل أصبحت اليوم معركة حوران كلها، ويجب على جميع الفصائل التكاتف، والخروج من عباءة الحسابات الإقليمية، للرد بشكل قاسي على ما قام به النظام بحق الشهداء”.

وفقدت جبهة “فتح الشام” خلال هذه المعركة عددًا من مقاتليها، من بينهم أحد أبرز قادتها العسكريين، المعروف باسم “أبو يوسف الشيخ”، الذي ختم أبو البراء حديثه بالإشارة إليه، قائلًا “استشهاد القادة هو حافز إضافي لجبهة فتح الشام، ولفصائل الجيش الحر كذلك، لمواصلة المعركة والثأر لدماء الشهداء”.

وكانت فصائل من الجيش الحر شنت هجمات مكثفة بالمدفعية وراجمات الصواريخ، بعد ساعات من وقوع الحادثة، استهدفت فيها مواقع قوات الأسد في الكتيبة المهجورة وبلدة خربة غزالة، والنقاط العسكرية المحيطة بهما، وسط حالة من الترقب لما ستشهده الأيام المقبلة، والتي من المرجح أنها سترسم سير خط المعارك في الجنوب السوري عمومًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة