“Small Projects Istanbul” غربيون وعرب يديرون مشاريع صغيرة للسوريين في اسطنبول

صف تعليم اللغة التركية للأطفال في مركز "Small Projects Istanbul" 29 تشرين الثاني 2016 - (عنب بلدي)

camera iconصف تعليم اللغة التركية للأطفال في مركز "Small Projects Istanbul" 29 تشرين الثاني 2016 - (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – اسطنبول

داخل قبوٍ صغير تتسلل إليه أشعة الشمس ساعات قليلة خلال اليوم، يُمارس عشرات السوريين في منطقة الفاتح بمدينة اسطنبول التركية، نشاطاتٍ ومهنًا مختلفة. وبينما تضفي ضحكات الأطفال بهجةً على المكان الضيق، تتردد أصداؤها داخل غرفٍ ملونةٍ، غدا المكان ورشاتٍ ومحلًا لاكتساب العلم والمعرفة.

يقرأ الطفلان السوريان ياسين وحسن (10 سنوات) بعض الكلمات باللغة التركية، ويقولان لعنب بلدي إنهما يستطيعان العد إلى المئة، بعد أن استفادا من دروس مركز “Small Projects Istanbul”، الذي يعمل فيه متطوعون سوريون وآخرون من جنسيات مختلفة.

وفق القائمين على المركز فإنه أنشئ في منطقة الفاتح لاكتظاظها بالسوريين، ويستفيد منه قرابة 150 عائلة، وهو يفتح أبوابه أمام أي شخص يرغب بالاستفادة منه بغض النظر عن جنسيته، ورصدت عنب بلدي عائلات مصرية وعراقية ويمنية تشارك في الدروس التعليمية.

بداية العمل

كارين توماس، أسترالية عاشت داخل مخيم اليرموك في سوريا، وعملت لعامين مع الفلسطينيين هناك، إلى أن ساءت الأوضاع في المخيم بعد عامين من انطلاق الثورة، وتقول إن ذلك جعلها تنتقل إلى اسطنبول مع عائلتين من المخيم، وتبدأ العمل في المركز بإمكانيات ودروس متواضعة، رعتها حملات تبرع من أشخاص أو بعض الشركات.

وللحديث عن طبيعة الخدمات التي يقدمها المركز منذ تأسيسه عام 2013، تحدثت عنب بلدي مع عثمان كركوكلي، منسق البرامج في “Small Projects Istanbul”، وهو مدرّسٌ يعمل في إحدى المدارس السورية، وبدأ العمل ضمن كادر المركز منذ ستة أشهر.

يعمل كركوكلي مع فريق مكونٍ من جنسيات مختلفة، فكارين توماس تدير المركز التي أسسته، وتساعدها الأسترالية شانون كين، كمديرة تنفيذية، بينما يساعدهم إداريًا الأمريكي كريس ماكلرن، المسؤول عن المتطوعين الجُدد الراغبين بالانضمام، وتوزيعهم على الاختصاصات، ويعمل حاليًا في المركز أكثر من 25 متطوعًا.

ألين جوبيغ، فرنسية تعمل متطوعة منذ شهرين، ضمن قرابة 60 متطوعًا في المركز، وتقول لعنب بلدي إنها تتواصل مع الناس الراغبين بالتعامل مع المركز، وتعرفهما بما يجري داخله، مشيرةً إلى أنه أنشئ كمكان آمن ليجمع الذين فروا من سوريا وعاشوا القصص نفسها.

يصف منسق البرامج المركز بأنه “اجتماعي متكامل”، وهو مرخصٌ في تركيا تحت اسم “شجرة الزيتون”، ويوفر خدماته في أكثر من مجال، كتعليم الأطفال اللغات العربية والتركية والإنكليزية، والألمانية للعائلات التي تنتظر لم الشمل، إضافة إلى ورشات عمل للنساء ودروسٍ ونشاطات أخرى.

يعمل كادر المركز على برامج المنح الدراسية، ويستفيد من خدماته 80 طفلًا انتقل نصفهم إلى المدارس التركية والبقية إلى السورية العام الجاري، بمتابعة من الكادر وتأمين تكاليف الدراسة ومستلزماتها.

وبحسب كركوكلي فإن 25 طفلًا مسجلين في المدارس التركية، يستفيدون من أربعة دروس في اللغة التركية أسبوعيًا، وتديرها مدرّسة تركية خبيرة واختصاصية نفسية للتعامل معهم، بينما يلتزم من يعاني مشاكل في كتابة الوظائف منهم، بنشاطات على مدار يومين في الأسبوع، يساعدهم متطوعون في حلّها.

وزارة التعليم التركية بدأت مؤخرًا العمل على مشروع دمج الأطفال السوريين في المدارس التركية، ويهدف إلى إغلاق المدارس السورية بشكل كامل خلال ثلاث سنوات. ويقول منسق البرامج إن تخوّف الأهالي من الدمج سببه شكوك في التقصير وتراجع اللغة العربية، “لذلك بدأنا درسًا يشرح قواعد اللغة كل سبت، وستصبح الدروس على مدار يومين قريبًا، ليبقى الأطفال على تواصل بلغتهم الأم”.

ورشات لصناعة نساء قادرات على العمل

تشرف نساء سوريات وشخصيات أخرى تركية على ورشات تجري ضمن غرف المركز الصغيرة، وتتنوع بين الخياطة والتطريز وصناعة الحلَق، والتي تستفيد من مردودها العاملات ضمن الورشات، إذ يمنح القائمون على “Small Projects Istanbul”، بطاقات شراء من مركز “BIM” للتسوق، بعد احتساب الربح فوق رأس المال الذي يوفره المركز لشراء المستلزمات.

بدأت العاملات ورشاتهن بعد أن خضعن لدورات تدريبية، ويؤكد القائمون على المركز أن الفكرة جاءت “لتطوير مهارتهن حتى يستطعن العمل بأنفسهن ويستفدن من تجاربهن لإدارة أعمالهن الخاصة فيما بعد”.

ورشة صناعة الحلَق

يُشرف التركي ألب أرسلان غوبوز (31 عامًا)، على تدريب العاملات في ورشة صناعة الحلق، ويقول إنه يسعى لرفع سوية الفريق على أكثر من صعيد، لصناعة قطعٍ أكثر جودة، بعد تعليمهن الابداع والابتكار.

يعمل غوبوز منذ آذار الماضي في المشروع، ويوضح لعنب بلدي أن فكرة مشاركته في المركز جاءت بعد أن التقى بعض أصدقائه في اليونان، وهم متطوعون لمساعدة اللاجئين، لافتًا “أحد أصدقائي طرح فكرة لمنح فرصة للاجئين في تركيا لكسب الأموال بحكم أنهم يعيشون الحرب، باعتباره خبيرًا في المجال، بعد أن عمل وباع ما صنعه من الحلق وربح الكثير فيما سبق”.

وجد التركي وصديقه من المركز مكانًا يمكن أن يدربوا فيه نساء، على تنسيق العمل ضمن فريق واحد، إضافة إلى التعامل مع الزبائن وتسليم المنتج في الموعد المحدد، وفق غوبوز، ويشير إلى أنه عاد قبل أشهر “فوجد صناعة جيدة إلا أنها تفتقر لتنسيق الألوان والجودة”.

بدأت ورشة تصنيع الحلق بسبع نساء، إلى أن أصبحت اليوم تضم أكثر من 20 امرأة، ويراها المشرف عليها “فرصة لممارسة مهارات مختلفة كتنسيق الألوان، وتقييم جودة القطع، وهذا ما يحفز النساء لدخول سوق العمل، ويشعرهن بأهميتهن عندما يرون ما صنعنه بأنفسهن”.

يُباع ما تصنعه النساء في أسواق محلية تركية، بينما يسوّق غوبوز لأخرى عن طريق “فيس بوك”، ويؤكد أنه يعتمد على أصدقائه “أعطي أحيانًا نماذج من الحلق لأصدقاء يسافرون دوريًا إلى فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا، ونطلب منهم عرضها على المحال أو أصدقائهم هناك”.

لا يسعى المتطوع التركي إلى البقاء في المركز، إلا أنه يهدف إلى تعليم النساء ما يمكنهن من متابعة العمل بأنفسهن، ويقول “لا أهدف لآخذ مكانًا هنا، ولكنني أتمنى فقط أن يحصل جميع المنتسبين على المال، وآمل أن يكن جاهزات خلال الأشهر القليلة المقبلة”.

ورشة الخياطة

تعمل قرابة 30 امرأة في ورشة خياطة تديرها السورية مروة كنو، وهي أم لثلاثة أطفال يستفيدون من دروس اللغات في المركز، وتقول لعنب بلدي إن حاجتها الأساسية للمركز “هي تعليم أطفالي ضمن الأسرة المصغرة السورية العربية هنا، فنحن عائلة بكل معنى الكلمة وتجمعنا الإنسانية”.

منذ عام ونصف بدأت كنو العمل مع المركز، وتقول إنها تشرف على العاملات، وتحمل بعضهن شهادات جامعية، مشيرةً إلى أنه “لا إنتاج محدد للورشة شهريًا، فالأمر يتبع للجهة التي تطلب منا الحقائب التي نصنعها ونطبع عليها الشعار الذي يريدونه”، واصفةً الإقبال والإنتاج بأنه “جيد ولا بأس به”.

وتؤكد المشرفة على الورشة، أنها تخضع مع مديري الورشات لاجتماعات دورية، “نتحدث فيها عن أسلوب التسويق والإدارة والتطوير، لنطور عملنا ونتجاوز الأخطاء التي تقف عائقًا في وجه تقدمنا خطوة بخطوة نحو الأمام”.

يسعى القائمون على المركز إلى تطوير خدماته من خلال الانتقال إلى بناء أفضل العام المقبل، وفق كركوكلي، ويشير إلى أن العائق المادي يقف في طريقهم، “فليس لدينا القدرة على تفريغ المتطوعين وتوظيفهم”.

كما بدأوا العمل لتأسيس مدرسة تحضيرية أكثر احترافية للطلاب، “لمساعدتهم في مجاراة أقرانهم من الأتراك في المدارس التركية في حال انتقلوا إليها.

حظي مشروع “Small Projects Istanbul” بشهرة واسعة في أوروبا، وفق ما رصدت عنب بلدي، وهذا ما يؤكده منسق البرامج “دائمًا ما نتلقى رسائل من أشخاص في البرازيل والبرتغال وكندا وغيرها”.

لكنه مايزال مجهولًا في الأوساط العربية، فموقعه على الإنترنت يعرض أعماله باللغة الإنكليزية فقط، في وقت يعمل الكادر حاليًا على ترجمة محتواه إلى العربية، ليصبح متاحًا للجميع، “فقد تستفيد أي منظمة أخرى تعمل في نفس المجال، وتطور نفسها أو تساعدنا في تطوير عملنا”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة