tag icon ع ع ع

عقب سيطرة فصائل “الجيش الحر” على أحياء مدينة حلب أواخر حزيران 2012، ومدنٍ وبلدات واسعة في أرياف حلب الغربي والشمالي والشرقي، كان لا بد من جهاز يدير الملف الأمني في تلك المناطق، في ظل عشوائية الوضع حينها، وتوجه بعض ضباط الشرطة المنشقين، لتأسيس كيانات مشتتة لم تستطع تنظيم عملها.

بدأ التجهيز لتأسيس جهاز الشرطة في أيلول 2012، بعد طلبات من الأهالي، لتنظيم وتسيير الأمور أمنيًا في المنطقة، وسعى بعض ضباط الشرطة المنشقين لتشكيله، من خلال زيارات ميدانية للقرى والبلدات، تمخضت عنها الشرطة “الحرة”، والتي بدأت عملها نهاية العام نفسه، بعد أن كان الأمر يقتصر على دوريات ومخافر أسسها مدنيون وشرطة منشقون دون تنظيم.

وشرح قائد شرطة حلب “الحرة”، العميد أديب الشلّاف لعنب بلدي، عن بداية نشأة الشرطة، مشيرًا إلى أن الزيارات المتكررة إلى المدن والبلدات، ساهمت في تفعيلها، من خلال ضم المخافر و”ضابطة” أسسها أحد الضباط المنشقين في تل رفعت، وأخرى أسسها ثلاثة آخرون في حي الفردوس داخل المدينة، إلى أن أنشأت الشرطة ذاتيتها، وبدأ الضباط ينضمون إليها على مدار أكثر من عام.

هيكلية الشرطة الحالية

تتمثل هيكلية الشرطة “الحرة” الحالية، بقائدها ونوابه الثلاثة، الذين يملكون سلطاته في القطاعات الجنوبي والغربي والشمالي، وذلك بعد أن توقف عمل نائب مدينة حلب مؤخرًا، بعد تجميد العمل فيها، مع تهجير مقاتلي المعارضة والمدنيين منها، كما توقف قبلها عمل نائب قائد الشرطة في القطاع الشرقي، بعد أن سيطر تنظيم “الدولة الإسلامية” على معظمه.

ووفق الشلّاف فإن تسمية مباني الشرطة “الحرة” بالمراكز وليس المخافر أو الأقسام له عدة أسباب، ففي ظل حكم النظام كانت مخافر الشرطة تنتشر في الأرياف، ويرأسها صف ضابط، بينما يدير المراكز ضمن المدن الكبيرة ضباط، ويعمل تحت إمرتهم عناصر الشرطة.

تضم قيادة الشرطة “الحرة” ثمانية أقسام مركزية: المالي، والموارد البشرية، والإعلام، والإشارة (قبضات)، والقسم الطبي، والإرشاد والتوجيه، واللوجستي، والمركبات (الآليات)، ويقع المركز الحالي في بلدة أورم الكبرى، في ريف حلب الغربي، بعد أن تنقّل بين المدينة الصناعية في حلب، وبلدة راعل شمالها، ثم بلدة مارع، وصولًا إلى مقرها الحالي.

لسنا فصيلًا عسكريًا بل مدنيون

يُؤسَّس مركز الشرطة بعد اجتماع قائدها مع أهالي البلدة أو المدينة، وأوضح الشلّاف أن التأسيس يتمّ عبر لجنة تضم رئيس المجلس المحلي وأعضاء هيئات مدنية، والذين يقع على عاتقهم انتقاء العناصر والضباط المنشقين من المنطقة ذاتها، “وفي حال لم يتوفر العدد المطلوب، تدرب الشرطة كوادر من خلال خبراتها الموجودة.

ووصف العميد المنشق الشرطة بأنها “مجتمعية”، مؤكدًا أنها ليست مسلحة، “بل يحمل بعض أفرادها سلاحهم الذي انشقوا به ومازال بحوزتهم للحراسة، فنحن لسنا فصيلًا عسكريًا بل مدنيون”، ولفت إلى أن برنامج “أمان وعدالة مجتمعية” يدعم تدريب الكوادر ماليًا، كما رعى البرنامج في وقت سابق تدريبات في تركيا، “ولكنها لم تكن بمستوى خبراتنا التي يملكها الضباط”.

تُسلّم الرواتب من قبل الضباط الماليين الموزعين على القطاعات، باليد لمراكز الشرطة، بحسب الشلّاف، الذي لفت إلى أنها لم تنقطع منذ ثلاث سنوات.

ويُعاد ترميم المراكز غير الصالحة عن طريق مجموعات العمل ضمن برنامج “أمان وعدالة”، وقال قائد شرطة حلب إن القائمين على البرنامج “يرممون المراكز دوريًا بسخاء من خلال مناقصات ترسو على متعهدين”، مضيفًا أن البرنامج يزود المراكز بالسيارات والدراجات النارية والطابعات والقرطاسية، ومولدات الكهرباء، وفرش مكاتب المراكز، إضافة إلى كل ما يلزمها من معدات.

أول دفعة سيارات وصلت إلى مراكز الشرطة منذ عامين، وأشار قائد شرطة حلب إلى أن كل مركز حصل على سيارتين على الأقل حينها، لافتًا إلى مشاكل عدة واجهت القيادة بهذا الخصوص، أبرزها تعطل بعض السيارات بسبب القصف، ونوعية الوقود، “فالسيارات التي تصل تعمل على مضخة كهرباء، وبالتالي تحتاج وقودًا صافيًا وهذا ما أدى إلى توقف بعضها لعدة أشهر، إلا أن استطعنا تبديل المضخة إلى ميكانيكية”.

وأكد الشلّاف أن 70 سيارة شرطة جديدة، ستصل إلى حلب قبل نهاية العام الحالي.

العميد أديب الشلاف، قائد الشرطة الحرة في حلب

العميد أديب الشلاف، قائد الشرطة الحرة في حلب

العميد أديب الشلّاف من منطقة بابا عمرو في حمص، انشق مع عدد من ضباط الشرطة في تموز 2012، وكان عميدًا في الشرطة التابعة لوزارة الداخلية، ومديرًا لمنطقة الطبقة في الرقة.

ونسّق الشلّاف مع أخيه العميد نجيب، الذي كان يشغل منصب مدير منطقة المالكية في الحسكة، وحكم بالإعدام لهذا السبب، لأن المنطقتين لم تكونا تشهدان صدامًا مسلحًا حينها، على حد وصفه.

توزع مراكز الشرطة في المحافظة

تضم محافظة حلب 54 مركزًا للشرطة “الحرة”، 20 منها في الريف الغربي، وثلاثة في الجنوبي، إضافة إلى 13 أخرى في الريف الشمالي، وإلى جانبها خمسة مراكز إدارية.

وتوقف العمل حاليًا داخل مراكز المدينة الـ 12، على أن يوزع عناصرها على مراكز الأرياف، وفق عاشق محمد، ضابط ارتباط الشرطة مع برنامج “أمان وعدالة”.

العدد الحالي انخفض إلى 40 بعد توقف مراكز المدينة، التي كانت في أحياء: الشعار، والصالحين، والفردوس، وجسر الحج، وسيف الدولة، والأنصاري، وصلاح الدين، وباب النيرب، إضافة إلى مفارز في هنانو وأحياء أخرى.

وتعرضت أحياء حلب الشرقية التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة، إلى هجومٍ بري وجوي، من قوات الأسد وحلفائه، أثناء إعداد هذا الملف، وتمكنّت من السيطرة على أكثر من 95% منها، لتتوصل إلى اتفاق يفضي بإجلاء المدنيين والمقاتلين منها.

ويعمل ضمن مراكز الشرطة في محافظة حلب قرابة ألفي عنصر بين ضباط وشرطيين.

يقسّم ضابط الارتباط وظائف الشرطة إلى وظيفيتن: إدارية تتابع شكاوى ودعاوى المدنيين، وتنظم الضبوط وتساعد المجالس المحلية في عملها، كما تساعد الدفاع المدني أحيانًا، وتنظم المرور، وأخرى عدلية قضائية مهمتها تبليغ وتنفيذ المذكرات القضائية، وتملك اختصاصات أخرى، موضحًا “هناك مفرزة تبليغ وتحقيق داخل كل مركز”.

ويتبع للشرطة ثلاثة مراكز توقيف، اثنان في القاسمية ودارة عزة غرب حلب، والثالث في سجن اعزاز بريف حلب الشمالي، وأوضح محمد أنها مراكز “يحتجز ضمنها الموقوفون ذوو الأحكام البسيطة، وأقصاها شهران”.

مركز اعزاز يضم ثمانية عناصر شرطة نسائية، بينما كانت مراكز مدينة حلب تضم ست شرطيات.

ولدى سؤاله عن القوة التنفيذية للشرطة في المنطقة، أكد محمد أن علاقتها “جيدة” مع المؤسسات الأمنية التي تديرها الفصائل، والمسؤولة عن محاسبة المجموعات المسلحة أو عناصرها، لافتًا إلى تعاون معهم، “وخاصة المؤسسة التابعة للجبهة الشامية، في أمور عدة مثل كتابة الضبوط، من خلال المراكز المنتشرة في المحافظة”.

سيارات ومراكز الشرطة “الحرة” المدمرة في حلب

منذ بداية عمل الشرطة دُمرت أكثر من 25 سيارة، وقتل عشرات من العاملين في الجهاز، وأوضح  العميد أديب الشلّاف أن القيادة “تستعيض عمن يستشهد، بتسليم مكانه لأحد أقربائه كالأخ أو الابن، حسب العمر والوضع العائلي، ليستمر العمل ولا يترك مكانه فارغًا”.

وحصلت عنب بلدي على إحصائية توضيحية لمراكز الشرطة التي دُمّرت في المحافظة، إذ طال القصف أكثر من 20 مركزًا، أبرزهم مركز بلدة عندان، الذي دُمّر جزئيًا أكثر من ثماني مرات، تنقل خلالها العاملون ضمن البلدة، كما قُصفت مراكز كفرحمرة، وحريتان، وتل الضمان في الريف الجنوبي، ودمّرت معظم المراكز في مدينة حلب، إلا أن جميع العاملين أكملوا عملهم.

بدوره انتقل مركز بلدة تل رفعت، إلى خيمة في ريف حلب الغربي، بعد سيطرة قوات “سوريا الديمقراطية” على البلدة، ويعمل عناصر مركزي الشرطة في مخيمي “باب السلامة” و”سجّو”، داخل “كرفانات”.

وقال قائد شرطة حلب إن مركز بلدة أخترين، عاد إلى البلدة بعد سيطرة المعارضة عليها مؤخرًا، في حين هناك مفاوضات ومساعٍ للعودة إلى باقي المناطق شمال حلب كجرابلس ومنبج.

تابع قراءة ملف: الشرطة “الحرة” في سوريا.. رجال دون صافرات

– مشاريع شاركت فيها الشرطة “الحرة” في حلب وإدلب

لتعزيز النموذج المجتمعي.. برنامج “أمان وعدالة” يدعم الشرطة “الحرة”

– شرطة حلب “الحرة” تجربة تنشط منذ ثلاث سنوات

الشرطة تمارس وظيفتها في ظل فراغ أمني بريف حلب الشمالي

الشرطة الحرة في إدلب.. تنسيق مع المجالس ولا علاقة بالعسكر

الشرطة “الحرة” في الغوطة تتشتت بين الفصائل

– مجلس “مشلول” وهيئات تغرّد منفردة.. حمص “الحرة” تفتقر لجهاز الشرطة

مخافر “فقيرة” وصاحب السلاح “سلطان” في درعا

– لقراء الملف كاملًا في صفحة واحدة: الشرطة “الحرة” في سوريا.. رجال دون صافرات

مقالات متعلقة